حديث: أطلقوا لها أسيرها وردوا الذي لها

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ممّن مُنّ عليه بغير فداء أبو العاص بن الربيع زوج بنت رسول الله ﷺ -

عن عائشة قالت: لما بعت أهل مكة في فداء أسراهم، بعثت زينب في فداء أبي العاص بمال، وبعثت فيه بقلادة لها، كانت عند خديجة، أدخلتها بها على أبي العاص، قالت: فلما رآها رسول الله ﷺ رق لها رقّة شديدة، وقال: «أرأيتم أن تطلقوا لها أسيرها، وتردّوا الذي لها؟» فقالوا: نعم، وكان رسول الله ﷺ أخذ عليه - أو وعده - أن يخلّي سبيل زينب إليه، وبعث رسول الله ﷺ زيد بن حارثة ورجلا من الأنصار، فقال: «كونوا ببطن (يأجج) حتى تمرّ بكما زينب، فتصحباها حتى تأتيا بها».

حسن: رواه أبو داود (٢٦٩٢) وأحمد (٢٦٣٦٢) وابن الجارود (١٠٩٠) والحاكم (٣/ ٢٣ و٢٣٦ و٤/ ٤٤ - ٤٥) والبيهقي كلهم من طرق عن محمد بن إسحاق، حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه عباد، عن عائشة زوج النبي ﷺ فذكرته.

عن عائشة قالت: لما بعت أهل مكة في فداء أسراهم، بعثت زينب في فداء أبي العاص بمال، وبعثت فيه بقلادة لها، كانت عند خديجة، أدخلتها بها على أبي العاص، قالت: فلما رآها رسول الله ﷺ رق لها رقّة شديدة، وقال: «أرأيتم أن تطلقوا لها أسيرها، وتردّوا الذي لها؟» فقالوا: نعم، وكان رسول الله ﷺ أخذ عليه - أو وعده - أن يخلّي سبيل زينب إليه، وبعث رسول الله ﷺ زيد بن حارثة ورجلا من الأنصار، فقال: «كونوا ببطن (يأجج) حتى تمرّ بكما زينب، فتصحباها حتى تأتيا بها».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين.
أما بعد، فإليكم شرح هذا الحديث النافع الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:

أولاً. شرح المفردات:


● بعت أهل مكة في فداء أسراهم: أي تفاوضت معهم على فداء أسرى بدر بالمال.
● فداء أبي العاص: أبو العاص هو زوج زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم قبل الإسلام.
● قلادة لها: قلادة من الجواهر أو الذهب.
● رق لها رقة شديدة: تأثر وتحركت مشاعره.
● بطن يأجج: موضع قرب مكة.

ثانيًا. شرح الحديث:


يحدثنا هذا الحديث عن موقف إنساني عظيم بعد غزوة بدر، حيث أسر المسلمون عددًا من كفار قريش، فجاءت زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم -وكانت لا تزال في مكة- لتفدي زوجها أبا العاص بن الربيع الذي كان من الأسرى، وكان أبو العاص لم يسلم بعد.
أرسلت زينب مالًا للفداء، وأرسلت معه قلادة كانت هدية من أمها خديجة رضي الله عنها لها عند زواجها. فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم هذه القلادة، تذكر زوجته خديجة وما كان بينهما من حب ووفاء، وتذكر ابنته زينب التي فارقها بسبب الهجرة، فتحركت مشاعره الشريفة ورَقَّ لها رقة شديدة.
فقال للصحابة: "أرأيتم أن تطلقوا لها أسيرها، وتردوا الذي لها؟" أي هل توافقون على إطلاق أسيرها ورد المال والقلادة لها؟ فوافق الصحابة رضي الله عنهم على ذلك.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أخذ على أبي العاص عهدًا بأن يخلي سبيل زينب لتهاجر إلى المدينة. ثم أرسل النبي صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة ورجلاً من الأنصار لاستقبالها وحمايتها حتى تصل إلى المدينة بأمان.

ثالثًا. الدروس المستفادة:


1- الرحمة والشفقة من صفات النبي صلى الله عليه وسلم: حيث تأثر لرؤية قلادة خديجة وتحنن على ابنته.
2- قوة العلاقة الزوجية بين النبي وخديجة: حيث بقي ذكرها عنده حتى بعد وفاتها.
3- احترام مشاعر النساء والوفاء لهن: حيث استجاب لطلب ابنته وأعطاها أكثر مما طلبت.
4- مشروعية الفداء في الأسرى: وهو من أحكام الحرب في الإسلام.
5- حسن المعاملة بين المسلم وغير المسلم: حيث عامل أبو العاص معاملة كريمة وهو لم يسلم بعد.
6- قيمة الوفاء بالعهد: حيث طلب النبي من أبي العاص أن يفي بعهده بإرسال زينب.

رابعًا. معلومات إضافية:


- أسلم أبو العاص بعد ذلك وهاجر إلى المدينة، فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنكاح جديد.
- القلادة كانت ذكرى عاطفية ترمز لحب النبي لخديجة ووفائه لها.
- هذا الموقف يدل على أن الإسلام لا يمنع الرحمة والإنسانية حتى في أوقات الحرب.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٢٦٩٢) وأحمد (٢٦٣٦٢) وابن الجارود (١٠٩٠) والحاكم (٣/ ٢٣ و٢٣٦ و٤/ ٤٤ - ٤٥) والبيهقي كلهم من طرق عن محمد بن إسحاق، حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه عباد، عن عائشة زوج النبي ﷺ فذكرته. والسياق لأبي داود، وهو في سيرة ابن هشام (١/ ٦٥٣).
وإسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق، فإنه حسن الحديث إذا صرّح.
وقال الحاكم: حديث صحيح على شرط مسلم.
وممن مُنّ عليهم أيضًا بغير فداء: المطلب بن حنطب بن الحارث بن عبيدة بن عمر بن مخزوم، كان لبعض بني الحارث بن الخزرج فترك في أيديهم حتى خلّوا سبيله، فلحق بقومه.
وصيفي بن أبي رفاعة من بني مخزوم، ترك في أيدي أصحابه، فلما لم يأت أحد في فدائه أخذوا عليه ليبعثن إليهم بفدائه، فخلّوا سبيله، فلم يف لهم بشيء.
وأبو عزة وهو عمرو بن عبد الله بن عثمان بن أهيب بن حذافة بن جُمح كان محتاجًا ذا بنات،
فكلم رسول الله ﷺ فقال: يا رسول الله! لقد عرفت ما لي من مال، وإني لذو حاجة وذو عيال، فامنن علي، فمنّ عليه رسول الله ﷺ وأخذ عليه ألّا يظاهر عليه أحدًا فقال أبو عزة في ذلك يمدح رسول الله ﷺ:
من مبلغ عني الرسول محمدًا ... بأنك حق والمليك حميد
وأنت امرؤ تدعو إلى الحق والهدى ... عليك من الله العظيم شهيد
سيرة ابن هشام (١/ ٦٥٩ - ٦٦٠)

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 287 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أطلقوا لها أسيرها وردوا الذي لها

  • 📜 حديث: أطلقوا لها أسيرها وردوا الذي لها

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: أطلقوا لها أسيرها وردوا الذي لها

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: أطلقوا لها أسيرها وردوا الذي لها

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: أطلقوا لها أسيرها وردوا الذي لها

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب