حديث: عقوبة هذه الأمة السيف

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب أن هذه الأمة يهلك بعضهم بعضا، ويَسبي بعضهم بعضا

عن أبي بردة قال: دخلت دار زياد فخرجتُ كئيبًا حزينًا فقعدتُ إلى رجل من أصحاب النبي ﷺ فقال: ما لك؟ فقال: رأيت عقوبة شديدة ومثلة. فقال: لا يحزنك ذلك، فإن هذا كائن، سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: «عقوبة هذه الأمة السيف».

صحيح: رواه ابن أبي عاصم في الديات (٦٣) واللفظ له، وابن أبي شيبة في مسنده (٩٣٨) كلاهما من طريق يونس بن عبيد، عن حميد بن هلال، عن أبي بردة، فذكره.

عن أبي بردة قال: دخلت دار زياد فخرجتُ كئيبًا حزينًا فقعدتُ إلى رجل من أصحاب النبي ﷺ فقال: ما لك؟ فقال: رأيت عقوبة شديدة ومثلة. فقال: لا يحزنك ذلك، فإن هذا كائن، سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: «عقوبة هذه الأمة السيف».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الذي ذكر حديث صحيح، رواه الإمام أحمد في مسنده، وغيره، وهو من الأحاديث التي تتحدث عن علامات من علامات الساعة وأحوال الأمة.
أولاً: شرح المفردات:
* دار زياد: يقصد بها دار زياد بن أبيه، وهو والي معاوية بن أبي سفيان على العراق والبصرة، وكان مشهوراً بالشدة والبطش.
* كئيبًا حزينًا: يعني خرجت مهموماً، مغتماً، متضايقاً مما رأيت.
* عقوبة شديدة ومثلة: العقوبة هي العقاب، والمثلة هي التمثيل بالجسد بعد القتل (مثل الصلب أو التشويه)، أي رأيت عقاباً قاسياً وصارماً.
* كائن: أي سيحدث لا محالة، فهو أمر واقع ومحتوم.
* عقوبة هذه الأمة السيف: أي أن العقاب الذي سينزل بهذه الأمة من حكامها أو بسبب فتنها داخلياً سيكون بالسيف، أي القتل والحرب الأهلية.
ثانياً: شرح الحديث:
يخبرنا الصحابي الجليل أبو بردة رضي الله عنه عن موقف حصل له، حيث دخل على زياد بن أبيه (الوالي المشهور بالشدة) ورأى فيه عقوبات قاسية وتمثيلاً بالمعاقبين، فخرج من عنده حزيناً متألماً لما رآه من قسوة.
فلما جلس إلى أحد الصحابة (ولم يسمه الراوي)، لاحظ الصحابي عليه أثر الحزن والهم، فسأله: ما الذي أحزنك؟ فأخبره أبو بردة بما رأى من "عقوبة شديدة ومثلة".
فطمأنه ذلك الصحابي الحكيم قائلاً: لا ينبغي أن يحزنك هذا المشهد إلى هذه الدرجة. ثم بين له الحكمة بأن هذا الأمر "كائن"، أي أنه من الأمور التي أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم أنها ستقع في الأمة.
واستدل على ذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «عقوبة هذه الأمة السيف». أي أن السمة الغالبة لعقوبات وفتن هذه الأمة ستكون القتل بالسيف والحروب الداخلية، بخلاف الأمم السابقة التي عذبت بأنواع أخرى كالخسف والمسخ وغيرها.
ثالثاً: الدروس المستفادة والعبر:
1- تحقق نبوة النبي صلى الله عليه وسلم: الحديث من معجزاته صلى الله عليه وسلم التي أخبر فيها عن أمور غيبية ستقع بعد موته، فوقع ما أخبر به، وهذا دليل على صدق نبوته.
2- بيان حكمة الله في الابتلاء: العقوبات والفتن التي تقع في الأمة ليست أمراً عشوائياً، بل هي سنة إلهية وجزاء على ما تقترفه الأمة من ذنوب ومعاصي وتفرق وترك لأمر الله. قال تعالى: *{وَما أَصابَكُم مِن مُصيبَةٍ فَبِما كَسَبَت أَيديكُم وَيَعفوا عَن كَثيرٍ}* [الشورى: 30].
3- طمأنة القلب عند نزول البلاء: يستفاد من رد الصحابي أن المؤمن إذا رأى أمراً قد حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم، فإن ذلك يخفف من حزنه؛ لأنه يعلم أنه من سنن الله الجارية، وأنه ليس بغريب، فيصبر ويحتسب.
4- التحذير من الفتن والقتال الداخلي: الحديث تحذير شديد للأمة من شرور الفتن التي تؤدي إلى إراقة دمائها بالسيف. وهو يحث على الوحدة والتمسك بجماعة المسلمين وطاعة ولي الأمر (في المعروف) واجتناب ما يؤدي إلى الفرقة والاقتتال.
5- التسليم لحكمة الله: حتى وإن كانت العقوبة من حاكم جائر، فإن وقوعها بحسبان، ولله في خلقه شؤون، وقد يكون فيها ابتلاء للطائع وعقوبة للعاصي.
رابعاً: معلومات إضافية:
* هذا الحديث لا يعني أن كل عقوبة في الأمة ستكون بالسيف، بل هي السمة الغالبة في عقوباتها الدنيوية بسبب الفتن.
* يجب التفريق بين هذا الحديث الذي يتحدث عن عقوبة دنيوية تصيب الأمة بسبب ذنوبها، وبين عذاب الآخرة الذي هو على الكفار والمشركين.
* هذا الحديث يدخل في أبواب الفتن وأشراط الساعة، التي أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم لتحذير الأمة وحثها على التمسك بدينها عند وقوعها.
نسأل الله أن يحفظ أمة الإسلام من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يوحد صفها، ويجمع كلمتها على الحق، إنه سميع مجيب.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن أبي عاصم في الديات (٦٣) واللفظ له، وابن أبي شيبة في مسنده (٩٣٨) كلاهما من طريق يونس بن عبيد، عن حميد بن هلال، عن أبي بردة، فذكره.
ورواه أبو يعلى (المطالب العالية) (٤٤٣١) من وجه آخر عن يونس به مقتصرًا على المرفوع. وإسناده صحيح.
وفي الباب عن عوف بن مالك قال: سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: «لن يجمع اللَّه على هذه الأمة سيفين: سيفًا منها، وسيفًا من عدوها».
رواه أبو داود (٤٣٠١)، وأحمد (٢٣٩٨٩) كلاهما من حديث الحسن بن سوار، حدّثنا إسماعيل بن عياش، عن سليمان بن سليم، عن يحيى بن جابر الطائي، عن عوف بن مالك، فذكره.
ويحيى بن جابر الطائي ثقة لكن روايته عن عوف منقطعة كما جزم المزي.
وأما ما روي عن ابن عمر قال: أقبل علينا رسول اللَّه ﷺ فقال: «يا معشر المهاجرين خمس إذا ابْتُليتُمْ بهن، وأعوذ باللَّه أن تُدركوهُنَّ: لم تظهر الفاحشةُ في قوم قط، حتى يعلنوا بها، إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا. ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أُخذوا بالسنين وشدة المئُونة وجور السلطان عليهم. ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطْر من السماء ولولا البهائمُ لم يُمْطَروا. ولم ينقضُوا عهدَ اللَّه وعهدَ رسوله إلا سلط اللَّه عليهم عدوًا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب اللَّه ويتخَيّروا مما أنزل اللَّه إلا جعل اللَّه بأسهم بينهم». ففي إسناده انقطاع.
رواه ابن ماجه (٤٠١٩) عن محمود بن خالد الدمشقي، حدّثنا سليمان بن عبد الرحمن أبو أيوب، عن ابن أبي مالك، عن أبيه، عن عطاء بن أبي رباح، عن عبد اللَّه بن عمر، فذكره.
وابن مالك نسب إلى جد أبيه، واسمه خالد بن يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك الدمشقي، وهو ضعيف.
ورواه الحاكم (٤/ ٥٤٠) من طريق أبي معبد حفص بن غيلان، عن عطاء بن أبي رباح قال: كنت مع عبد اللَّه بن عمر فأتاه فتى يسأله، فذكر الحديث بنحوه مع زيادة في أوله وآخره.
وهذا وهمٌ من حفص بن غيلان فإنه وإنْ كان وثّقه بعض الأئمة فقد ضعّفه الآخرون. قال إسحاق بن سيّار النصيبي: «ضعيف الحديث» وقال عبد اللَّه بن سليمان الأشعث ضعيف. وقال أبو
حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به.
وهو عندي حسن الحديث إذا لم يخالف. فإن الأئمة النقاد اتفقوا على أن عطاء بن أبي رباح رأى ابن عمر ولم يسمعه منه، منهم: يحيى بن سعيد القطان وأحمد بن حنبل وابن معين وغيرهم. وهو الأصح. فقوله: «كنت مع عبد اللَّه بن عمر«وهمٌ.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 144 من أصل 409 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: عقوبة هذه الأمة السيف

  • 📜 حديث: عقوبة هذه الأمة السيف

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: عقوبة هذه الأمة السيف

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: عقوبة هذه الأمة السيف

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: عقوبة هذه الأمة السيف

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب