حديث: يا أبا ذر، إني أراك ضعيفا

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب النهي عن طلب الإمارة والحرص عليها

عن أبي ذر أن رسول الله ﷺ قال: «يا أبا ذرّ، إني أراك ضعيفا، وإني أحب لك ما أحب لنفسي، لا تأمرن على اثنين، ولا تولين مال يتيم».

صحيح: رواه مسلم في الإمارة (١٨٢٦) من طريق عبد الله بن يزيد المقرئ، حدثنا سعيد بن أبي أيوب، عن عبيد الله بن أبي جعفر القرشي، عن سالم بن أبي سالم الجيشاني، عن أبيه، عن أبي ذر .

عن أبي ذر أن رسول الله ﷺ قال: «يا أبا ذرّ، إني أراك ضعيفا، وإني أحب لك ما أحب لنفسي، لا تأمرن على اثنين، ولا تولين مال يتيم».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم من وصايا النبي ﷺ لأصحابه، وخاصة لأبي ذر الغفاري رضي الله عنه، الذي كان معروفًا بزهده وورعه. سأشرح هذا الحديث شرحًا وافيًا وفقًا لما ورد في كتب أهل السنة والجماعة، معتمدًا على كبار الشروح مثل "فتح الباري" لابن حجر، و"شرح النووي على صحيح مسلم"، و"عون المعبود" وغيرها.

الحديث:


عن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: «يا أبا ذرّ، إني أراك ضعيفًا، وإني أحب لك ما أحب لنفسي، لا تأمرن على اثنين، ولا تولين مال يتيم».


1. شرح المفردات:


● ضعيفًا: أي ضعيف البنية أو القوة البدنية، أو قد يُقصد به ضعيفًا في القدرة على تحمل أعباء الإمارة والمسؤوليات الدنيوية، لشدة زهده وتقشفه.
● لا تأمرن على اثنين: أي لا تتولَّ إمارة أو رئاسة حتى على عدد قليل من الناس، ولو كانوا اثنين فقط.
● ولا تولين مال يتيم: أي لا تتولَّ إدارة مال اليتيم أو تكون وليًا عليه.


2. شرح الحديث:


هذا الحديث جزء من وصية النبي ﷺ لأبي ذر رضي الله عنه، وهو يعكس رعاية النبي ﷺ لأصحابه ونصحه لهم بما يصلح حالهم في الدنيا والآخرة.
- قوله ﷺ: «إني أراك ضعيفًا»: هذا بيان لحال أبي ذر، حيث كان رضي الله عنه معروفًا بالزهد والانعزال عن الدنيا، وقد يكون ضعيفًا بدنياً أو غير قادر على تحمل مشاق المسؤولية الإدارية، وخشي النبي ﷺ أن ولاية الإمارة قد تثقله أو تفتنه.
- قوله ﷺ: «وإني أحب لك ما أحب لنفسي»: هذه منقبة عظيمة لأبي ذر، حيث بين النبي ﷺ محبته له وحرصه على مصلحته كما يحب لنفسه، مما يدل على عظيم مكانة أبي ذر عند رسول الله ﷺ.
- قوله ﷺ: «لا تأمرن على اثنين»: هذا نهي عن تولي الإمارة أو الرئاسة حتى لو كانت على عدد قليل من الناس. والسبب في ذلك أن أبا ذر رضي الله عنه كان شديد الزهد، قليل الصبر على المجاملة في الحق، وقد يغلبه حرصه على العدل فينفر الناس منه، أو قد يفتنه المنصب فيحبه أو يتكبر. وهذا تحذير من فتنة السلطة والرئاسة، حتى لو كانت صغيرة.
- قوله ﷺ: «ولا تولين مال يتيم»: هذا نهي عن تولي مال اليتيم، لأن اليتيم ضعيف لا ناصر له، وماله يحتاج إلى رعاية شديدة وأمانة عظيمة. وأبو ذر رضي الله عنه قد يكون منشغلاً بالعبادة والزهد، فخاف النبي ﷺ أن يشغله ذلك عن رعاية مال اليتيم كما يجب، أو أن يدخله في الحساب العسير يوم القيامة إذا قصر في ذلك.


3. الدروس المستفادة منه:


1- حرص النبي ﷺ على نصح أصحابه individually حسب أحوالهم: فقد خص أبا ذر بهذه الوصية لأنه عرف ضعفه وزهاده، مما يدل على حكمة النبي ﷺ في التوجيه.
2- التحذير من فتنة المناصب والرئاسة: حتى لو كانت صغيرة، فإنها قد تسبب الكبر أو الإثم أو المشقة.
3- الحذر من تولي أموال اليتامى: إلا لمن كان قويًا أمينًا قادرًا على رعايتها حق الرعاية، كما قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [الأنعام: 152].
4- الأخذ بالعذر ومراعاة ظروف الأشخاص: فلا يُكلَّف الإنسان ما لا يطيق.
5- محبة الخير للغير: كما يحب الإنسان لنفسه، وهذا من كمال الإيمان.


4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث رواه مسلم في صحيحه، والإمام أحمد في مسنده، وغيرهم.
- بعض العلماء استدل به على أن ولاية الإمارة لا ينبغي أن يتولاها إلا الأقوياء الأكفاء، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ﴾ [القصص: 26].
- أبو ذر رضي الله عنه التزم بهذه الوصية، فلم يتولَّ أي منصب في عهد النبي ﷺ ولا في عهد الخلفاء الراشدين، إلا ما كان من مشاركته في الجهاد وغيره من الأعمال العامة.
- هذا الحديث لا يعني تحريم الولاية مطلقًا، بل هو توجيه خاص بأبي ذر لظروفه، لكنه يعمم فيه المعنى؛ فمن كان ضعيفًا أو يخشى على نفسه الفتنة، فالأولى له تجنب المسؤوليات التي قد تضره.

أسأل الله أن يفقهنا في الدين، وأن يوفقنا لاتباع سنة نبيه ﷺ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الإمارة (١٨٢٦) من طريق عبد الله بن يزيد المقرئ، حدثنا سعيد بن أبي أيوب، عن عبيد الله بن أبي جعفر القرشي، عن سالم بن أبي سالم الجيشاني، عن أبيه، عن أبي ذر ... فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 22 من أصل 132 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: يا أبا ذر، إني أراك ضعيفا

  • 📜 حديث: يا أبا ذر، إني أراك ضعيفا

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: يا أبا ذر، إني أراك ضعيفا

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: يا أبا ذر، إني أراك ضعيفا

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: يا أبا ذر، إني أراك ضعيفا

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب