حديث: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر}

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (٩٥)﴾

عن البراء قال: لما نزلت: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ دعا رسول اللَّه ﷺ زيدا فكتبها، فجاء ابن أم مكتوم، فشكا ضرارته، فأنزل اللَّه: ﴿غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾.

متفق عليه: رواه البخاريّ في التفسير (٤٥٩٣)، ومسلم في الإمارة (١٨٩٨) كلاهما من طريق شعبة، عن أبي إسحاق، عن البراء قال: فذكره.

عن البراء قال: لما نزلت: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ دعا رسول اللَّه ﷺ زيدا فكتبها، فجاء ابن أم مكتوم، فشكا ضرارته، فأنزل اللَّه: ﴿غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا بما ندرس من حديث نبيه الكريم.
الحديث الشريف:
هذا الحديث رواه الإمام البخاري في صحيحه عن الصحابي الجليل البراء بن عازب رضي الله عنه، وهو يروي قصة نزول آيتين من سورة النساء، ويبيّن كيف أن الشريعة الإسلامية جاءت مراعية للظروف المختلفة للناس، ومخففة عن أهل الأعذار.
شرح المفردات:
* نزلت: أي أُنزلت من الله تعالى على النبي صلى الله عليه وسلم عن طريق جبريل عليه السلام.
* دعا رسول الله زيدًا: زيد هو زيد بن ثابت رضي الله عنه، كاتب الوحي المعروف.
* فكتبها: أي كتب الآية التي نزلت.
* ابن أم مكتوم: هو عبد الله بن أم مكتوم رضي الله عنه، وهو صحابي جليل كان أعمى، ومن السابقين إلى الإسلام.
* فشكا ضرارته: شكى عجزه وضرره، وهو العمى، وسأل النبي صلى الله عليه وسلم كيف يكون حاله ومن في مثل حاله.
* فأنزل الله: استجاب الله لدعائه وشفقته على نفسه وإخوانه من ذوي الأعذار، فأَنزل الحكم الذي يراعي حالهم.
شرح الحديث:
يخبرنا الصحابي البراء بن عازب عن حدث مهم وقع في المدينة المنورة، وذلك عندما نزلت الآية الكريمة من سورة النساء:
{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ} [النساء: 95].
* المعنى الأولي للآية: أن المؤمنين ليسوا سواء في الأجر والمنزلة عند الله، فالمجاهدون الذين يبذلون أموالهم وأنفسهم في سبيل الله أعظم درجة من القاعدين الذين لا عذر لهم في القعود عن الجهاد.
* ردة الفعل: لما سمع عبد الله بن أم مكتوم رضي الله عنه (وهو أعمى) هذه الآية، أحزنه ذلك وشعر أن هذا الحكم يشمل حتى من كان مثله معذوراً لا يقدر على الجهاد، فذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وشكى له حاله، متسائلاً عن موقعهم من هذه الآية.
* الاستجابة الإلهية: فاستجاب الله تعالى لشفقة هذا الصحابي وسؤاله المخلص، فأَنزل الله تعالى الاستثناء الرحيم {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} ليكتمل معنى الآية ويصبح: لا يستوي القاعدون من المؤمنين (غير أولي الضرر) والمجاهدون في سبيل الله... أي أن عدم المساواة هي بين المجاهدين وبين القاعدين الذين ليس لهم عذر، أما أصحاب الأعذار الشرعية كالمرضى والعمي والعرج وغيرهم، فليسوا داخلين في هذا الذم، ولهم أجرهم بحسب نياتهم وإخلاصهم.
الدروس المستفادة والعبر:
1- رحمة الله تعالى وعدالته: الشرائع الإسلامية جاءت ميسرة ومراعية للظروف والإمكانيات، فلا تكليف فوق الطاقة، ولا حرج على أصحاب الأعذار.
2- فضل السؤال عن أمور الدين: مشورة ابن أم مكتوم للنبي صلى الله عليه وسلم تدل على جواز سؤال العالم عن ما أشكل على المرء من أمور دينه، وهذا من التفقه في الدين.
3- اهتمام الصحابة بالقرآن: كان الصحابة رضي الله عنهم يتفاعلون مع القرآن غاية التفاعل، يفرحون بأوامره ويحزنون لما يظنونه قد يشملهم بلوم أو ذم، ويسارعون إلى النبي صلى الله عليه وسلم للاستيضاح.
4- مكانة أهل الأعذار في الإسلام: أن الله تعالى رفع الحرج عنهم وأعد لهم الأجر الكامل إذا صدقت نياتهم، كما في الحديث: «إذا مرض العبد أو سافر، كُتب له ما كان يعمل صحيحاً مقيماً».
5- التدرج في التشريع: يظهر كيف أن بعض الأحكام الشرعية نزلت متدرجة، كاملةً ومُيَسَّرة، مما يوضح حكمة الله تعالى في تشريعه.
معلومات إضافية مفيدة:
* عبد الله بن أم مكتوم رضي الله عنه هو الذي كان يؤم الناس في الصلاة بالمدينة في غياب النبي صلى الله عليه وسلم، مما يدل على مكانته وعلمه.
* هذه القصة من الأمثلة البليغة على نسخ التلاوة مع بقاء الحكم، حيث إن الآية نزلت أولاً بدون استثناء ({لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون...})، ثم نزل الاستثناء ({غير أولي الضرر}) فأصبح جزءاً من الآية، فانقطعت تلاوة الصورة الأولى وبقي الحكم النهائي وهو استثناء أهل الأعذار.
* تستطيع القلوب المؤمنة أن تتفاعل مع القرآن كما تفعل مع الحياة، فتسعد بوعده، وتخاف من وعيده، وترجو رحمته، ويسارع أصحابها إلى العمل بأحكامه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في التفسير (٤٥٩٣)، ومسلم في الإمارة (١٨٩٨) كلاهما من طريق شعبة، عن أبي إسحاق، عن البراء قال: فذكره.
وأما ما رواه الطبراني في الكبير (٥/ ١٩٠)، والطبري (٧/ ٣٦٨) كلاهما من طريق أبي سنان الشيباني، عن أبي إسحاق، عن زيد بن أرقم نحوه. فهو خطأ عن زيد بن أرقم، والمحفوظ عن أبي إسحاق، عن البراء كما قال أبو زرعة وابن حجر. انظر: علل ابن أبي حاتم (٩٩٢)، وفتح الباري (٨/ ٢٦١).
وقوله: ﴿غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾ والضرر هو النقصان سواء كان بالعُمى أو بالعرج أو المرض، أو كان بسبب عدم الأهلية.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 343 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر}

  • 📜 حديث: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر}

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر}

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر}

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر}

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب