حديث: ما يعمل الناس اليوم ويكدحون فيه أشيء قضي عليهم ومضى فيهم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في أمر قد فُرغ منه، وكلٌّ مُيسَّر لما خُلق له

عن أبي الأسود الدّيليّ، قال: قال لي عِمران بن الحصين: أرأيتَ ما يعمل النّاسُ اليوم ويكدحون فيه أشيء فضي عليهم ومضى عليهم منْ قَدَرِ ما سَبَقَ أو فيما يستقبلون به مما أتاهم به نبيُّهم وثَبتَتِ الحُجَّةُ عليهم؟ فقلت: بلْ شيءٌ قُضِيَ عليهم ومضى عليهم. قال: فقال: أفلا يكون ظُلْمًا؟ قال: ففزعتُ من ذلك فزعًا شديدًا، وقلتُ: كلّ شيءٍ خَلْقُ اللَّهِ ومِلْكُ يده فلا يُسألُ عمَّا يفعل وهم يُسْألون. فقال لي: يرحمك اللَّه، إنّي لَمْ أُرِدْ بما سألتك إلّا لأَحْزِر عَقْلَكَ. إنّ رجلين من مُزينة أتيا رسول اللَّه ﷺ فقالا: يا رسول اللَّه، أرأيت ما يعمل النّاس اليوم ويكدحون فيه أشيء قضي عليهم ومضى فيهم من قدر قد سبق أو فيما يستقبلون به مما أتاهم به نبيهم وثبتت الحجة عليهم؟ فقال: «لا بلْ شيء قُضي عليهم ومضى فيهم»، وتصديق ذلك في كتاب اللَّه عز وجل: ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (٧) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا﴾ [سورة الشمس: ٧ - ٨].

صحيح: رواه مسلمٌ في القدر (٢٦٥٠) عن إسحاق بن إبراهيم الحنظليّ، حدّثنا عثمان بن عمر،
حدّثنا عزْرة بن ثابت، عن يحيى بن عُقيل، عن يحيى بن يعمر، عن أبي الأسود الدِّيليّ، قال (فذكره).

عن أبي الأسود الدّيليّ، قال: قال لي عِمران بن الحصين: أرأيتَ ما يعمل النّاسُ اليوم ويكدحون فيه أشيء فضي عليهم ومضى عليهم منْ قَدَرِ ما سَبَقَ أو فيما يستقبلون به مما أتاهم به نبيُّهم وثَبتَتِ الحُجَّةُ عليهم؟ فقلت: بلْ شيءٌ قُضِيَ عليهم ومضى عليهم. قال: فقال: أفلا يكون ظُلْمًا؟ قال: ففزعتُ من ذلك فزعًا شديدًا، وقلتُ: كلّ شيءٍ خَلْقُ اللَّهِ ومِلْكُ يده فلا يُسألُ عمَّا يفعل وهم يُسْألون. فقال لي: يرحمك اللَّه، إنّي لَمْ أُرِدْ بما سألتك إلّا لأَحْزِر عَقْلَكَ. إنّ رجلين من مُزينة أتيا رسول اللَّه ﷺ فقالا: يا رسول اللَّه، أرأيت ما يعمل النّاس اليوم ويكدحون فيه أشيء قضي عليهم ومضى فيهم من قدر قد سبق أو فيما يستقبلون به مما أتاهم به نبيهم وثبتت الحجة عليهم؟ فقال: «لا بلْ شيء قُضي عليهم ومضى فيهم»، وتصديق ذلك في كتاب اللَّه ﷿: ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (٧) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا﴾ [سورة الشمس: ٧ - ٨].

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يفتح علينا من فضله وعلمه. هذا الحديث الذي ذكر حديث عظيم، فيه مسألة من أعظم مسائل العقيدة الإسلامية، وهي مسألة القدر والإرادة الإنسانية، وكيفية الجمع بين علم الله الأزلي وإرادة الإنسان واختياره.

أولاً. شرح مفردات الحديث:


● يكدحون فيه: يعملون ويجتهدون.
● أشيء قُضِيَ عليهم: هل أعمالهم مفروضة عليهم بقدر سابق لا خيار لهم فيه؟
● أم فيما يستقبلون به: أم أنهم يعملون بأختيارهم بناءً على ما جاءهم به النبي من الهدى والحجة.
● فَزِعْتُ: خفت وارتعت.
● لأَحْزِرَ عَقْلَكَ: لأختبر فهمك وعقلك.

ثانياً. المعنى الإجمالي للحديث:


يدور هذا الحديث حول سؤال جوهري: هل أعمال البشر التي يقومون بها هي نتيجة قدر سابق حتمي لا خيار لهم فيه، أم أنها نابعة من إرادتهم واختيارهم بعد أن قامت عليهم الحجة بالرسالة؟
1- الحوار الأول بين عمران بن الحصين وأبي الأسود الديلي: يسأل عمران أبا الأسود عن طبيعة أعمال الناس، فيجيب أبو الأسود بأنها بقدر سابق مفروض. ثم يرد عمران بسؤال استنكاري: "أفلا يكون ظلماً؟" أي إذا كان الإنسان مجبراً على فعله ثم يعاقب عليه، فكيف يعد هذا عدلاً؟ ففزع أبو الأسود وأدرك خطورة قوله، ورد بردّ العبد على ربه: "كل شيء خلق الله وملك يده، لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون". وهذا جواب صحيح من جهة إثبات абсолютية قدرة الله وحكمته، لكنه لم يجب على السؤال الأصلي.
2- بيان عمران بن الحصين والحكمة من سؤاله: هنا يبين عمران أنه كان يختبر فهم أبي الأسود فقط، ثم يروي له الجواب الصحيح من النبي صلى الله عليه وسلم.
3- الجواب النبوي الشريف: أجاب النبي صلى الله عليه وسلم على السؤال نفسه بأن أعمال الناس هي "شيء قضي عليهم ومضى فيهم"، أي أنها واقعية بحسب علم الله وقدره السابق الذي لا يخطئ. ولكنه صلى الله عليه وسلم لم يترك الأمر عند هذا الحد، بل أستدل على هذه الإجابة بآية من القرآن توضح الصورة كاملة.
4- الدليل القرآني: استشهد النبي ﷺ بقوله تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [الشمس: 7-8]. وهذا هو مفتاح فهم القضية.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- إثبات القدر خيره وشره من الله تعالى: علم الله أزلي، وكتبه في اللوح المحفوظ، ومشيئته نافذة، وخلقه للكون والأفعال واقع بحسب علمه. فكل شيء بقدر.
2- إثبات إرادة الإنسان واختياره ومسؤوليته: الآية التي استدل بها النبي ﷺ توضح أن الله *ألهم* النفس، أي أعطاها وميزها وهداها إلى طريق الفجور وطريق التقوى. فالإنسان لديه القدرة على الاختيار بين هذين الطريقين، وهو الذي سيمسك بزمام أمره towards one of them. لذلك فهو محاسب على اختياره. {فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا} [يونس: 108].
3- العدل الإلهي المطلق: سؤال عمران "أفلا يكون ظلماً؟" هو سؤال ينفي الظلم عن الله تعالى. والجواب النبوي يبين أن النظام ليس ظلماً، لأن الله لم يجبر عبداً على معصية ثم يعذبه عليها، بل أعطاه الأداة (الإلهام والتمييز) والإرادة والاختيار، فاختار هو بنفسه طريق الضلال. فالعبد هو الفاعل حقيقةً لعمله بكسبه وإرادته، وهذا العمل واقع لا محالة في علم الله وقدره.
4- الحكمة من الخلق والابتلاء: الحياة دار اختبار وامتحان، ليميز الله الخبيث من الطيب، والمؤمن من الكافر، بناءً على اختيار كل إنسان وحريته.
5- أدب طلب العلم والمناقشة: طريقة عمران بن الحصين في السؤال لاختبار عقل أبي الأسود وتعليمه، من أدب رفيع في نقل العلم والحكمة.
6- الرد على المشككين: هذا الحديث هو أفضل جواب على من يشكك في عدل الله بسبب مسألة القدر. فهو يوضح أن القدر الحتمي لا ينافي العدل، لأن العدل هو وضع الشيء في موضعه، وقد أعطى الله العبد كل ما يحتاج ليهتدي واختار هو الضلال.

رابعاً. خلاصة الأمر:


العقيدة الصحيحة التي عليها أهل السنة والجماعة هي الإيمان بالقدر مع الإيمان بمسؤولية الإنسان. فنقول:
- الله تعالى خالق كل شيء، وهو عليم بما سيكون وقدره نافذ.
- الإنسان يفعل أفعاله بكسبه واختياره وإرادته، وهو محاسب عليها.
- علم الله السابق بالأشياء لا يجبر الإنسان على فعلها، بل هو يعلم ما سيفعله الإنسان بكامل إرادته.
فهما حقيقتان متلازمتان: قدرة الله المطلقة، ومسؤولية الإنسان المحدودة. والجمع بينهما هو سر هذا الابتلاء الذي نحن فيه
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلمٌ في القدر (٢٦٥٠) عن إسحاق بن إبراهيم الحنظليّ، حدّثنا عثمان بن عمر،
حدّثنا عزْرة بن ثابت، عن يحيى بن عُقيل، عن يحيى بن يعمر، عن أبي الأسود الدِّيليّ، قال (فذكره).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 989 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ما يعمل الناس اليوم ويكدحون فيه أشيء قضي عليهم ومضى فيهم

  • 📜 حديث: ما يعمل الناس اليوم ويكدحون فيه أشيء قضي عليهم ومضى فيهم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ما يعمل الناس اليوم ويكدحون فيه أشيء قضي عليهم ومضى فيهم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ما يعمل الناس اليوم ويكدحون فيه أشيء قضي عليهم ومضى فيهم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ما يعمل الناس اليوم ويكدحون فيه أشيء قضي عليهم ومضى فيهم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب