حديث: الشرك لظلم عظيم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (٨٢)﴾

عن عبد اللَّه بن مسعود قال: لما نزلت هذه الآية: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ﴾ شق ذلك على أصحاب النبي ﷺ، وقالوا: أينا لم يظلم نفسه؟ فقال رسول اللَّه ﷺ: «ليس هو كما تظنون، إنما هو كما قال لقمان لابنه: ﴿وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ [سورة لقمان: ١٣].

متفق عليه: رواه البخاريّ في التفسير (٤٦٢٩)، ومسلم في الإيمان (١٢٤) كلاهما من طريق سليمان الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللَّه بن مسعود، فذكره.

عن عبد اللَّه بن مسعود قال: لما نزلت هذه الآية: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ﴾ شق ذلك على أصحاب النبي ﷺ، وقالوا: أينا لم يظلم نفسه؟ فقال رسول اللَّه ﷺ: «ليس هو كما تظنون، إنما هو كما قال لقمان لابنه: ﴿وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ [سورة لقمان: ١٣].

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه عن الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، يحمل قصةً عظيمةً وموقفاً تربوياً فريداً من النبي صلى الله عليه وسلم في تفسير القرآن وتوضيح معانيه لأصحابه.

أولاً. شرح المفردات:


● لما نزلت هذه الآية: أي عندما أُنزلت آية سورة الأنعام.
● لم يلبسوا إيمانهم بظلم: لم يخلطوا إيمانهم بشرك أو كفر.
● شق ذلك: ثقل عليهم وسبب لهم الحزن والهم.
● أينا لم يظلم نفسه؟: اعتراف منهم بأن كل إنسان قد وقع منه تقصير أو معصية.

ثانياً. شرح الحديث:


السياق والقصة:
نزلت الآية الكريمة من سورة الأنعام: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيْمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأنعام: 82]. ففهم الصحابة رضي الله عنهم كلمة (الظلم) على معناها العام الشامل، الذي يدخل فيه كل معصية كبيرة كانت أم صغيرة. فاستشعروا عظمة التكليف وثقلوه، لأنهم بشر لا يخلو أحدهم من زلة أو تقصير، فاعترفوا بذلك وقالوا: "أينا لم يظلم نفسه؟" أي أيُّنا لم يقترف ذنباً أو معصيةً تُعدُّ ظلماً للنفس؟
الموقف النبوي التربوي:
هنالك تدخل النبي صلى الله عليه وسلم ليبين لهم أن المراد بالظلم في هذه الآية ليس هو الظلم العام (الذي يشمل الذنوب)، بل هو الظلم الخاص الأكبر، ألا وهو الشرك بالله تعالى. واستشهد صلى الله عليه وسلم على ذلك بآية أخرى من القرآن، هي قول لقمان الحكيم لابنه: {يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13]. فبيّن لهم أن الظلم العظيم الذي لا يُغفر هو الشرك، وأما ذنوب المؤمنين الأخرى فيمكن أن تغفرها رحمة الله ومغفرته.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- حسن فهم الصحابة وورعهم: يظهر من الموقف شدة خوف الصحابة رضي الله عنهم من الله تعالى، واستشعارهم للمسؤولية، وحرصهم على أن يكونوا من أهل الأمن والهداية المذكورين في الآية. لم يتساهلوا أو يتكئوا على رحمة الله فقط، بل خافوا من وعيد الآية.
2- دور النبي المعلم: بيان الدور العظيم للنبي صلى الله عليه وسلم في تربية أصحابه وتوضيح غامض القرآن لهم، ورفع الحرج عنهم، وتيسير الدين وتسهيله.
3- أن القرآن يفسر بعضه بعضاً: حيث استدل النبي صلى الله عليه وسلم بآية من سورة لقمان ليفسر آية من سورة الأنعام. وهذا من أعظم طرق التفسير.
4- بيان أن أعظم الظلم هو الشرك: فالشرك هو أن تضع العبادة في غير موضعها، فتعبُد غير الله وهو الذي خلقك ورزقك. وهذا هو الظلم الحقيقي، لأنه جحود لنعمة الخالق واعتراف بالنعمة للغير.
5- الفرق بين الشرك والذنب: التأكيد على أن الذنوب -ما دون الشرك- مع عظم خطرها، إلا أنها لا تُخرج المسلم من دائرة الإيمان الذي لم يلبس بظلم الشرك، وهي تحت مشيئة الله إن شاء عذب صاحبها وإن شاء غفر له.
6- البشارة والأمل: في الحديث بشرى عظيمة للمؤمنين الموحدين الذين لم يشركوا بالله شيئاً، أن لهم الأمن من الخوف الأكبر (عذاب الآخرة) والهداية في الدنيا والآخرة.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث من أبلغ الأدلة على أن الشرك هو أعظم الذنوب على الإطلاق.
- وهو يرد على من يتساهل في بعض أنواع الشرك الأصغر (كالحلف بغير الله، أو الرياء) فإنه وإن كان لا يخرج من الملة، إلا أنه من الظلم الذي ينبغي للمؤمن أن يحذره ويخافه.
- الآية التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم هي من وصايا لقمان الحكيم لابنه، والتي تبدأ بأهم شيء على الإطلاق: الحفاظ على التوحيد ونبذ الشرك.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم، وأن يحفظنا من الشرك كبيره وصغيره، وأن يتوفانا على التوحيد الخالص.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في التفسير (٤٦٢٩)، ومسلم في الإيمان (١٢٤) كلاهما من طريق سليمان الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللَّه بن مسعود، فذكره. واللفظ لمسلم ولفظ البخاريّ نحوه.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 455 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: الشرك لظلم عظيم

  • 📜 حديث: الشرك لظلم عظيم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: الشرك لظلم عظيم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: الشرك لظلم عظيم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: الشرك لظلم عظيم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب