حديث: ما ورثنا رسول الله سوداء في بيضاء

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (٦٧)﴾

عن عنترة بن عبد الرحمن قال: كنت عند ابن عباس فجاءه رجل فقال له: إنّ ناسا يأتونا، فيخبرونا أن عندكم شيئًا لم يُبده رسول اللَّه ﷺ للناس؟ فقال: ألم تعلم أن اللَّه تعالى قال: ﴿يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾. واللَّه ما ورثنا رسول اللَّه ﷺ سوداء في بيضاء.

حسن: رواه ابن أبي حاتم في تفسيره -كما في تفسير ابن كثير (٣/ ١٥٠) - عن أحمد بن منصور الرمادي، حدّثنا سعيد بن سليمان، حدّثنا عباد، عن هارون بن عنترة، عن أبيه فذكره.

عن عنترة بن عبد الرحمن قال: كنت عند ابن عباس فجاءه رجل فقال له: إنّ ناسا يأتونا، فيخبرونا أن عندكم شيئًا لم يُبده رسول اللَّه ﷺ للناس؟ فقال: ألم تعلم أن اللَّه تعالى قال: ﴿يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾. واللَّه ما ورثنا رسول اللَّه ﷺ سوداء في بيضاء.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وفيه ردٌّ قويٌّ على من يدَّعي أن هناك علوماً أو أسراراً خاصةً لم يُبلِّغها النبي صلى الله عليه وسلم لأمته، واكتفى بإبلاغها لبعض الأشخاص مثل علي بن أبي طالب أو غيره، وهي ما يُطلق عليها مزاعم "العلوم الباطنية" أو "الأسرار الخاصة".

أولاً. شرح مفردات الحديث:


● عنترة بن عبد الرحمن: تابعي، ثقة، روى عنه جماعة من الأئمة.
● ابن عباس: هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، حبر الأمة وترجمان القرآن، من كبار الصحابة وعلمائهم.
● سوداء في بيضاء: كناية عن الكتابة، أي أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يورثهم أي وثيقة مكتوبة (حرف أسود في صفحة بيضاء) تحتوي على علوم خفية لم يُعلنها للناس.

ثانياً. شرح الحديث ومعناه:


يجلس التابعي عنترة بن عبد الرحمن عند العالم الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، فيأتي رجل ويخبره أن هناك أناساً يزعمون أن عند ابن عباس وعلماء الصحابة علوماً وأسراراً خاصةً ورثوها عن النبي صلى الله عليه وسلم، لم يُطلع عليها عامة الناس.
فيرد عليه ابن عباس رضي الله عنه رداً حاسماًً، مستنداً إلى القرآن الكريم، فيقول: "ألم تعلم أن الله تعالى قال: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ﴾ [المائدة: 67]".
ثم يتبعها بقسم مؤكد: "والله ما ورثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم سوداء في بيضاء".
● استدلاله بالآية: الآية الكريمة هي أمر صريح من الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم بتبليغ كل ما أُنزل إليه من ربه. وقد قام النبي صلى الله عليه وسلم بهذا البلاغ أعظم قيام، فلم يكتم شيئاً من الوحي، بل بلغ الأمانة كاملةً، ونصح للأمة، وبيَّن لهم كل ما يحتاجون إليه من أمور دينهم ودنياهم. قال تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ [المائدة: 3].
● قسمه: يقسم ابن عباس بالله – وهذا دليل على عظم الأمر وخطورة الادعاء – أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخلف لهم أي وثيقة أو كتابة خاصة تحتوي على علمٍ مُخفى. فكل ما عندهم هو ما بلغه النبي صلى الله عليه وسلم علناً للأمة جميعاً.

ثالثاً. الدروس المستفادة والفَوائد:


1- ردٌّ قاطع على دعاوى الإقصاء والخصوصية: الحديث يرد بشكل صريح على كل من يدعي وجود "إسلام خاص" أو "علوم باطنة" لم يبلغها النبي صلى الله عليه وسلم لعامة الناس، وادعى أنها محصورة في آل البيت أو في الصوفية أو غيرهم. الدين كامل وواضح، وقد بلغه النبي صلى الله عليه وسلم للجميع.
2- كمال الدين وتمام النعمة: الله تعالى أكمل لنا الدين، وليس هناك نقص يحتاج إلى إكمال بعلوم خفية. قال النبي صلى الله عليه وسلم: «تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ، لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا، لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ».
3- منهج الصحابة في الرد على البدع: يظهر لنا منهج ابن عباس وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في الرد على الشبهات والبدع، بالرجوع إلى القرآن والسنة والحجة الواضحة.
4- تحذير من الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم: الادعاء بوجود علوم لم يبلغها النبي صلى الله عليه وسلم هو في حقيقته اتهام له صلى الله عليه وسلم بعدم تبليغ الرسالة كاملة، وهو محض افتراء وكذب. وقد قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ».
5- الشفافية والوضوح في نقل العلم: العلم الشرعي يُؤخذ عن طريق النقل الصحيح المتواتر والواضح، وليس عن طريق الإسرار والإخفاء والإيحاءات.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الرد من ابن عباس ليس على فرقة معينة فقط، بل هو قاعدة عامة ترد على كل من ادعى وجود نص أو حكمة أو سرٍّ دينيٍّ لم يبلغه النبي صلى الله عليه وسلم لأمته.
- الأصل في الدين هو الإعلان والتبليغ، وليس الإسرار والكتمان، قال تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ﴾ [آل عمران: 187].
أسأل الله أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يرزقنا الفقه في دينه والثبات عليه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن أبي حاتم في تفسيره -كما في تفسير ابن كثير (٣/ ١٥٠) - عن أحمد بن منصور الرمادي، حدّثنا سعيد بن سليمان، حدّثنا عباد، عن هارون بن عنترة، عن أبيه فذكره.
وإسناده حسن من أجل هارون بن عنتره فإنه حسن الحديث.
وقال ابن كثير: «هذا إسناد جيد».
وقد شهد الصحابة في أعظم المحافل وهي خطبة حجة الوداع بأنّ الرسول ﷺ قد بلّغ ما أمر به.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 411 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ما ورثنا رسول الله سوداء في بيضاء

  • 📜 حديث: ما ورثنا رسول الله سوداء في بيضاء

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ما ورثنا رسول الله سوداء في بيضاء

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ما ورثنا رسول الله سوداء في بيضاء

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ما ورثنا رسول الله سوداء في بيضاء

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب