أبن القدح عن فيك ثم تنفس

حديث: أبن القدح عن فيك ثم تنفس

عن أبي المثنى الجهني أنه قال: كنت عند مروان بن الحكم، فدخل عليه أبو سعيد الخدري، فقال له مروان بن الحكم: أسمعت من رسول الله ﷺ أنه نهى عن النفخ في الشراب؟ فقال له أبو سعيد: نعم، فقال له رجل: يا رسول الله! إني لا أروى من نفس واحد، فقال له رسول الله ﷺ: فأبن القدح عن فيك، ثم تنفس»، قال: فإني أرى القذاة فيه، قال: فأهرقها.

حسن: رواه مالك في صفة النبي ﷺ (١٢) عن أيوب بن خبيب، مولى سعد بن أبي وقاص، عن أبي المثنى الجهني، أنه قال: فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فسأقوم بشرح هذا الحديث النبوي الشريف شرحًا وافيًا وفق منهج أهل السنة والجماعة، مستندًا إلى كبار شراح الحديث.

نص الحديث:

عن أبي المثنى الجهني أنه قال: كنت عند مروان بن الحكم، فدخل عليه أبو سعيد الخدري، فقال له مروان بن الحكم: أسمعت من رسول الله ﷺ أنه نهى عن النفخ في الشراب؟ فقال له أبو سعيد: نعم، فقال له رجل: يا رسول الله! إني لا أروى من نفس واحد، فقال له رسول الله ﷺ: «فأبن القدح عن فيك، ثم تنفس»، قال: فإني أرى القذاة فيه، قال: «فأهرقها».

1. شرح المفردات:

● النفخ في الشراب: إخراج الهواء من الفم في الإناء أثناء الشرب.
● لا أروى من نفس واحد: لا أرتوي وأشبع عطشي بنفس واحد (أي يحتاج إلى أن يتنفس أثناء الشرب).
● أبن القدح عن فيك: أبعد الإناء عن فمك.
● القذاة: ما يقع في الشراب من غبار أو ذرات صغيرة أو شوائب.
● أهرقها: أصرّفها وأسكبها.

2. شرح الحديث:

يذكر الحديث أن مروان بن الحكم سأل الصحابي الجليل أبا سعيد الخدري رضي الله عنه عن صحة النهي النبوي عن النفخ في الشراب، فأكد أبو سعيد سماعه ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم.
ثم ذكر أبو سعيد قصة رجل شكا للنبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يستطيع إرواء عطشه بنفس واحد (أي يحتاج إلى أخذ نفس أثناء الشرب)، فخاف أن ينفخ في الإناء مخالفةً لأمر النبي. فأرشده النبي صلى الله عليه وسلم إلى حلّين:
- الأول: أن يبعد الإناء عن فم ثم يتنفس خارج الإناء، ثم يعود للشرب.
- الثاني: إذا رأى قذاة (شيئًا مما يعكر صفوة الشراب) في الإناء، فليسكبها ولا يشربها.

3. الدروس المستفادة والعبر:

● تحريم النفخ في الشراب: وهذا النهي يدل على كراهة التنفخ في الإناء أو التحريم، وذلك لأسباب منها:
● الناحية الصحية: لأن النفخ قد ينقل جراثيم أو رذاذًا من الفم إلى الشراب.
● الناحية الأدبية: لأنه فعل مستقبح ينافي أدب الشرب.
● الناحية التعبدية: لأنه منهي عنه شرعًا.
● التيسير ورفع الحرج: الشرع الإسلامي يسر وليس عسرًا، فإذا احتاج الإنسان إلى التنفس أثناء الشرب، فلا ينفخ في الإناء، بل يبعد الإناء عن فمه ثم يتنفس.
● النظافة والطهارة: الأمر بإهراق الشراب إذا وقعت فيه قذاة يدل على حرص الإسلام على النظافة وعدم تناول ما قد يكون ضارًا أو مستقذرًا.
● التدرج في التعليم: النبي صلى الله عليه وسلم لم ينه الرجل فقط عن النفخ، بل أرشده إلى البديل الحلال، مما يدل على رحمة النبي وحرصه على تعليم الصحابة وتيسير الأمور عليهم.
● أهمية السؤال عن العلم: كما فعل مروان بن الحكم عندما سأل أبا سعيد عن الحديث، مما يدل على حرص الصحابة والتابعين على حفظ السنة ونقلها بدقة.

4. معلومات إضافية:

- هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، والترمذي في سننه، وقال: حديث حسن صحيح.
- يستفاد من الحديث أيضًا آداب الشرب، مثل: عدم الشرب بنفس واحد، وعدم النفخ في الإناء، وتنقية الشراب من الشوائب.
- النهي عن النفخ في الشراب يشمل جميع أنواع الأشربة المباحة، بل وقد يعم الطعام أيضًا عند بعض العلماء.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
هذا والله أعلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مالك في صفة النبي ﷺ (١٢) عن أيوب بن خبيب، مولى سعد بن أبي وقاص، عن أبي المثنى الجهني، أنه قال: فذكره.
ومن طريقه رواه الترمذي (١٨٨٧)، وابن حبان (٥٣٢٧)، والحاكم (٤/ ١٣٩). قال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح». وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد».
قال الأعظمي: إسناده حسن من أجل أبي المثنى الجهني روى عنه اثنان، ووثّقه ابن حبان.
وأما ما روي عن ابن عباس: أن النبي ﷺ كان إذا شرب تنفس مرتين. فإسناده ضعيف.
رواه الترمذي في السنن (١٨٨٦)، وفي الشمائل (٢١٣)، وابن ماجه (٣٤١٧)، وأحمد (٢٥٧٨) كلهم من طريق رشدين بن كريب، عن أبيه، عن ابن عباس قال: فذكره.
قال الترمذي: «هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث رشدين بن كريب».
أي ضعيف لأن رشدين بن كريب ضعيف باتفاق أهل العلم.
وكذلك لا يصح عن ابن عباس قال: قال رسول الله ﷺ: «لا تشربوا واحدا كشرب البعير، ولكن اشربوا مثنى وثلاث، وسموا إذا أنتم شربتم، واحمدوا إذا أنتم رفعتم».
قال الترمذي: «هذا حديث غريب، ويزيد بن سنان الجزري هو أبو فروة الرهاوي».
قال الأعظمي: يزيد بن سنان مختلف فيه، والغالب عليه الضعف فلا يقبل إذا تفرد، وأطلق الحافظ عليه في التقريب: «ضعيف».

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 510 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أبن القدح عن فيك ثم تنفس

📜 حديث: أبن القدح عن فيك ثم تنفس

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: أبن القدح عن فيك ثم تنفس

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: أبن القدح عن فيك ثم تنفس

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: أبن القدح عن فيك ثم تنفس

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية