حديث: لَا خَيْرَ فِي النَّصَارَى وَلَا فِيمَنْ أَحَبَّهُمْ

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لآ يَسْتَكْبِرُونَ (٨٢) وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (٨٣)﴾

عن سلمان قال: «لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ الْمَدِينَةَ صَنَعْتُ طَعَامًا، فَجِئْتُ بِهِ النَّبِيَّ ﷺ، فَقَال: «مَا هَذَا يَا سَلْمَانُ؟». قُلْتُ: «صَدَقَةٌ»، فَقَال لأَصْحَابِهِ: «كُلُوا»، وَلَمْ يَأْكُلْ، ثُمَّ إِنِّي رَجَعْتُ حَتَّى جَمَعْتُ طَعَامًا، فَأَتَيْتُهُ بِهِ، فَقَال: «مَا هَذَا يَا سَلْمَانُ؟». قُلْتُ: «هَدِيَّةٌ»، فَضَرَبَ بِيَدِهِ فَأَكَلَ، وَقَال لأَصْحَابِهِ: «كُلُوا». قُلْتُ: «يَا رَسُول اللَّهِ، أَخْبِرْنِي عَنِ النَّصَارَى؟» قَال: «لا خَيْرَ فِيهِمْ وَلا فِيمَنْ أَحَبَّهُمْ»، فَقُمْتُ وَأَنَا مُثْقَلٌ، فَأَنْزَل اللَّهُ عز وجل: ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا﴾ حَتَّى بَلَغَ ﴿تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ﴾، فَأَرْسَلَ إِلَيَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ، فَقَال لِي: «يَا سَلْمَانُ إِنَّ أَصْحَابَكَ هَؤُلاءِ الَّذِينَ ذَكَرَ اللَّهُ».

صحيح: رواه الطبرانيّ في الكبير (٦/ ٣٠٥)، عن الحسن بن حرير الصوري، ثنا زكريا بن نافع الأرسوقي، ثنا السري بن يحيى، عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان فذكره.

عن سلمان قال: «لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ الْمَدِينَةَ صَنَعْتُ طَعَامًا، فَجِئْتُ بِهِ النَّبِيَّ ﷺ، فَقَال: «مَا هَذَا يَا سَلْمَانُ؟». قُلْتُ: «صَدَقَةٌ»، فَقَال لأَصْحَابِهِ: «كُلُوا»، وَلَمْ يَأْكُلْ، ثُمَّ إِنِّي رَجَعْتُ حَتَّى جَمَعْتُ طَعَامًا، فَأَتَيْتُهُ بِهِ، فَقَال: «مَا هَذَا يَا سَلْمَانُ؟». قُلْتُ: «هَدِيَّةٌ»، فَضَرَبَ بِيَدِهِ فَأَكَلَ، وَقَال لأَصْحَابِهِ: «كُلُوا». قُلْتُ: «يَا رَسُول اللَّهِ، أَخْبِرْنِي عَنِ النَّصَارَى؟» قَال: «لا خَيْرَ فِيهِمْ وَلا فِيمَنْ أَحَبَّهُمْ»، فَقُمْتُ وَأَنَا مُثْقَلٌ، فَأَنْزَل اللَّهُ ﷿: ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا﴾ حَتَّى بَلَغَ ﴿تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ﴾، فَأَرْسَلَ إِلَيَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ، فَقَال لِي: «يَا سَلْمَانُ إِنَّ أَصْحَابَكَ هَؤُلاءِ الَّذِينَ ذَكَرَ اللَّهُ».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم رواه الإمام أحمد في مسنده، وفيه دروس وعبر كثيرة. سأشرحه لكم جزءًا جزءًا بأسلوب واضح ومفيد إن شاء الله.

أولًا:

شرح مفردات الحديث:
● قَدِمَ: وصل إلى المدينة المنورة بعد الهجرة.
● صَنَعْتُ طَعَامًا: أعددت طعامًا.
● صَدَقَةٌ: طعام مُتصدَّق به للفقراء أو المحتاجين.
● هَدِيَّةٌ: عطية يُقصد بها التكريم والمودة.
● مُثْقَلٌ: مثقيل القلب، حزين ومهموم.
● تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ: تفيض عيونهم بالدموع؛ إشارة إلى تأثرهم بسماع القرآن واعترافهم بالحق.

ثانيًا. شرح الحديث:


يحكي سلمان الفارسي رضي الله عنه قصة لقائه بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد هجرته إلى المدينة، حيث أعد له طعامًا وأراد أن يكرمه به. فلما سأله النبي: "ما هذا؟" أجاب سلمان: "صدقة"، فلم يأكل النبي منه، لأنه صلى الله عليه وسلم كان لا يأكل الصدقة تحرزًا من استحقاقها؛ إذ الصدقة تحل للفقراء والمحتاجين، والنبي كان يعف نفسه عنها. ثم أمر أصحابه بالأكل؛ لأن الصدقة تحل لهم.
ثم عاد سلمان مرة أخرى بطعام آخر، فلما سأله النبي: "ما هذا؟" أجاب: "هدية"، فمد النبي يده وأكل منها وأمر أصحابه بالأكل؛ لأن الهدية يحل له أكلها وهي من مظاهر المودة والتكريم.
بعد ذلك سأل سلمان النبي عن النصارى؛ لأنه كان منهم قبل إسلامه، فأجابه النبي بقوله: "لا خير فيهم ولا فيمن أحبهم"، أي لا خير فيمن بقي على النصرانية وكفر برسالة الإسلام، ولا فيمن والاهم وأحبهم على دينهم الباطل. فحزن سلمان لهذا؛ لأنه كان يظن أن فيهم خيرًا، فأنزل الله الآية الكريمة من سورة المائدة: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ * وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ} [المائدة: 82-83]. فأرسل النبي إلى سلمان وأخبره أن هؤلاء الذين وصفهم الله بالخير هم الذين آمنوا من النصارى واتبعوا الحق، لا الذين بقوا على كفرهم.

ثالثًا. الدروس المستفادة من الحديث:


1- تحرز النبي صلى الله عليه وسلم من أكل الصدقة: وهذا من كمال أدبه وتواضعه، حيث كان يتحاشى ما يُشعر بالاستحقاق أو المسألة.
2- قبول الهدية والترغيب فيها: الهدية تجلب المحبة وتزيل الضغائن، وقد حث النبي على قبولها ومبادلة الآخرين بها.
3- الفرق بين الصدقة والهدية: الصدقة تكون للفقراء والمحتاجين، أما الهدية فهي للتكريم وإظهار المودة.
4- تحريم موالاة الكفار ومحبتهم في الدين: لا يجوز للمسلم أن يوالى الكفار أو يحبهم على كفرهم، وإن كان يعاملهم بالعدل والإحسان في الأمور الدنيوية.
5- العدل والإنصاف في الحكم على الآخرين: ليس كل النصارى على درجة واحدة؛ فمنهم من يقبل الحق ويؤمن به، ومنهم من يعاند ويجحد.
6- فضل سلمان الفارسي رضي الله عنه: كان حريصًا على معرفة الحق، ومحبًا للنبي صلى الله عليه وسلم، ومتأثرًا بأحكام الإسلام.

رابعًا. معلومات إضافية مفيدة:


- سلمان الفارسي رضي الله عنه كان من أهل إيران، واعتنق الإسلام بعد رحلة طويلة في البحث عن الحق.
- الآية التي نزلت في شأن النصارى توضح أن بعضهم يقبل الحق ويؤمن به، وليس كلهم على عناد وكفر.
- هذا الحديث يدل على أن الحكم على الأشخاص يكون حسب معتقدهم وأعمالهم، لا حسب أصلهم أو جنسيتهم.
أسأل الله أن ينفعنا بهذا الحديث، وأن يجعلنا من أهل الحق والاستقامة. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الطبرانيّ في الكبير (٦/ ٣٠٥)، عن الحسن بن حرير الصوري، ثنا زكريا بن نافع الأرسوقي، ثنا السري بن يحيى، عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان فذكره.
وإسناده صحيح. وله طرق أخرى غير أن ما ذكرته هو أصحها.
تنبيه: سقط من الإسناد «عن أبي عثمان النهدي» كما هو ظاهر من ترجمة الطبرانيّ.
وهؤلاء القسيسيون والرهبان كانوا من أتباع أريانوس المصري الذي ظهر في القرن الثالث الميلادي، ودعا إلى نبوة المسيح عليه السلام، وأنكر ألوهيته فعُذِّب هو وأصحابه، وبقي بعض أتباعهم فأدركوا عهد النبي ﷺ فآمنوا به. ولعل النجاشي ملك الحبشة كان من أتباعه أيضًا سرًا، وأنه لم يظهر ذلك خوفا من جمهور النصارى الذين كانوا على مذهب بولس، ولذا جعل القرآن والإنجيل من مشكاة واحدة، مع أن الأناجيل الموجودة لا تُنكر ألوهية المسيح، ولعله اطلع أيضًا على إنجيل برناباس الذي اكتشف قبل حكمه بخمسين سنة، وفيه إنكار لألوهية المسيح، وإثبات لنبوته، وبشارات بنبوة محمد ﷺ. فقوله: «من مشكاة واحدة» يرجع إلى القرآن وإنجيل برناباس أو ما تحمله من أفكار أريانوس.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 418 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لَا خَيْرَ فِي النَّصَارَى وَلَا فِيمَنْ أَحَبَّهُمْ

  • 📜 حديث: لَا خَيْرَ فِي النَّصَارَى وَلَا فِيمَنْ أَحَبَّهُمْ

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لَا خَيْرَ فِي النَّصَارَى وَلَا فِيمَنْ أَحَبَّهُمْ

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لَا خَيْرَ فِي النَّصَارَى وَلَا فِيمَنْ أَحَبَّهُمْ

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لَا خَيْرَ فِي النَّصَارَى وَلَا فِيمَنْ أَحَبَّهُمْ

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, December 17, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب