حديث: تيمم الجنب خوفًا من الهلاك في البرد
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب قوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (٢٩) وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (٣٠)﴾
صحيح: رواه أبو داود (٣٣٤) وأحمد (١٧٨١٢) والحاكم (١/ ١٧٧ - ١٧٨) كلهم من حديث
يزيد بن أبي حبيب، عن عمران بن أبي أنس، عن عبد الرحمن بن جبير، عن عمرو بن العاص، فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النافع:
الحديث:
عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه قال: لما بعثه رسول اللَّه ﷺ عام ذات السلاسل قال: فاحتلمت في ليلة باردة شديدة البرد، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، فتيممت، ثم صليت بأصحابي صلاة الصبح. قال: فلما قدمنا على رسول اللَّه ﷺ ذكرت ذلك له، فقال: «يا عمرو، صلَّيت بأصحابك وأنت جنب؟» قلت: نعم يا رسول اللَّه، إني احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، وذكرت قول اللَّه عز وجل: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ فتيممتُ ثم صلَّيتُ. فضحك رسول اللَّه ﷺ ولم يقل شيئًا.
[رواه أبو داود والدارقطني والحاكم، وهو حسن]
1. شرح المفردات:
● ذات السلاسل: اسم غزوة أو سرية، وقيل سبب التسمية أن المشركين تقيدوا بالسلاسل خوفاً من الهرب.
● احتلمت: أي خرج مني المني أثناء النوم، مما يوجب الغسل.
● أشفقت: خفت وخشيت.
● أن أهلك: أن أموت بسبب شدة البرد.
● تيممت: قصدت الصعيد الطيب (التراب) ومسحت به وجهي ويدَيَّ بدلاً من الغسل.
● جنب: على حالة الجنابة التي توجب الغسل.
2. شرح الحديث:
يحدثنا الصحابي الجليل عمرو بن العاص رضي الله عنه عن واقعة حدثت له عندما أرسله النبي ﷺ في سرية إلى مكان يسمى "ذات السلاسل". في ليلة شديدة البرد، احتلم (أي أنزل المني) أثناء نومه، فأصبح جنباً ويجب عليه الغسل. لكن شدة البرد جعلت الغسل خطراً على حياته، فخاف أن يموت إذا اغتسل بالماء البارد.
فاجتهد عمرو رضي الله عنه وذكر آية من القرآن الكريم: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29]. فاستدل بها على أن تعريض النفس للهلاك محرم، فعدل عن الغسل إلى التيمم، ثم صلى بأصحابه صلاة الصبح.
وعندما عاد إلى النبي ﷺ وأخبره بما حدث، استفهم النبي ﷺ منه تأكيداً بقوله: «يا عمرو، صليت بأصحابك وأنت جنب؟» فأكد عمرو ذلك وذكر سببه. فما كان من النبي ﷺ إلا أن ضحك ولم ينكر عليه فعله، مما يدل على إقراره وإجازته لهذا الاجتهاد.
3. الدروس المستفادة منه:
1- مراعاة الظروف الطارئة: الشريعة الإسلامية سمحة، تراعي الظروف الصعبة والضرورات، فلا تكلف النفس فوق طاقتها.
2- جواز التيمم للجنب عند العذر: إذا خاف الجنب من استخدام الماء لمرض أو شدة برد أو غير ذلك، جاز له التيمم بدلاً من الغسل.
3- الاجتهاد في مواضع النص: اجتهد عمرو رضي الله عنه في تطبيق النص القرآني الذي نَهى عن قتل النفس، فاستنباط منه جواز الترخص عند الخوف على الحياة.
4- سكوت النبي ﷺ إقرار: ضحك النبي ﷺ وسكوته عن الإنكار دليل على إقراره لهذا الفعل، وأنه موافق للشرع.
5- الأخذ بالرخصة: لا حرج على المسلم في الأخذ بالرخصة عند وجود سببها، وليس من الصواب التعسير على النفس أو التكلف فيما لم يطلب الشرع.
6- قاعدة: "الضرورات تبيح المحظورات": هذه القاعدة الأصولية تجسدها هذه الواقعة، حيث أبيح التيمم للجنب بسبب شدة البرد.
4. معلومات إضافية مفيدة:
- هذا الحديث من أدلة أهل العلم على أن الجنب إذا لم يتمكن من استعمال الماء لعذر، فإنه يتيمم ويصلي، ولا إعادة عليه.
- التيمم بدل عن الوضوء والغسل عند العجز عن استعمال الماء.
- ضحك النبي ﷺ هنا من باب الاستحسان والفرح بتطبيق الصحابي للقرآن وتفقهه في الدين، لا من باب السخرية.
- عمرو بن العاص رضي الله عنه معروف بذكائه وفقهه، وهذا الموقف يدل على فطنة وفقه الصحابة رضوان الله عليهم.
أسأل الله تعالى أن يفقهنا في الدين، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وينفعنا بما علمنا.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
يزيد بن أبي حبيب، عن عمران بن أبي أنس، عن عبد الرحمن بن جبير، عن عمرو بن العاص، فذكره. وإسناده صحيح.
وقد رواه أبو داود أيضًا وغيره، وزادوا بين عبد الرحمن بن جبير وعمرو بن العاص: «أبا قيس مولى عمرو بن العاص»، وكلا الوجهين صحيح.
ورواه ابن مردويه من وجه آخر عن ابن عباس أن عمرو بن العاص صلى الناس وهو جنب، فلما قدموا على رسول اللَّه ﷺ ذكروا ذلك له، فدعاه فسأله عن ذلك، فقال: يا رسول اللَّه، خفت أن يقتلني البرد، وقد قال اللَّه تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ فسكت عنه رسول اللَّه ﷺ.
وقوله: ﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا﴾ حذّر اللَّه تعالى: من يقتل نفسه عدوانا وظلما أنه يدخله نارا،
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 280 من أصل 1947 حديثاً له شرح
- 255 بكاء النبي ﷺ حتى بل الأرض عند قراءة آيات خلق...
- 256 استيقظ النبي ليلاً فتوضأ وصلى ركعتين ثم ركعتين ثم أوتر.
- 257 فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ...
- 258 صلوا على النجاشي فإنه من أهل الجنة
- 259 إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطى إلى المساجد
- 260 رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه
- 261 الرجل يكون له اليتيمة فيضُرُّ بها ويسيء صحبتها
- 262 نهوا عن نكاح يتامى النساء إلا بالقسط
- 263 أن يمسك منهن أربعا
- 264 من كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف
- 265 كل من مال يتيمك غير مسرف
- 266 الوالِي الذي يرث والوالِي الذي لا يرث
- 267 أكل مال اليتيم من السبع الموبقات.
- 268 يقضي الله في ذلك فنزلت آية الميراث
- 269 للذكر مثل حظ الأنثيين
- 270 خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد...
- 271 باب التوبة مفتوح ما لم تطلع الشمس من مغربها
- 272 إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر
- 273 وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني
- 274 كانوا إذا مات الرجل كان أولياؤه أحق بامرأته
- 275 كان يرث امرأة ذي قرابته، فيعضلها حتى تموت
- 276 إن كرهت من امرأتك خلقا
- 277 كان أهل الجاهلية يُحَرِّمون ما يحرم إلا امرأة الأب والجمع...
- 278 تحريم نكاح ما نكح الآباء من النساء
- 279 بعث جيشا إلى أوطاس فلقوا عدوا فقاتلوهم فظهروا عليهم
- 280 تيمم الجنب خوفًا من الهلاك في البرد
- 281 من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم
- 282 التولي يوم الزحف
- 283 ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض
- 284 عن امرأة سألت النبي عن أجر العمل للنساء
- 285 الميراث كان للمهاجري من الأنصاري دون ذوي رحمه
- 286 فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله
- 287 لا تجلدوا النساء جلد العبيد ثم تضاجعوهن من آخر اليوم
- 288 ما ضرب رسول الله شيئًا قط بيده امرأة ولا خادما
- 289 يا معاذ، أتدري ما حق الله على العباد؟
- 290 خير الجيران عند الله خيرهم لجاره
- 291 جارك يحق لك به حتى يوشك أن يورثك
- 292 أوصى جبريل بالجار حتى ظننت أنه سيورثه
- 293 حرمة عرض الجيران
- 294 إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم
- 295 المختال الفخور الذي يبغضه الله تعالى
- 296 إياك إسبال الازار، فإن إسبال الازار من المخيلة، وإن الله...
- 297 إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده
- 298 الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله
- 299 معنى من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من...
- 300 رسول الله يطلب سماع القرآن من ابن مسعود
- 301 أسباب نزول: لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى
- 302 أتيت على نفر من الأنصار والمهاجرين فقالوا تعال نطعمك ونسقيك...
- 303 اللهم بين لنا في الخمر بيانًا شفاء
- 304 الصعيد الطيب وضوء المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين
معلومات عن حديث: تيمم الجنب خوفًا من الهلاك في البرد
📜 حديث: تيمم الجنب خوفًا من الهلاك في البرد
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: تيمم الجنب خوفًا من الهلاك في البرد
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: تيمم الجنب خوفًا من الهلاك في البرد
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: تيمم الجنب خوفًا من الهلاك في البرد
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








