حديث: لا تذرون منه درهما

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

فداء العباس بن عبد المطلب

عن أنس أن رجالًا من الأنصار استأذنوا رسول الله ﷺ فقالوا: ائذن لنا فلنترك لابن أختنا عباس فداءه، قال: «والله لا تذرون منه درهمًا».

صحيح: رواه البخاري في المغازي (٤٠١٨) عن إبراهيم بن المنذر، حدثنا محمد بن فليح،
عن موسى بن عقبة، قال ابن شهاب: حدثنا أنس فذكره.

عن أنس أن رجالًا من الأنصار استأذنوا رسول الله ﷺ فقالوا: ائذن لنا فلنترك لابن أختنا عباس فداءه، قال: «والله لا تذرون منه درهمًا».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الشريف رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو حديث صحيح ثابت عن أنس بن مالك رضي الله عنه، وسأشرحه لك بفضل الله على النحو التالي:

أولاً. شرح المفردات:


● الأنصار: هم أهل المدينة المنورة الذين ناصروا رسول الله ﷺ وآووه.
● استأذنوا: طلبوا الإذن والإجابة.
● ائذن لنا: اسمح لنا.
● فلنترك لابن أختنا عباس: أي أن ندع ونترك فداء عمنا العباس بن عبد المطلب (كان أسيراً في بدر) من أجل ابن أختنا (وهو النبي ﷺ، لأن أم النبي ﷺ من بني النجار وهم أخوال أنس).
● فداءه: المال الذي يُدفع لإطلاق أسير.
● لا تذرون: لا تتركون.
● درهمًا: أصغر وحدة من الفضة في ذلك الوقت، والمراد هنا أي قدر من المال.

ثانياً. شرح الحديث:


يخبرنا أنس بن مالك رضي الله عنه أن مجموعة من رجال الأنصار جاءوا إلى النبي ﷺ بعد غزوة بدر، وكان العباس بن عبد المطلب (عم النبي ﷺ) قد أُسر فيها. وكانت القاعدة أن الأسير يمكن فداؤه بمال.
فقال الأنصار للنبي ﷺ: نريد أن نترك فداء العباس (أي نتنازل عن حصتنا من المال الذي سيدفعه لفك أسره) كهدية منا لك يا رسول الله، لأنك ابن أختنا (بمعنى أنك منا ونحن نحبك).
فأجابهم النبي ﷺ قائلاً: «والله لا تذرون منه درهمًا»، أي: أقسم بالله أنكم لن تتركوا ولا درهماً واحداً من هذا المال (لن تتخلوا عن حقكم فيه).

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- عدل النبي ﷺ وإنصافه: رغم أن هذا المال كان سيكون هدية له شخصياً من قوم يحبونه، إلا أنه رفض أن يأخذ شيئاً من مال الغنائم العام الذي يجب أن يُقسّم بالعدل بين جميع المسلمين. وهذا أعظم دليل على أمانته ﷺ وعدله.
2- قدسية المال العام: علمنا النبي ﷺ أن المال العام (غنائم الحرب، أموال الدولة) له حرمة عظيمة، ولا يجوز لأحد أن يأخذ منه ولو قليلاً دون حق واضح، حتى ولو كان النبي نفسه.
3- رفض المجاملة في الحقوق: رفض ﷺ مجاملة الأنصار وحبهم له على حساب الحق العام، فالحق ثابت لا يتغير بالمحبة والمشاعر.
4- الحكمة في القيادة: بيّن النبي ﷺ أن القائد العادل يجب أن يضع الحدود الواضحة بين مشاعره الشخصية ومسؤوليته العامة، فلا تتدخل إحداهما في الأخرى.
5- التأدب مع النبي ﷺ: ردّ النبي ﷺ عليهم بلطف وحكمة، فلم يعنفهم على طلبهم، بل أقسم ليبين أهمية الأمر ويؤكده لهم.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث هو أصل من أصول الحوكمة والشفافية في المال العام في الإسلام.
- العباس بن عبد المطلب كان قد أُسر في غزوة بدر وهو على كفره آنذاك، ثم أسلم بعد ذلك وحسن إسلامه.
- الفداء الذي طُلِب من العباس كان كبيراً بسبب مكانته وغناه.
- هذا الموقف يعلم المسلمين، وخاصة الحكام والمسؤولين، أن المسؤولية أمانة، وأن المحاباة أو المجاملة في أموال الناس وأحقاقهم من أعظم الخيانة.
أسأل الله أن يفقهنا في سنّة نبيه ﷺ وأن يعلمنا ما ينفعنا.
والله أعلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في المغازي (٤٠١٨) عن إبراهيم بن المنذر، حدثنا محمد بن فليح،
عن موسى بن عقبة، قال ابن شهاب: حدثنا أنس فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 284 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا تذرون منه درهما

  • 📜 حديث: لا تذرون منه درهما

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لا تذرون منه درهما

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لا تذرون منه درهما

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لا تذرون منه درهما

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب