حديث: العَضْهُ نَقْلُ الْحَدِيثِ لِإِفْسَادِ بَيْنَ النَّاسِ
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب تحريم النميمة
حسن: رواه البخاري في الأدب المفرد (٤٢٤)، والبيهقي (١٠/ ٢٤٧، ٢٤٦) كلاهما من حديث يزيد بن أبي حبيب، عن سنان بن سعد، عن أنس، فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
الحديث الشريف: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال النبي ﷺ: «أَتَدْرُونَ مَا العَضْهُ؟» قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: «نَقْلُ الحَدِيثِ مِنْ بَعْضِ النَّاسِ إِلَى بَعْضٍ؛ لِيُفْسِدُوا بَيْنَهُمْ».
(رواه الإمام أحمد في مسنده، وصححه الألباني).
1. شرح المفردات:
* العَضْه: بكسر العين وسكون الضاد والهاء. وهي كلمة تدل على الهمس والكلام الخفي الذي يُنقل على وجه السّر والشر، يشبه النميمة ولكنها أخص. وقيل أصلها من "العَضَه" وهو داء يأخذ الدابة في فمها فتمتنع من الطعام، فشبّه الناقل للكلام المؤذي بهذه الدابة المعضوه.
* نَقْلُ الحَدِيثِ: أي تناقل الكلام ونقله من شخص لآخر.
* لِيُفْسِدُوا بَيْنَهُمْ: القصد هنا الإفساد بين الناس، بإيقاع العداوة والبغضاء بينهم، سواء كان الناقل هو المفسد نفسه أو أداة في يد المفسدين.
2. شرح الحديث:
يستفهم النبي ﷺ من أصحابه الكرام ليلفت انتباههم إلى أمر خطير قد يجهلون حقيقته أو يستهينون به، فيقول: «أَتَدْرُونَ مَا العَضْهُ؟» أي هل تعلمون حقيقة هذا الفعل وآثاره المدمرة؟
فيجيبونه بأدبهم المعروف: «اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ»، معترفين بعلمه ﷺ المفاض عليهم.
فيبين لهم النبي ﷺ حقيقة "العضه" ويجليها لهم، فيقول أنها: «نَقْلُ الحَدِيثِ مِنْ بَعْضِ النَّاسِ إِلَى بَعْضٍ؛ لِيُفْسِدُوا بَيْنَهُمْ».
* جوهر الذنب: ليس مجرد نقل الكلام، بل نقل الكلام بنيّة الإفساد وإيقاع الفتنة بين الناس، كأن ينقل إنسان كلامًا سيئًا قاله شخص (أ) عن شخص (ب) إلى الشخص (ب) نفسه، ليثير غضبه عليه ويزرع العداوة بينهما.
* الفاعل: قد يكون الناقل هو المفسد نفسه، أو يكون أداة يُستخدم فيها من قبل من يريد الإفساد، فيكون شريكًا في الإثم.
* الفرق بينه وبين النميمة: النميمة أعم، فهي نقل الكلام على وجه الإفساد سواء كان سرًا أم جهرًا. أما "العضه" ففيها معنى الخفاء والهمس والكلام السري الذي يُنقل لتحقيق شر مستتر.
3. الدروس المستفادة والعبر:
1- تحريم الإفساد بين الناس: يعد هذا الفعل من كبائر الذنوب؛ لأنه يتعدى ضرره إلى الآخرين ويفكك روابط المجتمع الإسلامي القائمة على المحبة والأخوة. قال تعالى: {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ * هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ} [القلم: 10-11].
2- التحذير من سوء الظن والتسرع في نقل الأخبار: يحثنا الحديث على التثبت من أي خبر يصلنا، وعدم التسرع في نقله قبل تحري صحته ومراعاة آثاره.
3- وجوب حفظ اللسان: هذا الحديث من جملة الأحاديث التي تحذر من آفات اللسان، وهو من أعظم الجوارح خطرًا. على المسلم أن يحاسب نفسه قبل أن يتكلم: هل في كلامي خير؟ فإن كان فيه خير تكلم، وإلا فليصمت.
4- المسؤولية الاجتماعية: على المسلم أن يكون عنصرًا للخير والصلاح والوئام في مجتمعه، لا أن يكون شرارة للفتنة والفرقة.
5- التربية النبوية بأسلوب الاستفهام: في هذا الأسلوب (أتدرون؟) من النبي ﷺ حكمة تربوية عظيمة، حيث يثير انتباه السامع ويشوقه لمعرفة الجواب، فيرسخ المعنى في ذهنه أكثر.
4. معلومات إضافية:
* من صفات المؤمنين الناجين التي ذكرها الله تعالى في القرآن: {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ} [القصص: 55]. فالمؤمن يعرض عن سماع الكلام الفاسد والنقل المشبوه.
* العلاج العملي لهذه الآفة:
* التثبت: كما أمر الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: 6].
* حسن الظن: بأن نحمّل كلام أخينا أحسن المحامل ولا نسيء به الظن.
* السؤال مباشرة: إذا وصلتك شبهة أو كلام عن شخص، فاذهب إليه مباشرة واسأله بكل أدب وصدق، ولا تعتمد على نقول الناس.
* تذكر الآخرة: فمن أسباب عذاب القبر «النميمة» كما جاء في الأحاديث الصحيحة.
نسأل الله أن يعيذنا وإياكم من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، وأن يجعلنا ممن يحفظون ألسنتهم ويصلحون بين الناس.
والله تعالى أعلم.
تخريج الحديث
وإسناده حسن من أجل سنان بن سعد فإنه مختلف فيه غير أنه حسن الحديث إذا لم يهم، فإنه كان يهم كثيرا.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 969 من أصل 1112 حديثاً له شرح
- 944 إن كان الشؤم في شيء ففي الدار والمرأة والفرس
- 945 لا عدوى ولا طيرة، إنما الشؤم في ثلاث
- 946 لا هامة ولا عدوى ولا طيرة
- 947 الطيرة على من تطير
- 948 الطيرة من الدار والمرأة والفرس
- 949 دار سكناها والعدد كثير والمال وافر فقل العدد وذهب المال
- 950 من ردته الطيرة من حاجة فقد أشرك
- 951 عقوبة من قال لأخيه يا كافر
- 952 لا ترم أخاك بالفسوق ولا بالكفر
- 953 ليس أحد أحب إليه المدح من الله
- 954 إن الله يغار وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم...
- 955 إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان
- 956 الذي رأيته يشق شدقه فكذاب يكذب بالكذبة تحمل عنه حتى...
- 957 لا تكذبوا على أولادكم
- 958 ويل للذي يحدث القوم ثم يكذب ليضحكهم
- 959 لعل الله أن يبارك لكما في ليلتكما
- 960 الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته
- 961 الألد الخصم
- 962 من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة...
- 963 إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيكم إياها
- 964 اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة
- 965 عاقبة الظلم
- 966 المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة
- 967 إملاء الله للظالمين
- 968 العنوان: قال رسول الله ﷺ: إن الرجل يصدق حتى يكتب...
- 969 العَضْهُ نَقْلُ الْحَدِيثِ لِإِفْسَادِ بَيْنَ النَّاسِ
- 970 لا يدخل الجنة قتات
- 971 لا يستتر من بوله ويمشي بالنميمة
- 972 إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن...
- 973 لقد مزجت بكلمة لو مزج بها ماء البحر مزجت
- 974 من اغتاب المسلمين بعثت له الريح المنتنة
- 975 ريح الذين يغتابون المؤمنين
- 976 عقوبة آكلي لحوم الناس والقائلين في أعراضهم
- 977 أبا بكر وعمر يستأديان النبي فيؤنبهم بأكلهما لحم أخيهما
- 978 من أكل برجل مسلم أكلة فإن الله يطعمه مثلها من...
- 979 تخلل فإنك أكلت لحم أخيك
- 980 لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم
- 981 من تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته
- 982 من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته
- 983 من اتبع عورات الناس أفسدهم أو كاد أن يفسدهم
- 984 إن الأمير إذا ابتغى الريبة في الناس أفسدهم
- 985 ائذنوا له فلبئس ابن العشيرة
- 986 من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه
- 987 لعن الله من لعن والده ومن ذبح لغير الله
- 988 لا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا
- 989 لا تقاطعوا، ولا تدابروا، ولا تباغضوا، ولا تحاسدوا
- 990 لا تهجروا ولا تدابروا ولا تحسسوا ولا يبع بعضكم على...
- 991 لا تباغضوا ولا تدابروا ولا تنافسوا وكونوا عباد الله إخوانا
- 992 الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب
- 993 لا يزال الناس بخير ما لم يتحاسدوا
معلومات عن حديث: العَضْهُ نَقْلُ الْحَدِيثِ لِإِفْسَادِ بَيْنَ النَّاسِ
📜 حديث: العَضْهُ نَقْلُ الْحَدِيثِ لِإِفْسَادِ بَيْنَ النَّاسِ
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: العَضْهُ نَقْلُ الْحَدِيثِ لِإِفْسَادِ بَيْنَ النَّاسِ
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: العَضْهُ نَقْلُ الْحَدِيثِ لِإِفْسَادِ بَيْنَ النَّاسِ
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: العَضْهُ نَقْلُ الْحَدِيثِ لِإِفْسَادِ بَيْنَ النَّاسِ
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








