حديث: يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب النهي عن طلب الإمارة والحرص عليها
صحيح: رواه مسلم في الإمارة (١٨٢٥) عن عبد الملك بن شعيب بن الليث، حدثني أبي شعيب بن الليث، حدثني الليث بن سعد، حدثني يزيد بن أبي حبيب، عن بكر بن عمرو، عن الحارث بن يزيد الحضرمي، عن ابن حجيرة الأكبر، عن أبي ذر قال .

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا بما نسمع ونقول.
هذا حديث عظيم من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، يضع قاعدة أساسية في تولي المناصب والمسؤوليات، رواه الإمام مسلم في صحيحه.
أولاً. شرح المفردات:
● تستعملني: أي تجعلني في منصب من مناصب الدولة، كالإمارة أو القضاء أو جباية الأموال وغيرها.
● فضرب بيده على منكبي: المنكب هو الكتف، والضرب عليه هنا للتحبب والتلطف والتنبيه على أهمية ما سيقال.
● ضعيف: الضعف هنا ليس ضعف الجسم فقط، بل يشمل ضعف الحيلة وعدم القدرة على تحمل تبعات المنصب ومتطلباته، وربما يشمل أيضاً عدم القدرة على مجاملة أهل الباطل.
● أمانة: أي أن المنصب ليس مغنماً ولا وسيلة للسيطرة، بل هو تكليف ومسؤولية عظيمة يسأل عنها الإنسان يوم القيامة.
● خزي وندامة: الخزي هو العار والفضيحة، والندامة هي الحسرة والأسف على ما فات.
ثانياً. شرح الحديث:
يشتكي أبو ذر الغفاري رضي الله عنه، وهو من كبار الصحابة وأشدهم زهداً وورعاً، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم طالباً منه أن يوليه منصبا من المناصب، ظناً منه أنه سيكون وسيلة لخدمة الإسلام والمسلمين.
فكان رد النبي صلى الله عليه وسلم رداً حكيماً ومربياً، حيث لمس كتفه برفق (وهي gesture تدل على المحبة والاهتمام)، ثم بين له حقيقة المناصب والمسؤوليات:
1- تشخيص الواقع: بدأ النبي صلى الله عليه وسلم بالإشارة إلى طبيعة أبي ذر رضي الله عنه بقوله: "إنك ضعيف". وهذا ليس عيباً، بل هو مدح في حقه، لأنه يعني أنه رجل شديد الورع، صريح لا يعرف المجاملة في الحق، قليل المرونة في أمور قد تحتاج إلى نوع من السياسة والحكمة التي قد يفسرها هو على أنها تنازل عن الحق. مثل هذا الرجل قد لا يتحمل أعباء المنصب ومكائده.
2- تحديد حقيقة المنصب: ثم بين النبي صلى الله عليه وسلم حقيقة أي منصب أو مسؤولية فقال: "وإنها أمانة". فهي ليست وسيلة للتسلط أو التمتع بالمكاسب الدنيوية، بل هي أمانة ثقيلة يوضع فيها الإنسان ليرعى مصالح الناس ويخدمهم ويقيم فيهم العدل.
3- التحذير من عاقبتها: ثم بين النبي صلى الله عليه وسلم العاقبة الخطيرة لمن لم يرع هذه الأمانة حق رعايتها، فقال: "وإنها يوم القيامة خزي وندامة". فسيسود العار والفضيحة من خان الأمانة أو قصر فيها، وسيندم أشد الندم على اليوم الذي تقلد فيه هذا المنصب.
4- استثناء الناجين: ثم استثنى النبي صلى الله عليه وسلم من نجا من هذا الخزي والندامة، وهم فئة واحدة فقط، فقال: "إلا من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها". أي إلا من تحلى بشرطين:
● أن يأخذها بحقها: أي أن نيته فيها خالصة لله، يطلب من خلالها إقامة العدل ونصرة المظلوم وإصلاح المجتمع، لا طلب الجاه أو المال.
● وأن يؤدي الذي عليه فيها: أي أن يقوم بواجبات المنصب على أكمل وجه، بالجد والاجتهاد والنصح للأمة، والعدل بين الناس، وتقديم مصلحة الرعية على مصلحته الشخصية.
ثالثاً. الدروس المستفادة منه:
1- المناصب أمانة ومسؤولية، وليست مغنماً وجاهاً: هذا هو الدرس الأكبر، وهو ينقض ثقافة "الصعود" و"الوصولية" التي يسعى فيها الناس للمنصب لذات المنصب.
2- ضرورة الموازنة بين الرغبة في خدمة الدين وبين القدرات الشخصية: فليس كل صالح يصلح لكل منصب. يجب على الإنسان أن يعرف نقاط قوته وضعفه ويتصرف بناء عليها.
3- الحكمة في عدم تولية من لا يصلح للمنصب: حتى لو كان طلبه عن حسن نية، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع أبي ذر. وهذا توجيه للقادة وأصحاب القرار.
4- النصيحة والإرشاد بأسلوب حكيم ومحبب: حيث لم يرفض النبي طلبه مباشرة أو يزجره، بل ласковاً لمس كتفه وشرح له السبب بحكمة.
5- الزهد في الدنيا ومناصبها: فخير الناس من يتقي الله ويؤدي الأمانة، وليس من كثرت مناصبه وجاهه.
6- التحذير الشديد من التهاون في حقوق الرعية: فالعاقبة وخيمة يوم القيامة، حيث يكون الخزي والندامة.
رابعاً. معلومات إضافية:
- هذا الحديث أصل عظيم في "المناصبة" (أي علم إدارة المناصب) في الإسلام.
- صدق فراسة النبي صلى الله عليه وسلم، فقد حدث لاحقاً أن ولي أبو ذر رضي الله عنه في عهد عثمان بن عفان، وحدثت له مشاكل بسبب شدة ورعه وصراحته التي قد لا تتناسب مع إدارة شؤون الناس المعقدة أحياناً.
- الحديث يربي في الأمة "ثقافة المسؤولية" قبل "ثقافة الحقوق".
نسأل الله أن يعيننا على تحمل الأمانات، وأن يوفق ولاة أمورنا لما فيه صلاح العباد والبلاد.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 20 من أصل 132 حديثاً له شرح
- 1 على منابر من نور عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين
- 2 رجل قلبه متعلق بالمساجد إذا خرج منه حتى يعود إليه
- 3 الإمام جنة يقاتل من ورائه ويتقى به
- 4 ما للخليفة من بعدك؟
- 5 من ولي أمر أمتي فرفق بهم فارفق به
- 6 بشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا
- 7 يسّرا ولا تعسّرا، وبشّرا ولا تنفّرا، وتطاوعا ولا تختلفا
- 8 يسروا ولا تعسروا وسكنوا ولا تنفروا
- 9 كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته
- 10 من استرعاه الله رعية فلم يحطها بنصيحة لم يجد رائحة...
- 11 إياك أن تكون من شر الرعاء الحطمة
- 12 أمير ظلوم غشوم عسوف وكل غال مارق
- 13 من ولاه الله شيئا من أمر المسلمين فاحتجب دون حاجتهم
- 14 أنا قاسم أضع حيث أُمرت
- 15 نعمّا بالمال الصالح للرجل الصالح
- 16 لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها
- 17 لا نستعمل على عملنا من أراده
- 18 لا نولي هذا من سأله ولا من حرص عليه
- 19 نعم المرضعة وبئست الفاطمة
- 20 يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة
- 21 أولها ملامة وثانيها ندامة وثالثها عذاب يوم القيامة
- 22 يا أبا ذر، إني أراك ضعيفا
- 23 لا أعمل على رجلين بعدها أبدًا
- 24 إن أمر بتقوى الله وعدل، كان له بذلك أجر
- 25 خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم
- 26 من أكرم سلطان الله أكرمه الله يوم القيامة
- 27 بعث النبي عبد الله بن حذافة في سرية
- 28 بايعنا رسول الله على السمع والطاعة في اليسر والعسر
- 29 فيما استطعتم
- 30 السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره
- 31 من أطاعني فقد أطاع الله
- 32 اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي
- 33 بايعنا رسول الله على السمع والطاعة فيما استطعتم
- 34 عبد مجدع يقودكم بكتاب الله فأسمعوا له وأطيعوا
- 35 أوصاني أن أسمع وأطيع وإن كان عبدًا مجدع الأطراف
- 36 السمع والطاعة، والجهاد، والهجرة، والجماعة
- 37 لا طاعة في معصية الله إنما الطاعة في المعروف
- 38 لا طاعة لأحد في معصية الله
- 39 النصح لكل مسلم
- 40 اتقوا الله ربكم وصلوا خمسكم وصوموا شهركم
- 41 السامع المطيع لا حجة عليه، والسامع العاصي لا حجة له
- 42 من أمر بمعصية الله فلا تطيعوه
- 43 طاعة الإمام ما لم يأمر بمعصية الله
- 44 لا طاعة لمن عصى الله
- 45 أدوا إليهم حقهم وسلوا الله حقكم
- 46 لا تنازعوا الأمر أهله إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم...
- 47 من فارق الجماعة شبرًا فمات مات ميتة جاهلية
- 48 استعملت فلانا ولم تستعملني
- 49 عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك
- 50 اسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم
معلومات عن حديث: يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة
📜 حديث: يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 20, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








