حديث: إذا دخلت النطفة في الرحم أربعين ليلة أتى ملك النفس
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمّه وكتابة رزقه وأجله وعمله وشقاوته وسعادته
حسن: رواه عبد اللَّه بن وهب في «القدر» (٣٦) قال: أخبرني عبد اللَّه بن لهيعة، عن بكر بن سوادة الجذاميّ، عن أبي تميم الجيشانيّ، عن أبي ذر، فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه عن الصحابي الجليل أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، يفتح لنا نافذة على عالم الغيب وعظيم تقدير الله تعالى وقدرته في خلق الإنسان، وسأشرحه لك جزءًا جزءًا بمشيئة الله.
أولاً. شرح المفردات:
● النطفة: هي قطرة الماء (المني) التي يخلق منها الإنسان.
● الرحم: مكان تكوين الجنين في بطن أمه.
● أتى ملك النفس: أي جاء الملك الموكل بتسجيل وتقدير أمور الخلق المتعلقة بالجنين.
● عرج: صعد وارتفع إلى السماء.
● يقضي الله ما هو قاض: أي يحكم الله بما يشاء ويقدر.
● أشقي أم سعيد: هل هو من أهل الشقاوة والخسران أم من أهل السعادة والفلاح.
● يكتب بين عينيه ما هو لاق: أي يكتب ما سيصير إليه أمره من شقاء أو سعادة.
ثانيًا. المعنى الإجمالي للحديث:
يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن النطفة بعدما تستقر في رحم الأم، تمر بمراحل خلق متعددة. وبعد مرور أربعين ليلة (أي أربعين يومًا) يأتي ملك موكل من عند الله، فيصعد إلى السماء ويستأذن ربه، ليسأله عن قدر هذا المخلوق الجديد: هل سيكون ذكرًا أم أنثى؟ فيقدر الله ذلك. ثم يسأل الملك: أي رب، هل سيكون شقيًا أم سعيدًا؟ فيقضي الله تعالى بما سبق في علمه، فيأمر الملك بكتابة هذا القضاء بين عيني الجنين (في عالم الغيب)، فيصير هذا المكتوب هو قدره الذي لا مفر منه.
وقول أبي ذر رضي الله عنه: "وتلا من فاتحة التغابن خمس آيات" إشارة منه إلى قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [التغابن: 2]، وما بعدها من آيات تتحدث عن خلق الإنسان وعلم الله الشامل وقدرته المطلقة.
ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:
1- عظمة قدرة الله وإحكام خلقه: الحديث يذكرنا بدقة مراحل خلق الإنسان وعظيم صنع الله، مما يوجب الشكر والعبادة للخالق عز وجل.
2- الإيمان بالقدر خيره وشره: الحديث من أعظم الأدلة على مراحل كتابة قدر الإنسان، وهو يؤصل عقيدة الإيمان بالقضاء والقدر، التي هي أحد أركان الإيمان الستة.
3- سعة علم الله تعالى: علم الله أزلي، يعلم ما كان وما سيكون قبل حدوثه، وهذا من كمال ذاته سبحانه.
4- التوكل والجد في العمل: لا يعني علم الله السابق أن نتواكل ونتكاسل، بل يجب على المسلم أن يجتهد في عمل الصالحات ويسعى لما فيه الخير، فهو لا يعلم ما كتب له، وعليه أن يأخذ بالأسباب مع التوكل على الله.
5- التفكر في خلق الله: الحديث يحثنا على التأمل في بداية خلقنا، لنستشعر نعمة الله علينا ونتوجه إليه بالعبادة والطاعة.
رابعًا. معلومات إضافية مفيدة:
- هذا الحديث يتكامل مع الآيات الكريمة التي تصف أطوار خلق الإنسان في سور مثل: المؤمنون، الحج، والغاشية.
- العلماء يستدلون بهذا الحديث على أن النفخ في الروح يكون بعد مرور أربعين يومًا على استقرار النطفة في الرحم، وهو ما يتوافق مع بعض الحقائق العلمية الحديثة التي تبين اكتمال التخلق الأساسي للجنين في هذه الفترة تقريبًا.
- هذا القدر المكتوب (أجل الإنسان، ورزقه، وشقي أم سعيد) هو ما يسمى "القدر المكتوب في اللوح المحفوظ"، وهو لا يتغير.
أسأل الله تعالى أن يرزقنا الإيمان الكامل بقضائه وقدره، وأن يكتبنا من عباده السعداء في الدنيا والآخرة.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تخريج الحديث
وإسناده حسن من أجل الكلام في ابن لهيعة غير أنه حسن الحديث إذا روى عنه أحد العبادلة منهم ابن وهب.
ورواه أيضًا الدّارميّ في الرّد على الجهميّة (٩٤) عن عمرو بن خالد الحرّانيّ، ثنا ابن لهيعة، بإسناده، مثله.
ولكن رواه ابن بطّة في «الإبانة» (١٤١٧) من طريق ابن وهب.
والفريابي في «القدر» (١٢٣) عن قتيبة بن سعيد - كلاهما عن ابن لهيعة بإسناده موقوفًا على أبي ذرّ.
فهل هذا الخلاف يعود إلى ابن لهيعة لأنه اختلط بعد احتراق كتبه أم وقع خطأ في رواية ابن بطّة، فإنّ كلَّ مَنْ رواه من طريق ابن وهب رفعه.
وقد أورده أيضًا الحافظ ابن القيم في «شفاء العليل» (١/ ١٠١) عن ابن وهب مرفوعًا، وهو المعتمد.
وفي الباب ما رُوي عن عائشة مرفوعًا: «إنّ اللَّه تبارك وتعالى حين يريد أن يخلق الخلق، يبعث ملكًا، فيدخل الرَّحم، فيقول: يا ربّ ماذا؟ فيقول: غلام أو جارية، أو ما شاء اللَّه أن يخلق في الرّحم. فيقول: أي ربّ أشقي أم سعيد؟ فيقول: شقي أو سعيد، فيقول: يا ربّ، ما أجله ما خلائقُه؟ فيقول: كذا وكذا. فيقول: يا ربّ ما رزقه؟ فيقول: كذا وكذا. فيقول: ما خُلُقه ما خلائقُه؟ فما من شيء إلّا وهو يخلق معه في الرّحم».
رواه البزّار -كشف الأستار (٢١٥١) - عن محمد بن المثنى، ثنا أبو عامر، ثنا الزبير بن عبد اللَّه، حدّثني جعفر بن مصعب، قال: سمعت عروة بن الزبير، يحدّث عن عائشة، فذكرتْ مثله.
ورواه اللالكائيّ في «أصول الاعتقاد» (١٠٥٣) من وجه آخر عن أبي عامر بإسناده، مثله.
وفيه جعفر بن مصعب وهو ابن الزبير بن العوّام لم يرو عنه إلّا الزّبير بن عبد اللَّه كما ذكره ابن حبان في «الثقات» (٦/ ١٣٣) فهو «مجهول». ولذا قال فيه الذهبي في الميزان (١/ ٤١٧): «لا يُدرى من هو؟» أي لا يدرى حاله، وتساهل فيه الحافظ الهيثمي فقال في «المجمع» (٧/ ١٩٣): «رواه البزّار، ورجاله ثقات». اعتمادًا على توثيق ابن حبان له.
الرّاوي عنه الزبير بن عبد اللَّه هو ابن رهيمة الأمويّ، روى عنه العقديّ وابن المبارك. وقال فيه أبو حاتم: صالح الحديث. وأدخله ابن حبان في «ثقاته» (٦/ ٣٣٢) فهو صالح الحديث، ويُقبل في المتابعات، ولذا قال فيه الحافظ: «مقبول».
وفي الباب أيضًا عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، رواه ابن وهب في القدر (٤٥)، وعنه ابن بطّة في الإبانة (١٤١٨).
ورواه الفريابي في القدر (١٤٦) عن سعيد بن أبي مريم - كلاهما (أعني ابن وهب وابن أبي مريم) عن ابن لهيعة، عن كعب بن علقمة، عن عيسى بن هلال، عن عبد اللَّه بن عمرو، موقوفًا عليه. وإسناده حسن غير أنه موقوف.
ورُوي أيضًا عن جابر مرفوعًا. رواه أحمد (١٥٢٦٩) عن أحمد بن عبد الملك، حدّثنا الخطّاب ابن القاسم، عن خُصيف، عن أبي الزّبير، عن جابر، فذكره.
ورواه الفريابي في القدر (١٤٣)، وابن بطّة في الإبانة (١٤٠٥) كلاهما من طريق خصيف، عن أبي الزبير به.
وخُصيف -بالتّصغير- وهو ابن عبد الرحمن الجزريّ، أبو عون أكثر أهل العلم على تضعيفه. قال ابن حبان: كان شيخًا صالحًا فقيهًا عابدًا إلّا أنّه كان يخطئ كثيرًا فيما يروي، فيتفرّد عن المشاهير بما لا يتابع عليه، وهو صدوق في روايته».
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 979 من أصل 1075 حديثاً له شرح
- 954 يُبعثُ كلُّ عبد على ما مات عليه
- 955 من مات على مرتبة من هذه المراتب بُعث عليها
- 956 يُبعث كل عبد على ما مات عليه المؤمن على إيمانه...
- 957 تؤمن بالبعث وتؤمن بالقدر كله
- 958 لو أنفقت مثل أحد ذهبا في سبيل الله ما قبله...
- 959 لا يدخل الجنة عاق ولا مدمن خمر ولا مكذب بقدر
- 960 لا يؤمن عبد حتى يؤمن بأربع
- 961 لا يؤمن المرء حتى يؤمن بالقدر خيره وشره
- 962 ما بلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه...
- 963 العين حق وإذا استُغسلْتُم فأغسلوا
- 964 العين حق ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين
- 965 ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك
- 966 خلق القلم اول ما خلق الله وامره بكتابة كل شيء
- 967 أول ما خلق الله تعالى القلم
- 968 أول من تكلم في القدر معبد الجهني
- 969 جاء مشركو قريش يخاصمون رسول الله في القدر
- 970 تضربون القرآن بعضه ببعض بهذا هلكت الأمم قبلكم
- 971 أخر الكلام في القدر لشرار هذه الأمة
- 972 يكون في أمّتي مَسْخٌ وخَسْف وقَذْف، وذلك في أهل القدر
- 973 إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً
- 974 الشقي من شقي في بطن أمه والسعيد من وعظ بغيره
- 975 إن الله وكل بالرحم ملكا يقول: يا رب نطفة، يا...
- 976 يدخل الملك على النطفة بعدما تستقر في الرحم بأربعين ليلة
- 977 النطفة تقع في الرحم أربعين ليلة ثم يتصور عليها الملك
- 978 إذا أراد الله أن يخلق النسمة قال ملك الأرحام أذكر...
- 979 إذا دخلت النطفة في الرحم أربعين ليلة أتى ملك النفس
- 980 الشقي من شقي في بطن أمه والسعيد من سعد في...
- 981 الشقي من شقي في بطن أمه
- 982 كتب في كتابه فهو عنده فوق العرش، إن رحمتي غلبت...
- 983 كان الله ولم يكن شيء غيره
- 984 مقادير الخلائق مكتوبة قبل خلق السماوات والارض بخمسين الف سنة
- 985 آيتان ختم بهما سورة البقرة لا يقرآن في دار ثلاث...
- 986 أما أهل السعادة فيُيَسرون لعمل السعادة
- 987 أيعرف أهل الجنة من أهل النار؟
- 988 العمل فيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير
- 989 ما يعمل الناس اليوم ويكدحون فيه أشيء قضي عليهم ومضى...
- 990 كل امرئ مهيأ لما خلق له
- 991 كل ميسر لما كتب له وعليه
- 992 اعملوا فكل ميسر لما خلق له
- 993 سألت الله لآجال مضروبة وأيام معدودة وأرزاق مقسومة
- 994 اتقوا الله وأجملوا في الطلب
- 995 أجملوا في طلب الدنيا فإن كل ميسر لما كتب له
- 996 خلق الله كل نفس، فكتب حياتها، وموتها، ومصيباتها، ورزقها
- 997 فرغ الله إلى كل عبد من خمس
- 998 رأى تمرة عائرة فأعطاها سائلا وقال: لو لم تأتها لأتتك
- 999 هي من قدر الله
- 1000 لا يأتي ابن آدم النذر بشيء لم يكن قد قدر...
- 1001 إنه لا يرد شيئًا وإنما يستخرج به من البخيل
- 1002 الدعاء يرد القدر
- 1003 لا يرد القضاء إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا...
معلومات عن حديث: إذا دخلت النطفة في الرحم أربعين ليلة أتى ملك النفس
📜 حديث: إذا دخلت النطفة في الرحم أربعين ليلة أتى ملك النفس
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: إذا دخلت النطفة في الرحم أربعين ليلة أتى ملك النفس
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: إذا دخلت النطفة في الرحم أربعين ليلة أتى ملك النفس
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: إذا دخلت النطفة في الرحم أربعين ليلة أتى ملك النفس
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 20, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








