حديث: العمل فيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب ما جاء في أمر قد فُرغ منه، وكلٌّ مُيسَّر لما خُلق له
صحيح: رواه مسلم في القدر (٢٦٤٨) من طرق عن زهير أبي خيثمة، عن أبي الزّبير، عن جابر، فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا جميعاً لفهم سنة نبيه صلى الله عليه وسلم والعمل بها.
شرح الحديث:
هذا حديث عظيم من الأحاديث التي تتعلق بالإيمان بالقدر، رواه الإمام مسلم في صحيحه.
أولاً: شرح المفردات:
● بيّن لنا ديننا: أي اشرح ووضح لنا تعاليم ديننا وأحكامه.
● كأنّا خُلقنا الآن: كناية عن الرغبة في البدء من جديد بفهم صافي واضح، كمن وُلد للتو.
● جفَّت به الأقلام: يعني انتهى الكتابة في اللوح المحفوظ، فالحبر جفّ على ما كُتب. وهذا كناية عن انتهاء كتابة المقادير.
● جرت به المقادير: أي مضت وقضت بها المقادير التي قدّرها الله تعالى.
● أم فيما نستقبل؟: أي هل نعمل لأمر لم يُقدر بعد، ولم يُكتب في اللوح المحفوظ؟
● كلٌّ مُيسَّر: أي كل إنسان مُهيأ ومُسَخَّر لما خُلِق له وكُتب عليه من خير أو شر، سعادة أو شقاء.
ثانياً: المعنى الإجمالي للحديث:
جاء الصحابي سراقة بن مالك رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله سؤالاً عميقاً يعبر عن حيرة بعض النفوس تجاه مسألة القدر والعمل. فسأل: يا رسول الله، اشرح لنا ديننا شرحاً واضحاً شاملاً، وكأننا نبدأ حياتنا الآن من نقطة الصفر. ما الذي نعمل له اليوم؟ هل نعمل لأمر قد انتهى وكُتب في اللوح المحفوظ وجف عليه الحبر، وقضت به المقادير؟ أم نعمل لأمر مستقبلي لم يُقدر بعد؟
فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم بأن العمل هو للأمر الأول، وهو ما قد كُتب وقُدر. فلما استشكل سراقة الأمر وقال: "ففيم العمل؟" (أي إذا كان كل شيء قد كُتب فما فائدة العمل؟)، جاء الجواب النبوي الحكيم ليحل هذه الإشكالية: «اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ».
ثالثاً: الدروس المستفادة والفوائد العقدية:
1- وجوب الإيمان بالقدر: من أركان الإيمان الستة الإيمان بالقدر خيره وشره، وأن كل شيء بقضاء الله وقدره. وهذا الحديث أصل عظيم في هذا الباب.
2- الجمع بين الإيمان بالقدر والسعي والعمل: لا يتعارض الإيمان بالقدر مع السعي والاجتهاد في العمل الصالح. فالإيمان بالقدر لا يعني التواكل والقعود عن العمل، بل يجب على المسلم أن يجتهد ويأخذ بالأسباب ثم يتوكل على الله ويُسلم الأمر له.
3- التيسير لما خُلق له: يوضح الحديث أن الإنسان يُيسر لما خُلق له وكُتب عليه. فمن كان من أهل السعادة يسر لعمل أهل السعادة (الطاعات)، ومن كان من أهل الشقاء يسر لعمل أهل الشقاء (المعاصي). كما قال تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} [الليل: 5-10].
4- الحكمة من السؤال والعمل: السعي والعمل هو علامة على ما قُدر للإنسان، وهو السبب الذي يحصل به ما كتب له. فالعمل جزء من التيسير لما خُلق له.
5- حسن طرح السؤال: يدل على حرص الصحابة رضي الله عنهم على فهم دينهم فهمًا صحيحاً، وعدم ترك أي إشكال في نفوسهم.
6- الرد على الجبرية: الذين يقولون إن العبد مجبور على فعله ولا اختيار له. فالحديث يأمر بالعمل («اعْمَلُوا»)، مما يدل على أن للعبد إرادة واختياراً، لكنه داخل تحت علم الله وإرادته الكونية.
7- الطمأنينة النفسية: عندما يؤمن العبد بأن كل شيء بقدر الله، فإن هذا يورثه طمأنينة في قلبه، فلا يقلق على ما فاته، ولا يجزع مما يصيبه، لأنه يعلم أن ذلك كان مكتوباً عليه.
رابعاً: معلومات إضافية:
- هذا الحديث من الأحاديث التي يجمع فيها النبي صلى الله عليه وسلم بين الأمر بالعمل والإيمان بالقدر، مما يزيل الإشكال والالحاح في هذه المسألة.
- السائل هو سراقة بن مالك بن جعشم، وهو الذي لحق بالنبي صلى الله عليه وسلم في الهجرة طمعاً في الجائزة، ثم هدى الله قلبه وأسلم بعد فتح مكة وحسن إسلامه.
- الرواية فيها إشارة إلى دقة نقل الحديث عند المحدثين، حيث ذكر الراوي (زهير) أنه لم يفهم كلمة فقال: (فسألت ما قال؟) مما يدل على الأمانة العلمية.
نسأل الله أن ييسرنا لليسرى، وأن يجعلنا من أهل طاعته ورضاه.
والله أعلم.
تخريج الحديث
وفي رواية عنه: «كلّ عامل مُيسَّر لعمله».
والذي رواه ابن ماجه (٩١) عن هشام بن عمّار، قال: حدّثنا عطاء بن مسلم الخفّاف، قال: حدّثنا الأعمش، عن مجاهد، عن سراقة بن جُعشم، قال: قلت: يا رسول اللَّه، العمل فيما جفَّ به القلم، وجرتْ به المقادير، أم في أمر مستقبل؟ قال: بل فيما جفَّ به القلم، وجرتْ به المقادير، وكلٌّ ميسَّر لما خلق له». ففيه عطاء بن مسلم الخفاف ضعّفه غير واحد من أهل العلم، ومجاهد لم يسمع من سراقة، قاله البوصيريّ في: الزّوائد».
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 988 من أصل 1075 حديثاً له شرح
- 963 العين حق وإذا استُغسلْتُم فأغسلوا
- 964 العين حق ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين
- 965 ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك
- 966 خلق القلم اول ما خلق الله وامره بكتابة كل شيء
- 967 أول ما خلق الله تعالى القلم
- 968 أول من تكلم في القدر معبد الجهني
- 969 جاء مشركو قريش يخاصمون رسول الله في القدر
- 970 تضربون القرآن بعضه ببعض بهذا هلكت الأمم قبلكم
- 971 أخر الكلام في القدر لشرار هذه الأمة
- 972 يكون في أمّتي مَسْخٌ وخَسْف وقَذْف، وذلك في أهل القدر
- 973 إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً
- 974 الشقي من شقي في بطن أمه والسعيد من وعظ بغيره
- 975 إن الله وكل بالرحم ملكا يقول: يا رب نطفة، يا...
- 976 يدخل الملك على النطفة بعدما تستقر في الرحم بأربعين ليلة
- 977 النطفة تقع في الرحم أربعين ليلة ثم يتصور عليها الملك
- 978 إذا أراد الله أن يخلق النسمة قال ملك الأرحام أذكر...
- 979 إذا دخلت النطفة في الرحم أربعين ليلة أتى ملك النفس
- 980 الشقي من شقي في بطن أمه والسعيد من سعد في...
- 981 الشقي من شقي في بطن أمه
- 982 كتب في كتابه فهو عنده فوق العرش، إن رحمتي غلبت...
- 983 كان الله ولم يكن شيء غيره
- 984 مقادير الخلائق مكتوبة قبل خلق السماوات والارض بخمسين الف سنة
- 985 آيتان ختم بهما سورة البقرة لا يقرآن في دار ثلاث...
- 986 أما أهل السعادة فيُيَسرون لعمل السعادة
- 987 أيعرف أهل الجنة من أهل النار؟
- 988 العمل فيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير
- 989 ما يعمل الناس اليوم ويكدحون فيه أشيء قضي عليهم ومضى...
- 990 كل امرئ مهيأ لما خلق له
- 991 كل ميسر لما كتب له وعليه
- 992 اعملوا فكل ميسر لما خلق له
- 993 سألت الله لآجال مضروبة وأيام معدودة وأرزاق مقسومة
- 994 اتقوا الله وأجملوا في الطلب
- 995 أجملوا في طلب الدنيا فإن كل ميسر لما كتب له
- 996 خلق الله كل نفس، فكتب حياتها، وموتها، ومصيباتها، ورزقها
- 997 فرغ الله إلى كل عبد من خمس
- 998 رأى تمرة عائرة فأعطاها سائلا وقال: لو لم تأتها لأتتك
- 999 هي من قدر الله
- 1000 لا يأتي ابن آدم النذر بشيء لم يكن قد قدر...
- 1001 إنه لا يرد شيئًا وإنما يستخرج به من البخيل
- 1002 الدعاء يرد القدر
- 1003 لا يرد القضاء إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا...
- 1004 يُحرم الرجل الرزق بالذنب
- 1005 نفر من قدر الله إلى قدر الله
- 1006 عصفور من عصافير الجنة
- 1007 رجل أصم لا يسمع، ورجل أحمق، ورجل هرم، ورجل مات...
- 1008 خلق خلقه في ظلمة فألقى عليهم من نوره
- 1009 الغلام الذي قتله الخضر طبع كافرا
- 1010 خلق الله آدم من قبضة من جميع الأرض
- 1011 خلق الله آدم وضرب كتفه اليمنى واليسرى.
- 1012 عن أبي عبد الله: لا أدري في أي القبضتين أنا
معلومات عن حديث: العمل فيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير
📜 حديث: العمل فيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: العمل فيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: العمل فيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: العمل فيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 20, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








