حديث: كنا إذا أخذنا الشريف، تركناه. وإذا أخذنا الضعيف، أقمنا عليه الحد

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٤١)﴾

عن البراء بن عازب قال: مُرَّ على النبي ﷺ بيهودي محمّما مجلودا، فدعاهم النبي ﷺ، فقال: «هكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟» قالوا: نعم. فدعا رجلا من علمائهم، فقال: «أنشدك باللَّه الذي أنزل التوراة على موسى أهكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟» قال: لا، ولولا أنك نشدتني بهذا، لم أخبرك، نجده الرجم. ولكنه كثر
في أشرافنا، فكنا إذا أخذنا الشريف، تركناه. وإذا أخذنا الضعيف، أقمنا عليه الحد. قلنا: تعالوا فلنجتمع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع، فجعلنا التحميم والجلد مكان الرجم. فقال رسول اللَّه ﷺ: «اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه». فأمر به فرُجم، فأنزل اللَّه تعالى ﴿يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ﴾ إلى قوله ﴿إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ﴾ يقول: ائتوا محمدا ﷺ، فإن أمركم بالتحميم والجلد فخذوه، وإن أفتاكم بالرجم فاحذروا. فأنزل اللَّه تعالى ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [سورة المائدة: ٤٤ - ٤٥، ٤٧] في الكفار كلها.

صحيح: رواه مسلم في الحدود (١٧٠٠) من طرق عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن عبد اللَّه ابن مرة، عن البراء بن عازب فذكره.

عن البراء بن عازب قال: مُرَّ على النبي ﷺ بيهودي محمّما مجلودا، فدعاهم النبي ﷺ، فقال: «هكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟» قالوا: نعم. فدعا رجلا من علمائهم، فقال: «أنشدك باللَّه الذي أنزل التوراة على موسى أهكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟» قال: لا، ولولا أنك نشدتني بهذا، لم أخبرك، نجده الرجم. ولكنه كثر
في أشرافنا، فكنا إذا أخذنا الشريف، تركناه. وإذا أخذنا الضعيف، أقمنا عليه الحد. قلنا: تعالوا فلنجتمع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع، فجعلنا التحميم والجلد مكان الرجم. فقال رسول اللَّه ﷺ: «اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه». فأمر به فرُجم، فأنزل اللَّه تعالى ﴿يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ﴾ إلى قوله ﴿إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ﴾ يقول: ائتوا محمدا ﷺ، فإن أمركم بالتحميم والجلد فخذوه، وإن أفتاكم بالرجم فاحذروا. فأنزل اللَّه تعالى ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [سورة المائدة: ٤٤ - ٤٥، ٤٧] في الكفار كلها.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يفتح علينا من فضله وعلمه. هذا الحديث العظيم الذي سألت عنه رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما، وهو من الأحاديث التي تُظهر عظمة الشريعة الإسلامية وعدلها، وتكشف عن تحريف أهل الكتاب لشرائعهم. سأشرحه لك بخشية الله تعالى معتمداً على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.

أولاً. شرح المفردات:


● مُحَمَّماً: أي مُلطَّخاً بالقار أو بشيء أسود يُشبه القار، وهو جزء من العقوبة التي اخترعوها.
● مجلوداً: مضروباً بالجلد.
● أنشدك بالله: أي أسألك وتحلفك بالله.
● أشرافنا: أي ذوي المناصب والوجاهة بينهم.
● الوضيع: الشخص الفقير أو قليل الشأن عندهم.
● أحيا أمرك: أي أطبق حكمك الذي أنزلته وأماتوه هم.

ثانياً. شرح الحديث:


يحدثنا الصحابي الجليل البراء بن عازب رضي الله عنه أن يهودياً قد أُتي به إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن قاموا بمعاقبته عقاباً اخترعوه بأن حَمَّموه (أي لطخوه بالقار أو شيء أسود) وجلدوه، وذلك بتهمة الزنا.
فاستوقفهم النبي صلى الله عليه وسلم متعجباً وسائلاً: «هكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟» أي في التوراة التي أنزلها الله على موسى؟ فأجابوه بنعم، كاذبين ومُتجاهلين للحق.
لكن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الحكيم الذي يعلم أن القوم قد يكذبون، دعا أعلمهم وسأله مُحلِّفاً إياه بالله الذي أنزل التوراة على موسى: «أهكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟».
هنا، لم يستطع العالم أن يكذب وهو يحلف بالله، فاعترف بالحقيقة وقال: "لا"، بل حكم الزاني في التوراة الأصيلة هو الرجم حتى الموت. ثم كشف عن سبب هذا التحريف والتبديل، فقال: "ولكنه كثر في أشرافنا" أي صار الزنا يُرتكب كثيراً من قبل علية القوم وأغنيائهم، فكانوا إذا أمسكوا بشريف تركوها دون عقاب، وإذا أمسكوا بفقير أو ضعيف أقاموا عليه الحد الأصيل (الرجم). ثم اجتمعوا على تغيير الشرع ليتساوى الجميع في عقوبة أخف، فاستبدلوا الرجم بالتحميم والجلد.
فلمّا سمع النبي صلى الله عليه وسلم هذا الاعتراف الصريح، استشعر عظم المسؤولية، فكان أول من أحيا حكم الله بعد أن أماته اليهود تحريفاً وتحيزاً، فقال: «اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه». ثم أمر بإقامة حد الرجم على ذلك اليهودي، فَرُجِمَ تطبيقاً لشرع الله الحق.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- إثبات حد الرجم في الشريعة الإسلامية: الحديث دليل واضح وقاطع على مشروعية الرجم للزاني المحصن (المتزوج) في الإسلام، وهو حكم ثابت في كتاب الله وسنة نبيه وإجماع العلماء.
2- عدالة الإسلام ومساواته بين الناس: الإسلام يسوي بين الناس في إقامة الحدود، فلا فرق بين شريف ووضيع، أو غني وفقير، أو حاكم ومحكوم. الجميع سواسية أمام شرع الله.
3- فضح تحريف أهل الكتاب: يظهر الحديث كيف حرف اليهود شرع الله الذي في التوراة لأهواء الدنيا والمصالح الطبقية.
4- وجوب الحكم بما أنزل الله: الآيات التي نزلت في سياق هذه القصة (من سورة المائدة) تؤكد وجوب التحاكم إلى شرع الله وتحذر من الحكم بغيره، وتبين أن من لم يحكم بما أنزل الله فهو كافر، ظالم، فاسق. وقد فسر العلماء هذه الصفات بحسب حال المعرض عن حكم الله وجحده له أو استبداله بهواه.
5- شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم وقيادته: لم يهادن أو يتردد في إقامة حكم الله حتى لو كان مخالفاً لأهواء الناس وجبروتهم.
6- التثبت في أخذ العلم والأحكام: لم يقتنع النبي صلى الله عليه وسلم بإجابة العامة، بل سأل العالم المحقق ليصل إلى الحقيقة.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث أصل عظيم في باب "الرد على أهل الكتاب" وإثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، حيث أخبره العالم اليهودي بحكم لم يكن يعلمه من قبل إلا بوحي من الله.
- الآيات التي ذكرها الحديث هي من سورة المائدة، وهي تؤسس لمبدأ سيادة الشرع والحكم بما أنزل الله، وهو من أصول العقيدة الإسلامية.
- قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أنا أول من أحيا أمرك» فيه دلالة على فضل إحياء سنن الله وأحكامه إذا أميتت أو نسيت.
أسأل الله أن ينفعنا بما علمنا، وأن يرزقنا الفقه في دينه، والثبات على سنّة نبيه صلى الله عليه وسلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الحدود (١٧٠٠) من طرق عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن عبد اللَّه ابن مرة، عن البراء بن عازب فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 400 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: كنا إذا أخذنا الشريف، تركناه. وإذا أخذنا الضعيف، أقمنا عليه الحد

  • 📜 حديث: كنا إذا أخذنا الشريف، تركناه. وإذا أخذنا الضعيف، أقمنا عليه الحد

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: كنا إذا أخذنا الشريف، تركناه. وإذا أخذنا الضعيف، أقمنا عليه الحد

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: كنا إذا أخذنا الشريف، تركناه. وإذا أخذنا الضعيف، أقمنا عليه الحد

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: كنا إذا أخذنا الشريف، تركناه. وإذا أخذنا الضعيف، أقمنا عليه الحد

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, December 18, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب