إذا أعجلت أو أقحطت فلا غسل عليك وعليك الوضوء

حديث: إذا أعجلت أو أقحطت فلا غسل عليك وعليك الوضوء

عن أبي سعيد الخدري، قال: أنَّ رسول الله ﷺ مرّ على رجل من الأنصار، فأرسل إليه فخرج ورأسه يقطر، فقال: لعلَّنا أعْجَلْناك؟، قال: نعم يا رسول الله!، قال: «إذا أُعْجِلتَ أو أُقْحِطْت فلا غُسْلَ عليك، وعليك الوضوءُ». وقال ابن بشار: إذا أعجلت أو أقحطت.

متفق عليه: أخرجه البخاري (١٨٠)، ومسلم (٣٤٥) عن طريق شعبة، وهو في "مسند أحمد" (١١١٦٢)، و"صحيح ابن حبان" (١١٧١).

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا بما ندرس ونعلم.

أولاً. شرح مفردات الحديث:

● مرّ على رجل من الأنصار: أي أن النبي ﷺ مرّ ببيت رجل من الأنصار.
● فأرسل إليه: أرسل النبي ﷺ من يستدعيه.
● ورأسه يقطر: أي أن الماء كان يتقاطر من رأسه، دليلاً على أنه كان يغتسل.
● لعلنا أعجلناك؟: لعلنا استدعيناك فبادرت بالخروج إلينا قبل أن تتم غسلك.
● أعجلت: أي بادرت وخرجت مسرعاً قبل إكمال الغسل.
● أقحطت: حبست عن الإنزال، ومعنى الإقحاط هنا عدم إنزال المني، وهو استعارة من قحوط المطر، وهو انحباسه، وقحوط الأرض وهو عدم إخراجها النبات.
● فلا غسل عليك: أي لا يجب عليك أن تعيد الغسل الكامل. (والحاصل أنك إذا جامعت ثم ما أنزلت بسبب من الأسباب، فلا غسل عليك)
● وعليك الوضوء: أي يكفيك أن تتوضأ وضوء الصلاة فقط.
والجمهور على أن هذا الحديث منسوخ بحديث: "إذا التقى الختانان"، بل قيل: إنه مما أجمع المتأخرون على نسخه، والله تعالى أعلم.

ثانياً. شرح الحديث:

يخبر الصحابي الجليل أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي ﷺ مرّ ببيت رجل من الأنصار، فأرسل إليه من يستدعيه. فخرج الرجل مسرعاً لإجابة النبي ﷺ، وكان رأسه يقطر ماءً لأنه كان في وسط غسل جنابة. فسأله النبي ﷺ بأدب وحسن خلق: "لعلنا أعجلناك؟" أي لعلنا سببنا في إسراعك وعدم إكمال غسلك. فأجاب الرجل: نعم يا رسول الله. فقال له النبي ﷺ: «إذا أُعجِلتَ أو أُقحِطت فلا غسل عليك، وعليك الوضوء».
معنى هذا أن من كان يغتسل من الجنابة، فإذا حدث له عارض من عوارض السفر أو المرض أو طارئ مثل أن يُستدعى لأمر مهم، أو ينقطع عنه الماء، فإنه لا يجب عليه إكمال الغسل، بل يجزئه أن يتوضأ وضوءه للصلاة، ويصلي بهذا الوضوء، ولا إعادة عليه.

ثالثاً. الدروس المستفادة:

1- الرفق بالناس ومراعاة أحوالهم: حيث لاحظ النبي ﷺ حالة الرجل وسأله بأدب، ولم يعنفه على خروجه قبل إكمال الغسل.
2- التيسير ورفع الحرج: الشرائع الإسلامية مبنية على التيسير وعدم التشديد، خاصة عند وجود الأعذار.
3- أهمية إجابة الدعوة: حرص الرجل على إجابة النبي ﷺ يدل على أهمية إجابة الدعوة وخصوصاً إذا كانت من ولي الأمر أو صاحب الحق.
4- الاستحباب لا الوجوب: الحديث يدل على أن إكمال الغسل من الجنابة مستحب وليس بواجب إذا وجد عذر، وأن الوضوء يكفي.

رابعاً. بيان المسألة الفقهية والنسخ:

إن جمهور العلماء (ومنهم الأئمة الأربعة) يرون أن هذا الحديث منسوخ بحديث: «إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل» (متفق عليه)، والمعروف بحديث: "إذا التقى الختانان". والنسخ معناه أن الحكم الأول قد تغير بحكم لاحق.
● الحكم المنسوخ: هو الاكتفاء بالوضوء عند الانقطاع أو العَجلة في غسل الجنابة.
● الحكم الناسخ: هو وجوب الغسل الكامل بمجرد التقاء الختانين (أي حصول الجماع) ولو دون إنزال.
ولهذا فإن الفقهاء متفقون اليوم على أن من حصل منه جماع وجب عليه الغسل كاملاً، سواء أنزل أم لم ينزل، وسواء أكمل الغسل أم أعجل. والوضوء لا يكفي في هذه الحالة.
* مذهب الجمهور (وقيل بل الإجماع) أن هذا الحديث منسوخ، أي أن حكمه قد انتهى وبُيِّن بحكم آخر.
* الناسخ له عندهم هو الحديث الصحيح المشهور: «إِذَا جَاوَزَ الْخِتَان الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ» (رواه الترمذي وقال: حسن صحيح)، ومعناه: إذا حصل التقاء بين فرجي الرجل والمرأة وحصل الإنزال، فيجب الغسل.

خامساً:

الخلاصة:
- الحديث يدل على التيسير الشرعي ورفع الحرج عند وجود الأعذار.
- لكن العمل اليوم عند العلماء على أن هذا الحكم منسوخ، وأن الغسل واجب كامل مع حصول الجماع.
- يستفاد من الحديث أدب النبي ﷺ وحرصه على التخفيف عن أصحابه.
والله تعالى أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

أخرجه البخاري (١٨٠)، ومسلم (٣٤٥) عن طريق شعبة، وهو في "مسند أحمد" (١١١٦٢)، و"صحيح ابن حبان" (١١٧١).
وأخرجه مسلم (٣٤٣) (٨٠) من طريق عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري، ومسلم (٣٤٣) (٨١)، وأبو داود (٢١٧) من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن، كلاهما عن أبي سعيد الخدري، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بلفظ: "إنما الماء من الماء".
قال السندي: قوله: "لعلنا أعجلناك" حتى اغتسلت قبل أن تنزل.
قوله: "إذا أعجلت": على بناء المفعول، أي: أعجلك أحد عن الإنزال.
قوله: "أو أقحطت": على بناء المفعول، أي: حبست عن الإنزال، والحاصل أنك إذا جامعت ثم ما أنزلت بسبب من الأسباب، فلا غسل عليك.
والجمهور على أنه منسوخ بحديث: "إذا التقى الختانان"، بل قيل: إنه مما أجمع المتأخرون على نسخه، والله تعالى أعلم.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 3 من أصل 56 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إذا أعجلت أو أقحطت فلا غسل عليك وعليك الوضوء

📜 حديث: إذا أعجلت أو أقحطت فلا غسل عليك وعليك الوضوء

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: إذا أعجلت أو أقحطت فلا غسل عليك وعليك الوضوء

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: إذا أعجلت أو أقحطت فلا غسل عليك وعليك الوضوء

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: إذا أعجلت أو أقحطت فلا غسل عليك وعليك الوضوء

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية