حديث: ترون هذه طارحة ولدها في النار؟

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥٤)﴾

عن عمر بن الخطاب قدم على النبي ﷺ سبي، فإذا امرأة من السبي قد تحلب ثديها تسقي، إذا وجدت صبيا في السبي أخذته، فألصقته ببطنها، وأرضعته، فقال لنا النبي ﷺ: «أترون هذه طارحة ولدها في النار؟». قلنا: لا، وهي تقدر على أن لا تطرحه. فقال: «للَّه أرحم بعباده من هذه بولدها».

متفق عليه: رواه البخاريّ في الأدب (٥٩٩٩)، ومسلم في التوبة (٢٧٥٤) كلاهما من حديث ابن أبي مريم، حدّثنا أبو غسان، قال: حدثني زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب فذكره.

عن عمر بن الخطاب قدم على النبي ﷺ سبي، فإذا امرأة من السبي قد تحلب ثديها تسقي، إذا وجدت صبيا في السبي أخذته، فألصقته ببطنها، وأرضعته، فقال لنا النبي ﷺ: «أترون هذه طارحة ولدها في النار؟». قلنا: لا، وهي تقدر على أن لا تطرحه. فقال: «للَّه أرحم بعباده من هذه بولدها».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله.
أما بعد، فهذا الحديث العظيم الذي رواه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهو حديث صحيح رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما، وفيه من المعاني الجليلة والعبر العظيمة ما ينبغي لكل مسلم أن يتأمل فيه.

أولاً. شرح مفردات الحديث:


● سبي: الأسرى الذين يؤخذون في الحرب من الكفار.
● تحلب ثديها تسقي: يعني أن لبنها كان يدر بكثرة حتى إنه كان يحلب من ثديها من شدة امتلائه باللبن.
● ألصقته ببطنها: ضمته إلى صدرها وبطنها لترضعه.
● طارحة ولدها في النار: ترمي به في النار.

ثانياً. شرح الحديث:


يخبرنا سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في موقف من المواقف التي جاء فيها سبي (أسرى) من المشركين، فرأى امرأة من هؤلاء السبي كان لبنها يدر بكثرة من ثديها من شدة امتلائه، فكلما وجدت طفلاً صغيراً بين الأسرى، أسرعت إليه وأخذته وألصقته ببطنها (أي صدرها) لترضعه، وكانت تفعل ذلك مع أي طفل تجده، وليس بالضرورة أن يكون ولدها.
فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم هذا المشهد المؤثر، الذي يظهر شفقة هذه المرأة وحنوها على الأطفال، حتى وإن لم يكونوا أولادها، التفت إلى أصحابه رضي الله عنهم وسألهم: «أترون هذه طارحة ولدها في النار؟» أي: هل تتوقعون أن هذه المرأة التي ترأف بالأطفال إلى هذه الدرجة يمكن أن ترمي بولدهها في النار؟ فأجاب الصحابة: لا، وهي تقدر على أن لا تطرحه. أي: لا يمكن أن تفعل ذلك وهي قادرة على منع ذلك.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «الله أرحم بعباده من هذه بولدها». أي أن رحمة الله تعالى بعباده أعظم وأكبر من رحمة هذه المرأة بذلك الطفل الذي أرضعته.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- عظمة رحمة الله تعالى: هذا الحديث من أعظم الأحاديث التي تبين سعة رحمة الله تعالى بعباده، فالنبي صلى الله عليه وسلم ضرب لنا مثلاً بأعظم ما يمكن أن يتصوره الإنسان من الرحمة، وهي رحمة الأم بولدها، ثم أخبرنا أن رحمة الله أعظم من ذلك.
2- الرد على من يتوهم قسوة الله أو يعتقد أنه يعذب عباده بدون سبب: فإن هذه المرأة التي هي من الأسرى ولا تدين بالإسلام، بل هي من المشركات، لا يمكن أن ترمي ولدها في النار، فكيف بالله تعالى الذي هو أرحم الراحمين، وأكرم الأكرمين، أن يعذب عباده بدون سبب أو بدون ذنب؟
3- التفكر في أسماء الله وصفاته: من أسماء الله "الرحمن الرحيم"، وهذه الصفة تتجلى في خلقه ورزقه وعفوه ومغفرته، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن رحمة الله سبقت غضبه.
4- الأمل في مغفرة الله تعالى: لا ينبغي للمسلم أن يقنط من رحمة الله، مهما عظمت ذنوبه، فإن رحمة الله وسعت كل شيء، وهو القائل: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر:53].
5- الحث على الرحمة والشفقة: فإن النبي صلى الله عليه وسلم أظهر الإعجاب برحمة هذه المرأة، مما يدل على أن الرحمة خلق عظيم يحبه الله ورسوله.

رابعاً. فوائد إضافية:


- هذا الحديث يدخل في باب "الرحمة" و"التفكر في خلق الله"، وفيه تربية للنفس على عدم القنوط من رحمة الله.
- ينبغي للمسلم أن يكون رحيماً بالخلق، فإن الرحمة تجلب رحمة الله، كما في الحديث: "ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء".
- هذا الحديث يبين أن الرحمة فطرة في الإنسان، حتى في غير المسلمين، لكن رحمة الله أعظم وأشمل.
نسأل الله تعالى أن يعمنا برحمته، وأن يجعلنا من الذين يرجون رحمته ويخافون عذابه، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الأدب (٥٩٩٩)، ومسلم في التوبة (٢٧٥٤) كلاهما من حديث ابن أبي مريم، حدّثنا أبو غسان، قال: حدثني زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 452 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ترون هذه طارحة ولدها في النار؟

  • 📜 حديث: ترون هذه طارحة ولدها في النار؟

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ترون هذه طارحة ولدها في النار؟

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ترون هذه طارحة ولدها في النار؟

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ترون هذه طارحة ولدها في النار؟

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب