حديث: قولوا: وعليكم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب كراهة بدء السلام بغير المسلمين وكيف يرد عليهم؟

عن أنس بن مالك قال: قال النبي ﷺ: «إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم».
وفي لفظ: إن أهل الكتاب يسلمون علينا فكيف نرد عليهم؟ قال: «قولوا: وعليكم».

متفق عليه: رواه البخاري في الاستئذان (٦٢٥٨)، ومسلم في السلام (٢١٦٣: ٦) من طرق عن هشيم، أخبرنا عبيد الله بن أبي بكر بن أنس، عن جده أنس بن مالك .

عن أنس بن مالك قال: قال النبي ﷺ: «إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم».
وفي لفظ: إن أهل الكتاب يسلمون علينا فكيف نرد عليهم؟ قال: «قولوا: وعليكم».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله تعالى أن يفتح علينا أبواب فهم سنن نبيه ﷺ.
هذا الحديث الذي ذكر حديث صحيح، رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما، وهما أصح الكتب بعد كتاب الله تعالى. وهو من الأحاديث التي تتعلق بآداب المعاملة مع غير المسلمين، وتحديداً أهل الكتاب (اليهود والنصارى).

أولاً. شرح المفردات:


* أهل الكتاب: هم اليهود والنصارى، سُمُّوا بذلك لأن الله أنزل عليهم كتباً سماوية (التوراة والإنجيل) قبل بعثة النبي محمد ﷺ.
* سلم عليكم: أي قالوا لكم عبارة التحية، والتي قد تكون "السلام عليكم" أو ما يشبهها بلغتهم.
* فقولوا: وعليكم: أي فردوا عليهم بقولكم: "وعليكم". وهي جملة مختصرة من الدعاء، وأصلها "وعليكم السلام"، ولكن جاء النص باختصارها في حقهم.

ثانياً. شرح الحديث:


يخبرنا الصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي ﷺ علّم أصحابه كيف يردون على تحية أهل الكتاب من اليهود والنصارى.
السياق والسبب:
كان المسلمون في المدينة يلتقون بأهل الكتاب، وكان هؤلاء يحيون المسلمين أحياناً بقولهم "السَّامُ عَلَيْكُمْ" (والسام يعني الموت)، أو يختصرون التحية قاصدين حرمان المسلمين من بركة السلام الكاملة. فسأل الصحابة النبي ﷺ عن كيفية الرد عليهم، فأمرهم ﷺ أن يردوا بقول "وَعَلَيْكُمْ" فقط.
المعنى والحكمة:
1- الرد بالمثل دون زيادة: الأمر بالرد بقول "وعليكم" هو رد بالمعنى العام للتحية، ولكنه يحرمهم من فضيلة الدعاء بالسلام الكامل (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) الذي هو تحية أهل الجنة. وهذا من عدل الإسلام، حيث أمر بالمعاملة بالمثل دون ظلم أو عدوان. فإذا دعوا علينا بالموت، نرد بالمثل دون أن ندعو عليهم بالشر صراحة، بل ندعو بأن يعود ما قالوه عليهم.
2- المحافظة على خصوصية التحية الإسلامية: السلام بصورته الكاملة ("السلام عليكم ورحمة الله وبركاته") هو تحية خاصة بأهل الإسلام، وميزة لهم. فليس من اللائق أن نمنح هذه التحية المباركة - التي هي دعاء بالأمن والرحمة والبركة - لمن لا يؤمن بها أو قد يستخدمها بسوء نية.
3- الفرق بين المعاملة الحسنة والتشبه: يأمر الإسلام بالعدل والإحسان إلى غير المسلمين الذين لا يعادون المسلمين، ولكن هذا لا يعني الذوبان فيهم أو التشبه بهم في عباداتهم وخصائصهم. فتفصيل رد التحية بهذه الصورة يوضح هذا الفرق بوضوح.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- الحكمة في معاملة غير المسلمين: الإسلام دين واقعي، يأمر بالبر والقسط مع غير المسلمين، ولكنه في نفس الوقت حريص على هوية المسلم وتميزه، فلا يذوب في الآخرين.
2- العدل في الرد: فالمسلم مأمور بالعدل حتى في مجال الكلام والرد على التحية، فيرد بالمثل دون زيادة أو نقصان بقصد الإساءة.
3- عدم التشبه بغير المسلمين: النهي عن بدء أهل الكتاب بتحية السلام الكاملة، والاقتصار على "وعليكم" عند الرد، هو من باب سد الذرائع ومنع التشبه بهم في خصائصهم.
4- الحفاظ على قدسية التحية الإسلامية: إن تحية السلام لها منزلة عظيمة في الإسلام، فهي اسم من أسماء الله تعالى، وهي تحية أهل الجنة، فيجب صيانتها وعدم إهدارها بإطلاقها على كل أحد.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


* هذا الحكم (الرد بـ "وعليكم") خاص بأهل الكتاب (اليهود والنصارى) ومن في حكمهم من الكفار غير المحاربين.
* أما بدء غير المسلم بالسلام الكامل ("السلام عليكم ورحمة الله وبركاته") فذهب جمهور العلماء إلى كراهته، واستدلوا بحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: «لا تبدأوا اليهود ولا النصارى بالسلام...». رواه مسلم.
* يستحب إذا مر المسلم بغير المسلمين أن يبدأهم بتحية غير السلام، مثل "صباح الخير" أو "أهلاً" أو ما شابه ذلك، فهذا من حسن الخلق والمعاملة.
* الفقه في هذه المسألة يدل على دقة التشريع الإسلامي ومرونته، حيث يجمع بين الدعوة إلى الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة، والحفاظ على كيان الأمة وتميزها.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الاستئذان (٦٢٥٨)، ومسلم في السلام (٢١٦٣: ٦) من طرق عن هشيم، أخبرنا عبيد الله بن أبي بكر بن أنس، عن جده أنس بن مالك .. فذكره. ورواه مسلم (٢١٦٣: ٧) من طرق عن شعبة، عن قتادة عن أنس .. فذكر باللفظ الثاني.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب

معلومات عن حديث: قولوا: وعليكم

  • 📜 حديث: قولوا: وعليكم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: قولوا: وعليكم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: قولوا: وعليكم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: قولوا: وعليكم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب