حديث: ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب أنّ أوّل ما خلق اللَّهُ القلم وأمره أن يكتب مقادير كلِّ شيء حتّى تقوم السّاعة

عن عُبادة بن الصّامت أنّه قال لابنه: يا بني إنّك لن تجد طعم حقيقة الإيمان
حتى تعلم أنّ ما أصابك لم يكن ليُخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك. سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: «إنّ أول ما خلق اللَّه القلمَ، فقال له: اكتبْ. قال: ربِّ، ماذا أكتب؟ قال: اكتبْ مقادير كلِّ شيءٍ حتّى تقوم السّاعة». يا بني إنّي سمعتُ رسول اللَّه ﷺ يقول: «من مات على غير هذا فليس مني».

حسن: رواه أبو داود (٤٧٠٠) عن جعفر بن مسافر الهذليّ، حدّثنا يحيى بن حسّان، حدّثنا الوليد بن رباح، عن إبراهيم بن أبي عبلة، عن أبي حفصة، قال: قال عبادة بن الصّامت لابنه، فذكر الحديث.

عن عُبادة بن الصّامت أنّه قال لابنه: يا بني إنّك لن تجد طعم حقيقة الإيمان
حتى تعلم أنّ ما أصابك لم يكن ليُخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك. سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: «إنّ أول ما خلق اللَّه القلمَ، فقال له: اكتبْ. قال: ربِّ، ماذا أكتب؟ قال: اكتبْ مقادير كلِّ شيءٍ حتّى تقوم السّاعة». يا بني إنّي سمعتُ رسول اللَّه ﷺ يقول: «من مات على غير هذا فليس مني».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النافع العظيم:

الحديث بلفظه:


عن عُبادة بن الصامت رضي الله عنه أنه قال لابنه: "يا بُنَيَّ، إنَّك لَنْ تَجِدَ طَعْمَ حَقِيقَةِ الإيمَانِ حَتَّى تَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ. سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ القَلَمَ، فَقَالَ لَهُ: اكْتُبْ. قَالَ: رَبِّ، مَاذَا أَكْتُبُ؟ قَالَ: اكْتُبْ مَقَادِيرَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ». يَا بُنَيَّ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «مَنْ مَاتَ عَلَى غَيْرِ هَذَا فَلَيْسَ مِنِّي»."
رواه أبو داود وغيره، وهو حسن.


1. شرح المفردات:


* طعم حقيقة الإيمان: يشير إلى اللذة الروحية واليقين القلبي والاستقرار النفسي الذي يجده المؤمن عندما يصل إيمانه إلى درجة الصدق والإخلاص.
* ما أصابك: كل خير أو شر نالك من رزق، أو مرض، أو نجاح، أو خسارة.
* لم يكن ليخطئك: لم يكن ليتجاوزك ولا يصيبك، أي أنه مقدر لك لا محالة.
* ما أخطأك: ما فاتك ولم يحصل لك.
* لم يكن ليصيبك: لم يكن ليقع لك أبدًا، فهو غير مقدر لك.
* القلم: قلم القدر، وهو أول المخلوقات كما في هذا الحديث.
* مقادير كل شيء: تقديرات وأحكام كل ما سيحدث في الكون من خير وشر، وحياة وموت، ورزق وأجل، إلى نهاية العالم.
* من مات على غير هذا: من مات وهو جاحد لهذا الأصل العقدي (الإيمان بالقدر خيره وشره)، أو غير مؤمن به.
* فليس مني: أي بريء منه صلى الله عليه وسلم، لأنه أنكر أصلاً من أصول الإيمان، وهذا وعيد شديد على ترك الإيمان بالقدر.


2. المعنى الإجمالي للحديث:


يوصي الصحابي الجليل عبادة بن الصامت رضي الله عنه ابنه بنصيحة غالية، وهي أن يصل إيمانه إلى درجة يدرك فيها أن كل ما يحدث في هذا الكون من خير أو شر هو بقضاء الله وقدره الذي سبق به علمه وكتبه في اللوح المحفوظ. فما أصاب الإنسان من مصيبة أو نعمة لم يكن ليجاوزه، وما فاته من شيء لم يكن ليحصل له أبدًا.
ثم يستدل على هذه الحقيقة بقول النبي صلى الله عليه وسلم الذي يبين أن الله تعالى هو الذي خلق القدر وكتبه، حيث خلق القلم وأمره بكتابة مقادير كل شيء إلى يوم القيامة. ثم يحذر ابنه تحذيرًا شديدًا بأن من يموت وهو غير مؤمن بهذا الأصل (الإيمان بالقدر) فإنه بريء من هدي النبي صلى الله عليه وسلم وسنته، لأنه أنكر ركنًا من أركان الإيمان.


3. الدروس المستفادة والعبر:


1- الإيمان بالقدر ركن من أركان الإيمان: لا يكتمل إيمان العبد حتى يؤمن بقدر الله تعالى وقضائه، خيره وشره، حلوه ومره. وهذا الإيمان هو أحد أركان الإيمان الستة التي بينها النبي صلى الله عليه وسلم.
2- طمأنينة القلب وسكينته: الإيمان بالقدر يورث القلب طمأنينة عظيمة، فلا يقلق على ما فاته، ولا يجزع مما نزل به، لأنه يعلم أن ذلك بقدر الله. هذا هو "طعم حقيقة الإيمان".
3- التوكل على الله والاعتماد عليه: عندما يتيقن العبد أن الأرزاق والآجال بيد الله وحده، وأنها مقدرة، فإنه يتوجه بقلبه كله إلى الله تعالى، ويجتهد في الأسباب مع توكله على مسببها.
4- الرد على المشككين: الحديث يرد على من يسأل: لماذا يصيبني هذا؟ أو لماذا حُرِمْتُ كذا؟ الجواب: لأن الله قدره كذلك، وحكمته تعالى قد تخفى على العباد، والعبد المؤمن يسلم لأمر ربه.
5- التحذير من الجبر: الإيمان بالقدر لا يعني ترك الأسباب والاتكالية، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال للأعرابي الذي ترك ناقته متوكلاً: "اعقلها وتوكل". فالأخذ بالأسباب واجب، ولكن النتيجة بيد الله وقدره.
6- التربية الإيمانية: حرص الصحابة رضي الله عنهم على تربية أبنائهم على العقيدة الصحيحة منذ الصغر، كما فعل عبادة بن الصامت مع ابنه.
7- شدة وعظم إنكار القدر: الحديث فيه وعيد شديد لمن جحد القدر أو أنكره، حيث أن النبي صلى الله عليه وسلم تبرأ منه.


4. معلومات إضافية مفيدة:


* مراتب الإيمان بالقدر: والتي يجب على المسلم اعتقادها هي أربع:
1- العلم: الإيمان بأن الله تعالى علم كل شيء قبل حدوثه.
2- الكتابة: الإيمان بأن الله كتب هذه المقادير في اللوح المحفوظ.
3- المشيئة: الإيمان بأن كل ما happens happens بمشيئة الله تعالى النافذة.
4- الخلق: الإيمان بأن الله هو الخالق لكل شيء،包括 أفعال العباد.
* هذا الحديث يعد من الأحاديث الأساسية
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٤٧٠٠) عن جعفر بن مسافر الهذليّ، حدّثنا يحيى بن حسّان، حدّثنا الوليد بن رباح، عن إبراهيم بن أبي عبلة، عن أبي حفصة، قال: قال عبادة بن الصّامت لابنه، فذكر الحديث.
وإسناده حسن من أجل الكلام في جعفر بن مسافر شيخ أبي داود غير أنّه حسن الحديث، وقد توبع، وأبو حفصة هو حبيش بن شريح الحبشي، ويقال: أبو حفص الشّاميّ.
قال عبد الرحمن بن إبراهيم: أدرك عبادة، وحفظ عنه.
ذكره البخاريّ، وابن أبي حاتم، وابن حبان، وغيرهم من التابعين.
وذكره أبو نعيم من الصحابة وهو وهم منه، وثّقه ابن حبان، وروى عنه إبراهيم بن أبي عبلة، وعلي بن أبي حملة، قال فيه الحافظ في التقريب: «مقبول».
قال الأعظمي: وهو كذلك لكنه توبع، رواه الترمذيّ (٢١٥٥، ٣٣١٩) عن يحيى بن موسى، حدّثنا أبو داود الطّيالسيّ (٥٧٧)، حدّثنا عبد الواحد بن سليم، قال: قدمت مكة فلقيت عطاء بن أبي رباح، فقلت له: يا أبا محمد إنّ أهل البصرة يقولون في القدر، قال: يا بني أتقرأ القرآن؟ قلت: نعم. قال: فاقرأ الزخرف. قال: فقرأت: ﴿حم (١) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (٢) إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٣) وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ﴾ [سورة الزخرف: ١ - ٤] فقال: أتدري ما أمُّ الكتاب؟ قلت: اللَّه ورسوله أعلم. قال: فإنّه كتاب كتبه اللَّه قبل أن يخلق السماوات، وقبل أن يخلق الأرض، فيه إنّ فرعون من أهل النّار، وفيه تبَّتْ يدا أبي لهب وتبّ.
قال عطاء: فلقيتُ الوليد بن عبادة بن الصّامت صاحب رسول اللَّه ﷺ، فسألته ما كان وصية أبيك عند الموت؟ قال: دعاني أبي فقال لي: يا بني، اتقِ اللَّه، واعلمْ أنّك لن تتقي اللَّه حتى تؤمن باللَّه، ونؤمن بالقدر كلّه خيره وشرّه، فإن متَّ على غير ذلك دخلت النّار. إنّي سمعتُ رسول اللَّه ﷺ يقول: «إنّ أوّل ما خلق اللَّه القلم. فقال: اكتب. فقال: ما أكتب؟ قال: اكتب القدر ما كان وما هو كائن إلى الأبد».
قال الترمذيّ في الموضع الأول: «حديث غريب من هذا الوجه».
وقال في الموضع الثاني بعد ذكره الجزء المرفوع بدون القصّة: «حسن غريب، وفيه عن ابن عباس».
قال الأعظمي: فيه عبد الواحد بن سليم وهو ضعيف كما في التقريب، إلّا أنّ لهذا الحديث طرقًا أخرى منها ما رواه الإمام أحمد (٢٢٧٠٥) عن أبي العلاء الحسن بن سوّار، حدّثنا ليث، عن معاوية، عن
أيوب بن زياد، حدّثني عبادة بن الوليد بن عبادة، قال: حدّثني أبي، قال: دخلت على عبادة وهو مريض، فذكر الحديث مع القصّة.
واللّيث هو ابن سعد، وأيوب بن زياد هو أبو زيد الحمصيّ، وثقه ابن حبان، وروى له جماعة فيكون في مرتبة «مقبول» عند الحافظ، وهو من رجال التعجيل. وله أسانيد أخرى أخرج منها ابن أبي عاصم في كتاب السنة، فصحّ قول الترمذيّ بأنه حسن كما صحّ قوله أيضًا بأنه غريب، لأنّ جميع أسانيده تدور على الوليد بن عبادة بن الصّامت وهو ثقة.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 965 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك

  • 📜 حديث: ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب