المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة

حديث: المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة

عن أبي هريرة، أن رسول الله ﷺ قال: «أتدرون ما المفلس؟» قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: «إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة، وصيام، وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار».

صحيح: رواه مسلم في المظالم (٢٥٨١: ٥٩) من طرق عن إسماعيل وهو ابن جعفر، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله تعالى أن ينفعنا جميعاً بفهم حديث نبينا الكريم.
الحديث الشريف:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله ﷺ قال: «أتدرون ما المفلس؟» قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: «إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة، وصيام، وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار».
راوي الحديث:
هو الصحابي الجليل أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه، وهو أكثر الصحابة رواية للحديث عن النبي ﷺ.
درجة الحديث:
هذا الحديث صحيح، رواه الإمام مسلم في صحيحه في كتاب البر والصلة والآداب، كما رواه غيره من أصحاب السنن.

الشرح التفصيلي:

# 1. شرح المفردات:

● المفلس: في اللغة هو من لا مال له. وفي الحديث، النبي ﷺ يعيد تعريفه بمعنى أخروي أعمق.
● قذف هذا: أي افترى عليه واتهمه بالزنى أو بفاحشة.
● أكل مال هذا: أي أخذ ماله بغير حق، بالسرقة أو الغصب أو الغش.
● سفك دم هذا: أي قتله أو اعتدى عليه بدون حق.
● ضرب هذا: أي اعتدى عليه بالضرب.
● فنيت حسناته: أي نفدت وانهكت.
● أخذ من خطاياهم: الخطايا هنا هي السيئات والذنوب التي ارتكبها الآخرون في حقه، فيأخذها ليكفر عنها بتحمل إثمها.
● فطرحت عليه: أي ألقيَت عليه وأضيفت إلى ذنوبه.
● ثم طرح في النار: أي أُلقي في النار عقاباً له.

# 2. شرح الحديث:

ابتدأ النبي ﷺ بسؤال أصحابه عن تعريف "المفلس" ليثير انتباههم ويصحح مفهوماً دنيوياً شائعاً. فأجابوه بالتعريف المادي الدنيوي: هو من لا مال له.
ثم بين لهم ﷺ أن هناك إفلاساً أخروياً هو أشد خطراً، حيث يأتي الإنسان يوم القيامة ومعه رصيد كبير من الحسنات: صلوات، وصيام، وزكوات، لكنه مع ذلك مفلس لأن عليه ديوناً عظيمة تجاه الآخرين لم يُقِضها في الدنيا.
هذه الديون ليست مالية فحسب، بل هي:
● اعتداء على الأعراض: بالشتم والقذف (الافتراء).
● اعتداء على الأموال: بأكلها بغير حق.
● اعتداء على الأبدان: بضربهم أو سفك دمائهم.
يوم القيامة، لا يُقبل الصيام والصلاة والزكاة مع وجود هذه المظالم، فيُقتص منه بأن تُؤخذ حسناته وتُعطى للذين ظلمهم بقدر مظالمهم. فإذا نفدت حسناته ولم تكفِ لسداد كل حقوق الناس، فإن المظلومين سيكون لهم من السيئات (خطاياهم) التي ارتكبوها في حياتهم، فيُؤخذ من سيئاتهم وتُطرح على هذا الظالم، فيتحمل إثمها بالإضافة إلى ذنوبه، ثم يُلقى في النار بسبب ذلك.

# 3. الدروس المستفادة والعبر:

1- خطورة المظالم بين العباد: الحديث يرسخ مبدأ عظيماً وهو أن حقوق العباد مبنية على المشاحة (المطالبة بها)، ولن يغفرها الله إلا إذا رضي صاحبها أو أخذها الظالم حقه.
2- الحسنات لا تسقط حقوق العباد: لا تكفي العبادات كالصلاة والصيام لسداد حقوق الناس، بل لا بد من رد المظالم إلى أهلها أو طلب المسامحة.
3- الحث على التوبة النصوح: يجب على المسلم أن يسرع في التوبة من جميع الذنوب، خاصة تلك التي تتعلق بحقوق الآخرين، بأن يرد الحقوق إلى أصحابها أو يستحلهم ويطلب مسامحتهم.
4- التحذير من الاستهانة بالمعاصي: قد يستخف الإنسان بشتم أو غيبة أو أكل مال قليل بغير حق، ولكنها تتراكم وتكون سبباً في إفلاسه يوم القيامة.
5- العدل الإلهي: الحديث صورة من صور العدل المطلق يوم القيامة، حيث يأخذ المظلوم حقه كاملاً من ظالمه، حتى لو كان بحسناته أو بتحميله من سيئاته.

# 4. معلومات إضافية مفيدة:

- ينبغي للمسلم أن يحاسب نفسه قبل أن يحاسب، وأن يحرص على تصفية ذمته من أي حقوق للعباد قبل فوات الأوان.
- إذا كان الحق مالياً، يجب رده إلى صاحبه. وإن كان عرضياً (كغِيبة أو شتم)، يجب الاستحلال والطلب المسامحة. وإن كان خصومة أو ضرباً، يجب التحلل والمصالحة.
- إذا تعذر رد الحق لموت صاحبه أو عدم معرفته، فيتصدق عنه ويدعو له، رجاء أن يقبل الله منه.
أسأل الله تعالى أن يجنبنا المظالم، وأن يوفقنا لأداء الحقوق، وأن يحشرنا في زمرة الأتقياء الأبرار.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في المظالم (٢٥٨١: ٥٩) من طرق عن إسماعيل وهو ابن جعفر، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، فذكره.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 966 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة

📜 حديث: المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية