حديث: لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (٨٧)﴾

عن ابن عباس قوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ﴾ قال: هم رهطٌ من أصحاب النبي ﷺ، قالوا: نقطَعُ مذاكيرَنا، ونترك شهوات الدنيا، ونسيح في الأرض كما تفعل الرهبان، فبلغ ذلك النبيَّ ﷺ، فأرسل إليهم، فذكر ذلك لهم فقالوا: نعم، فقال رسول اللَّه ﷺ: «لكنيّ أصوم وأفطر، وأصلِّي وأنام، وأنكح النساء، فمن أخذ بسنتي فهو مني، ومن لم يأخذ بسنتي فليس مِني».

حسن: رواه ابن جرير الطبريّ في تفسيره (٨/ ٦١١) عن المثنى، ثنا عبد اللَّه بن صالح، قال: ثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس فذكره.

عن ابن عباس قوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ﴾ قال: هم رهطٌ من أصحاب النبي ﷺ، قالوا: نقطَعُ مذاكيرَنا، ونترك شهوات الدنيا، ونسيح في الأرض كما تفعل الرهبان، فبلغ ذلك النبيَّ ﷺ، فأرسل إليهم، فذكر ذلك لهم فقالوا: نعم، فقال رسول اللَّه ﷺ: «لكنيّ أصوم وأفطر، وأصلِّي وأنام، وأنكح النساء، فمن أخذ بسنتي فهو مني، ومن لم يأخذ بسنتي فليس مِني».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
الحديث: عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} قال: هم رهطٌ من أصحاب النبي ﷺ، قالوا: نقطَعُ مذاكيرَنا، ونترك شهوات الدنيا، ونسيح في الأرض كما تفعل الرهبان، فبلغ ذلك النبيَّ ﷺ، فأرسل إليهم، فذكر ذلك لهم فقالوا: نعم، فقال رسول اللَّه ﷺ: «لكنيّ أصوم وأفطر، وأصلِّي وأنام، وأنكح النساء، فمن أخذ بسنتي فهو مني، ومن لم يأخذ بسنتي فليس مِني».


1. شرح المفردات:


● رهط: جماعة من الرجال (ما بين الثلاثة إلى العشرة).
● مذاكيرنا: جمع "مذكَّر" وهو العضو الذكري، وقصدوا بقطعها التعفف عن الشهوة بالكلية.
● نسيح في الأرض: أي نترهب ونعيش حياة التَجوال والعبادة المتقشفة كالرهبان.
● سنتي: طريقتي ومنهجي الذي شرعته لكم.


2. شرح الحديث:


هذا الأثر يرويه الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ليبيّن سبب نزول الآية الكريمة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} [المائدة: 87].
القصة: أراد بعض الصحابة - رغبة منهم في الزهد والتقرب إلى الله - أن يشددوا على أنفسهم تشديداً عظيماً، فاقترحوا:
- قطع مذاكيرهم (أي التعقيم) ليكفوا عن الشهوة تماماً.
- هجر ملذات الدنيا المشروعة.
- التخلي عن بيوتهم وأهلهم والسياحة في الأرض كالرهبان، بلا استقرار.
فلما بلغ النبي ﷺ أمرهم، استدعاهم وسألهم عن قصتهم، فأقروا بذلك. فأنكر عليهم رسول الله ﷺ هذا الفعل بشدة، وبيّن لهم أن هذا ليس من الدين في شيء، بل هو غلو وتشدد لم يأذن به الله.
رد النبي ﷺ: قدّم النبي ﷺ نفسه قدوة عملية، فقال: «لكنيّ أصوم وأفطر، وأصلِّي وأنام، وأنكح النساء». أي أنني أعبّد الله في إطار الفطرة التي فطر الناس عليها، فلا أترك المباحات ولا أحرّم الطيبات، بل أنظم حياتي بين العبادة والراحة والاستمتاع بالحلال.
ثم ختم ﷺ كلامه بحكم عام وعظيم: «فمن أخذ بسنتي فهو مني، ومن لم يأخذ بسنتي فليس مني». وهذا تأكيد على أن اتباع منهج النبي ﷺ هو معيار الولاء له والانتماء إلى دينه، وأن مخالفة سنته بالغلو أوالتفريط هي انحراف عن الصراط المستقيم.


3. الدروس المستفادة:


1- تحريم الغلو في الدين: الإسلام دين الوسطية والاعتدال، والغلو والتشديد بالزيادة على ما شرع الله منكر عظيم، وقد يؤدي إلى الهلاك. قال تعالى: {وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ} [الشعراء: 151].
2- إباحة الطيبات وعدم تحريمها: من رحمة الله تعالى أن أحل لنا الطيبات من المطاعم والمشارب والزواج، وتحريمها نوع من التنطع والجفاء عن منهج الله.
3- القدوة في النبي ﷺ: النبي ﷺ هو الأسوة الحسنة، وطريقته هي الميزان. فمن أراد التقرب إلى الله، فليقتدِ به ﷺ في كل شيء، ولا يبتدع في الدين ما ليس منه.
4- خطورة الابتداع في الدين: كل أمر يخالف سنة النبي ﷺ فهو مردود على صاحبه، كما في الحديث: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» (رواه مسلم).
5- الزواج والاستمتاع بالحلال عبادة: ليس الصوم والصلاة فقط هما العبادة، بل النوم للراحة لتقوية الجسم على الطاعة، والزواج لإعفاف النفس وإقامة المجتمع، كل ذلك داخل في العبادة إذا قصد به وجه الله.
6- الرد على المتصوفة والرهبان: الحديث نقد واضح لمنهج الرهبانية الذي ابتدعه النصارى، وتأكيد على أن الإسلام جاء ليحرر الإنسان من هذه الأغلال.


4. معلومات إضافية:


- هذا الحديث أخرجه الإمام أحمد في "مسنده" وغيره، وهو حديث صحيح بشواهده.
- الآية التي نزلت في هذه القصة هي في سورة المائدة، وهي تذكير بأن التحريم ليس من حق البشر، بل هو حق لله تعالى وحده.
- من فوائد الحديث: بيان سماحة الإسلام ويسره، ورفعه للحرج عن الأمة.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن جرير الطبريّ في تفسيره (٨/ ٦١١) عن المثنى، ثنا عبد اللَّه بن صالح، قال: ثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس فذكره.
ورواه ابن أبي حاتم في تفسيره (٥/ ١١٨٧)، عن أبيه، ثنا أبو صالح كاتب الليث (وهو عبد اللَّه ابن صالح) به.
وإسناده حسن من أجل عبد اللَّه بن صالح؛ فإنه مختلف فيه، غير أنه حسن الحديث إذا كان له أصل.
وأما ما روي عن عبد اللَّه بن مسعود: أن رجلًا أتى النبي ﷺ، فقال: يا رسول اللَّه، إني إذا أصبت اللحم انتشرت للنساء، وأخذتني شهوتي، فحرمت علي اللحم. فأنزل اللَّه ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (٨٧)﴾ فهو ضعيف.
رواه الترمذيّ (٣٠٥٤)، وابن أبي حاتم في تفسيره (٤/ ١١٨٤)، وابن جرير الطبريّ في تفسيره (٨/ ٦١٣)، كلهم من حديث عثمان بن سعد، عن عكرمة، عن ابن عباس فذكره.
وقال الترمذيّ: هذا حديث حسن غريب، وروى بعضهم عن عثمان بن سعد مرسلًا ليس فيه»عن ابن عباس». ورواه خالد الحذّاء، عن عكرمة مرسلًا». اهـ
قال الأعظمي: مع إرساله ووقفه فيه عثمان بن سعد الكاتب أبو بكر البصري، ضعيف عند جمهور أهل العلم وإن كان ابن عدي حسن الرأي فيه فقال: «هو حسن الحديث»، والقول قول الجمهور، وبه قال الحافظ في التقريب «ضعيف».
قال الأعظمي: وهو كما قال، فقد رواه ابن جرير الطبريّ من أوجه عن خالد الحذّاء، عن عكرمة قال: كان أناس من أصحاب النبي ﷺ همّوا بالخصاء، وترك اللحم والنساء، فنزلت هذه الآية: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾.
وهذا أصح؛ فإن خالد الحذّاء من الثقات الضابطين بخلاف عثمان بن سعيد؛ فإنه ضعيف.
وقال مسروق: أتى عبد اللَّه بضرع، فقال للقوم: أدنو، فأخذوا يطعمونه. وكان رجل منهم في ناحية، فقال عبد اللَّه: أدن، فقال: إني لا أريده. فقال: لم؟ قال: لأني حرمت الضرع. فقال عبد اللَّه: هذا من خطوات الشيطان. وتلا قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ أدن، فكل، وكفر عن يمينك، فإن هذا من خطوات الشيطان.
رواه الحاكم (٢/ ٣١٣ - ٣١٤) من طريق منصور، عن أبي الضحى، عن مسروق. وقال: «صحيح على شرط الشيخين».
ذهب الإمام أحمد وغيره إلى أنّ مَنْ حرّم مأكلا، أو مشربا، أو شيئًا من الأشياء، فإنه يجب عليه بذلك كفارة يمين؛ لعموم قوله تعالى كما في الآية التي بعدها. ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ. . .﴾ ولأثر ابن مسعود وغيره.
وذهب الشافعي وغيره إلى أن من حرم مأكلا أو ملبسا أو شيئًا ما عدا النساء، أنه لا يحرم عليه، ولا كفارة عليه أيضًا، لأنّ مَن حرّم اللحم على نفسه، لم يأمره النبي ﷺ بكفارة.
قال الأعظمي: لعل ذلك لم ينقل، لأن كفارة اليمين معروفة في كتاب اللَّه وسنة رسول اللَّه ﷺ.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 421 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم

  • 📜 حديث: لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب