حديث: أوصيكم بذمة الله فإنه ذمة نبيكم ورزق عيالكم
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب الوصية بأهل الذمة
صحيح: رواه البخاريّ في الجزية والموادعة (٣١٦٢) عن آدم بن أبي إياس، حدثنا شعبة، حَدَّثَنَا أبو جمرة قال: سمعت جويرية بن قدامة التميمي .

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.أهلاً وسهلاً بك، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم من وصايا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهو ثابت في المصنف لعبد الرزاق، وله شواهد في كتب السنة.
أولاً. شرح المفردات:
* أوصنا: طلبوا منه الوصية، أي: أعطنا نصيحة جامعة نتمسك بها.
* بذمة الله: الذمة هنا تعني العهد والأمان والضمان. و"ذمة الله" هي العهد الذي يعطيه المسلم لغير المسلم (الذمي) فيضمن له بحماية الله ورسوله السلامةَ في نفسه وماله وعرضه.
* رزق عيالكم: قوت ومعاش أسركم وأطفالكم.
ثانياً. شرح الحديث:
كان الصحابة رضي الله عنهم يجلسون إلى عمر بن الخطاب، وهو خليفة المسلمين، ويطلبون منه وصية جامعة، فأوصاهم بأمرين عظيمين:
1- "أوصيكم بذمة الله، فإنه ذمة نبيكم": أي أوصيكم أن تحافظوا غاية المحافظة على عهود المسلمين وأمانهم الذي منحوه لغير المسلمين من أهل الذمة (اليهود والنصارى وغيرهم ممن يعيشون في دولة الإسلام). فهذا العهد ليس عهداً عادياً، بل هو "ذمة الله" و"ذمة نبيكم" محمد صلى الله عليه وسلم. فهو عقد مقدس، وميثاق غليظ، يجب الوفاء به ولا يجوز الغدر أو الخيانة فيه. فمن اعتدى على معاهد لم يحفظ ذمة الله وذمة رسوله، وهذا من أعظم الذنوب.
2- "ورزق عيالكم": هذا الجزء من الوصية يربط بين الأمرين ربطاً بديعاً وعملياً. فحين تحفظون عهود أهل الذمة وتؤدون حقوقهم، ويأمنون على أنفسهم وأموالهم، فإنهم سينشطون في التجارة والزراعة والصناعة، مما يؤدي إلى ازدهار الاقتصاد في البلاد، وتتوفر السلع والخدمات، ويقل غلاؤها، فينعم الجميع بالرخاء ويحصل "رزق عيالكم" (أي قوت أسركم وأطفالكم) بسهولة ويسر. فحفظ أمانتهم هو سبب مباشر لسعة الرزق واستقرار المعيشة للجميع.
ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:
1- قدسية العهود والمواثيق في الإسلام: الإسلام يحرم الغدر والخيانة ويأمر بالوفاء بالعهود مع المسلمين وغيرهم، وهذا من كمال morality الإسلام وأخلاقه.
2- العدل مع غير المسلمين: من أعظم مبادئ الإسلام العدل مع كل الناس، حتى مع غير المسلمين، وخاصة الذين يعيشون تحت حكمه ويؤدون الجزية، فلهم حقوق وعليهم واجبات.
3- الحكمة والنظر في العواقب: يبين لنا عمر رضي الله عنه، بفقهه العميق، كيف أن القيام بالواجب الشرعي (وهو حفظ الذمة) له عواقب دنيوية حميدة (وهي سعة الرزق)، مما يحفز الناس على القيام به.
4- مسؤولية الحاكم: الوصية تبين مسؤولية الحاكم في رعاية جميع رعيته، مسلميهم وغيرهم، وحماية حقوقهم.
5- الربط بين القيم الأخلاقية والمنفعة المادية: الإسلام لا يفصل بين الفضيلة والمصلحة، بل إن التمسك بالفضيلة (كالوفاء بالعهد) يجلب المصالح للجميع في الدنيا والآخرة.
رابعاً. معلومات إضافية:
* هذا الحديث يعد من القواعد الكبرى في السياسة الشرعية والتعامل مع غير المسلمين.
* كان عمر رضي الله عنه أشد الناس حرصاً على تطبيق هذا المبدأ، حتى إنه كان يقول: "مَن ظلم معاهداً أو كلَّفه فوق طاقته فأنا حجيجه (أي أنا الذي سأخاصمه وأحاسبه)".
* هذه الوصية تظهر عظمة الإسلام في بناء المجتمعات المتعايشة والمستقرة، والتي تقوم على العدل والأمان للجميع.
أسأل الله أن يجعلنا ممن يوفون بعهد الله ويعظمون ذمته. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
هكذا ذكره البخاريّ مختصرًا. ورواه الإمام أحمد (٣٦٢) عن محمد بن جعفر، عن شعبة بإسناده مطوَّلًا. وهذا نصه:
عن جويرية بن قدامة قال: حججت، فأتيت المدينة العام الذي أصيب فيه عمر رضي الله عنه قال: فخطب فقال: إني رأيت كأن ديكا أحمر نقرني نقرة أو نقرتين - شعبة الشاك - فكان من أمره أنه طُعن فأذن للناس عليه فكان أول من دخل عليه أصحاب النَّبِيّ ﷺ، ثمّ أهل المدينة، ثمّ أهل الشام، ثمّ أذن لأهل العراق، فدخلت فيمن دخل قال فكان كلما دخل عليه قوم أثنوا عليه وبكوا.
قال: فلمّا دخلنا عليه قال: وقد عصب بطنه بعمامة سوداء والدم يسيل قال: فقلنا: أوصنا قال: وما سأله الوصية أحد غيرنا فقال: عليكم بكتاب الله؛ فإنكم لن تضلوا ما اتبعتموه. فقلنا: أوصنا فقال: أوصيكم بالمهاجرين فإن الناس سيكثرون ويقلون. وأوصيكم بالأنصار؟ فإنهم شعب الإسلام الذي لجأ إليه. وأوصيكم بالأعراب؛ فإنهم أصلكم ومادتكم .. وأوصيكم بأهل ذمتكم؛ فإنهم عهد نبيكم ورزق عيالكم. قوموا عني، قال: فما زادنا على هؤلاء الكلمات.
قال محمد بن جعفر: قال شعبة: ثمّ سألته بعد ذلك فقال في الأعراب: وأوصيكم بالأعراب؛ فإنهم إخوانكم وعدو عدوكم. اهـ.
ولكن رواه البخاريّ بأسانيد أخرى توصية عمر بن الخطّاب في كتاب الزّكاة (١٣٩٢) وفي
كتاب فضائل الصّحابة (٣٧٠٠) وغيرهما من المواضع الأخرى مطولًا أطول من هذا.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب
- 1 من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة
- 2 من قتل نفسا معاهدة بغير حلّها حرّم الله عليه الجنّة
- 3 كنا لا نقتل تجار المشركين على عهد رسول الله
- 4 أوصيكم بذمة الله فإنه ذمة نبيكم ورزق عيالكم
- 5 تنتهك ذمة الله وذمة رسوله فيمنعون ما في أيديهم
- 6 منعت العراق درهمها وقفيزها
- 7 إن الله يعذب الذين يعذبون في الدنيا
- 8 من قتل معاهدًا له ذمة الله ورسوله حرم الله عليه...
- 9 ألا إن الجنة لا تحل إلا لمؤمن
- 10 النبي ﷺ يعود الغلام اليهودي ويقول له أسلم
- 11 اركب دابتك وسر أمامها فإنك إذا كنت أمامها لم تكن...
- 12 من أخفر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين
- 13 ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم
- 14 المرأة تأخذ للقوم تجير على المسلمين
- 15 من أجرت فقد أجرناها
- 16 ما الفقر أخشى عليكم، ولكني أخشى عليكم أن تبسط الدنيا...
- 17 اغزوا باسم الله في سبيل الله ولا تغلوا ولا تغدروا.
- 18 بعث عمر الناس في أفناء الأمصار يقاتلون المشركين
- 19 أخذ رسول الله الجزية من مجوس هجر
- 20 بعث خالد بن الوليد إلى أكيدر دومة فأخذوه
- 21 تظهرون عليهم فيتقونكم بأموالهم دون أنفسهم
- 22 لو جاءنا مال البحرين أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا
- 23 أكثر مال أتي به رسول الله ﷺ من البحرين
- 24 من كل ثلاثين بقرة تبيعا أو تبيعة
- 25 صلح النبي مع اهل نجران على الفي حلة وعتاد
- 26 نزول آية فاحكم بينهم بما أنزل الله
- 27 ليس على المسلمين عشور
- 28 لا تصلح قبلتان في أرض
- 29 من عقد الجزية في عنقه فقد برئ مما عليه رسول...
- 30 إذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه
- 31 قالوا: السام عليك يا أبا القاسم فقال: «وعليكم»
- 32 مهلا يا عائشة، فإن الله يحب الرفق في الأمر كله
- 33 إذا سلم عليكم اليهود فقالوا السام عليكم فقولوا عليك
- 34 قولوا: وعليكم
- 35 من سلم عليكم فقولوا وعليكم
- 36 التبليغ عن رسول الله ولو بآية واحدة
- 37 لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوا
- 38 ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا
- 39 انطلقوا إلى يهود أسلموا تسلموا
- 40 لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب
- 41 اعلموا أن شرار الناس الذين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد
- 42 لا يترك بجزيرة العرب دينان
- 43 أخرجوا اليهود من جزيرة العرب
- 44 أخرج عمر يهود خيبر وأعطاهم قيمة أموالهم
- 45 من عدى على عبد الله بن عمر ففدع يديه
- 46 نزول عيسى ابن مريم حكماً عادلاً في آخر الزمان
معلومات عن حديث: أوصيكم بذمة الله فإنه ذمة نبيكم ورزق عيالكم
📜 حديث: أوصيكم بذمة الله فإنه ذمة نبيكم ورزق عيالكم
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: أوصيكم بذمة الله فإنه ذمة نبيكم ورزق عيالكم
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: أوصيكم بذمة الله فإنه ذمة نبيكم ورزق عيالكم
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: أوصيكم بذمة الله فإنه ذمة نبيكم ورزق عيالكم
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








