حديث: لا يترك بجزيرة العرب دينان

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب إخراج المشركين واليهود والنصارى من جزيرة العرب

عن عائشة قالت: كان آخر ما عهد رسول الله ﷺ أن قال: «لا يترك بجزيرة العرب دينان».

حسن: رواه أحمد (٢٦٣٥٢)، والطبراني في الأوسط (٢٦٩١ - مجمع البحرين) كلاهما من طريق ابن إسحاق قال: حدثني صالح بن كيسان، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن عائشة .

عن عائشة قالت: كان آخر ما عهد رسول الله ﷺ أن قال: «لا يترك بجزيرة العرب دينان».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم الذي روي عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها له أهمية كبرى في بيان أحد المبادئ الأساسية في السياسة الشرعية للمجتمع المسلم. إليك الشرح الوافي له على النحو التالي:


نص الحديث:


عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان آخر ما عهد رسول الله ﷺ أن قال: «لا يترك بجزيرة العرب دينان».
(رواه الإمام أحمد في مسنده، وصححه الألباني)


1. شرح المفردات:


● آخر ما عهد: آخر ما أوصى به وأكد عليه قبل وفاته ﷺ. العهد هنا بمعنى الوصية والتأكيد.
● بجزيرة العرب: هي شبه الجزيرة العربية، واختلف العلماء في تحديد حدودها الدقيقة، ولكن المقصود بها عمومًا أرض العرب التي كانت مهد الإسلام، ويغلب أن المراد بها الحجاز ونجد وما جاورهما، وهي القلب والمركز للدولة الإسلامية.
● دينان: دينان مختلفان، والمقصود بهما الإسلام والكفر. أي لا يجتمع فيها دين الإسلام ودين آخر من الأديان كاليهودية أو النصرانية أو غيرها.


2. شرح الحديث ومعناه الإجمالي:


معنى الحديث أن النبي ﷺ أوصى في آخر لحظات حياته ألا يُترك في شبه الجزيرة العربية دينان معاً، بل يجب أن تكون خالصة للإسلام وحده، لا يظهر فيها شرك ولا يعبد فيها غير الله.
وهذا ليس تشدداً أو تطرفاً، بل هو حكمة بالغة؛ فجزيرة العرب هي مهد الإسلام ومنطلق دعوته، ومهبط الوحي، وقبلة المسلمين، وفيها بيت الله الحرام. وجعلها خالصة للمسلمين يحفظ لها قدسيتها ويصونها من الفتن، ويجعلها قاعدة آمنة وانطلاقة قوية للدعوة إلى الله في العالم أجمع. وهي بمثابة "القلب" للجسم الإسلامي، فيجب أن يكون نقياً وخالياً من أي شوائب قد تؤثر على كيان الأمة كله.


3. الدروس المستفادة والفقه في الحديث:


1- مكانة جزيرة العرب: يؤكد الحديث على المكانة الخاصة والفريدة التي تتمتع بها جزيرة العرب في الإسلام، فهي دار الإيمان ومنبع النور الذي انطلق إلى العالم.
2- حكمة التشريع: هذا الحكم من حكمته ﷺ حفظ بيضة الإسلام ومركز دولته من أي مؤثرات أو قوى داخلية قد تسبب الفرقة أو تكون نواة للفتن والاضطرابات، كما حدث مع اليهود في المدينة من قبل.
3- الفقه السياسي الشرعي: هذا الحديث أصل من أصول السياسة الشرعية المتعلقة بأرض الإسلام، وقد عمل به الخلفاء الراشدون من بعده. فحين طلب أبو بكر الصديق رضي الله عنه من عمر أن ينفذ وصية النبي ﷺ، كان من جملة ما نفذه عمر رضي الله عنه إخراج اليهود من خيبر والنصارى من نجران تنفيذاً لهذه الوصية النبوية.
4- الفرق بين جزيرة العرب وغيرها: هذا الحكم خاص بجزيرة العرب، وليس عاماً في كل بلاد المسلمين. ففي البلاد الأخرى التي يفتحها المسلمون، لأهل الكتاب الحق في البقاء على دينهم مع دفع الجزية وهم صاغرون، تحت حكم المسلمين وولایتهم، كما هو مقرر في كتب الفقه.
5- التأكيد على التوحيد: المقصد الأعلى هو تحقيق التوحيد الخالص لله في هذه البقعة المباركة، وإخلاص العبادة لله وحده.


4. معلومات إضافية مفيدة:


● الخلاف في الحدود: اختلف الفقهاء في تحديد "جزيرة العرب" تحديداً دقيقاً، فمنهم من وسعها ومنهم من ضيقها، ولكن الجميع متفق على أن الحجاز ونجد تدخل فيها قطعاً.
● حكم من بقي من غير المسلمين: من بقي من غير المسلمين في جزيرة العرب اليوم، فحكمهم مفصل في كتب الفقه، والأصل أن يعاملوا معاملة تؤدي إلى تحقيق مقصد الحديث تدريجياً وحكمة، بالطرق الشرعية السلمية التي تحفظ حقوقهم الإنسانية ولا تُنقض العهود.
● الحديث ليس دعوة للإضطهاد: يجب فهم هذا الحديث في سياقه الصحيح، فهو تشريع لحماية هوية الأمة وقلبها، وليس تصريحاً بإيذاء الأفراد أو انتهاك حقوقهم. فالشريعة الإسلامية كاملة تحفظ للجميع حقوقهم.
أسأل الله أن يفقهنا في ديننا، وأن يرزقنا الفهم الصحيح لسنة نبينا ﷺ.
والله أعلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (٢٦٣٥٢)، والطبراني في الأوسط (٢٦٩١ - مجمع البحرين) كلاهما من طريق ابن إسحاق قال: حدثني صالح بن كيسان، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن عائشة .. فذكرته.
وإسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق.
قال الهيثمي في المجمع (٥/ ٣٢٥): «ورجال أحمد رجال الصحيح غير ابن إسحاق وقد صرح بالسماع».
ورواه مالك في الجامع (١٧) عن ابن شهاب أن رسول الله ﷺ قال: «لا يجتمع دينان في جزيرة العرب».
لكن جزم ابن عبد البر بأن هذا الحديث يتصل من وجوه حسان عن النبي ﷺ، وذكر منها حديث عائشة. انظر: التمهيد (١٢/ ١٣).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب

معلومات عن حديث: لا يترك بجزيرة العرب دينان

  • 📜 حديث: لا يترك بجزيرة العرب دينان

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لا يترك بجزيرة العرب دينان

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لا يترك بجزيرة العرب دينان

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لا يترك بجزيرة العرب دينان

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب