حديث: ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في أمان الرجال والنساء للأقلية غير المسلمة

عن أبي هريرة عن النَّبِيّ ﷺ قال: «ذمة المسلمين واحدة، يسعى بها أدناهم فمن أخفر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه يوم القيامة عدل ولا صرف».

صحيح: رواه مسلم في الحجّ (١٣٧١) عن أبي بكر بن النضر بن أبي النضر، حَدَّثَنِي أبو النضر، حَدَّثَنِي عبيد الله الأشجعيّ، عن سفيان، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة .

عن أبي هريرة عن النَّبِيّ ﷺ قال: «ذمة المسلمين واحدة، يسعى بها أدناهم فمن أخفر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه يوم القيامة عدل ولا صرف».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا حديث عظيم من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يبين عظم حق المسلم ووجوب حفظ ذمته وعهده.

الحديث بلفظه:


عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبِيِّ ﷺ قال: «ذِمَّةُ المُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ، يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ، فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ عَدْلٌ وَلَا صَرْفٌ».

أولاً. شرح المفردات:


● ذمة المسلمين: الذمة هنا تعني العهد والأمان والضمان. وهي الحقوق والالتزامات التي يعطيها المسلم أو المجتمع المسلم للآخرين، سواء كانوا معاهدين (من أهل الذمة) أو مستأمنين.
● واحدة: أي متساوية ومشتركة، لا فرق بين عهد كبير المسلمين وصغيرهم.
● يسعى بها أدناهم: أي أن أقل المسلمين شأناً وأبعدهم منزلة يمكن أن يعطي عهداً أو أماناً فيلزم جميع المسلمين احترامه والوفاء به.
● أخفر: من الإخْفار، وهو نَقض العهد ونكث الوعد، وخيانة الذمة والأمان.
● لعنة الله: الطرد والإبعاد عن رحمة الله.
● عدل ولا صرف: "العدل" الفدية والعوض الذي يقدمه ليفدي نفسه، و"الصرف" هو التوبة والرجوع عن الذنب. أي أن لا فداء مقبول منه ولا توبة تنفعه في هذا الذنب العظيم يوم القيامة.

ثانياً. شرح الحديث:


يؤكد النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث على مبدأ عظيم من مبادئ الإسلام في التعامل مع الآخرين، وهو قدسية العهد والذمة. فالمسلمون أمة واحدة، يتكافؤون في الحقوق والواجبات، وعقد أحدهم عهداً أو أعطى أماناً لشخص (مسلماً كان أو غير مسلم) فإن هذا العهد يلزم جميع المسلمين، ويجب عليهم جميعاً احترامه والوفاء به، حتى لو كان الذي أعطى العهد صغيراً أو ضعيفاً في المجتمع.
ثم توعد النبي صلى الله عليه وسلم من ينقض هذا العهد أو يخونه بأشد الوعيد، وهو لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. وهذا وعيد شديد يدل على عظم جرم خيانة العهد ونقض الذمة. بل إن هذا الذنب من الكبائر التي لا يُقبل فيها فداء ولا توبة يوم القيامة، مما يدل على خطورته عند الله تعالى.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- وحدة الأمة: الحديث يؤكد على وحدة الأمة الإسلامية وتكافلها، فما يعقده فرد منها يعتبر ملزماً للجميع، مما يعزز روح المسؤولية الجماعية.
2- قدسية العهود والمواثيق: الإسلام يحث على الوفاء بالعهد ويجعل ذلك من صفات المؤمنين، قال تعالى: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} [الإسراء: 34].
3- المسؤولية الفردية لها أثر جماعي: عمل الفرد المسلم لا يؤثر فيه وحده، بل في سمعة الأمة كلها وذمتها.
4- التحذير من الخيانة: الحديث يحذر من خيانة العهد بأشد التحذير، مما يردع المسلم عن الاستهانة بعهوده ومواثيقه.
5- العدل مع غير المسلمين: من أعطى ذمة الله وذمة رسوله لغير المسلم، وجب على جميع المسلمين احترام هذا العهد وحماية صاحبه، وهذا من عدل الإسلام ورحمته.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما، مما يدل على صحته وقوته.
- "الذمة" في المصطلح الإسلامي تطلق أيضاً على غير المسلمين الذين يعيشون في دار الإسلام ويتمتعون بحماية الدولة الإسلامية، ويسمى هؤلاء "أهل الذمة".
- هذا الحديث أصل من أصول العلاقات الدولية في الإسلام، حيث يجب الوفاء بالعهود مع الدول والأفراد غير المسلمين ما داموا قد عاهدوا المسلمين.
- ينبغي للمسلم أن يتحرى الدقة في وعوده وعهوده، ولا يعطي عهداً إلا وهو قادر على الوفاء به، أو يعلم أن إخوانه المسلمين سيقومون به.
نسأل الله أن يجعلنا من الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق، وأن يعيذنا من الخيانة ونقض العهود.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الحجّ (١٣٧١) عن أبي بكر بن النضر بن أبي النضر، حَدَّثَنِي أبو النضر، حَدَّثَنِي عبيد الله الأشجعيّ، عن سفيان، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة .. فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب

معلومات عن حديث: ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم

  • 📜 حديث: ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب