حديث: طاعة الإمام ما لم يأمر بمعصية الله

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب وجوب طاعة ولاة الأمر في غير معصية الله

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «طاعة الإمام حق على المرء المسلم ما لم يأمر بمعصية الله، فإذا أمر بمعصية الله فلا طاعة له».

حسن: رواه تمام في فوائده (٩١٤ - الروض) عن الحسن بن حبيب، حدثنا بدر بن الهيثم، حدثنا سليمان بن عبد الرحمن، حدثنا عبد الرحمن بن المغراء، عن عبيد الله بن عمر، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة .

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «طاعة الإمام حق على المرء المسلم ما لم يأمر بمعصية الله، فإذا أمر بمعصية الله فلا طاعة له».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فأقدم لكم شرحًا وافيًا لحديث أبي هريرة رضي الله عنه، معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.
الحديث: عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «طاعة الإمام حق على المرء المسلم ما لم يأمر بمعصية الله، فإذا أمر بمعصية الله فلا طاعة له».


1. شرح المفردات:


● الإمام: هنا يُقصد به ولي الأمر، سواء كان خليفةً، أو ملكًا، أو أميرًا، وهو الذي يجتمع عليه الناس وتجب طاعته في المعروف.
● حق: أي واجب ولازم.
● على المرء المسلم: يشمل كل فرد من رعايا الدولة الإسلامية.
● معصية الله: كل ما يخالف أمر الله ونهيه من المعاصي والآثام.


2. شرح الحديث:


يُعرِّف النبي ﷺ في هذا الحديث القاعدة الشرعية العظيمة التي تحكم العلاقة بين الحاكم والمحكوم في الإسلام. فهي ليست طاعة مطلقة، بل هي طاعة مقيدة بشرط أساسي.
● "طاعة الإمام حق على المرء المسلم": يبدأ الحديث بتأكيد وجوب طاعة ولي الأمر في المعروف. هذه الطاعة هي أصل من أصول الاستقرار الاجتماعي والسياسي في الإسلام، وهي واجبة لما فيها من جمع للكلمة ومنع للفرقة والفتنة. قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ} [النساء: 59]. وجاءت النصوص الكثيرة بالأمر بالسمع والطاعة لولاة الأمور، حتى لو كانوا ظلمة، ما لم يأمروا بمعصية.
● "ما لم يأمر بمعصية الله": هذا هو الشرط المقيد للطاعة. فطاعة الإمام مشروطة بأن تكون أوامره ضمن دائرة الطاعة والشرع. فما دام يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويحكم بشرع الله، فإن طاعته واجبة.
● "فإذا أمر بمعصية الله فلا طاعة له": هنا يضع النبي ﷺ الحد الفاصل. فإذا تجاوز الإمام حدوده وأمر بشيء هو معصية لله بشكل صريح وواضح، كأن يأمر بشرب الخمر، أو بترك الصلاة، أو بالظلم، أو بالكفر، فإن طاعته في هذا الأمر المعين تسقط ويحرم فعلها. الطاعة لله مقدمة على طاعة أي مخلوق. قال النبي ﷺ في حديث آخر: «إنما الطاعة في المعروف» (متفق عليه). وقال تعالى: {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا} [الكهف: 28].


3. الدروس المستفادة منه:


1- وجوب طاعة ولي الأمر في المعروف: وذلك لحفظ كيان الأمة، ومنع الفوضى والاختلال، وتحقيق المصالح العامة.
2- التمييز بين الشخص والأمر: العصيان ليس للشخص، بل للأمر المخالف للشرع. فالمسلم يطيع الإمام في الحق، ويعصيه فقط في الأمر الآثم المُعيَّن، دون الخروج عليه أو منازعته، ما دام يقيم الصلاة ولم يظهر منه كفرٌ بواح.
3- عدم الطاعة في المعصية: تأصيل لمبدأ "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق". فهذا حدٌّ يحمي المسلم من أن يكون أداةً للظلم والمنكر، ويحمي المجتمع من تحول السلطة إلى طغيان.
4- الوسطية والاعتدال: يقدم الإسلام منهجًا وسطًا بين الطاعة العمياء للحاكم، وبين الفوضى والتمرد لأدنى سبب. فليس من الدين الخروج على الأئمة لأجل ذنوبهم أو أخطائهم في الاجتهاد، وليس من الدين السكوت عن المنكر إذا أمروا به.
5- الحكمة في التعامل: إذا أمر الإمام بمعصية، فلا يُطاع في ذلك الأمر، ولكن يُنكر عليه بالطرق الشرعية السلمية الحكيمة، مع الدعاء له بالهداية، والصبر على ما قد يترتب على ذلك من أذى.


4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث أصل عظيم يجمع بين نصوص الأمر بالطاعة ونصوص النهي عن المعصية.
- العلماء يُفرقون بين أن يأمر الإمام بمعصية واضحة (كأمره بترك فريضة) فلا طاعة له فيها البتة، وبين أن يكون له رأي أو اجتهاد خاطئ في أمور المصالح الدنيوية (كبعض أمور السياسة أو الحرب) فيطاع فيه ما دام ليس بمعصية، لأنه من باب الاجتهاد الذي يعذر فيه.
- لا يعني عدم الطاعة في المعصية الخروج المسلح أو التمرد على الإمام، بل يكون بعدم التنفيذ فقط، مع الصبر والإنكار بالقلب أو اللسان حسب الاستطاعة، كما هو منهج أهل السنة والجماعة.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه تمام في فوائده (٩١٤ - الروض) عن الحسن بن حبيب، حدثنا بدر بن الهيثم، حدثنا سليمان بن عبد الرحمن، حدثنا عبد الرحمن بن المغراء، عن عبيد الله بن عمر، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة .. فذكره.
وإسناده حسن من أجل عبد الرحمن بن المغراء؛ فإنه صدوق، وتكلم في حديثه عن الأعمش، وليس هذا منها. وكذلك سليمان بن عبد الرحمن - وهو ابن بنت شرحبيل - حسن الحديث.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 43 من أصل 132 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: طاعة الإمام ما لم يأمر بمعصية الله

  • 📜 حديث: طاعة الإمام ما لم يأمر بمعصية الله

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: طاعة الإمام ما لم يأمر بمعصية الله

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: طاعة الإمام ما لم يأمر بمعصية الله

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: طاعة الإمام ما لم يأمر بمعصية الله

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب