حديث: صلح النبي مع اهل نجران على الفي حلة وعتاد
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب ما يؤخذ في الجزية
حسن: رواه أبو داود (٣٠٤٣)، والبيهقي (٩/ ١٨٧)، والضياء في المختارة (٩/ ٥٠٨) كلهم من حديث يونس بن بكير، حدثنا أسباط بن نصر الهمداني، عن إسماعيل بن عبد الرحمن القرشي، عن ابن عباس .

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد، فإن هذا الحديث الذي رواه ابن عباس رضي الله عنهما يروي لنا جانبًا من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في تعامله مع غير المسلمين، ويوضح لنا أسس التعايش السلمي في المجتمع الإسلامي وفق ضوابط الشرع الحنيف.
أولاً. شرح المفردات:
● صالح: عاهد ووادع.
● أهل نجران: هم قبائل من النصارى يسكنون منطقة نجران في اليمن.
● حلة: ثوبان، إزار ورداء.
● صفر ورجب: شهران من الأشهر الحرم.
● عارية: شيء يُعطى للانتفاع به مع بقاء ملكيته لأصله.
● درع: سلاح دفاعي يُلبس للحماية في الحرب.
● قس: رجل الدين النصراني.
● يُفتنوا عن دينهم: يُضطهدوا أو يُجبروا على ترك دينهم.
● يحدثوا حدثًا: يرتكبوا جريمة أو خيانة.
ثانيًا. شرح الحديث:
يخبرنا ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم عقد معاهدة صلح مع نصارى نجران، وقد تضمنت هذه المعاهدة البنود التالية:
1- الجزية: وهي مقدار من المال يدفعه غير المسلمين مقابل حمايتهم والدفاع عنهم وتمكينهم من العيش بأمان في دار الإسلام. وقد كانت جزيتهم عبارة عن ألفي حلة (ثوبين لكل حلة) تدفع على قسطين: النصف في شهر صفر والنصف في شهر رجب.
2- المساعدة العسكرية: حيث طلب منهم النبي صلى الله عليه وسلم إعارة المسلمين:
● ثلاثين درعًا (للدفاع).
● ثلاثين فرسًا ( للفرسان).
● ثلاثين بعيرًا ( للنقل والإمداد).
● ثلاثين من كل صنف من أصناف السلاح (كالسيوف والرماح etc.).
3- ضمان المسلمين لهذه العارية: فقد التزم المسلمون بأنهم ضامنون لهذه المعدات العسكرية وسيردونها لأهل نجران سالمة إذا انتهت الحاجة إليها، إلا في حالة واحدة وهي إن حدث كيد أو غدر من أعداء المسلمين في اليمن، مما يؤدي إلى تلف هذه العتاد في المعركة.
4- الحريات الدينية: في مقابل ذلك، ضمن النبي صلى الله عليه وسلم لهم:
● ألا تُهدم لهم بيعة: أي لا تُهدم كنائسهم ولا مساكنهم.
● ولا يخرج لهم قس: أي لا يُطرد رهبانهم وقساوستهم ولا يتعرض لهم أحد.
● ولا يفتنوا عن دينهم: أي لا يُجبروا على ترك دينهم النصراني ولا يُضطهدوا عليه.
5- شرط استمرار الحماية: كل هذه الضمانات والحقوق مشروطة بعدم إخلالهم هم بأنفسهم بالعهد، وذلك إذا:
● أحدثوا حدثًا: أي ارتكبوا جريمة أو خيانة أو نقضوا العهد.
● أو أكلوا الربا: وهو محرم في ديننا ويُعتبر من كبائر الذنوب، فاشترط عليهم ألا يمارسوه علنًا في مجتمع المسلمين لأنه من المنكرات.
ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:
1- شرعية عقد الذمة: يجوز للإمام أن يعقد المعاهدات مع غير المسلمين الذين يعيشون في دولة الإسلام (أهل الذمة) ويضمن لهم حقوقهم مقابل التزامهم بشروط العهد.
2- العدل والرحمة في التعامل مع غير المسلمين: يظهر الحديث رحمة النبي صلى الله عليه وسلم وعدله في تعامله مع النصارى، حيث كفل لهم حرية العقيدة والعيش الآمن.
3- المرونة في شكل الجزية: الجزية لا يشترط أن تكون نقدًا، بل يمكن أن تكون عينًا (كالحلل) أو خدمات، حسب ما يتفق عليه.
4- فقه الموازنات والمصالح: طلب النبي صلى الله عليه وسلم منهم إعارة السلاح للمسلمين لأنهم كانوا في حاجة إليه للجهاد في سبيل الله، مع الضمان بردها، مما يدل على حسن التدبير والتعاون على البر والتقوى.
5- اشتراط التزامهم بمنظومة القيم الإسلامية: شرط عليهم ألا يظهروا الربا لأنه منكر يجب إنكاره، مما يدل على أن حماية المجتمع من المنكرات واجب حتى مع غير المسلمين.
6- الوفاء بالعهد: التزام المسلمين بالضمان للعتاد المعار يظهر صدقهم وأمانتهم في الوفاء بالعهود.
7- الحدود الواضقة للتعايش: الحقوق مقرونة بالواجبات، فإذا نقضوا العهد أو أظهروا المنكر سقطت عنهم هذه الضمانات.
رابعًا. معلومات إضافية:
- هذه المعاهدة كانت في السنة العاشرة للهجرة، وهي من آخر ما عقد النبي صلى الله عليه وسلم من معاهدات.
- أهل نجران بقوا على عهدهم مع المسلمين حتى بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وفي عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه نُقلوا من نجران إلى الكوفة بناء على رغبتهم واتفاق معهم.
- هذا الحديث أصل في كتب السير والمعاهدات، وهو موجود في مصادر مثل "السيرة النبوية" لابن هشام و"المصنف" لعبد الرزاق.
أسأل الله أن يفقهنا في سنن نبيه صلى الله عليه وسلم وأن يجعلنا من المتعايشين في سلام وعدل مع جميع الخلق. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
قال أبو داود: إذا نقصوا بعض ما اشترط عليهم فقد أحدثوا.
وإسناده حسن من أجل الكلام في أسباط بن نصر.
قال الضياء المقدسي: «إسماعيل وأسباط روى لهما مسلم في صحيحه وقد اختلفت الرواية في ثقتهما أو جرحهما».
قال الأعظمي: أما إسماعيل وهو السدي فهو حسن الحديث فقد وثقه الإمام أحمد وغيره.
وأما أسباط فالغالب عليه الضعف، وإن كان البخاري حسن الرأي فيه. وأما ابن معين فاختلف النقل عنه فقال مرة: «ليس بشيء» وأخرى: «ثقة» وقال موسى بن هارون: «لم يكن به بأس».
ومسلم اعتمد على توثيقهم فأخرج له في صحيحه، وإن كان أبو زرعة أنكر عليه.
فمثله إذا انفرد يُنظر فيه فإن كانت نكارته ظاهرة فمردود.
ومصالحة أهل نجران رُوي أيضا من وجوه عدة مرسلة. وفي بعضها كلام ولكن مجموعها يقويها وبالله التوفيق.
يستفاد من أحاديث الباب أنه لا يتعين في الجزية ذهب ولا فضة، بل يجوز أخذها مما تيسر من أموالهم من ثياب وسلاح يعملونه، وحديد ونحاس ومواش وحبوب وعروض وغير ذلك. وقد دل على ذلك سنة رسول الله ﷺ وعمل خلفائه الراشدين، وهو مذهب الشافعي وأبي عبيد، ونص عليه أحمد في رواية الأثرم. انظر: أحكام أهل الذمة (١/ ٢٩).
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب
- 1 من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة
- 2 من قتل نفسا معاهدة بغير حلّها حرّم الله عليه الجنّة
- 3 كنا لا نقتل تجار المشركين على عهد رسول الله
- 4 أوصيكم بذمة الله فإنه ذمة نبيكم ورزق عيالكم
- 5 تنتهك ذمة الله وذمة رسوله فيمنعون ما في أيديهم
- 6 منعت العراق درهمها وقفيزها
- 7 إن الله يعذب الذين يعذبون في الدنيا
- 8 من قتل معاهدًا له ذمة الله ورسوله حرم الله عليه...
- 9 ألا إن الجنة لا تحل إلا لمؤمن
- 10 النبي ﷺ يعود الغلام اليهودي ويقول له أسلم
- 11 اركب دابتك وسر أمامها فإنك إذا كنت أمامها لم تكن...
- 12 من أخفر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين
- 13 ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم
- 14 المرأة تأخذ للقوم تجير على المسلمين
- 15 من أجرت فقد أجرناها
- 16 ما الفقر أخشى عليكم، ولكني أخشى عليكم أن تبسط الدنيا...
- 17 اغزوا باسم الله في سبيل الله ولا تغلوا ولا تغدروا.
- 18 بعث عمر الناس في أفناء الأمصار يقاتلون المشركين
- 19 أخذ رسول الله الجزية من مجوس هجر
- 20 بعث خالد بن الوليد إلى أكيدر دومة فأخذوه
- 21 تظهرون عليهم فيتقونكم بأموالهم دون أنفسهم
- 22 لو جاءنا مال البحرين أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا
- 23 أكثر مال أتي به رسول الله ﷺ من البحرين
- 24 من كل ثلاثين بقرة تبيعا أو تبيعة
- 25 صلح النبي مع اهل نجران على الفي حلة وعتاد
- 26 نزول آية فاحكم بينهم بما أنزل الله
- 27 ليس على المسلمين عشور
- 28 لا تصلح قبلتان في أرض
- 29 من عقد الجزية في عنقه فقد برئ مما عليه رسول...
- 30 إذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه
- 31 قالوا: السام عليك يا أبا القاسم فقال: «وعليكم»
- 32 مهلا يا عائشة، فإن الله يحب الرفق في الأمر كله
- 33 إذا سلم عليكم اليهود فقالوا السام عليكم فقولوا عليك
- 34 قولوا: وعليكم
- 35 من سلم عليكم فقولوا وعليكم
- 36 التبليغ عن رسول الله ولو بآية واحدة
- 37 لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوا
- 38 ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا
- 39 انطلقوا إلى يهود أسلموا تسلموا
- 40 لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب
- 41 اعلموا أن شرار الناس الذين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد
- 42 لا يترك بجزيرة العرب دينان
- 43 أخرجوا اليهود من جزيرة العرب
- 44 أخرج عمر يهود خيبر وأعطاهم قيمة أموالهم
- 45 من عدى على عبد الله بن عمر ففدع يديه
- 46 نزول عيسى ابن مريم حكماً عادلاً في آخر الزمان
معلومات عن حديث: صلح النبي مع اهل نجران على الفي حلة وعتاد
📜 حديث: صلح النبي مع اهل نجران على الفي حلة وعتاد
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: صلح النبي مع اهل نجران على الفي حلة وعتاد
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: صلح النبي مع اهل نجران على الفي حلة وعتاد
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: صلح النبي مع اهل نجران على الفي حلة وعتاد
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








