أنت سهل، لا أغير اسما سمانيه أبي

حديث: أنت سهل، لا أغير اسما سمانيه أبي

عن المسيب بن حزن أن أباه جاء إلى النبي ﷺ فقال: «ما اسمك؟» قال: حزن، قال: «أنت سهل» قال: لا أغير اسما سمانيه أبي قال ابن المسيب: «فما زالت الحزونة فينا بعد».

صحيح: رواه البخاري في الأدب (٦١٩٠) عن إسحاق بن نصر، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن ابن المسيب، عن أبيه، يذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث شريف رواه الإمام البخاري في صحيحه، وسأشرحه لك جزءًا جزءًا بإذن الله.
رواية الحديث:
عن المسيب بن حزن أن أباه (حَزْن) جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال (النبي له): «ما اسمك؟» قال (حَزْن): حَزْن، قال (النبي): «أنتَ سَهْل» قال (حَزْن): لا أغير اسماً سَمَّانِيه أبي. قال ابن المسيب (الراوي): «فما زالت الحزونة فينا بَعْدُ».

1. شرح المفردات:

● حَزْن: اسم الرجل، وهو على وزن "فَعْل"، ومأخوذ من الحُزْن، وهو ضد السَّهولة واليُسْر، ويأتي بمعنى: الصعوبة، الشدة، الغلظة، أو الكآبة.
● سَهْل: ضد الحَزْن، ويعني: اليسير، السهل، اللين، المستوي من الأرض.
● سَمَّانِيه: أي سَمَّاهُ إِيَّاهُ. (أعطانيه إياه أبي عندما سماني).
● الحُزُونة: هنا تعني الخشونة في الخُلُق أو الشدة في المعاملة. وقيل: الفقر والشدة في العيش.
● فينا بَعْدُ: أي في ذريتنا وأهل بيتنا من بعد هذه الواقعة.

2. شرح الحديث:

جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم اسمه "حَزْن"، وهو اسم قبيح المعنى، يحمل دلالة على الشدة والصعوبة والكآبة.
فسأله النبي صلى الله عليه وسلم عن اسمه تطييبًا لقلبه وإشعارًا له بالاهتمام، فلما أخبره أنه "حَزْن"، أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يغير هذا الاسم إلى ما هو أحسن وأفضل معنىً وأكثر تفاؤلاً، فاقترح عليه اسم "سَهْل" الذي يعني اليسر والسهولة واللطافة.
لكن الرجل رفض أن يغير الاسم الذي سماه به أبوه، احترامًا لأبيه وتمسكًا بما عُرف به، معتقدًا أن في تغييره إهانة لوالده أو نسيانًا لفضله.
فَقَبِلَ النبي صلى الله عليه وسلم رفضه ولم يجبره على التغيير، احترامًا لاختياره ورأيه. ولكن الراوي (ابن المسيب) يخبرنا أن أثر الاسم وقع في الحال، فاستمرت "الحزونة" – وهي الشدة والخشونة – في أهل بيته وذريته من بعد ذلك.

3. الدروس المستفادة والعبر:

1- استحباب تغيير الأسماء القبيحة: من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يحب الأسماء الحسنة ويكره القبيحة منها، وكان يغير الأسماء التي تحمل معاني سيئة أو مذمومة إلى أسماء طيبة. وهذا من كمال شريعتنا التي تهتم بتزكية النفوس حتى من خلال الأسماء.
2- بر الوالدين وطاعتهما: تقدير الرجل لوالده وامتناعه عن تغيير الاسم الذي سماه به دليل على قوة بره بوالده واحترامه له، حتى لو كان الاسم غير مستحب. وهذا يدل على مكانة بر الوالدين في الإسلام.
3- الحكمة واللين في الدعوة: لم يُلْزِمْ النبي صلى الله عليه وسلم الرجل بتغيير الاسم رغم استحبابه، بل ترك له حرية الاختيار احترامًا لمشاعره ورأيه. وهذا درس عظيم في الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، وعدم الإكراه في الأمور التي فيها سعة.
4- التأثير المعنوي للأسماء: الحديث يشير إلى أثر معنوي للاسم على صاحبه أو على أهله، فكأن الاسم القبيح قد ترك أثرًا من الحزونة في أهل البيت. وهذا يعلمنا أهمية انتقاء الأسماء الحسنة لأولادنا، لأن الاسم سيرافقهم ويُنادى به، وقد يكون له أثر في نفسيتهم أو نظر الناس لهم.
5- قبول القضاء والقدر: قول الراوي "فما زالت الحزونة فينا بعد" قد يكون إخبارًا عن حقيقة وقعت، وهو نوع من القضاء والقدر الذي قبلوه بصبر.

4. معلومات إضافية:

● حكم تغيير الاسم القبيح: ذهب جمهور العلماء إلى أنه مستحب وليس واجبًا، استنادًا إلى هذا الحديث وغيره، حيث لم يُلزم النبي صلى الله عليه وسلم الرجل بالتغيير.
● مناسبة الحديث: يذكر هذا الحديث غالبًا في كتب الأدب والترغيب في اختيار الأسماء الحسنة، وفي كتب السيرة لبيان خلقه صلى الله عليه وسلم وحكمته في معاملة الناس.
● الفرق بين التسمية والتكنية: النبي صلى الله عليه وسلم غير أسماء كثيرة، لكنه لم يغير كنية أحد، لأن الكنية (مثل أبو القاسم) هي لقب تكريمي، بخلاف الاسم العلم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الأدب (٦١٩٠) عن إسحاق بن نصر، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن ابن المسيب، عن أبيه، يذكره.
ثم رواه علي بن عبد الله، ومحمود، هو ابن غيلان، قالا: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن ابن المسيب، عن أبيه، عن جده، بهذا. فجعله من مسند جد سعيد بن المسيب واسمه حزن بن أبي وهب، ومثل هذا الخلاف ليس بمؤثر لأن كلا من المسيب بن حزن ووالده صحابي، والظاهر من صنيع البخاري أن كل ذلك محفوظ.
وقول سعيد: «فما زالت الحزونة» أي الغلظة والقساوة في خُلقهم.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 615 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أنت سهل، لا أغير اسما سمانيه أبي

📜 حديث: أنت سهل، لا أغير اسما سمانيه أبي

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: أنت سهل، لا أغير اسما سمانيه أبي

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: أنت سهل، لا أغير اسما سمانيه أبي

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: أنت سهل، لا أغير اسما سمانيه أبي

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية