إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ إِلَى اللَّهِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا

حديث: إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ إِلَى اللَّهِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

كتاب تفسير القرآن العظيم

باب قوله: ﴿وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (١١٦) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (١١٧) إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١١٨)﴾

عن ابن عباس قال: خطب رسول اللَّه ﷺ فقال: «يا أيها الناس إنكم محشورون إلى اللَّه حفاة عراة غرلا» ثم قال: ﴿يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ﴾ [الأنبياء: ١٠٤] إلى آخر الآية ٣٠ قال: «ألا وإن أول الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم. ألا! وإنه يجاء برجال من أمتي، فيؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: يا رب أصحابي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول كما قال العبد الصالح: ﴿وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ
وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ فيقال: إن هؤلاء لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم».

متفق عليه: رواه البخاريّ في التفسير (٤٦٢٥)، ومسلم في الجنة وصفة نعيمها وأهلها (٥٦: ٢٨٦٠) كلاهما من طريق شعبة، أخبرنا المغيرة بن النعمان، قال: سمعت سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: فذكره واللفظ للبخاري.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المرسلين.
أما بعد، فإن حديث ابن عباس رضي الله عنهما هذا من الأحاديث العظيمة التي تصور مشاهد من يوم القيامة، وتوضح عظمة ذلك اليوم وهوله، وفيما يلي شرحه الوافي بحسب الطلب:

1. شرح المفردات:

● محشورون: مجتمعون ومجموعون من قبوركم للحساب.
● حفاة: بدون أحذية أو نعال.
● عراة: بدون ملابس تستر الأجساد.
● غرلا: بمعنى غير مختونين، أي على الفطرة التي خلقوا عليها دون تغيير.
● ذات الشمال: جهة الشمال، وهي جهة الشمال التي يسير إليها أهل النار.
● مرتدين على أعقابهم: راجعين إلى الكفر والضلال بعد إيمانهم، ناكثين للعهد، منقلبين على أعقابهم القهقرى.

2. شرح الحديث:

يبدأ الحديث بأن النبي ﷺ يخاطب الناس ويذكرهم بيوم الحشر، وهو اليوم الذي يُبعث فيه الناس من قبورهم ويُحشرون إلى الله تعالى، وهم في حالة من الضعف والعري؛ حفاة لا نعال لهم، عراة لا ثياب تسترهم، غرلاً لم يختتنوا، وذلك لأن الدنيا وزينتها قد زالت، وكل أحد يُحشر على ما مات عليه.
ثم يستشهد النبي ﷺ بقوله تعالى:
﴿يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ﴾
وهذا تصوير لعظمة يوم القيامة، حيث تُطوى السماء كطي السجل للكتب (أي كما يُطوى الورق المكتوب)، ويُعيد الله الخلق كما بدأهم أول مرة، تحقيقاً لوعد الله الحق.
ثم يذكر ﷺ أن أول الخلائق يُكسى يوم القيامة هو إبراهيم عليه السلام، تكريماً له؛ فقد كان أبو الأنبياء وإمام الحنفاء، ومن المعلوم أن الكسوة في ذلك اليوم هي من أنواع التكريم والنجاة من هول الموقف.
ثم ينتقل الحديث إلى مشهد عظيم، حيث يُؤخذ أناس من هذه الأمة إلى جهة الشمال (جهة النار)، فيتشفع النبي ﷺ لهم قائلاً: "يا رب أصحابي!" فيُرد عليه بأنهم أحدثوا بعدك – أي ارتكبوا البدع والضلالات وكفروا بعد إيمانهم – فلا ينفعهم شفاعته.
فيستشهد النبي ﷺ بقول عيسى عليه السلام في القرآن:
﴿وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾
[سورة المائدة: 117]
أي: كنت أشهد على أعمالهم وأحوالهم ما دمت بينهم، فلما قبضتني أصبحت أنت الرقيب عليهم، وأنت أعلم بما فعلوا.
فيُقال له: إن هؤلاء لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم، أي أنهم ارتدوا عن الإسلام بعد موتك، ولم يثبتوا على الدين.

3. الدروس المستفادة:

● عظمة يوم القيامة وهوله: حيث يُحشر الناس حفاة عراة غرلاً، وتُطوى السماء، ويعود الخلق إلى أصلهم.
● الشفاعة لا تنفع المرتدين: فمن ارتد عن دين الله بعد إيمانه، فإن شفاعة النبي ﷺ – بل أي شفاعة – لا تنفعه.
● وجوب الثبات على الدين: والاستمرار على الطاعة حتى الموت، والحذر من الردة والبدع والضلال.
● مكانة إبراهيم عليه السلام: فهو أبو الأنبياء، وأول من يُكسى يوم القيامة تكريماً له.
● أن الله هو الرقيب على الخلق: وهو المطلع على السرائر، الذي لا يغيب عنه شيء.

4. معلومات إضافية:

- هذا الحديث رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما، وهما أصح الكتب بعد القرآن.
- فيه بيان أن الشفاعة خاصة للمؤمنين الموحدين، وأما الكفار والمرتدون فلا تنالهم شفاعة.
- "ذات الشمال" إشارة إلى اتجاه أهل الشقاء والعذاب، كما أن "ذات اليمين" إشارة إلى أهل السعادة والجنة.
- قوله: "مرتدين على أعقابهم" تحذير من الردة والخروج من الملة، وأن ذلك من أعظم الذنوب.

أسأل الله تعالى أن يثبتنا على دينه، ويحسن خاتمتنا، وأن يجعلنا من أهل اليمين، ولا يردنا على أعقابنا نكص إلى النار.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في التفسير (٤٦٢٥)، ومسلم في الجنة وصفة نعيمها وأهلها (٥٦: ٢٨٦٠) كلاهما من طريق شعبة، أخبرنا المغيرة بن النعمان، قال: سمعت سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: فذكره واللفظ للبخاري.
وفيه دلائل واضحة بأن ألوهية المسيح وقعتْ في النصرانية بعد رفع المسيح عليه السلام، وأنه لم يدّع لنفسه الألوهية قط.
وقوله: ﴿إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ فيه تسليم للأمر كله إلى اللَّه عز وجل، وقوله: إنْ كان فيه طلب المغفرة لهم فذلك يعود إلى لين طبيعة عيسى عليه السلام إِلَّا أنه فوّض الأمر إلى اللَّه عز وجل، ولذا ختمت الآية بقوله: ﴿فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾. وهذا مثل استئذان النبي ﷺ ربه تعالى للاستغفار لأمه شفقة عليها إِلَّا أنه لم يؤذن له لذلك.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 445 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ إِلَى اللَّهِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا

📜 حديث: إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ إِلَى اللَّهِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ إِلَى اللَّهِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ إِلَى اللَّهِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ إِلَى اللَّهِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية