حديث: وصية النبي للرماة في غزوة أحد بعدم ترك مواقعهم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب عدد المشركين الذين قُتِلوا وأُسِروا في بدر

عن أبي إسحاق قال: سمعت البراء بن عازب ﵄ يحدّث قال: جعل النَّبِي ﷺ على الرجالة يوم أحد - وكانوا خمسين رجلًا - عبد الله بن جبير، فقال: «إنَّ رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحوا مكانكم هذا حتَّى أرسل إليكم، وإن رأيتمونا هزمنا القوم وأوطأناهم فلا تبرحوا حتَّى أرسل إليكم»، فهزموهم، قال: فأنا والله رأيت النساء يشددن قد بدت خلاخلهن وأسوقهن، رافعات ثيابهن، فقال أصحاب ابن جبير: الغنيمة أي قوم الغنيمة، ظهر أصحابكم فما تنتظرون؟ فقال عبد الله بن جبير: أنسيتم ما قال لكم رسول الله ﷺ؟ قالوا: والله لنأتين الناس فلنصيبن من الغنيمة فلمّا أتوهم صرفت وجوههم، فأقبلوا منهزمين، فذاك إذ يدعوهم الرسول في أخراهم، فلم يبق مع النَّبِي ﷺ غير اثني عشر رجلًا، فأصابوا منا سبعين، وكان النَّبِي ﷺ وأصحابه أصاب من المشركين يوم بدر أربعين ومائة: سبعين أسيرًا، وسبعين قتيلا ... الحديث.

صحيح: رواه البخاري في الجهاد والسير (٣٠٣٩) عن عمرو بن خالد، حَدَّثَنَا زهير، حَدَّثَنَا أبو إسحاق (هو السبيعي) قال: سمعت البراء بن عازب يحدّث قال: فذكره.

عن أبي إسحاق قال: سمعت البراء بن عازب ﵄ يحدّث قال: جعل النَّبِي ﷺ على الرجالة يوم أحد - وكانوا خمسين رجلًا - عبد الله بن جبير، فقال: «إنَّ رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحوا مكانكم هذا حتَّى أرسل إليكم، وإن رأيتمونا هزمنا القوم وأوطأناهم فلا تبرحوا حتَّى أرسل إليكم»، فهزموهم، قال: فأنا والله رأيت النساء يشددن قد بدت خلاخلهن وأسوقهن، رافعات ثيابهن، فقال أصحاب ابن جبير: الغنيمة أي قوم الغنيمة، ظهر أصحابكم فما تنتظرون؟ فقال عبد الله بن جبير: أنسيتم ما قال لكم رسول الله ﷺ؟ قالوا: والله لنأتين الناس فلنصيبن من الغنيمة فلمّا أتوهم صرفت وجوههم، فأقبلوا منهزمين، فذاك إذ يدعوهم الرسول في أخراهم، فلم يبق مع النَّبِي ﷺ غير اثني عشر رجلًا، فأصابوا منا سبعين، وكان النَّبِي ﷺ وأصحابه أصاب من المشركين يوم بدر أربعين ومائة: سبعين أسيرًا، وسبعين قتيلا ... الحديث.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا الحديث العظيم الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه يحكي لنا جانباً من أحداث غزوة أحد، وهي من الغزوات التي فيها دروس وعبر عظيمة للأمة.

أولاً. شرح المفردات:


● الرَّجَّالة: هم الجنود المشاة الذين يقاتلون على أقدامهم، وهم هنا كانوا من الرماة.
● تَخْطَفُنَا الطَّيْرُ: كناية عن شدة القتل وكثرته، حتى تصير جثث القتلى طعاماً للطير.
● لا تَبْرَحُوا: لا تتحركوا من أماكنكم ولا تتركوا مواقعكم.
● أوْطَأْنَاهُمْ: هزمناهم هزيمة ساحقة ووطئناهم بأقدامنا، أي غلبناهم غلبة تامة.
● يُشَدِّدْنَ: يسرعن في المشي أو الهرب.
● خَلاخِلِهِنَّ: جمع خُلخال، وهو الحلية التي تلبسها المرأة في رجلها.
● صُرِفَتْ وُجُوهُهُمْ: انهزموا وولوا الأدبار.

ثانياً. شرح الحديث:


يحدثنا الصحابي الجليل البراء بن عازب رضي الله عنه عن حدث جسيم في غزوة أحد. فقد عين النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن جبير رضي الله عنه قائداً على مجموعة من خمسين رجلاً من الرماة المهرة، وأمرهم أن يبقوا في موقعهم على جبل يطل على ساحة المعركة (جبل الرماة)، لحماية ظهور المسلمين من أي التفاف من قبل المشركين.
وأوصاهم النبي صلى الله عليه وسلم وصية واضحة وصارمة:
1- إن رأيتم أننا قتلنا حتى أصبحت جثثنا طعاماً للطير: فلا تتركوا مواقعكم.
2- وإن رأيتم أننا هزمنا العدو ووطئناه: فلا تتركوا مواقعكم حتى آذن لكم.
لقد كان هذا الموقف اختباراً صعباً للطاعة والانضباط العسكري. بدأت المعركة بانتصار المسلمين، وولى المشركون الأدبار، وبدأ بعض الصحابة يجمعون الغنائم.
هنا ظهر الاختبار الحقيقي: انظر إلى قوة النفس البشرية وحب الدنيا!
نادى بعض رماة الجبل (أصحاب عبد الله بن جبير) قائلين: "الغنيمة! الغنيمة! لقد انتصر إخوانكم، فما الذي تنتظرونه؟!" لكن القائد عبد الله بن جبير تذكر وصية النبي صلى الله عليه وسلم فنهاهم وأمرهم بعدم المخالفة.
لكن غلب حب الدنيا (الغنيمة) على طاعة النبي صلى الله عليه وسلم في نفوس معظم الرماة، فتركوا مواقعهم مخالفين الأمر المباشر، إلا قلة قليلة ثبتت مع قائدها.
نتيجة هذه المخالفة الكارثية؟ استغل خالد بن الوليد (وكان لم يسلم بعد) فراغ موقع الرماة، فالتف بفرسانه على المسلمين من الخلف، فانقلبت موازين المعركة تماماً، وانهزم المسلمون، واستشهد منهم سبعون، وكان النبي صلى الله عليه وسلم في خطر عظيم، ولم يبق معه إلا اثنا عشر رجلاً.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- وجوب الطاعة للقيادة في الحرب والسلم: وكانت وصية النبي صلى الله عليه وسلم واضحة، والمخالفة أدت إلى مصيبة.
2- خطر حب الدنيا والغنيمة على القلب: فقد كانت الغنيمة هي الشاغل الذي caused ترك الأمر والموقع، قال تعالى: {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} [التوبة: 24].
3- الثبات على المبدأ وسط الضغوط: كما فعل عبد الله بن جبير والقلّة التي ثبتت معه، فهؤلاء هم الأبطال الحقيقيون.
4- أن النصر من الله تعالى: لا بالعدد والعدة فقط، بل بالتزام أمر الله ورسوله والتوكل عليه. عندما اتبع المسلمون الأمر انتصروا، وعندما خالفوا انهزموا.
5- الصبر على البلاء: فبعد الانتصار في بدر جاء اختبار أحد ليمحص المؤمنين، وليعلموا أن النصر ليس حليفهم دائماً إذا خالفوا الأمر.

رابعاً. معلومات إضافية:


- استشهد عبد الله بن جبير رضي الله عنه وأكثر من بقي معه في مكانهم،因为他们 ثبتوا حتى الموت طاعة لله ورسوله.
- الغزوة سميت "أحد" نسبة إلى الجبل الذي حدثت عنده.
- نزلت بعد الغزوة آيات من سورة آل عمران تشرح ما حدث وتذكر المسلمين بالعبرة والاتعاظ، مثل قوله تعالى: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ حَتَّىٰ إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 152].
أسأل الله أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يعيننا على طاعته وطاعة رسوله في السراء
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الجهاد والسير (٣٠٣٩) عن عمرو بن خالد، حَدَّثَنَا زهير، حَدَّثَنَا أبو إسحاق (هو السبيعي) قال: سمعت البراء بن عازب يحدّث قال: فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 276 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: وصية النبي للرماة في غزوة أحد بعدم ترك مواقعهم

  • 📜 حديث: وصية النبي للرماة في غزوة أحد بعدم ترك مواقعهم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: وصية النبي للرماة في غزوة أحد بعدم ترك مواقعهم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: وصية النبي للرماة في غزوة أحد بعدم ترك مواقعهم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: وصية النبي للرماة في غزوة أحد بعدم ترك مواقعهم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب