حديث: يسروا ولا تعسروا وسكنوا ولا تنفروا

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب توصية الإمام لولاته وعماله بالتيسير على رعيتهم

عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ﷺ: «يسّروا ولا تعسّروا، وسكنوا ولا تنفروا».

متفق عليه: رواه البخاري في العلم (٦٩)، ومسلم في الجهاد (١٧٣٤) كلاهما من طرق عن شعبة، عن أبي التياح قال: سمعت أنس بن مالك يقول .

عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ﷺ: «يسّروا ولا تعسّروا، وسكنوا ولا تنفروا».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم من جوامع كلم النبي ﷺ، الذي أوتي جوامع الكلم واختصر له الكلام اختصارًا. وهاك الشرح الوافي لهذا الحديث النبوي الشريف:

الحديث:


عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «يَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا، وَسَكِّنُوا وَلَا تُنَفِّرُوا».
[متفق عليه: أخرجه البخاري في صحيحه (69) ومسلم في صحيحه (1734)]


1. شرح المفردات:


● يَسِّرُوا: من التيسير، وهو ضد التعسير، ومعناه: اجعلوا الأمور سهلة ميسرة، وابذلوا الوسع في إزالة المشاق والعقبات.
● تُعَسِّرُوا: من التعسير، وهو جعل الأمور عسيرة وشاقة، ومشقة على الناس.
● سَكِّنُوا: من السكون والطمأنينة، أي: تحدثوا بهدوء ولين، وألقوا العلم والتعليم بسكينة ووقار، لتطمئن قلوب السامعين.
● تُنَفِّرُوا: من التنفير، وهو ضد التأليف، معناه: لا تتكلموا أو تتصرفوا بطريقة تثير النفور والكراهية، أو تدفع الناس إلى الهرب من الدين أو المعلم.


2. شرح الحديث:


هذا الحديث قاعدة عظيمة من قواعد الدعوة إلى الله تعالى والتعامل مع الناس، وهو من مكارم الأخلاق التي جاء بها الإسلام.
● «يَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا»: يأمر النبي ﷺ بالتيسير على الناس ورفع الحرج عنهم، ونهى عن التشديد والتعسير. وهذا يشمل جميع شؤون الحياة، خاصة في أمور الدين والدعوة والتعليم. فالمسلم مأمور بأن يبشر ولا ينفر، ويرغب ولا يرهب، ويختار الأيسر والأسهل ما لم يكن إثمًا. وهذا من رحمة الله تعالى بهذه الأمة، حيث يريد الله بها اليسر ولا يريد بها العسر.
● «وَسَكِّنُوا وَلَا تُنَفِّرُوا»: يأمر النبي ﷺ بالسكينة والهدوء في الحديث والتعليم، والابتعاد عن كل ما ينفر الناس من الدين أو يزعجهم. فالكلمة الطيبة والوجه البشوش والأسلوب الهادئ يجذب القلوب ويؤلفها، بينما الغلظة والفظاظة والصرامة المفرطة تنفر الناس وتبعدهم عن الخير.


3. الدروس المستفادة منه:


1- التيسير في الأمور كلها: سواء في الدعوة إلى الله، أو في الفتوى، أو في التعامل مع الناس، فخير الأمور أوسطها، والمسلم ينبغي أن يكون مبشرًا يسيرًا لا معسرًا متنطعًا.
2- التأليف وجذب القلوب: من حكمة الداعية والمعلم أن يجذب الناس برفق ولين، لا أن ينفرهم بشدة وجفاء.
3- الرفق واللين في الكلام: فالكلمة اللينة تفتح القلوب المغلقة، والكلمة الجافية تغلق القلوب المفتوحة.
4- البعد عن التنطع والغلو: الذي هو من أسباب التعسير والتنفير، وقد ذم النبي ﷺ الغلو في الدين فقال: «إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ» (رواه النسائي وابن ماجه).
5- مراعاة أحوال الناس: فالناس يختلفون في استعدادهم وقدرتهم، فما ييسر على واحد قد يعسر على آخر، لذا وجب مراعاة الظروف والأحوال.


4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث يمثل قاعدة ذهبية في педагогиة النبي ﷺ وأسلوبه في الدعوة والتعليم، حيث كان ﷺ أرحم الناس بالناس، وأكثرهم تيسيرًا وتأليفًا للقلوب.
- جاءت نصوص كثيرة في القرآن والسنة تؤكد على هذا المعنى، مثل قوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185]، وقوله ﷺ: «إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا» (رواه البخاري).
- من تطبيقات هذا الحديث: التدرج في التعليم، واختيار الأسهل في الفتوى إذا تعددت الآراء، والرفق بالجاهل وتعليمه بلطف، والتخفيف في الصلاة إذا كان هناك ضعفاء أو مرضى أو كبار سن.

أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الميسرين لا المعسرين، والمؤلفين لا المنفرين، وأن يرزقنا الاقتداء بنبينا محمد ﷺ في هديه وحلمه ورفقه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في العلم (٦٩)، ومسلم في الجهاد (١٧٣٤) كلاهما من طرق عن شعبة، عن أبي التياح قال: سمعت أنس بن مالك يقول .. فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 8 من أصل 132 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: يسروا ولا تعسروا وسكنوا ولا تنفروا

  • 📜 حديث: يسروا ولا تعسروا وسكنوا ولا تنفروا

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: يسروا ولا تعسروا وسكنوا ولا تنفروا

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: يسروا ولا تعسروا وسكنوا ولا تنفروا

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: يسروا ولا تعسروا وسكنوا ولا تنفروا

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب