حديث: من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٨٩)﴾

عن ابن عباس قال: كان الرجل يقوت أهله قوتا فيه سعة، وكان الرجل يقوت أهله قوتا فيه شدة. فنزلت: ﴿مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ﴾.

صحيح: رواه ابن ماجه (٢١١٣) عن محمد بن يحيى، قال: حدّثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: حدّثنا سفيان بن عيينة، عن سليمان بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس فذكره.

عن ابن عباس قال: كان الرجل يقوت أهله قوتا فيه سعة، وكان الرجل يقوت أهله قوتا فيه شدة. فنزلت: ﴿مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ﴾.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
الحديث الذي تفضلت بذكره رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو يشرح سبب نزول قوله تعالى في آية الكفارة: ﴿فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ﴾ [المائدة: 89].


1. شرح المفردات:


● يَقُوتُ أَهْلَهُ: يطعمهم ويقوم بمعاشهم ونفقتهم. والقوت: هو الطعام الذي يقيم أود الإنسان.
● قُوتًا فِيهِ سَعَةٌ: نفقة طيبة وحسنة، فيها خير وبركة وفضل عن الحد الأدنى.
● قُوتًا فِيهِ شِدَّةٌ: نفقة بالكاد تكفي، فيها ضيق ومشقة، وهي أدنى ما يمكن أن يعيش به الإنسان.
● مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ: (الوسط) هنا يعني: الأعدل والأخير والخيار بين الإسراف والتقتير. فهو ليس الأدنى ولا الأعلى، بل هو المعتاد والمتعارف عليه في طعام البيت الذي لا إسراف فيه ولا تقتير.


2. شرح الحديث:


يخبرنا الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن الحكمة من نزول هذه الآية الكريمة. فقد كان الناس قبل نزولها على حالتين:
* الحالة الأولى: كان الرجل الغني أو الموسر يطعم أهله طعامًا طيبًا فيه سعة وبركة، فإذا أراد أن يكفر عن يمينه (بإطعام عشرة مساكين)، كان يطعم المسكين من هذا الطعام الجيد الذي يعتاده لأهله.
* الحالة الثانية: كان الرجل الفقير أو المعسر يطعم أهله قوتًا شديدًا بالكاد يكفيهم، فإذا أراد أن يكفر، كان يطعم المسكين من هذا النوع الرديء من الطعام.
فنزلت الآية لتضع ميزانًا عادلاً يرفع الحرج عن الفقير ولا يبخس حق المسكين، فأمرت الجميع بأن يكون الإطعام من "أوسط" ما يطعم الإنسان أهله، أي:
* ليس من أردأ طعامه وأبخسه (رفعًا للحرج عن الفقير، فلا يلزم بأعلى ما لا يقدر عليه).
* وليس من أعلاه وأفضله (حفاظًا على حق المسكين، فلا يعطى أدنى ما لا يقيم به صلبه).
* بل من المعتاد والمتوسط الذي لا إسراف فيه ولا تقتير، وهو ما يعتبر طعامًا مقبولاً ومعتادًا للأسرة.
فالآية جاءت لتوحيد المعيار وتحديده بالعدل والوسطية، وهو من محاسن الشريعة ومرونتها وعدلها.


3. الدروس المستفادة منه:


1- العدل والوسطية من أصول الشريعة: الإسلام دين الوسطية والاعتدال، فلا إفراط ولا تفريط، وهذا ظاهر في جميع تشريعاته، حتى في كيفية إخراج الكفارات.
2- مراعاة أحوال الناس: الشرع الحكيم يراعي حال المكلف، فلا يكلفه فوق طاقته، كما يراعي حق المحتاج فلا يبخسه حقه.
3- التيسير ورفع الحرج: مقصد عظيم من مقاصد الشريعة، فلم يوجب الله على المعسر ما يوجبه على الموسر، وجعل الأمر وسطًا يعم الجميع.
4- استشعار المسؤولية: الحديث يذكرنا بمسؤولية الرجل تجاه أهله في النفقة بالمعروف، وهي من الحقوق الواجبة عليه.
5- فقه التعامل مع النصوص: بيان سبب النزول يساعد في فهم الآية فهمًا صحيحًا، ويوضح الحكمة من التشريع.


4. معلومات إضافية مفيدة:


* هذا الحديث هو سبب نزول لهذه الجزئية من الآية، وهو مما يسمى "التفسير بالمثال".
* الآية التي ورد فيها الحديث هي آية كفارة اليمين، وهي من الآيات التي تتحدث عن الكفارات في الإسلام.
* الوسط في اللغة له معانٍ كثيرة منها: العدل، والخير، وما بين الطرفين. والمراد هنا المعنى الذي يجمع بينهما وهو الاعتدال والعدل.
* هذا المنهج الوسط ليس في الكفارات فقط، بل هو منهج في الزكاة والصدقات وغيرها من العبادات المالية، حيث أمر الله بالإطعام من الطعام المعتاد لا من التالف أو الرديء، كما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ﴾ [البقرة: 267].
أسأل الله تعالى أن يفقهنا في الدين، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وينفعنا بما علمنا.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن ماجه (٢١١٣) عن محمد بن يحيى، قال: حدّثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: حدّثنا سفيان بن عيينة، عن سليمان بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس فذكره.
وإسناده صحيح، وقد صحّحه أيضًا البوصيري في زوائد ابن ماجه.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 424 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم

  • 📜 حديث: من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب