إنما الماء من الماء

حديث: إنما الماء من الماء

عن أبي سعيد الخُدري قال: خرجتُ مع رسول الله ﷺ يوم الاثنين إلى قباء، حتى إذا كُنّا في بني سالم وقف رسول الله ﷺ على باب عِتْبان، فصرخ به، فخرج يجر إزاره، فقال رسول الله ﷺ: «أعْجَلنا الرجلَ». فقال عِتْبانُ: يا رسول الله! أرأيت الرجلَ يُعْجَلُ عن امرأته ولم يُمْنِ، ما عليه؟ قال رسول الله ﷺ: «إنما الماء من الماء».

متفق عليه: رواه مسلم في الحيض (٣٤٣) عن عبد الرحمن بن أبي سعيد، عن أبيه، ورواه أيضًا عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي سعيد، ولم يذكر القصة، وإنما ذكر لفظ الحديث فقط، وهو: «إنما الماء من الماء».

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا بما ندرس ونفهم من سنة نبيه ﷺ.
شرح الحديث:
هذا الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه، وفيه قصة عظيمة ومسألة فقهية مهمة.
أولاً: شرح المفردات:
* خرجتُ مع رسول الله ﷺ يوم الاثنين إلى قباء: أي ذهبت بصحبته ﷺ إلى مسجد قباء، وهو أول مسجد أسس على التقوى.
* بني سالم: اسم حي من أحياء المدينة المنورة.
* باب عِتْبان: عِتْبانُ بْن مَالِكٍ رضي الله عنه هو صحابي من الأنصار. والباب هو مدخل بيته.
* فصرخ به: ناداه بصوت عالٍ ليسمعه.
* يجر إزاره: أي كان سريع الخروج لاستجابة نداء النبي ﷺ، حتى أن ثوبه (إزاره) كان يجر خلفه من سرعته.
* أعْجَلنا الرجلَ: قالها النبي ﷺ تعليقاً على سرعة خروج عتبان، أي (أقلقناه وأزعجناه وأخرجناه على عجل).
* يُعْجَلُ عن امرأته: أي يقطع جماعه مع زوجته وينزل منها قبل أن ينزل هو (أي قبل أن يُنْزِل المني).
* ولم يُمْنِ: أي ولم ينزل هو المني.
* ما عليه؟: يسأل عن الحكم الشرعي في هذه الحالة.
* «إنما الماء من الماء»: هذه هي الجملة المحورية في الحديث، والمقصود بها: إنما يجب الغسل (الاستحمام الكامل) بخروج الماء الدافق، وهو المني، وليس بمجرد الجماع دون إنزال.
ثانياً: المعنى الإجمالي للحديث:
يخبر الصحابي الجليل أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أنه كان يصحب النبي ﷺ في طريق إلى مسجد قباء، فلما مروا بحي بني سالم، وقف النبي ﷺ عند باب الصحابي عتبان بن مالك وناداه. فخرج عتبان مسرعاً حتى أن ثوبه كان يجر من سرعته. فلما رآه النبي ﷺ على هذه الحالة قال تعليقاً على سرعته: "أقلقنا الرجل وأخرجناه على عجل".
فاستغل عتبان رضي الله عنه هذه الفرصة ليسأل النبي ﷺ عن مسألة تشغله، وهي: ما حكم الرجل إذا جامع زوجته ولكنّه قطع الجماع وأنزل نفسه عنها قبل أن ينزل المني؟ فأجابه النبي ﷺ بإجابة موجزة جامعة وهي: «إنما يجب الغسل من خروج المني»، أي إذا لم ينزل المني فلا غسل عليه.
ثالثاً: الدروس المستفادة منه:
1- تواضع النبي ﷺ وحرصه على أصحابه: حيث وقف على باب أحد أصحابه ليزوره أو لشيء مهم، وهذا من تواضعه العظيم وحسن خلقه.
2- حرص الصحابة رضي الله عنهم على طلب العلم: حيث استغل عتبان رضي الله عنه وجود النبي ﷺ ليسأله عن مسألة مهمة في دينه وعادته اليومية.
3- جواز السؤال عن الأمور الخاصة والعائلية: إذا كان القصد معرفة الحكم الشرعي، وذلك بسؤال العالم أو المفتي بأدب واختصار.
4- بيان حكم شرعي مهم: وهو أن الغسل الكامل (الجنابة) لا يجب إلا بخروج المني من الرجل أو المرأة، سواء كان ذلك بجماع أو باحتلام أو غير ذلك. أما مجرد الجماع دون إنزال (وهو ما يسمى بالعزل أحياناً) فلا يوجب الغسل، وإنما يوجب الوضوء فقط إذا خرج منه المذي.
5- حسن استقبال الضيف وإكرامه: حيث بادر عتبان رضي الله عنه بالخروج مسرعاً لإكرام النبي ﷺ.
رابعاً: معلومات إضافية مفيدة:
* هذا الحديث أصل من أصول باب الغسل من الجنابة في الفقه الإسلامي.
* جمهور العلماء من السلف والخلف على أن القاعدة «إنما الماء من الماء» تعني أن سبب الغسل هو خروج المني، وهو قول الأئمة الأربعة.
* الحديث دليل على أن من جامع ولم ينزل فلا غسل عليه، ولكن عليه الوضوء إذا خرج منه المذي.
* يستفاد من الحديث أيضاً جواز العزل (قطع الجماع قبل القذف) إذا كان بإذن الزوجة، وهو رأي جمهور العلماء، لكنه مكروه عند البعض لورود أحاديث تنهى عنه إلا بإذنها.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الحيض (٣٤٣) عن عبد الرحمن بن أبي سعيد، عن أبيه، ورواه أيضًا عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي سعيد، ولم يذكر القصة، وإنما ذكر لفظ الحديث فقط، وهو: «إنما الماء من الماء». وفي رواية عنده وعند البخاري في الوضوء (١٨٠) عن الحكم، عن ذكوان، عن أبي سعيد الخدري، قال: أنَّ رسول الله ﷺ مرّ على رجل من الأنصار، فأرسل إليه فخرج ورأسه يقطر، فقال: لعلَّنا أعْجَلْناك؟، قال: نعم يا رسول الله!، قال: «إذا أُعْجِلتَ أو أُقْحِطْت فلا غُسْلَ عليك، وعليك الوضوءُ». واللفظ لمسلم.
قوله: «أقحطْتَ» من القحط، وهو عدم المطر، يقال: أقحط الرجلُ إذا جامع ولم يُنزِل، وهو بمعنى الإكسال كما في حديث أُبِي بن كعب.
وقوله: «إنما الماءُ من الماء» الماءُ الأول: الماءُ المُطَهْر، والثاني: المني. فيه حجة لمن لم ير إيجاب الغُسل من التقاء الختانين، إلا أنه منسوخ بحديث عائشة وغيرها في قول النبي ﷺ: «إذا جلس بين شُعَبِها الأربع، ومس الختانُ الختانَ فقد وجب الغسل». وسيأتي في الباب الذي يليه.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 4 من أصل 56 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إنما الماء من الماء

📜 حديث: إنما الماء من الماء

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: إنما الماء من الماء

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: إنما الماء من الماء

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: إنما الماء من الماء

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية