حديث: اسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب جور الإمام واستئثاره لا يمنع من السمع والطاعة
«اسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم».
وفي رواية: فجذبه الأشعث بن قيس فقال رسول الله ﷺ: «اسمعوا وأطيعوا ...» الحديث.
صحيح: رواه مسلم في الإمارة (١٨٤٦: ٤٩) من طريق محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن سماك بن حرب، عن علقمة بن وائل الحضرمي، عن أبيه قال .

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يرزقنا و إياكم العلم النافع والعمل الصالح، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علما وفقها في الدين واجعلنا هداة مهتدين.
الحديث الذي ذكر رواه الإمام مسلم في صحيحه في كتاب الإمارة، وهو حديث عظيم في بيان موقف المسلم من ولاة الأمر، حتى في حال تقصيرهم.
أولاً. شرح المفردات:
● أرأيت: اسأل استفهام، أي أخبرني عن رأيك.
● أمراء: الحكام والولاة.
● يسألونا حقهم: يطلبون منا الطاعة والمناصحة وما أوجبه الله علينا نحوهم.
● ويمنعونا حقنا: يقصرون في حقنا ولا يؤدون ما عليهم من العدل والنصيحة وتوفير الحقوق.
● أعرض عنه: صرف وجهه ولم يجبه.
● جذبه: جره بشدة.
● الاشعث بن قيس: صحابي جليل، من كبار الصحابة.
ثانياً. شرح الحديث:
يخبر الصحابي الجليل وائل بن حجر أن سلمة بن يزيد الجعفي سأل النبي صلى الله عليه وسلم سؤالاً في غاية الأهمية والحساسية، يتعلق بعلاقة الرعية بالحكام. فقد تصور سلمة حالة قد تحدث، وهي أن يكون هناك أمراء (حكام) لا يعدلون، فيأخذون حقوقهم الكاملة من الطاعة والانقياد، ولكنهم في المقابل لا يؤدون حقوق الرعية من العدل والرعاية.
سأل سلمة النبي صلى الله عليه وسلم: ماذا نفعل في هذه الحالة؟ لكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجب عليه، بل أعرض عنه. كرر سلمة سؤاله مرة ثانية وثالثة، وفي كل مرة يعرض النبي صلى الله عليه وسلم عنه ولا يجيب.
لم يكن إعراض النبي صلى الله عليه وسلم عن السؤال لأنه لا يعرف الجواب، بل هو حكمة عظيمة لتعليم الأمة. فهو يريد أن يبين أن هذا السؤال نفسه، والتفكير في هذا الاحتمال، قد يفتح باب شر عظيم، وهو باب الخروج على الأئمة والفتنة. فلم يشأ صلى الله عليه وسلم أن يذكر حتى مجرد احتمال العصيان أو الخروج، حفظاً لجماعة المسلمين ووحدة كلمتهم.
فلما أصر السائل على سؤاله، تدخل الصحابي الجليل الأشعث بن قيس، وفهم مقصد النبي صلى الله عليه وسلم، فجذب سلمة بن يزيد (أي جره بشدة) لينهيه عن سؤاله، وعن هذا المسلك.
عندها تكلم النبي صلى الله عليه وسلم ليبين الحكم الشرعي، فقال: «اسمعوا وأطيعوا، فإنما عليهم ما حملوا، وعليكم ما حملتم».
● «اسمعوا وأطيعوا»: هذا أمر بالسمع والطاعة لولاة الأمر في المعروف، وعدم الخروج عليهم، حتى لو قصروا في بعض حقوقكم.
● «فإنما عليهم ما حملوا»: أي أن الحكام سيحاسبون أمام الله عز وجل على تقصيرهم وظلمهم، وهم الذين سيجيبون عن ذلك.
● «وعليكم ما حملتم»: أي أنتم أيها الرعية، ستُسألون عن طاعتكم لله ورسوله وولاة الأمر في المعروف، وعن صبركم على ما قد تحتملون من جورهم، وعدم مشاركتكم في الفتنة.
فالحديث يفصل المسؤولية: مسؤولية الحاكم بينه وبين الله، ومسؤولية الرعية في الطاعة وعدم الخروج.
ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:
1- وجوب طاعة ولاة الأمر في المعروف: وهي من أصول عقيدة أهل السنة والجماعة، ولو كان الحاكم فاسقاً أو جائراً، ما لم يأمر بمعصية.
2- تحريم الخروج على الأئمة بالسلاح: لما يترتب على ذلك من مفاسد عظيمة، من سفك للدماء، وتمزق للجماعة، وضياع للأمن.
3- الحكمة من عدم الإجابة مباشرة: تعليمٌ من النبي صلى الله عليه وسلم بأن بعض الأسئلة التي تتضمن التمرد والفتنة لا ينبغي إثارتها، حفظاً لاستقرار المجتمع.
4- فهم الصحابة العميق: حيث فهم الأشعث بن قيس مقصد النبي صلى الله عليه وسلم من إعراضه، فبادر إلى حل الموقف بسحب السائل.
5- العدل الإلهي: فكل إنسان سيحاسب على ما كلف به، فالحاكم على ولايته، والرعية على طاعته في غير معصية.
6- الصبر على جور الولاة: من أعظم القربات، وهو خير من الفتنة والخلاف.
رابعاً. معلومات إضافية:
- هذا الحديث أصل من الأصول التي استدل بها أهل السنة على وجوب طاعة ولي الأمر وعدم الخروج عليه.
- الطاعة المقصودة هي في المعروف فقط، فإذا أمر الوالي بمعصية فلا سمع ولا طاعة، ولكن لا يجوز الخروج عليه بالسلاح، بل ينكر عليه بالحكمة والموعظة الحسنة.
- العلاج الشرعي لظلم الولاة يكون بالدعاء لهم بالصلاح، والنصيحة السرية، والصبر، وليس بالخروج والثورة.
نسأل الله أن يولي علينا خيارنا، ويصرف عنا شرارنا، وأن يعين ولاة أمور المسلمين على الحق والعدل.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تخريج الحديث
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 50 من أصل 132 حديثاً له شرح
- 25 خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم
- 26 من أكرم سلطان الله أكرمه الله يوم القيامة
- 27 بعث النبي عبد الله بن حذافة في سرية
- 28 بايعنا رسول الله على السمع والطاعة في اليسر والعسر
- 29 فيما استطعتم
- 30 السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره
- 31 من أطاعني فقد أطاع الله
- 32 اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي
- 33 بايعنا رسول الله على السمع والطاعة فيما استطعتم
- 34 عبد مجدع يقودكم بكتاب الله فأسمعوا له وأطيعوا
- 35 أوصاني أن أسمع وأطيع وإن كان عبدًا مجدع الأطراف
- 36 السمع والطاعة، والجهاد، والهجرة، والجماعة
- 37 لا طاعة في معصية الله إنما الطاعة في المعروف
- 38 لا طاعة لأحد في معصية الله
- 39 النصح لكل مسلم
- 40 اتقوا الله ربكم وصلوا خمسكم وصوموا شهركم
- 41 السامع المطيع لا حجة عليه، والسامع العاصي لا حجة له
- 42 من أمر بمعصية الله فلا تطيعوه
- 43 طاعة الإمام ما لم يأمر بمعصية الله
- 44 لا طاعة لمن عصى الله
- 45 أدوا إليهم حقهم وسلوا الله حقكم
- 46 لا تنازعوا الأمر أهله إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم...
- 47 من فارق الجماعة شبرًا فمات مات ميتة جاهلية
- 48 استعملت فلانا ولم تستعملني
- 49 عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك
- 50 اسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم
- 51 شرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم
- 52 من عرف برئ ومن أنكر سلم ولكن من رضي وتابع
- 53 سيكون من بعدي خلفاء يعملون بما يعلمون
- 54 بايعت رسول الله ﷺ ثلاث مرات
- 55 ألا تبايعون رسول الله على عبادة الله وإقام الصلاة وطاعته
- 56 امتحان المؤمنات المهاجرات بالآية
- 57 بايعنا النبي ﷺ فقرأ علينا: ﴿أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا﴾...
- 58 كان النبي يبايع النساء بالكلام ولا يمس أيديهن
- 59 ما مس رسول الله ﷺ بيده امرأة قط إلا أن...
- 60 إني لا أصافح النساء إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة
- 61 أبايعك على أن لا تشركي بالله شيئاً ولا تسرقي ولا...
- 62 عدم مصافحة النساء عند البيعة
- 63 إني لا أصافح النساء
- 64 بع النبي ﷺ عبدًا بعبدين أسودين
- 65 كان في وفد ثقيف رجل مجذوم
- 66 يضحي بالشاة الواحدة عن جميع أهله
- 67 مددت يدي إلى النبي وأنا غلام ليبايعني فلم يبايعني.
- 68 خلفاء يكثرون فُوا ببيعة الأول فالأول
- 69 ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم
- 70 المدينة كالكير تنفي خبثها وينصع طيبها
- 71 ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة
- 72 من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا...
- 73 من قتل تحت راية عمية فقتلة جاهلية
- 74 من قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبة أو يدعو إلى...
معلومات عن حديث: اسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم
📜 حديث: اسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: اسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: اسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: اسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 20, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








