سَلُونِي لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا بَيَّنْتُهُ لَكُمْ

حديث: سَلُونِي لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا بَيَّنْتُهُ لَكُمْ

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

كتاب تفسير القرآن العظيم

باب قوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (١٠١)﴾

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّاسَ سَأَلُوا نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ حَتَّى أَحْفَوْهُ بِالْمَسْأَلَةِ، فَخَرَجَ ذَاتَ يَوْمٍ، فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَقَالَ: «سَلُونِي لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا بَيَّنْتُهُ لَكُمْ». فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِك الْقَوْمُ أَرَمُّوا وَرَهِبُوا أَنْ يَكُونَ بَيْنَ يَدَيْ أَمْرٍ قَدْ حَضَرَ. قَالَ أَنَسٌ: فَجَعَلْتُ أَلْتَفِتُ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَإِذَا كُلُّ رَجُلٍ لَافٌّ رَأْسَهُ فِى ثَوْبِهِ يَبْكِي، فَأَنْشَأَ رَجُلٌ مِنَ الْمَسْجِدِ، كَانَ يُلَاحَى، فَيُدْعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ. فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَنْ أَبِي؟ قَالَ: «أَبُوكَ حُذَافَةُ». ثُمَّ أَنْشَأَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. فَقَالَ: رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ
رَسُولًا، عَائِذًا بِاللَّهِ مِنْ سُوءِ الْفِتَنِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ قَطُّ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ. إِنِّي صُوِّرَتْ لِيَ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ، فَرَأَيْتُهُمَا دُونَ هَذَا الْحَائِطِ».

متفق عليه: رواه البخاريّ في الدعوات (٦٣٦٢)، ومسلم في الفضائل (٢٣٥٩: ١٣٧) كلاهما من حديث هشام بن عروة، عن قتادة عن أنس فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فهذا حديث عظيم رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه، وسأشرحه لكم بفضل الله تعالى وفق النقاط المطلوبة:

1. شرح المفردات:

● أَحْفَوْهُ بِالْمَسْأَلَةِ: أكثروا عليه من الأسئلة وألحوا فيها.
● أَرَمُّوا: سكتوا وخشوا.
● لَافٌّ رَأْسَهُ فِي ثَوْبِهِ: مغطٍ رأسه بثوبه خجلاً أو خوفاً.
● يُلَاحَى: يخاصم ويجادل.
● يُدْعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ: كان ينسب إلى غير أبيه.
● عَائِذًا بِاللَّهِ: ملتجئاً ومعتصماً بالله.
● صُوِّرَتْ لِي: عُرضت وأُظهرت لي.

2. شرح الحديث:

يحدثنا أنس بن مالك رضي الله عنه أن الصحابة كانوا يكثرون من سؤال النبي صلى الله عليه وسلم حتى أرهقوه بكثرة أسئلتهم، فخرج يوماً وصعد المنبر وقال: "سلوني لا تسألوني عن شيء إلا بينته لكم".
فلما سمع الصحابة هذا العرض غير المعتاد من النبي صلى الله عليه وسلم، خافوا وسكتوا، وظنوا أن هذا العرض يأتي قبل حدث عظيم (كقرب أجله أو قيام الساعة). فوصف أنس المشهد بأنه التفت يميناً وشمالاً فوجد كل رجل يغطي رأسه بثوبه ويبكي خشيةً من الله وخوفاً من سوء العاقبة.
ثم قام رجل كان معروفاً بالخصومة وكان ينسب إلى غير أبيه (أي كان مجهول النسب أو مختلفاً فيه)، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أبيه الحقيقي، فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم بأن أباه هو حذافة.
بعد ذلك قام عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكان من فراسته وحكمته أن فهم أن هذا الموقف ليس للأسئلة العادية، فقال بكلمات جامعة: "رضينا بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد رسولاً، عائذاً بالله من سوء الفتن".
فأثنى النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الموقف وقال: "لم أر كاليوم قط في الخير والشر"، أي لم ير يوماً يجتمع فيه الخير (باستجابة عمر الراشدة) والشر (بسؤال ذلك الرجل عن أبيه). ثم أخبرهم أنه قد رأى الجنة والنار معروضتين له حتى كأنهما وراء الحائط القريب.

3. الدروس المستفادة منه:

● الحكمة في اختيار الأسئلة: ليس كل ما يعلم يسأل عنه، بل ينبغي اختيار الأسئلة النافعة.
● فقه المواقف: عمر رضي الله عنه فهم مقصد النبي صلى الله عليه وسلم من عرضه للسؤال، وأنه اختبار وامتحان لا دعوة للأسئلة العشوائية.
● الرضا بالقدر: في قول عمر "رضينا بالله رباً" درس في الرضا بقضاء الله وقدره.
● الاستعاذة من الفتن: ينبغي للمسلم أن يلجأ إلى الله ويستعيذ به من فتن الشبهات والشهوات.
● عظمة النبي صلى الله عليه وسلم: حيث بين الله له حقائق الغيب كرؤية الجنة والنار.
● التأدب مع العلماء: لا ينبغي إرهاق العلماء بكثرة الأسئلة خاصة غير النافعة.

4. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث من أعلام نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، حيث أخبر عن أبى السائل وهو مجهول النسب.
- موقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه يعد من بدائعه وحكمته المشهورة.
- الحديث يدل على أن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم للجنة والنار كانت يقظة لا مناماً.
- يستفاد من الحديث أن كثرة الأسئلة قد تسبب حرجاً للمسؤول، خاصة إذا كانت عن أمور لا طائل تحتها.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الدعوات (٦٣٦٢)، ومسلم في الفضائل (٢٣٥٩: ١٣٧) كلاهما من حديث هشام بن عروة، عن قتادة عن أنس فذكره. واللفظ لمسلم، ولفظ البخاريّ نحوه. وقال: «كان قتادة يذكر عند هذا الحديث هذه الآية: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾.
قوله: «احفوه بالمسألة» أي أكثروا في الإلحاح والمبالغة فيه. يقال: أحفى وألحف وألحّ بمعنى.
وقوله: «أرمّوا» أي سكتوا. وأصله من المرفة، وهي الشفة أي ضموا شفاهم بعضها على بعض، فلم يتكلموا.
وقوله: «يلاحى» الملاحة المخامصة والسباب.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 433 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: سَلُونِي لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا بَيَّنْتُهُ لَكُمْ

📜 حديث: سَلُونِي لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا بَيَّنْتُهُ لَكُمْ

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: سَلُونِي لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا بَيَّنْتُهُ لَكُمْ

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: سَلُونِي لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا بَيَّنْتُهُ لَكُمْ

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: سَلُونِي لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا بَيَّنْتُهُ لَكُمْ

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية