ما الفقر أخشى عليكم، ولكني أخشى عليكم أن تبسط الدنيا عليكم

حديث: ما الفقر أخشى عليكم، ولكني أخشى عليكم أن تبسط الدنيا عليكم

عن عمرو بن عوف - وهو حليف بني عامر بن لؤي، وكان شهد بدرًا مع رسول الله ﷺ أخبره أن رسول الله ﷺ بعث أبا عبيدة بن الجراح إلى البحرين يأتي بجزيتها، وكان رسول الله ﷺ هو صالح أهل البحرين، وأمر عليهم العلاء بن الحضرمي، فقدم أبو عبيدة بمال من البحرين، فسمعت الأنصار بقدوم أبي عبيدة، فوافوا صلاة الفجر مع رسول الله ﷺ، فلما صلى رسول الله ﷺ انصرف، فتعرضوا له، فتبسم رسول الله ﷺ حين رآهم ثم قال: أظنكم سمعتم أن أبا عبيدة قدم بشيء من البحرين فقالوا: أجل، يا رسول الله قال: «فأبشروا وأملوا ما يسركم، فوالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكني أخشى عليكم أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها وتهلككم كما أهلكتهم».

متفق عليه: رواه البخاري في الجزية (٣١٥٨)، ومسلم في الزهد (٢٩٦١: ٦) كلاهما من طريق الزهري، حدثني عروة بن الزبير، أن المسور بن مخرمة أخبره عن عمرو بن عوف.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا شرح للحديث النبوي الشريف الذي رواه الصحابي الجليل عمرو بن عوف رضي الله عنه:
### أولاً. ترجمة موجزة للراوي
عمرو بن عوف رضي الله عنه هو صحابي جليل، كان حليفاً لبني عامر بن لؤي، وشهد غزوة بدر الكبرى مع رسول الله ﷺ، مما يدل على فضله وسابقه في الإسلام.
### ثانياً. شرح مفردات الحديث
● بعث أبا عبيدة: أرسله رسول الله ﷺ في مهمة رسمية.
● البحرين: منطقة تاريخية في شرق الجزيرة العربية، كانت غنية بالموارد.
● جزيتها: الأموال التي تؤخذ من غير المسلمين وفق شروط معينة.
● تبسم رسول الله ﷺ: دليل على بشاشة وجهه وفرحه برؤية أصحابه.
● أبشروا: افْرَحُوا وتَقَبَّلُوا البُشْرَى.
● تبسط الدنيا: تتوسع وتكثر خيراتها.
● تنافسوها: يتسابقون إليها ويتنازعون عليها.
### ثالثاً. شرح الحديث
يحدثنا الصحابي عمرو بن عوف رضي الله عنه عن قصة واقعة، حيث بعث النبي ﷺ أبا عبيدة بن الجراح رضي الله عنه إلى منطقة البحرين لجمع الجزية التي صالح عليها رسول الله ﷺ أهلها، وكان والياً عليهم العلاء بن الحضرمي رضي الله عنه.
فلما قدم أبو عبيدة بالمال، سمع الأنصار بقدومه، فاجتمعوا في مسجد رسول الله ﷺ ينتظرون فراغه من صلاة الفجر. لما انصرف النبي ﷺ من الصلاة، رأى جمعهم فتبسم ﷺ لعلمه بسبب اجتماعهم، ثم قال لهم: "أظنكم سمعتم أن أبا عبيدة قدم بشيء من البحرين"، فأكدوا ذلك.
فبشرهم النبي ﷺ وقال لهم: "أبشروا وأملوا ما يسركم"، أي توقعوا خيراً كثيراً سيأتي إليكم. ثم بيَّن ﷺ حقيقة مخاوفه، مؤكداً بقوله: "فوالله ما الفقر أخشى عليكم" - فهو ليس خائفاً من قلة الرزق أو الفقر عليهم - "ولكني أخشى عليكم أن تبسط الدنيا عليكم" أي أن تفتح عليكم خزائن الأرض وتتسع عليكم.
ثم بين عاقبة ذلك: "فتنافسوها كما تنافسوها" أي يتسابقون إليها ويتنازعون عليها كما فعل الأمم السابقة، "فتهلككم كما أهلكتهم" أي تكون سبب هلاككم كما كانت سبب هلاك من قبلكم.
### رابعاً. الدروس المستفادة والعبر
1- بشاشة النبي ﷺ وفرحه بخير أمته: حيث تبسم عندما رأى الصحابة وعلَّمهم.
2- جواز بشارة المسلمين بالخير والرزق: فقال لهم "أبشروا".
3- خوف النبي ﷺ على أمته من فتنة المال: وهو نبيٌّ رحيم بأمته، يعلم ما يضرهم.
4- التحذير من التنافس على الدنيا: الذي يؤدي إلى الهلاك، كما حدث للأمم السابقة.
5- أن كثرة المال قد تكون فتنة: وليست نعمة مطلقة، بل هي اختبار وامتحان.
6- التحذير من اتباع سبيل الهالكين: من الأمم السابقة في تعلقهم بالدنيا.
7- أن الفقر ليس شراً مطلقاً: فقد يكون خيراً للمسلم ووقاية من الفتن.

خامساً:

تطبيقات عملية
● الزهد في الدنيا: لا يعني ترك الكسب، ولكن عدم التعلق القلبي بها.
● التوازن في التعامل مع المال: نأخذ منه بقدر الحاجة ونوجه الفائض في الطاعات.
● التذكر الدائم للآخرة: حتى لا تغرنا الدنيا وزينتها.
● الاستفادة من التاريخ: فسقوط الأمم السابقة بسبب الدنيا عبرة لنا.

سادساً:

ختام
هذا الحديث من الأحاديث الجامعة التي تحذر من فتنة المال والدنيا، وهي فتنة عظيمة ابتليت بها الأمم، فيجب على المسلم أن يكون حذراً منها، معتدلاً في أمره، شاكراً لله على نعمه، مستعملاً إياها في طاعته.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الجزية (٣١٥٨)، ومسلم في الزهد (٢٩٦١: ٦) كلاهما من طريق الزهري، حدثني عروة بن الزبير، أن المسور بن مخرمة أخبره عن عمرو بن عوف. فذكره.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب

معلومات عن حديث: ما الفقر أخشى عليكم، ولكني أخشى عليكم أن تبسط الدنيا عليكم

📜 حديث: ما الفقر أخشى عليكم، ولكني أخشى عليكم أن تبسط الدنيا عليكم

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: ما الفقر أخشى عليكم، ولكني أخشى عليكم أن تبسط الدنيا عليكم

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: ما الفقر أخشى عليكم، ولكني أخشى عليكم أن تبسط الدنيا عليكم

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: ما الفقر أخشى عليكم، ولكني أخشى عليكم أن تبسط الدنيا عليكم

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية