حديث: من قتل معاهدًا له ذمة الله ورسوله حرم الله عليه ريح الجنة
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب التحذير من ظلم رعايا غير المسلمين
وزاد في رواية: وأشار رسول الله ﷺ بأصبعه على صدره: «ألا ومن قتل معاهدًا له ذمة الله ورسوله حرم الله عليه ريح الجنّة، وإن ريحها لتوجد من مسيرة سبعين خريفا».
حسن: رواه أبو داود (٣٠٥٢) عن سليمان بن داود المهرى، أخبرنا ابن وهب، حَدَّثَنِي أبو
صخر المديني أن صفوان بن سليم أخبره عن عدة من أبناء أصحاب رسول الله ﷺ.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الشريف الذي سألت عنه حديث عظيم، يُظهر عدل الإسلام ورحمته، ويؤكد على قدسية العهود وحرمة حقوق غير المسلمين الذين يعيشون في ظل الدولة الإسلامية. سأشرحه لك جزءاً جزءاً مستنداً إلى كلام أهل العلم المعتبرين.
أولاً. شرح مفردات الحديث:
● معاهدًا: هو كل غير مسلم يعيش في دار الإسلام بعهد وأمان من المسلمين، سواء كان ذمياً (من أهل الكتاب) أو مستأمناً (له عهد مؤقت). وهو تحت حماية الدولة الإسلامية.
● انتقصه: نقص من حقه، أو بخسه إياه، أو احتقر من شأنه.
● كلفه فوق طاقته: حمّله من العمل أو الضرائب ما لا يطيق أداءه.
● بغير طيب نفس: بدون رضاه وموافقته.
● حجيجه: من الحجاج، أي أنا الذي أخاصمه وأحاجه وأخذ له بحقه يوم القيامة. والحجاج هو الخصم القوي الذي يغلب خصمه.
● له ذمة الله ورسوله: أي هو تحت عهد الله وعهد رسوله ﷺ وحمايتهما.
● حرم الله عليه ريح الجنة: أي منعه من دخول الجنة، وهذا وعيد شديد على هذه الجريمة.
● من مسيرة سبعين خريفاً: مسافة طويلة جداً (الخريف هنا كناية عن السنة، أي مسيرة سبعين سنة)، وهذا للدلالة على عظم رائحة الجنة وجمالها، وأن القاتل محروم من هذا الخير العظيم.
ثانياً. شرح الحديث:
يحتوي هذا الحديث على جزأين رئيسيين:
الجزء الأول: حقوق المعاهد في المعاملة:
يبدأ الحديث بتحذير شديد من ظلم أي معاهد، ويعدد النبي ﷺ صور هذا الظلم:
1- الظلم: وهو يشمل أي اعتداء عليه في نفسه أو ماله أو عرضه.
2- الانتقاص: احتقاره أو التقليل من شأنه أو عدم إعطائه حقوقه الكاملة.
3- تكليفه فوق طاقته: كأن يفرض عليه حاكم ظالم ضرائب باهظة أو أعمالاً شاقة لا يستطيعها.
4- أخذ شيء منه بغير رضاه: كأن يغصبه أحدٌ ماله أو متاعه دون حق.
ثم يختم ﷺ هذا الجزء بتوعُّد شديد، فيقول: «فأنا حجيجه يوم القيامة». أي أن النبي ﷺ نفسه سيكون هو الخصم المدافع عن ذلك المظلوم يوم القيامة، ويطالب بحقه من الذي ظلمه. وهذا أعظم تخويف للمسلم، فكيف يرضى أن يكون النبي ﷺ خصمه يوم القيامة؟
الجزء الثاني: وعيد قاتل المعاهد:
ثم تذكر الرواية زيادة فيها تشديد أعظم، حيث أشار رسول الله ﷺ إلى صدره الشريف (للفت الانتباه والتأكيد على خطورة ما يقول) وقال: «ألا ومن قتل معاهدًا له ذمة الله ورسوله حرم الله عليه ريح الجنّة».
هذا وعيد شديد جداً، فقتل المعاهد الذي أعطاه الإمام (أمير المسلمين) عهداً بالأمان، جريمة كبرى تصل إلى درجة أن فاعلها محرم على رائحة الجنة، وهي رائحة طيبة يشتمها المؤمنون من مسافة بعيدة جداً (سبعين سنة سيراً)، وهو محروم منها ومحجب عنها بسبب جريمته. وهذا يدل على أن هذه الجريمة من الكبائر العظيمة.
ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:
1- قدسية العهد في الإسلام: الإسلام يجل العهود والمواثيق ويأمر بالوفاء بها، ويجعل الاعتداء على من له عهد جريمة عظيمة.
2- العدل الشامل للجميع: عدل الإسلام ليس للمسلمين فحسب، بل يشمل كل من يعيش تحت رايته، مسلماً كان أم غير مسلم.
3- رعاية حقوق غير المسلمين: الإسلام يكفل لغير المسلمين (أهل الذمة) حقوقاً كاملة في النفس والمال والعرض، ويحميها أشد الحماية.
4- التحذير من ظلم الضعفاء: الحديث تحذير صريح للحكام والولاة من ظلم رعاياهم من غير المسلمين، أو تحميلهم ما لا يطيقون من الأموال أو الأعمال.
5- عظم مكانة النبي ﷺ: حيث جعل نفسه ﷺ خصيماً للظالم ونصيراً للمظلوم يوم القيامة، مما يزيد في تعظيم المؤمن لرسوله وحرصه على عدم إغضابه.
6- خطورة القتل بغير حق: الحديث يضع قتل المعاهد في مرتبة عالية من الإثم، تصل إلى الحرمان من رائحة الجنة، مما يدل على حرمة الدماء المعصومة بعهد.
رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:
- هذا الحديث رواه أبو داود في سننه، وهو حسن.
- الفقهاء يستدلون بهذا الحديث على أن "ذمة الله" و"ذمة الرسول" أمر عظيم يجب الوفاء به.
- هذا المبدأ (حرمة الاعتداء على المعاهد) هو من الأسس التي جعلت الدولة الإسلامية عبر التاريخ ملاذاً آمناً لأتباع الديانات الأخرى، يعيشون في ظلها بأمان وكرامة.
- الحديث يربي في المسلم ضميراً مراقباً لله، فلا يظلم أحداً حتى لو كان على غير دينه، لأنه يعلم أن نبي الرحمة ﷺ سيكون خصمه يوم القيامة.
أسأل الله أن يجعلنا من الذين يسمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يرزقنا العدل في كل أمورنا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تخريج الحديث
صخر المديني أن صفوان بن سليم أخبره عن عدة من أبناء أصحاب رسول الله ﷺ. فذكره.
ورواه البيهقيّ (٩/ ٢٠٥) من طريق محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، عن ابن وهب، به وفيه: عن ثلاتين من أبناء أصحاب رسول الله ﷺ. والزيادة المذكورة له.
وإسناده حسن من أجل أبي الصخر المدينيّ، وأبناء الصّحابة وإن لم يسموا، لكنهم جمعٌ كبير تنجبر به جهالتهم.
وقوله: «دنية» بكسر الدال وسكون النون وفتح الياء مصدر في موضع الحال والمعنى متصلو النسب.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب
- 1 من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة
- 2 من قتل نفسا معاهدة بغير حلّها حرّم الله عليه الجنّة
- 3 كنا لا نقتل تجار المشركين على عهد رسول الله
- 4 أوصيكم بذمة الله فإنه ذمة نبيكم ورزق عيالكم
- 5 تنتهك ذمة الله وذمة رسوله فيمنعون ما في أيديهم
- 6 منعت العراق درهمها وقفيزها
- 7 إن الله يعذب الذين يعذبون في الدنيا
- 8 من قتل معاهدًا له ذمة الله ورسوله حرم الله عليه...
- 9 ألا إن الجنة لا تحل إلا لمؤمن
- 10 النبي ﷺ يعود الغلام اليهودي ويقول له أسلم
- 11 اركب دابتك وسر أمامها فإنك إذا كنت أمامها لم تكن...
- 12 من أخفر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين
- 13 ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم
- 14 المرأة تأخذ للقوم تجير على المسلمين
- 15 من أجرت فقد أجرناها
- 16 ما الفقر أخشى عليكم، ولكني أخشى عليكم أن تبسط الدنيا...
- 17 اغزوا باسم الله في سبيل الله ولا تغلوا ولا تغدروا.
- 18 بعث عمر الناس في أفناء الأمصار يقاتلون المشركين
- 19 أخذ رسول الله الجزية من مجوس هجر
- 20 بعث خالد بن الوليد إلى أكيدر دومة فأخذوه
- 21 تظهرون عليهم فيتقونكم بأموالهم دون أنفسهم
- 22 لو جاءنا مال البحرين أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا
- 23 أكثر مال أتي به رسول الله ﷺ من البحرين
- 24 من كل ثلاثين بقرة تبيعا أو تبيعة
- 25 صلح النبي مع اهل نجران على الفي حلة وعتاد
- 26 نزول آية فاحكم بينهم بما أنزل الله
- 27 ليس على المسلمين عشور
- 28 لا تصلح قبلتان في أرض
- 29 من عقد الجزية في عنقه فقد برئ مما عليه رسول...
- 30 إذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه
- 31 قالوا: السام عليك يا أبا القاسم فقال: «وعليكم»
- 32 مهلا يا عائشة، فإن الله يحب الرفق في الأمر كله
- 33 إذا سلم عليكم اليهود فقالوا السام عليكم فقولوا عليك
- 34 قولوا: وعليكم
- 35 من سلم عليكم فقولوا وعليكم
- 36 التبليغ عن رسول الله ولو بآية واحدة
- 37 لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوا
- 38 ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا
- 39 انطلقوا إلى يهود أسلموا تسلموا
- 40 لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب
- 41 اعلموا أن شرار الناس الذين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد
- 42 لا يترك بجزيرة العرب دينان
- 43 أخرجوا اليهود من جزيرة العرب
- 44 أخرج عمر يهود خيبر وأعطاهم قيمة أموالهم
- 45 من عدى على عبد الله بن عمر ففدع يديه
- 46 نزول عيسى ابن مريم حكماً عادلاً في آخر الزمان
معلومات عن حديث: من قتل معاهدًا له ذمة الله ورسوله حرم الله عليه ريح الجنة
📜 حديث: من قتل معاهدًا له ذمة الله ورسوله حرم الله عليه ريح الجنة
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من قتل معاهدًا له ذمة الله ورسوله حرم الله عليه ريح الجنة
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من قتل معاهدًا له ذمة الله ورسوله حرم الله عليه ريح الجنة
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من قتل معاهدًا له ذمة الله ورسوله حرم الله عليه ريح الجنة
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, December 17, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








