حديث: كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا (٧٥)﴾

عن ابن عباس أن عبد الرحمن بن عوف وأصحابا له أتوا النبي ﷺ بمكة، فقالوا: يا رسول اللَّه، إنا كنا في عزّ، ونحن مشركون، فلما آمنا صرنا أذلة، فقال: إني أُمِرت بالعفو، فلما حولنا اللَّه إلى المدينة أُمِرْنا بالقتال، فكفوا، فأنزل اللَّه عز وجل: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ﴾.

حسن: رواه النسائي (٣٠٨٦) والحاكم (٢/ ٦٦ - ٦٧) وعنه البيهقي (٩/ ١١) وابن أبي حاتم في تفسيره (٣/ ١٠٠٥) والطبري في تفسيره (٧/ ٢٣١) كلهم من طريق الحسين بن واقد، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس، فذكره.

عن ابن عباس أن عبد الرحمن بن عوف وأصحابا له أتوا النبي ﷺ بمكة، فقالوا: يا رسول اللَّه، إنا كنا في عزّ، ونحن مشركون، فلما آمنا صرنا أذلة، فقال: إني أُمِرت بالعفو، فلما حولنا اللَّه إلى المدينة أُمِرْنا بالقتال، فكفوا، فأنزل اللَّه ﷿: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ﴾.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الشريف الذي رواه الإمام أحمد في مسنده وغيره عن الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، يروي لنا قصة ذات دلالة عميقة في تاريخ الدعوة الإسلامية، ويشرح مناسبة نزول آية من آيات القرآن الكريم.

أولاً. شرح مفردات الحديث:


● في عزّ: أي في قوة ومنعة وهيبة بين الناس.
● أذلة: جمع ذليل، أي صغارًا مستضعفين.
● أُمِرْتُ بالعفو: العفو هنا بمعنى الصفح والتجاوز وترك المقابلة بالمثل.
● حَوَّلَنَا الله إلى المدينة: أي نقلنا وهاجر بنا من مكة إلى المدينة المنورة.

ثانيًا. شرح الحديث وبيان قصته:


يحدثنا ابن عباس رضي الله عنهما عن مجموعة من الصحابة الكرام، على رأسهم عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، وكانوا من سادة قريش وأشرافها في الجاهلية. قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم في مكة في فترة الاستضعاف والاضطهاد، وشكوا إليه حالهم الذي تغير بعد إسلامهم.
فقد كانوا في الجاهلية يتمتعون بالعزّة والمنعة والهيبة بين قومهم، فلما آمنوا بالله ورسوله، أصبحوا أذلة مستضعفين، يعانون من أذى المشركين وسخريتهم واضطهادهم، ولا يستطيعون رد الأذى أو الدفاع عن أنفسهم، لأن الله تعالى كان قد أمر رسوله والمؤمنين آنذاك بالصبر والعفو وترك القتال.
فأجابهم النبي صلى الله عليه وسلم بأن الله تعالى قد أمره بالعفو والصبر على أذى المشركين وعدم مقاتلتهم. وكان هذا من حكمة الله تعالى في تربية الأمة وتدرج التشريع، حيث كانت الدعوة في مرحلة التأسيس والصبر على الأذى.
فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة، واقاموا دولتهم، أنزل الله تعالى الإذن بالقتال ثم الوجوب، ليدفعوا عن أنفسهم ويحموا الدعوة. فلما نزل الأمر بالقتال، تردد بعض من كان يشكو من الذل والاستضعاف! وظهرت في نفوسهم خشية الناس، أي الخوف من مواجهة قومهم وأهلهم السابقين في الحرب.
فأنزل الله تعالى الآية الكريمة من سورة النساء: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً} [النساء: 77]. تعقيبًا على هذا الموقف، وعتابًا لأولئك الذين طلبوا القتال ثم خافوا حين أمرهم الله به.

ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:


1- سنة التدرج في التشريع: من حكمة الله تعالى أن شرع الأحكام بشكل متدرج، يناسب حال الناس وقدرتهم، فلم يأمر بالجهاد مباشرة في مكة مع شدة الضعف، بل أمر بالصبر حتى تهيأت الأسباب في المدينة.
2- اختبار الإيمان: تغير الأحوال هو اختبار حقيقي لصدق الإيمان وقوة اليقين. فالصبر على البلاء في حال الضعف اختبار، والجهاد والبذل في حال القوة اختبار آخر.
3- ثمن العزة الحقيقية: العزة الحقيقية هي بعزة الله والإيمان به، وليست بالمنصب أو الجاه أو القبيلة. وقد يفتدي المؤمن عزة إيمانه بذلٍّ زائل في الدنيا.
4- الفرق بين الشكوى والجزع: شكوى الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم كانت من باب الاستفسار عن الحكمة وطلب البيان، لا من باب الاعتراض على قدر الله، وهذا أدب عظيم في التعامل مع الشدائد.
5- حقيقة الخوف والخشية: يجب أن تكون خشية الله فوق خشية أي مخلوق، فإذا تعارضت خشية الله مع خشية الناس، قدمت خشية الله تعالى.

رابعًا. معلومات إضافية:


- الآية الكريمة التي ذكرت في الحديث هي من الآيات التي نزلت في مرحلة تحول الدعوة من الدعوة السلمية إلى إقرار الجهاد دفاعًا عن النفس والدين.
- القصة توضح النفسية الإنسانية حتى لدى الصحابة الكرام، وكيف أنهم بشر قد يجول في خاطرهم ما يجول، ولكنهم يسرعون إلى الانقياد لأمر الله ورسوله.
- هذا الحديث يرد على من يتهم الإسلام بأنه انتشر بالسيف، فهو يبين أن المسلمين صبروا على الأذى سنوات طويلة، ولم يأذن لهم بالقتال إلا بعد أن اضطهدوا وخرجوا من ديارهم.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يعزنا بالإسلام ويذلنا بطاعته.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه النسائي (٣٠٨٦) والحاكم (٢/ ٦٦ - ٦٧) وعنه البيهقي (٩/ ١١) وابن أبي حاتم في تفسيره (٣/ ١٠٠٥) والطبري في تفسيره (٧/ ٢٣١) كلهم من طريق الحسين بن واقد، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس، فذكره.
وإسناده حسن من أجل الحسين بن واقد، فإنه حسن الحديث.
وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط البخاري».
قوله: ﴿إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ﴾.
هذا قول قوم من أصحاب النبي ﷺ الذين استعجلوا القتال، فلما فرض عليهم شق عليهم، وخافوا الناس أن يقاتلوهم، وقالوا: يعني إلى موتهم الطبيعي مثل موتهم على فراشهم، فوبخهم اللَّه تعالى، ووعظهم بأن متاع الدنيا قليل، وإن الآخرة خير لهم،

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 327 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة

  • 📜 حديث: كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب