غدُو بالغلام إلى النبي ﷺ ليحنكه

حديث: غدُو بالغلام إلى النبي ﷺ ليحنكه

عن أنس، قال: لما ولدتْ أم سليم قالت لي: يا أنس انظر هذا الغلام، فلا يصيبن شيئًا حتى تغدو به إلى النبي ﷺ يحنِّكه، قال: فغدوت فإذا هو فى الحائط، وعليه خميصة جونية، وهو يَسِمُ الظهر الذي قدم عليه في الفتح.

متفق عليه: رواه البخاريّ في اللباس (٥٨٢٤)، ومسلم في اللباس (٢١١٩) كلاهما عن محمد ابن المثنى، حدثني محمد بن أبي عدي، عن ابن عون، عن محمد، عن أنس، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين.
أهلاً وسهلاً بك أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يفتح علينا أبواب فهم سنّة نبيه ﷺ.
هذا حديث شريف رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو من الأحاديث التي تُظهر مدى حرص الصحابة رضوان الله عليهم على التبرك بالنبي ﷺ واتباع سنته منذ اللحظات الأولى من حياة الطفل.

أولاً. شرح المفردات:

● أم سليم: هي الصحابية الجليلة أم سليم بنت ملحان، والدة أنس بن مالك رضي الله عنهما، وهي من السابقات إلى الإسلام والمشهود لهن بالفضل.
● الغلام: الطفل الذكر حديث الولادة.
● تَحْنِيكُه: التحنيك هو مضغ تمرة أو شيء حلو ثم وضعها في فم المولود ودعك حنكه (سقف فمه) بها برفق. وكان النبي ﷺ يفعل ذلك للمواليد.
● غدوت: ذهبت في وقت الغداة، أي أول النهار.
● الحائط: البستان أو الحديقة التي فيها النخل والأشجار.
● خميصة جونية: الخميصة: كساء من صوف أو خزّ له أعلام. وجونية: نسبة إلى الجُون، وهو اللون المائل للسواد أو الخضرة الداكنة. أي كان عليه كساء أسود مخطط.
● يَسِمُ الظهر: يضع السِّمة، وهي العلامة التي تُوضع على الإبل أو الدواب لتمييزها. والظهر: الإبل التي يُركب على ظهورها.

ثانياً. شرح الحديث:

تخبرنا أم أنس بن مالك، أم سليم رضي الله عنها، وهي امرأة عاقلة ذات دين وفضل، أنها عندما ولدت طفلاً (وهو عبد الله بن أبي طلحة، أخو أنس لأمه) قالت لابنها أنس: "انظر هذا الغلام، فلا يصيبن شيئًا حتى تغدو به إلى النبي ﷺ يحنكه".
وهذا القول يحمل معنيين عظيمين:
1- الحرص على البركة: أرادت أم سليم أن يكون أول ما يدخل جوف طفلها هو شيء من فم النبي ﷺ المبارك، طلباً للبركة واليمن، وحتى يكون مباركاً في دينه ودنياه.
2- الحرص على السنة: أرادت أن تبدأ حياة وليدها بالسنة النبوية، وهي التحنيك، ليكون ذلك بداية ميمونة لحياة تقوم على اتباع هدي النبي ﷺ.
فاستجاب أنس رضي الله عنه لأمر أمه، وذهب بالطفل إلى النبي ﷺ في الصباح، فوجده في بستانه (الحائط)، وكان عليه كساء أسود، وهو مشغول بوضع علامات على إبل الصدقة التي أُهديت إليه بعد الفتح (الظهر الذي قدم عليه في الفتح)، لتمييزها عن غيرها.
وهنا نرى تواضع النبي ﷺ وعمله بيده الكريمة في أمور المسلمين بنفسه، حتى في أمر看起來 بسيط كوسم الإبل.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- استحباب التحنيك للمولود: هذا الحديث أصل من أصول سنة التحنيك، وهي سنة مؤكدة يُستحب للوالدين أن يحرصا عليها، ويُفضل أن يكون المحنِّك من أهل الصلاح والخير إن تيسر.
2- التبرك بالصالحين وأهل الخير: يظهر حرص الصحابة على التبرك بالنبي ﷺ، وهذا تبرك مشروع لأنه ﷺ هو معدن البركة، وقد أذن الله بذلك. وأما التبرك بغيره من الصالحين بعد موته أو بآثاره فله ضوابطه الشرعية.
3- الحرص على تطبيق السنة في جميع مناحي الحياة: حتى في استقبال المولود الجديد، كان الصحابة يحرصون على أن يكون اتباع السنة هو الأساس.
4- تواضع النبي ﷺ واهتمامه بشؤون أمته: مع علو منزلته ﷺ، نجده يباشر بنفسه مهمة الوسم على إبل الصدقة، مما يعلمنا التواضع وعدم الترفع عن القيام بالأعمال النافلة للمسلمين.
5- بركة الطاعة والمسارعة إليها: أمرت أم سليم ألا يطعم الطفل شيئاً قبل أن يذهب به إلى النبي ﷺ، مما يدل على عظم حرصها على أن تكون البداية بطاعة الله ورسوله.

رابعاً. معلومات إضافية:

● حكمة التحنيك: ذكّر العلماء أن في التحنيك تقوية لعضلات الفم واللسان استعداداً للرضاعة والنطق، بالإضافة إلى المعنى الديني والبركة.
● فضل أم سليم: هذا الموقف يدل على عقلها الراجح وحرصها على الخير لولدها، وهي التي رَبَّت أنساً خادم النبي ﷺ، وكان بيتها من بيوت الإيمان.
● الحدث التاريخي: قوله: "الظهر الذي قدم عليه في الفتح" يشير إلى غنائم أو هدايا جاءت للنبي ﷺ بعد فتح مكة، مما يربط الحديث بحدث عظيم في تاريخ الإسلام.
نسأل الله أن يرزقنا حسن الاتباع لسنة نبيه ﷺ في كبير الأمور وصغيرها، وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في اللباس (٥٨٢٤)، ومسلم في اللباس (٢١١٩) كلاهما عن محمد ابن المثنى، حدثني محمد بن أبي عدي، عن ابن عون، عن محمد، عن أنس، فذكره. واللفظ لمسلم. وفي لفظ البخاري: «خميصة حريثية».
قوله: «جونية» منسوبة إلى بني الجون، قبيلة من الأزد، أو إلى لونها من السواد أو البياض أو الحمرة؛ لأن العرب تسمي كل لون من هذه جونا.
وقوله: «حريثية»: منسوبة إلى بني حريث.
وقوله: «الظهر» المراد به الإبل، سميت به لأنها تحمل الأثقال على ظهورها.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 42 من أصل 337 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: غدُو بالغلام إلى النبي ﷺ ليحنكه

📜 حديث: غدُو بالغلام إلى النبي ﷺ ليحنكه

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: غدُو بالغلام إلى النبي ﷺ ليحنكه

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: غدُو بالغلام إلى النبي ﷺ ليحنكه

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: غدُو بالغلام إلى النبي ﷺ ليحنكه

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية