حديث: أخر الكلام في القدر لشرار هذه الأمة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب النّهي عن الكلام والمخاصمة والخوض في القدر

عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «أُخِّر الكلام في القدر لشرار هذه الأمّة».

حسن: رواه ابن أبي عاصم في «السنة» (٣٥٠) عن الحسن بن علي، ثنا أبو عاصم، عن عنبة، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، فذكره.

عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «أُخِّر الكلام في القدر لشرار هذه الأمّة».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
الحديث الذي تفضلت بطلبه هو حديث عظيم الشأن، يحذر من الخوض في مسألة القدر بغير علم، وهاك شرحه على النحو التالي:
### أولاً. تخريج الحديث ومصدره
هذا الحديث رواه الإمام الطبراني في "المعجم الكبير"، والإمام اللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة"، وهو من الأحاديث التي تعددت طرقها ويشد بعضها بعضًا.

### ثانياً. شرح المفردات
* «أُخِّر»: بمعنى جُعل متأخرًا، أي أن الحديث عنه وتعمق الخوض فيه بدون دليل صحيح سيحدث في آخر الزمان.
* «الكلام في القَدَر»: المقصود به الجدال والمراء والخصومة في مسألة القضاء والقدر، والخوض فيها بغير علم، وإنكارها أو الطعن فيها.
* «لِشِرَارِ هَذِهِ الأُمَّةِ»: أي أن هذا الفعل سيكون من صفات أسوأ الناس وأردئهم في هذه الأمة الإسلامية، وهم الذين يتبعون الأهواء وينكرون الحق.

### ثالثاً. المعنى الإجمالي للحديث
يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن الخوض الجدلي في مسألة القدر، والتنازع فيها، والكلام فيها بغير علم مستند إلى الكتاب والسنة، هو من علامات سوء حال المتكلم، وأن هذا الفعل سيكون شائعًا بين شرار الخلق في آخر الزمان. فهو ليس مدحًا للكلام في القدر، بل تحذير شديد منه إلا بالضوابط الشرعية.

### رابعاً. الدروس المستفادة والفَوائد العِلمية
1- التحذير من الخوض في القدر بغير علم: الحديث تحذير صريح من التجرؤ على الكلام في مسألة القدر التي هي من أعظم أمور الغيب، والتي يجب فيها الوقوف عند النصوص دون تعمق عقلي مجرد أو جدال.
2- بيان عقيدة أهل السنة والجماعة في القدر: وهي الإيمان بقضاء الله وقدره خيره وشره، مع الإيمان بأن للعبد إرادة واختيارًا، لكنها تحت مشيئة الله تعالى، كما قال الله عز وجل: (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) [التكوير: 29]. والإيمان بالقدر على مراتبه الأربعة: العلم، والكتابة، والمشيئة، والخلق.
3- ذم الجدال والمراء في الدين: الحديث يذم طريقة الجدال والخصومة في أمور الدين، وخاصة الغيبيات منها، لأنها تورث الشك والفرقة.
4- أن السكوت عما أشكل من أمور الغيب هو السلامة: منهج السلف الصالح كان الإيمان بالنصوص كما جاءت، والتوقف عندها، وترك الخوض في كيفياتها، وهذا هو سبيل النجاة.
5- معرفة علامات الساعة الصغرى: حيث يعد ظهور من يتكلمون في القدر ويتجرؤون على الله بالاعتراض على حكمته من علامات آخر الزمان واقتراب الساعة.


خامساً:

معلومات إضافية مفيدة
* لماذا يُعتبر الكلام في القدر بهذه الخطورة؟
لأنه يتعلق بذات الله تعالى وحكمته، والخوض فيه بغير علم يؤدي إلى الشك في عدل الله وحكمته، وإلى اتهام الشرع بالتناقض، وإلى التكاسل عن العمل بحجة أن كل شيء مقدور. وقد حصلت بسبب ذلك فتن عظيمة في تاريخ الأمة، مثل بدعة القدرية (الذين ينكرون القدر) والجبرية (الذين ينكرون فعل العبد واختياره).
* ما هو موقف المسلم الصحيح من القدر؟
أن يؤمن به إيمانًا جازمًا، ويوقن أن كل شيء بقضاء الله وقدره، مع الأخذ بالأسباب والاجتهاد في فعل الخير واجتناب الشر، والاستسلام لحكمة الله تعالى في قدره.
أسأل الله تعالى أن يرزقنا الفقه في الدين، وأن يجنبنا الزلل في القول والعمل، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن أبي عاصم في «السنة» (٣٥٠) عن الحسن بن علي، ثنا أبو عاصم، عن عنبة، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، فذكره.
وفي الإسناد عنبسة وهو ابن عمرو، وقيل هو ابن مهران الحداد ترجمه العقيليّ في «الضعفاء» (١٤٠٣)، ونقل عن البخاريّ أنه لا يتابع على حديثه.
وعن العقيليّ نقل الحافظ ابن حجر في اللّسان (٤/ ٣٨٤).
ومن طريقه رواه البزار -كشف الأستار (٢١٧٨) -، والطبرانيّ في الأوسط (٥٩٠٩)، والحاكم (٢/ ٤٧٣)، والبيهقيّ في القضاء والقدر (٢/ ٧١٦).
قال الحاكم: «صحيح على شرط البخاريّ ولم يخرجاه».
وتعقبه الذهبي فقال: «عنبسة ثقة، ولكن لم يرويا له».
قال الأعظمي: عنبسة ليس من رجال البخاريّ، كما أنّه ليس بثقة، بل قال فيه أبو حاتم: منكر الحديث، وقال العقيليّ: عن الزهريّ يهم في حديثه. وقال البزّار: «لا نعلم رواه عن الزّهريّ إلّا عنبسة وهو لين الحديث، وقد تفرّد به عن الزّهريّ».
ولكن له طريق آخر رواه البزّار -الكشف (٢١٧٩) -، والعقيليّ في الضعفاء (١١٤٣)، والطبراني في الأوسط (٦٢٣٣) كلّهم من طريق عمر بن أبي خليفة، ثنا هشام -يعني ابن حسان-، عن محمد - يعني ابن سيرين، عن أبي هريرة، نحوه.
قال البزّار: «لا نعلم له طريقًا من جهة صحيحة غير هذا الطّريق، ولا رواه عن هشام إلّا عمرو».
وقال العقيليّ: «وهذا الحديث منكر»، وقال: «له رواية من غير هذا الوجه أيضًا ليّنة».
قال الأعظمي: مداره على عمر بن أبي خليفة قال فيه أبو حاتم: صالح الحديث. «الجرح والتعديل» (٦/ ١٠٦).
وقال عمرو بن علي: حدّثنا عمر بن أبي خليفة من الثقات، ذكره المزيّ في «تهذيبه».
وقول الحافظ في التقريب: «مقبول». بل الصّواب أن يقول «صدوق».
وقد قال الهيثمي في «المجمع» (٧/ ٢٠٢): «رجال البزّار في أحد الإسنادين رجال الصّحيح غير عمر بن أبي خليفة وهو ثقة».
وله طريق آخر: أخرجه العقيليّ في الضعفاء (١٤٠٣) عن إبراهيم بن يوسف، قال: حدّثنا سويد ابن سعيد، قال: حدّثنا الأغلب بن تميم، عن أبي خالد الخزاعيّ، عن الزّهريّ، قال: قال لي عمر ابن عبد العزيز: ردَّ على حديث النبيّ ﷺ في القدر، فقال: سمعتُ فلانًا الأنصاريّ يقول: سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: «أُخِّر الكلامُ في القدر لشرار هذه الأمّة في آخر الزّمان».
قال العقيليّ: «هذا أولى». وأورده الذّهبي في «الميزان» (٣/ ٣٠٢) من طريق سويد بن سعيد، به، مثله وقال: «فهذا أشبه».
قال الأعظمي: إذا ضُمّ هذا إلى ما قبله كان للحديث قوة وأصل، وإن كان الأغلب بن تميم قد تكلَّم فيه غيرُ واحد من أهل العلم.
وأمّا ما رُوي عن أبي هريرة، قال: خرج علينا رسول اللَّه ﷺ ونحن نتنازع في القدر، فغضب حتّى احمرَّ وجهه حتّى كأنّما فُقئَ في وَجْنتيه الرّمانُ، فقال: «أبهذا أُمرتُم؟ ! أبهذا أُرسلتُ إليكم؟ !،
إنّما هلك من كان قبلكم حين تنازعوا في هذا الأمر، عزمتُ عليكم ألّا تنازعوا فيه». فهو ضعيف.
رواه التّرمذيّ (٢١٣٣) عن عبد اللَّه بن معاوية الجمحيّ البصريّ، حدّثنا صالح المرّي، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، فذكر مثله.
قال الترمذيّ: «هذا حديث غريب لا نعرفه إلّا من هذا الوجه من حديث صالح المريّ، وصالح المريّ له غرائب ينفرد بها، لا يتابع عليها».
قال الأعظمي: وهو كما قال، فإنّ صالحًا المريّ هو ابن بشير بن وادع أبو بشر البصريّ القاضي الزّاهد، قال ابن معين: ضعيف، أو قال: ليس بشيء، وقال أحمد: صاحب قصص يقص على النّاس، ليس هو صاحب حديث ولا إسناد، ولا يعرف الحديث. وقال البخاريّ: منكر الحديث، وقال النسائيّ: متروك.
وقال ابن عدي في «الكامل»: «صالح لا يقبل في هشام بن حسان؛ لأنّه يروي عنه بأحاديث بواطيل».
وأدخله ابن حبان في المجروحين (٤٨٨)، وأخرج الحديث المذكور من طريقه. وقال: «كان من عُبّاد أهل البصرة وقرّائهم، وهو الذي يقال له: «صالح القاصّ، وكان من أحزن أهل البصرة صوتًا، وأرقهم قراءة، غلب عليه الخير والصلاح حتى غفل عن الإتقان في الحفظ، فكان يروي الشيء الذي سمعه من ثابت والحسن وهؤلاء على التوهم، فيجعله عن أنس، عن رسول اللَّه ﷺ. فظهر في روايته الموضوعات التي يرويها عن الأثبات، واستحقّ التّرك عند الاحتجاج، وإن كان في الدّين مائلًا عن طريق الاعوجاج، وكان يحيى بن معين شديد الحمل عليه». انتهى.
قال الأعظمي: فمثله لا يكون شاهدًا الحديث عمرو بن شعيب.
وكذلك لا يصح ما رُوي عن أبي ذر قال: «خرج رسول اللَّه ﷺ على أصحابه وهم يتذاكرون شيئًا من القدر، فخرج مُغضبًا كأنّما فُقئ في وجهه حبّ الرمان، فقال: «أبهذا أُمرْتم؟، أو ما نُهيتُم عن هذا؟، إنّما هلكت الأمم قبلكم في هذا، إذا ذُكر القدر فأمْسكوا، وإذا ذُكر أصحابي فأمْسكوا، وإذا ذكرت النّجوم فأمْسكوا».
رواه ابن بطّة في الإبانة (١٢٧٥) عن أبي عبيد المحامليّ، قال: حدّثنا أبو غسان مالك بن خالد ابن أسد الواسطيّ، حدّثنا عثمان بن سعيد الخياط الواسطيّ، قال: حدّثنا الحكيم بن سنان، عن داود بن أبي هند، عن الحسن، عن أبي ذر، فذكره.
والحسن هو البصريّ مدلّس وقد عنعن. وفيه رجال لا أعرفهم.
وقد رُوي مثل هذا من حديث ابن مسعود، وثوبان، وابن عمر، وطاوس مرسلًا، وكلّها ضعيفة الأسانيد، قال ابن رجب: «رُوي من وجوه في أسانيدها كلّها مقال».
وكذلك لا يصح ما رُوي عن عائشة قالت: سمعتُ رسول اللَّه ﷺ يقول: «من تكلَّم في شيء من القدر سُئل عنه يوم القيامة، ومن لم يتكلّم فيه لم يُسأل عنه».
رواه ابن ماجه (٨٤) عن أبي بكر بن أبي شيبة، قال: حدّثنا مالك بن إسماعيل، قال: حدّثنا يحيى بن عثمان مولى أبي بكر، قال: حدّثنا يحيى بن عبد اللَّه بن أبي مليكة، عن أبيه، أنّه دخل على عائشة فذكر لها شيئًا من القدر، فقالت: سمعت رسول اللَّه ﷺ، فذكرت الحديث.
قال البوصيريّ في الزّوائد: «هذا إسناد ضعيف لاتفاقهم على ضعف يحيى بن عثمان، قال فيه ابن معين والبخاري وابن حبان: منكر الحديث، زاد ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به. ويحيى بن أبي مليكة قال فيه ابن حبان: يعتبر حديثه إذا روى عنه غير يحيى بن عثمان». انتهى.
قال الأعظمي: من هذا الوجه رواه أيضًا البيهقيّ في القضاء والقدر (٢/ ٧١٦) وقال: «هذا إسناد فيه ضعف».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 971 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أخر الكلام في القدر لشرار هذه الأمة

  • 📜 حديث: أخر الكلام في القدر لشرار هذه الأمة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: أخر الكلام في القدر لشرار هذه الأمة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: أخر الكلام في القدر لشرار هذه الأمة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: أخر الكلام في القدر لشرار هذه الأمة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب