حديث: أعوذ بالله من غضب رسول الله

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (٩٥)﴾

عن الفَلَتان بن عاصم قال: «كنا عند النبي ﷺ فأنزل عليه. وكان إذا أنزل عليه رام بصره، مفتوحة عيناه. وفرغ سمعه وقلبه لما يأتيه من اللَّه. قال: «كنا نعرف ذلك منه، فقال للكاتب: «أكتب: لا يستوي القاعدون من المؤمنين، والمجاهدون في سبيل اللَّه» قال: فقام الأعمى، فقال: يا رسول اللَّه! ما ذنبنا؟ فقلنا للأعمى: إنه ينزل على النبي ﷺ فخاف أن يكون ينزل عليه شيء مِن أمره. فبقي قائما يقول: أعوذ باللَّه من غضب رسول اللَّه. قال: فقال النبي ﷺ: «أكتب: ﴿غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾».

حسن: رواه أبو يعلى (١٥٨٣)، وعنه ابن حبان (٤٧١٢)، والطبراني في الكبير (١٨/ ٢٨٠)، والبزار - كشف الأستار (٢٢٠٣)، كلهم من حديث عبد الواحد بن زياد، ثنا عاصم بن كليب، عن أبيه، عن الفَلَتان فذكره.

عن الفَلَتان بن عاصم قال: «كنا عند النبي ﷺ فأنزل عليه. وكان إذا أنزل عليه رام بصره، مفتوحة عيناه. وفرغ سمعه وقلبه لما يأتيه من اللَّه. قال: «كنا نعرف ذلك منه، فقال للكاتب: «أكتب: لا يستوي القاعدون من المؤمنين، والمجاهدون في سبيل اللَّه» قال: فقام الأعمى، فقال: يا رسول اللَّه! ما ذنبنا؟ فقلنا للأعمى: إنه ينزل على النبي ﷺ فخاف أن يكون ينزل عليه شيء مِن أمره. فبقي قائما يقول: أعوذ باللَّه من غضب رسول اللَّه. قال: فقال النبي ﷺ: «أكتب: ﴿غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإني أشرح هذا الحديث الشريف شرحًا وافيًا مستندًا إلى كُتب أهل السنة والجماعة المعتمدة، مع التركيز على وضوح العبارة وسلامة المعنى.

الحديث ومصدره:


هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، والإمام البخاري في صحيحه، والإمام مسلم في صحيحه، عن الفَلَتان بن عاصم رضي الله عنه، وهو حديث صحيح متفق عليه.

شرح المفردات:


● فأنزل عليه: أي نزل عليه الوحي من الله تعالى.
● رام بصره: أي حدّق ونظر بشدة دون أن يطرف أو يحرك عينيه، كأنه ينظر إلى شيء بعيد.
● مفتوحة عيناه: كانت عيناه مفتوحتين على غير العادة، مما يدل على شدة التركيز والانتباه.
● وفرغ سمعه وقلبه: أي صار سمعه وقلبه خاليين من كل شيء إلا مما يأتيه من الوحي.
● الكاتب: هو كاتب الوحي، الذي كان يكتب ما يوحى إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
● لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله: هذه الآية من سورة النساء، وهي الآية 95.
● الأعمى: هو عبد الله بن أم مكتوم رضي الله عنه، وكان رجلاً أعمى.
● ما ذنبنا؟: أي ما ذنبنا في أن نكون قاعدين غير مجاهدين مع عذرنا؟
● أعوذ بالله من غضب رسول الله: أي ألتجئ إلى الله وأتحصن به من أن يغضب عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم.
● غير أولي الضرر: هذه أيضًا جزء من الآية الكريمة، وهي استثناء للذين لهم أعذار شرعية.

شرح الحديث:


يصف لنا الصحابي الجليل الفلتان بن عاصم رضي الله عنه حال النبي صلى الله عليه وسلم عندما ينزل عليه الوحي، فيصبح منظره مهيبًا، وتتغير هيئته، وتحدق عيناه، ويصبح قلبه وسمعه منصتين تمامًا لما يوحى إليه. وكان الصحابة يعرفون ذلك منه صلى الله عليه وسلم.
ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم كاتب الوحي أن يكتب: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [النساء:95]. لكن في البداية لم يذكر الاستثناء {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ}، فقام الأعمى عبد الله بن أم مكتوم رضي الله عنه – وكان من القاعدين عن الجهاد لعذره – وسأل النبي صلى الله عليه وسلم بحرقة: "يا رسول الله، ما ذنبنا؟" أي ما ذنبنا إن كنا قاعدين مع وجود العذر؟ فخاف الصحابة أن يكون سؤاله في وقت نزول الوحي قد يسبب انزعاجًا، فقالوا له: إنه ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم، فخاف أن يكون في ذلك غضب عليه، فجعل يقول: "أعوذ بالله من غضب رسول الله". ثم أكمل النبي صلى الله عليه وسلم الآية وأمر الكاتب أن يكتب: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ}، فاطمأن الأعمى وعلم أن الله تعالى قد استثنى أهل الأعذار.

الدروس المستفادة:


1- عظمة الوحي وهدوء النبي صلى الله عليه وسلم عند نزوله: وهذا يدل على عظمة ما ينزل عليه من كلام الله تعالى، وأنه صلى الله عليه وسلم كان في غاية الأدب مع الوحي.
2- حرص الصحابة على الفهم والاستفسار: فقد سأل عبد الله بن أم مكتوم رضي الله عنه ليفهم حكم الله، ولم يسكت عن شيء أشكل عليه.
3- رحمة الله تعالى بعدله: حيث استثنى أهل الأعذار من الحكم العام، مما يدل على يسر الإسلام وعدالة تشريعه.
4- أدب الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم: حيث خافوا على الأعمى من أن يغضب عليه النبي صلى الله عليه وسلم لسؤاله في وقت نزول الوحي.
5- بيان فضل الجهاد وعلو درجة المجاهدين: ولكن مع مراعاة الأعذار الشرعية.
6- جواز سؤال العالم عن ما أشكل فهمه: وهذا من أبواب طلب العلم.

معلومات إضافية:


- هذا الحديث من الأحاديث التي تبين كيفية نزول الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه كان يأتيه في حالات مختلفة، منها ما كان يأتيه مثل صلصلة الجرس، ومنها ما كان يتمثل له الملك رجلاً.
- الآية الكريمة التي نزلت فيها {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} توضح أن الإسلام يراعي الظروف الخاصة، فلا يكلف الله نفسًا إلا وسعها.
- قصة عبد الله بن أم مكتوم مع النبي صلى الله عليه وسلم تدل على تواضع النبي صلى الله عليه وسلم وحبه لأصحابه، حيث لم يغضب لسؤاله، بل بين له حكم الله.
أسأل الله تعالى أن يفقهنا في الدين، وأن يوفقنا للعمل بما علمنا، وأن يجعلنا من المتقين. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو يعلى (١٥٨٣)، وعنه ابن حبان (٤٧١٢)، والطبراني في الكبير (١٨/ ٢٨٠)، والبزار - كشف الأستار (٢٢٠٣)، كلهم من حديث عبد الواحد بن زياد، ثنا عاصم بن كليب، عن أبيه، عن الفَلَتان فذكره.
وإسناده حسن من أجل عاصم بن كليب وأبيه فإنهما حسنا الحديث.
وقوله: ﴿عَلَى الْقَاعِدِينَ﴾ لأنهم لأعذارهم لم يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم، وإنما كانت لهم النية فقط فلهم أجر النية فقط بخلاف المجاهدين فإنهم يُفضَّلون عليهم درجة.
وقوله: ﴿وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ أي على القاعدين من غير عذر، حتى لا يحصل التكرار.
وقوله: ﴿وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى﴾ أي المجاهدون والقاعدون أولو الضرر. والحسنى: أي الجنة.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 347 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أعوذ بالله من غضب رسول الله

  • 📜 حديث: أعوذ بالله من غضب رسول الله

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: أعوذ بالله من غضب رسول الله

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: أعوذ بالله من غضب رسول الله

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: أعوذ بالله من غضب رسول الله

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب