حديث: إن كرهت من امرأتك خلقا

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (١٩)﴾

وقوله: ﴿فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾. عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: «لا يفرك مؤمن مؤمنة إن سخط منها خُلُقا رضي منها آخر».

صحيح: رواه مسلم في الطلاق (١٤٦٩) عن إبراهيم بن موسى الرازي، حدّثنا عيسى -يعني ابن يونس-، حدّثنا عبد الحميد بن جعفر، عن عمران بن أبي أنس، عن عمر بن الحكم، عن أبي هريرة، فذكره.

وقوله: ﴿فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾. عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: «لا يفرك مؤمن مؤمنة إن سخط منها خُلُقا رضي منها آخر».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا بما نسمع ونقول.
هذا الحديث الشريف الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، يجمع بين التوجيه القرآني والحكمة النبوية في معاملة الزوجة والتعامل مع الحياة بشكل عام.
أولاً: شرح المفردات:
(لا يفرك): "الفرك" في اللغة: البغض الشديد والكراهة. فقوله "لا يفرك" يعني: لا يبغض المؤمنُ زوجته المؤمنة بغضاً شديداً مطلقاً.
(مؤمن مؤمنة): يشير إلى العلاقة الزوجية بين رجل مؤمن وامرأة مؤمنة.
(إن سخط منها خُلُقا): "سخط": كره وامتعض. "خُلُقا": صفة من صفاتها أو سلوكاً من سلوكها. أي: إذا كره منها صفة معينة.
(رضي منها آخر): أي وجد ورضي منها صفة أخرى حسنة تعوض عن تلك الصفة المكروهة.
ثانياً: شرح الحديث:
يوجه النبي صلى الله عليه وسلم الرجل المؤمن إلى نظرة متوازنة وحكيمة في تقييم زوجته والتعامل معها. فليس من المنطق ولا من الدين أن يحكم على الزوجة بحكم مطلق (حُبًّا كاملاً أو بُغضًا كاملاً) لمجرد وجود صفة واحدة أو عادة واحدة لا تعجبه.
فالمعنى: لا ينبغي للمؤمن أن يبغض زوجته المؤمنة بغضاً شاملاً ويُطلق عليها حكماً سلبياً كاملاً لمجرد أنه كره خُلُقاً من أخلاقها أو تصرفاً من تصرفاتها (كالبخل أو الغيرة الشديدة أو سوء التدبير... إلخ)، لأنه غالباً ما يكون فيها - في المقابل - أخلاق أخرى حميدة يُرْضَى عنها ويُسَرُّ بها (كالدين، أو الستر، أو العفة، أو بر الوالدين، أو حسن تربية الأولاد، أو طيب المعشر... إلخ). فليُقَابل السيئة بالحسنة، وليُعَوض ما يكره بما يرضى.
ثالثاً: الدروس المستفادة والعبر:
1- العدل والتوازن في الحكم على الآخرين: يأمرنا الحديث بعدم إصدار أحكام مطلقة على الأشخاص بناء على سلبياتهم فقط، وإغفال إيجابياتهم. فهذه نظرة قاصرة.
2- الحكمة في الحياة الزوجية: الحياة الزوجية قائمة على التوافق والتكامل، ونادراً ما يجد المرء كل ما يتمنى في شريك حياته. فالحكمة هي التركيز على النقاط الإيجابية والتغاضي عن بعض السلبيات ما دامت لا تخالف الشرع.
3- التأسّي بالقرآن الكريم: الحديث شرح وتطبيق عملي للآية الكريمة التي ذكرتها: {وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ} [البقرة: 216]، و {فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} [النساء: 19]. فكراهتك لخلق في زوجتك قد يكون سبباً في وجود خير كثير، كالصبر، أو التعود على حسن المعاشرة، أو أن يكون في مقابله خلق آخر تحبه.
4- التقوى والإيمان: يربط النبي صلى الله عليه وسلم هذا السلوك الحكيم بالإيمان (مؤمن مؤمنة)، مما يجعلها قضية إيمانية وليس مجرد نصيحة أسرية. فالمؤمن يتعامل مع زوجته المؤمنة بهذه الروح.
5- التربية على كظم الغيظ وحسن الخلق: الحديث يحث على كظم الغيظ عند الغضب من تصرف ما، وعدم اتخاذ قرارات متسرعة كالطلاق بسبب موقف واحد.
رابعاً: معلومات إضافية:
- هذا الحديث أصل عظيم في علاج المشكلات الأسرية وعدم استعجال الانفصال.
- ينطبق المعنى أيضاً على المرأة في نظرتها لزوجها، وإن كان الخطاب في الحديث موجهاً للرجل لأنه القيم على الأسرة والأقدر على إنهاء العلاقة بالطلاق.
- إذا كانت الصفة المكروهة معصية لله (كترك الصلاة مثلاً)، فلا يكفي الرضا بصفة أخرى، بل يجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والنصيحة، وقد يصل الأمر إلى الفراق إذا استمرت على المعصية.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الطلاق (١٤٦٩) عن إبراهيم بن موسى الرازي، حدّثنا عيسى -يعني ابن يونس-، حدّثنا عبد الحميد بن جعفر، عن عمران بن أبي أنس، عن عمر بن الحكم، عن أبي هريرة، فذكره.
وقوله: «يفرك» من فرِك بكسر الراء - إذا أبغضه. والفرك: البغض.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 276 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إن كرهت من امرأتك خلقا

  • 📜 حديث: إن كرهت من امرأتك خلقا

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: إن كرهت من امرأتك خلقا

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: إن كرهت من امرأتك خلقا

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: إن كرهت من امرأتك خلقا

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب