حديث: كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب قوله: ﴿وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا (٧٥)﴾
حسن: رواه النسائي (٣٠٨٦) والحاكم (٢/ ٦٦ - ٦٧) وعنه البيهقي (٩/ ١١) وابن أبي حاتم في تفسيره (٣/ ١٠٠٥) والطبري في تفسيره (٧/ ٢٣١) كلهم من طريق الحسين بن واقد، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس، فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الشريف الذي رواه الإمام أحمد في مسنده وغيره عن الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، يروي لنا قصة ذات دلالة عميقة في تاريخ الدعوة الإسلامية، ويشرح مناسبة نزول آية من آيات القرآن الكريم.
أولاً. شرح مفردات الحديث:
● في عزّ: أي في قوة ومنعة وهيبة بين الناس.
● أذلة: جمع ذليل، أي صغارًا مستضعفين.
● أُمِرْتُ بالعفو: العفو هنا بمعنى الصفح والتجاوز وترك المقابلة بالمثل.
● حَوَّلَنَا الله إلى المدينة: أي نقلنا وهاجر بنا من مكة إلى المدينة المنورة.
ثانيًا. شرح الحديث وبيان قصته:
يحدثنا ابن عباس رضي الله عنهما عن مجموعة من الصحابة الكرام، على رأسهم عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، وكانوا من سادة قريش وأشرافها في الجاهلية. قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم في مكة في فترة الاستضعاف والاضطهاد، وشكوا إليه حالهم الذي تغير بعد إسلامهم.
فقد كانوا في الجاهلية يتمتعون بالعزّة والمنعة والهيبة بين قومهم، فلما آمنوا بالله ورسوله، أصبحوا أذلة مستضعفين، يعانون من أذى المشركين وسخريتهم واضطهادهم، ولا يستطيعون رد الأذى أو الدفاع عن أنفسهم، لأن الله تعالى كان قد أمر رسوله والمؤمنين آنذاك بالصبر والعفو وترك القتال.
فأجابهم النبي صلى الله عليه وسلم بأن الله تعالى قد أمره بالعفو والصبر على أذى المشركين وعدم مقاتلتهم. وكان هذا من حكمة الله تعالى في تربية الأمة وتدرج التشريع، حيث كانت الدعوة في مرحلة التأسيس والصبر على الأذى.
فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة، واقاموا دولتهم، أنزل الله تعالى الإذن بالقتال ثم الوجوب، ليدفعوا عن أنفسهم ويحموا الدعوة. فلما نزل الأمر بالقتال، تردد بعض من كان يشكو من الذل والاستضعاف! وظهرت في نفوسهم خشية الناس، أي الخوف من مواجهة قومهم وأهلهم السابقين في الحرب.
فأنزل الله تعالى الآية الكريمة من سورة النساء: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً} [النساء: 77]. تعقيبًا على هذا الموقف، وعتابًا لأولئك الذين طلبوا القتال ثم خافوا حين أمرهم الله به.
ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:
1- سنة التدرج في التشريع: من حكمة الله تعالى أن شرع الأحكام بشكل متدرج، يناسب حال الناس وقدرتهم، فلم يأمر بالجهاد مباشرة في مكة مع شدة الضعف، بل أمر بالصبر حتى تهيأت الأسباب في المدينة.
2- اختبار الإيمان: تغير الأحوال هو اختبار حقيقي لصدق الإيمان وقوة اليقين. فالصبر على البلاء في حال الضعف اختبار، والجهاد والبذل في حال القوة اختبار آخر.
3- ثمن العزة الحقيقية: العزة الحقيقية هي بعزة الله والإيمان به، وليست بالمنصب أو الجاه أو القبيلة. وقد يفتدي المؤمن عزة إيمانه بذلٍّ زائل في الدنيا.
4- الفرق بين الشكوى والجزع: شكوى الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم كانت من باب الاستفسار عن الحكمة وطلب البيان، لا من باب الاعتراض على قدر الله، وهذا أدب عظيم في التعامل مع الشدائد.
5- حقيقة الخوف والخشية: يجب أن تكون خشية الله فوق خشية أي مخلوق، فإذا تعارضت خشية الله مع خشية الناس، قدمت خشية الله تعالى.
رابعًا. معلومات إضافية:
- الآية الكريمة التي ذكرت في الحديث هي من الآيات التي نزلت في مرحلة تحول الدعوة من الدعوة السلمية إلى إقرار الجهاد دفاعًا عن النفس والدين.
- القصة توضح النفسية الإنسانية حتى لدى الصحابة الكرام، وكيف أنهم بشر قد يجول في خاطرهم ما يجول، ولكنهم يسرعون إلى الانقياد لأمر الله ورسوله.
- هذا الحديث يرد على من يتهم الإسلام بأنه انتشر بالسيف، فهو يبين أن المسلمين صبروا على الأذى سنوات طويلة، ولم يأذن لهم بالقتال إلا بعد أن اضطهدوا وخرجوا من ديارهم.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يعزنا بالإسلام ويذلنا بطاعته.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
وإسناده حسن من أجل الحسين بن واقد، فإنه حسن الحديث.
وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط البخاري».
قوله: ﴿إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ﴾.
هذا قول قوم من أصحاب النبي ﷺ الذين استعجلوا القتال، فلما فرض عليهم شق عليهم، وخافوا الناس أن يقاتلوهم، وقالوا: يعني إلى موتهم الطبيعي مثل موتهم على فراشهم، فوبخهم اللَّه تعالى، ووعظهم بأن متاع الدنيا قليل، وإن الآخرة خير لهم،
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 327 من أصل 1947 حديثاً له شرح
- 302 أتيت على نفر من الأنصار والمهاجرين فقالوا تعال نطعمك ونسقيك...
- 303 اللهم بين لنا في الخمر بيانًا شفاء
- 304 الصعيد الطيب وضوء المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين
- 305 عليك بالصعيد فإنه يكفيك
- 306 انقطع عقد عائشة في السفر فنزلت آية التيمم
- 307 من مات يشرك بالله شيئًا دخل النار
- 308 كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا الرجل يموت كافرا...
- 309 عنوان الحديث: "إني ادخرت دعوتي شفاعة لأهل الكبائر من أمتي"
- 310 العيافة والطيرة والطرق من الجبت
- 311 ضرس الكافر أو ناب الكافر مثل أحد
- 312 شجرة في الجنة ظلها يمتد مائة عام
- 313 يسير الراكب في ظل شجرة الجنة مئة سنة
- 314 رسول الله ﷺ يقول لعثمان بن طلحة: "هاك مفتاحك يا...
- 315 رأيت رسول الله يقرؤها ويضع إصبعيه
- 316 سبب نزول: أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم
- 317 ألم تر إلى الذين يزعمون
- 318 إذا صلى في رحله ثم أدرك الإمام فليصل معه
- 319 قصة الزبير والأنصاري في شريج الحرة
- 320 لو أمرنا بقتل أنفسكم أو الخروج من دياركم ما فعله...
- 321 ما من نبي يمرض إلا خير بين الدنيا والآخرة
- 322 حب النبي ﷺ من النفس والأهل والولد
- 323 أعني على نفسك بكثرة السجود
- 324 من أجمل العناوين للحديث: **"ألا رجل يأتيني بخبر القوم جعل الله...
- 325 أنا وأمي من المستضعفين، أنا من الولدان وأمي من النساء
- 326 كنت أنا وأمي ممن عذره الله من المستضعفين
- 327 كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة
- 328 موضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما فيها
- 329 من أطاع أميري فقد أطاعني، ومن عصى أميري فقد عصاني
- 330 إن القرآن لم ينزل يكذب بعضه بعضا بل يصدق بعضه...
- 331 اختلافهم في الكتاب أهلك من كان قبلكم
- 332 اشفعوا فلتؤجروا وليقض الله على لسان نبيه ما أحب
- 333 أجر إلقاء السلام
- 334 فضل السلام الكامل وثوابه ثلاثون حسنة
- 335 إنها تنفي الرجال كما تنفي النار خبث الحديد
- 336 عنوان الحديث: آية اختلف فيها أهل الكوفة فرحلت إلى ابن...
- 337 عن ابن عباس في تفسير قتل النفس المؤمنة متعمدا
- 338 عن ابن عباس: "لم ينسخها شيء" في قتل المؤمن متعمدا
- 339 ألمن قتل مؤمنا متعمدا من توبة؟
- 340 عن زيد بن ثابت: نزلت الغليظة بعد اللينة فنسخت اللينة.
- 341 لا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً
- 342 بعثنا رسول الله إلى إضم وقتل محلم بن جثامة عامرًا...
- 343 {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر}
- 344 فثقلت علي حتى خفت أن ترض فخذي، ثم سري عنه
- 345 لا يستوي القاعدون من المؤمنين والخارجون إلى بدر
- 346 القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر
- 347 أعوذ بالله من غضب رسول الله
- 348 عنوان الحديث: نهى عكرمة عن الاشتراك مع المشركين في القتال
- 349 إخراج المشركين للمسلمين مكرهين إلى بدر
- 350 كنت أنا وأمي ممن عذر الله في المستضعفين
- 351 اللهم نج المستضعفين من المؤمنين
معلومات عن حديث: كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة
📜 حديث: كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








