حديث: تيمم الجنب خوفًا من الهلاك في البرد

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (٢٩) وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (٣٠)﴾

عن عمرو بن العاص أنه قال: لما بعثه رسول اللَّه ﷺ عام ذات السلاسل قال: فاحتلمت في ليلة باردة شديدة البرد، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، فتيممت، ثم صليت بأصحابي صلاة الصبح. قال: فلما قدمنا على رسول اللَّه ﷺ ذكرت ذلك له، فقال: «يا عمرو، صلَّيت بأصحابك وأنت جنب؟» قلت: نعم يا رسول اللَّه، إني احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، وذكرت قول اللَّه عز وجل: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ فتيممتُ ثم صلَّيتُ. فضحك رسول اللَّه ﷺ ولم يقل شيئًا.

صحيح: رواه أبو داود (٣٣٤) وأحمد (١٧٨١٢) والحاكم (١/ ١٧٧ - ١٧٨) كلهم من حديث
يزيد بن أبي حبيب، عن عمران بن أبي أنس، عن عبد الرحمن بن جبير، عن عمرو بن العاص، فذكره.

عن عمرو بن العاص أنه قال: لما بعثه رسول اللَّه ﷺ عام ذات السلاسل قال: فاحتلمت في ليلة باردة شديدة البرد، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، فتيممت، ثم صليت بأصحابي صلاة الصبح. قال: فلما قدمنا على رسول اللَّه ﷺ ذكرت ذلك له، فقال: «يا عمرو، صلَّيت بأصحابك وأنت جنب؟» قلت: نعم يا رسول اللَّه، إني احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، وذكرت قول اللَّه ﷿: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ فتيممتُ ثم صلَّيتُ. فضحك رسول اللَّه ﷺ ولم يقل شيئًا.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النافع:

الحديث:


عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه قال: لما بعثه رسول اللَّه ﷺ عام ذات السلاسل قال: فاحتلمت في ليلة باردة شديدة البرد، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، فتيممت، ثم صليت بأصحابي صلاة الصبح. قال: فلما قدمنا على رسول اللَّه ﷺ ذكرت ذلك له، فقال: «يا عمرو، صلَّيت بأصحابك وأنت جنب؟» قلت: نعم يا رسول اللَّه، إني احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، وذكرت قول اللَّه عز وجل: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ فتيممتُ ثم صلَّيتُ. فضحك رسول اللَّه ﷺ ولم يقل شيئًا.
[رواه أبو داود والدارقطني والحاكم، وهو حسن]


1. شرح المفردات:


● ذات السلاسل: اسم غزوة أو سرية، وقيل سبب التسمية أن المشركين تقيدوا بالسلاسل خوفاً من الهرب.
● احتلمت: أي خرج مني المني أثناء النوم، مما يوجب الغسل.
● أشفقت: خفت وخشيت.
● أن أهلك: أن أموت بسبب شدة البرد.
● تيممت: قصدت الصعيد الطيب (التراب) ومسحت به وجهي ويدَيَّ بدلاً من الغسل.
● جنب: على حالة الجنابة التي توجب الغسل.


2. شرح الحديث:


يحدثنا الصحابي الجليل عمرو بن العاص رضي الله عنه عن واقعة حدثت له عندما أرسله النبي ﷺ في سرية إلى مكان يسمى "ذات السلاسل". في ليلة شديدة البرد، احتلم (أي أنزل المني) أثناء نومه، فأصبح جنباً ويجب عليه الغسل. لكن شدة البرد جعلت الغسل خطراً على حياته، فخاف أن يموت إذا اغتسل بالماء البارد.
فاجتهد عمرو رضي الله عنه وذكر آية من القرآن الكريم: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29]. فاستدل بها على أن تعريض النفس للهلاك محرم، فعدل عن الغسل إلى التيمم، ثم صلى بأصحابه صلاة الصبح.
وعندما عاد إلى النبي ﷺ وأخبره بما حدث، استفهم النبي ﷺ منه تأكيداً بقوله: «يا عمرو، صليت بأصحابك وأنت جنب؟» فأكد عمرو ذلك وذكر سببه. فما كان من النبي ﷺ إلا أن ضحك ولم ينكر عليه فعله، مما يدل على إقراره وإجازته لهذا الاجتهاد.


3. الدروس المستفادة منه:


1- مراعاة الظروف الطارئة: الشريعة الإسلامية سمحة، تراعي الظروف الصعبة والضرورات، فلا تكلف النفس فوق طاقتها.
2- جواز التيمم للجنب عند العذر: إذا خاف الجنب من استخدام الماء لمرض أو شدة برد أو غير ذلك، جاز له التيمم بدلاً من الغسل.
3- الاجتهاد في مواضع النص: اجتهد عمرو رضي الله عنه في تطبيق النص القرآني الذي نَهى عن قتل النفس، فاستنباط منه جواز الترخص عند الخوف على الحياة.
4- سكوت النبي ﷺ إقرار: ضحك النبي ﷺ وسكوته عن الإنكار دليل على إقراره لهذا الفعل، وأنه موافق للشرع.
5- الأخذ بالرخصة: لا حرج على المسلم في الأخذ بالرخصة عند وجود سببها، وليس من الصواب التعسير على النفس أو التكلف فيما لم يطلب الشرع.
6- قاعدة: "الضرورات تبيح المحظورات": هذه القاعدة الأصولية تجسدها هذه الواقعة، حيث أبيح التيمم للجنب بسبب شدة البرد.


4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث من أدلة أهل العلم على أن الجنب إذا لم يتمكن من استعمال الماء لعذر، فإنه يتيمم ويصلي، ولا إعادة عليه.
- التيمم بدل عن الوضوء والغسل عند العجز عن استعمال الماء.
- ضحك النبي ﷺ هنا من باب الاستحسان والفرح بتطبيق الصحابي للقرآن وتفقهه في الدين، لا من باب السخرية.
- عمرو بن العاص رضي الله عنه معروف بذكائه وفقهه، وهذا الموقف يدل على فطنة وفقه الصحابة رضوان الله عليهم.

أسأل الله تعالى أن يفقهنا في الدين، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وينفعنا بما علمنا.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٣٣٤) وأحمد (١٧٨١٢) والحاكم (١/ ١٧٧ - ١٧٨) كلهم من حديث
يزيد بن أبي حبيب، عن عمران بن أبي أنس، عن عبد الرحمن بن جبير، عن عمرو بن العاص، فذكره. وإسناده صحيح.
وقد رواه أبو داود أيضًا وغيره، وزادوا بين عبد الرحمن بن جبير وعمرو بن العاص: «أبا قيس مولى عمرو بن العاص»، وكلا الوجهين صحيح.
ورواه ابن مردويه من وجه آخر عن ابن عباس أن عمرو بن العاص صلى الناس وهو جنب، فلما قدموا على رسول اللَّه ﷺ ذكروا ذلك له، فدعاه فسأله عن ذلك، فقال: يا رسول اللَّه، خفت أن يقتلني البرد، وقد قال اللَّه تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ فسكت عنه رسول اللَّه ﷺ.
وقوله: ﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا﴾ حذّر اللَّه تعالى: من يقتل نفسه عدوانا وظلما أنه يدخله نارا،

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 280 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: تيمم الجنب خوفًا من الهلاك في البرد

  • 📜 حديث: تيمم الجنب خوفًا من الهلاك في البرد

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: تيمم الجنب خوفًا من الهلاك في البرد

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: تيمم الجنب خوفًا من الهلاك في البرد

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: تيمم الجنب خوفًا من الهلاك في البرد

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب