حديث: أيعرف أهل الجنة من أهل النار؟
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب ما جاء في أمر قد فُرغ منه، وكلٌّ مُيسَّر لما خُلق له
متفق عليه: رواه البخاريّ في القدر (٦٥٩٦)، ومسلم في القدر (٢٦٤٩)، كلاهما من حديث شعبة، عن يزيد الرِّشك، قال: سمعت مطرّف بن عبد اللَّه بن الشّخِّير يحدِّثُ عن عمران بن حصين، فذكره، ولفظهما سواء.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.أما بعد، فإليك شرح الحديث الشريف شرحًا وافيًا، مستندًا إلى كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.
نص الحديث:
عن عمران بن حُصين رضي الله عنه، قال: قال رجلٌ: يا رسول اللَّه: أيُعرف أهل الجنّة من أهل النّار؟ قال: «نعم». قال: فلِمَ يعمل العاملون؟ قال: «كلٌّ يعمل لما خُلق له، أو لما يُيَسَّرُ له».
(رواه البخاري ومسلم)
1. شرح المفردات:
* أيُعرف أهل الجنّة من أهل النّار؟: أي هل يتميز أهل السعادة وأهل الشقاوة في الدنيا بعلامة تُعرف بها أحوالهم في الآخرة؟ أو هل يعلم الله تعالى مصير كل شخص وهو في الدنيا؟ والسؤال يحتمل المعنيين.
* فلِمَ يعمل العاملون؟: استفهام استنكاري، بمعنى: إذا كان مصيرنا معروفًا ومقدرًا، فما الفائدة والحكمة من العمل والاجتهاد في الطاعة؟
* لما خُلق له: أي للغاية والهدف الذي قُدّر وقُضي له من سعادة أو شقاء، وهو ما سبق في علم الله تعالى الأزلي.
* لما يُيَسَّرُ له: أي أن الله تعالى ييسر لكل إنسان الأسباب والطريق الذي يناسب ما هو مكتوب في علمه سبحانه، فيُيَسِّرُ أهل السعادة لأعمال السعادة، ويُيَسِّرُ أهل الشقاء لأسباب الشقاء.
2. المعنى الإجمالي للحديث:
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله سؤالاً يتعلق بعلم الغيب والقدر، وهو: هل يمكن تمييز من سيدخل الجنة ممن سيدخل النار في الدنيا؟ فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم بالإثبات، وأن الله تعالى يعلم ذلك وهو مكتوب عنده في اللوح المحفوظ.
فحاول السائل أن يعترض على حكمة القدر بسؤال استنكاري: إذا كان الأمر كذلك، فما الجدوى من العمل والطاعة؟ فبيّن النبي صلى الله عليه وسلم الحكمة العظيمة، وهي أن العمل ليس عديم الفائدة، بل هو علامة على ما قُدّر للإنسان وثمرة له، وأن الله تعالى ييسر لكل إنسان الطريق الذي يناسب ما سبق في علمه، فالعمل هو دليل على الخلق والتقدير، وليس العكس. فالعبد يعمل بما يسر له، ويسير على الطريق الذي قُدّر له، فتكون أعماله برهانًا على ما خُلق له من شقاء أو سعادة.
3. الدروس المستفادة منه:
1- إثبات علم الله الأزلي: الحديث دليل واضح على إثبات علم الله تعالى المحيط بكل شيء، الذي سبق به كل كائن، فهو يعلم من أهل الجنة ومن أهل النار قبل أن يخلقهم.
2- الرد على شبهة القدَر: يجيب الحديث على إشكالية كبيرة قد ترد على القلب، وهي: إذا كان القَدَر مقدورًا، فلماذا نعمل؟ والجواب أن العمل نفسه هو جزء من القَدَر، فالله قدّر لك السعادة، فقدر لك أسبابها من العمل الصالح، وقدّر للشقي شقاوته، فقدر له أسبابها من المعاصي.
3- أن الجزاء من جنس العمل: فكما أن الله ييسر للعبد طريق الخير إذا كان من أهل السعادة، فإنه ييسر للعبد طريق الشر إذا كان من أهل الشقاء، كما في قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} (سورة الليل: 5-10).
4- الحث على العمل والاجتهاد: الحديث لا يدعو إلى التكاسل والاتكال، بل العكس. فحقيقة الحديث تدفع العبد إلى أن يجتهد في العمل الصالح، لأنه لا يعلم ما خُلق له، فإذا رأى نفسه مُيَسَّرًا للطاعة، فهذا يدعوه إلى الشكر والاستمرار، وإذا وجد نفسه ميالاً إلى المعصية، فهذا إنذار له بأن يبادر بالتوبة والرجوع إلى الله.
5- التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب: الإيمان بالقدر لا ينافي الأخذ بالأسباب، بل هو من تمام التوكل على الله، فالعبد مأمور بالسعي والعمل، والنتائج بيد الله تعالى وحده.
4. معلومات إضافية مفيدة:
* هذا الحديث أصل عظيم من أصول الإيمان بالقدر، وهو الإيمان بالعلم والكتابة السابقين.
* ذهب بعض العلماء إلى أن السائل في هذا الحديث هو عبد الله بن قيس التميمي، وقيل غيره.
* يستدل بهذا الحديث على بطلان قول الجبرية الذين ينفون فعل العبد entirely، وقول القدرية الذين ينفون علم الله السابق. فالأمر وسط، للعبد مشيئة واختيار تحت مشيئة الله تعالى الكونية.
* الفهم الصحيح للقدر يورث العبد طمأنينة وراحة بال، لأنه يعلم أن كل شيء بقضاء الله وقدره، ويحفزه في نفس الوقت على العمل والمسابقة إلى الخيرات.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
وأمّا ما رواه البيهقيّ في القضاء والقدر (١/ ٢٢٦) من طريق مؤمّل بن إسماعيل، حدّثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن طلق بن حبيب، عن بشير بن كعب العدويّ، عن عمران بن حصين، قال: قام شابّان إلى رسول اللَّه ﷺ فقالا: يا رسول اللَّه، أرأيتَ ما يعمل النّاسُ فيه، فيكدحون فيه في أمر قد جرتْ به المقادير، وجفّتْ به الأقلام، أم أمر يستأنفونه؟ فقال رسول اللَّه ﷺ: «في أمر جرتْ به المقادير، وجفّتْ به الأقلام» فقالا: يا رسول اللَّه، ففيمَ العمل؟ فقال: «اعملوا فكلٌّ مُيسَّر لما خُلق له». فقالا: الآن نجدُّ العمل.
فالصّواب أنّه مرسل؛ لأنّ مؤمّل بن إسماعيل صدوق سيء الحفظ، وقد خالفه قتيبة بن سعيد
وهو إمام حافظ، فرواه من طريق بشير بن كعب العدويّ مرسلًا.
رواه الفريابي في «القدر» (١٠١)، وابن بطّة في الإبانة (١٣٥٨) من طريق قتيبة بن سعيد، عن سفيان، بإسناده.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 987 من أصل 1075 حديثاً له شرح
- 962 ما بلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه...
- 963 العين حق وإذا استُغسلْتُم فأغسلوا
- 964 العين حق ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين
- 965 ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك
- 966 خلق القلم اول ما خلق الله وامره بكتابة كل شيء
- 967 أول ما خلق الله تعالى القلم
- 968 أول من تكلم في القدر معبد الجهني
- 969 جاء مشركو قريش يخاصمون رسول الله في القدر
- 970 تضربون القرآن بعضه ببعض بهذا هلكت الأمم قبلكم
- 971 أخر الكلام في القدر لشرار هذه الأمة
- 972 يكون في أمّتي مَسْخٌ وخَسْف وقَذْف، وذلك في أهل القدر
- 973 إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً
- 974 الشقي من شقي في بطن أمه والسعيد من وعظ بغيره
- 975 إن الله وكل بالرحم ملكا يقول: يا رب نطفة، يا...
- 976 يدخل الملك على النطفة بعدما تستقر في الرحم بأربعين ليلة
- 977 النطفة تقع في الرحم أربعين ليلة ثم يتصور عليها الملك
- 978 إذا أراد الله أن يخلق النسمة قال ملك الأرحام أذكر...
- 979 إذا دخلت النطفة في الرحم أربعين ليلة أتى ملك النفس
- 980 الشقي من شقي في بطن أمه والسعيد من سعد في...
- 981 الشقي من شقي في بطن أمه
- 982 كتب في كتابه فهو عنده فوق العرش، إن رحمتي غلبت...
- 983 كان الله ولم يكن شيء غيره
- 984 مقادير الخلائق مكتوبة قبل خلق السماوات والارض بخمسين الف سنة
- 985 آيتان ختم بهما سورة البقرة لا يقرآن في دار ثلاث...
- 986 أما أهل السعادة فيُيَسرون لعمل السعادة
- 987 أيعرف أهل الجنة من أهل النار؟
- 988 العمل فيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير
- 989 ما يعمل الناس اليوم ويكدحون فيه أشيء قضي عليهم ومضى...
- 990 كل امرئ مهيأ لما خلق له
- 991 كل ميسر لما كتب له وعليه
- 992 اعملوا فكل ميسر لما خلق له
- 993 سألت الله لآجال مضروبة وأيام معدودة وأرزاق مقسومة
- 994 اتقوا الله وأجملوا في الطلب
- 995 أجملوا في طلب الدنيا فإن كل ميسر لما كتب له
- 996 خلق الله كل نفس، فكتب حياتها، وموتها، ومصيباتها، ورزقها
- 997 فرغ الله إلى كل عبد من خمس
- 998 رأى تمرة عائرة فأعطاها سائلا وقال: لو لم تأتها لأتتك
- 999 هي من قدر الله
- 1000 لا يأتي ابن آدم النذر بشيء لم يكن قد قدر...
- 1001 إنه لا يرد شيئًا وإنما يستخرج به من البخيل
- 1002 الدعاء يرد القدر
- 1003 لا يرد القضاء إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا...
- 1004 يُحرم الرجل الرزق بالذنب
- 1005 نفر من قدر الله إلى قدر الله
- 1006 عصفور من عصافير الجنة
- 1007 رجل أصم لا يسمع، ورجل أحمق، ورجل هرم، ورجل مات...
- 1008 خلق خلقه في ظلمة فألقى عليهم من نوره
- 1009 الغلام الذي قتله الخضر طبع كافرا
- 1010 خلق الله آدم من قبضة من جميع الأرض
- 1011 خلق الله آدم وضرب كتفه اليمنى واليسرى.
معلومات عن حديث: أيعرف أهل الجنة من أهل النار؟
📜 حديث: أيعرف أهل الجنة من أهل النار؟
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: أيعرف أهل الجنة من أهل النار؟
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: أيعرف أهل الجنة من أهل النار؟
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: أيعرف أهل الجنة من أهل النار؟
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 20, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








