حديث: من يجد في نفسه شيئًا لأن يكون حممة أحب إليه من أن يتكلم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب أنّ الوسوسة من صريح الإيمان

عن ابن عباس قال: جاء رجلٌ إلى النّبيّ ﷺ فقال: يا رسولَ اللَّه إنّ أحدنا يجدُ في نفسه -يُعرِّض بالشيء- لأن يكون حُمَمَةً أحبُّ إليه من أن يتكلّم به. فقال: «اللَّه أكبر! اللَّه أكبر! اللَّه أكبر! الحمد للَّه الذي ردّ كيده إلى الوسوسة».

صحيح: رواه أبو داود (٥١١٢) عن عثمان بن أبي شيبة، وابن قدامة بن أعين، قالا: حدثنا جرير، عن منصور، عن ذر، عن عبد اللَّه بن شدّاد، عن ابن عباس، فذكره.

عن ابن عباس قال: جاء رجلٌ إلى النّبيّ ﷺ فقال: يا رسولَ اللَّه إنّ أحدنا يجدُ في نفسه -يُعرِّض بالشيء- لأن يكون حُمَمَةً أحبُّ إليه من أن يتكلّم به. فقال: «اللَّه أكبر! اللَّه أكبر! اللَّه أكبر! الحمد للَّه الذي ردّ كيده إلى الوسوسة».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يفتح علينا من فضله.
هذا حديث عظيم فيه بشرى عظيمة للمؤمن، ورد في سنن أبي داود وغيره، وإليك شرحه الوافي:

1. شرح المفردات:


● يُعرِّض بالشيء: أي يلمح به ويشير إليه من غير أن يصرح باسمه، وهو هنا يشير إلى الوساوس الشيطانية الخبيثة.
● حُمَمَةً: الحُمَمَة (بضم الحاء والميم) هي الفحمة أو الجمرة المتقدة من النار. وقيل: هي قطعة من حديد محماة في النار.
● لأن يكون حُمَمَةً أحبُّ إليه: أي أن يضع تلك الجمرة المحماة على جسده أو يبتلعها أهون عليه وأحب إليه من أن يتلفظ بتلك الوساوس أو يصرح بها.
● كيده: مكره وخداعه وحيلته.
● الوسوسة: ما يلقيه الشيطان في النفس من خواطر سيئة وأفكار خبيثة.

2. المعنى الإجمالي للحديث:


يخبر الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكو مما يجده في نفسه من وساوس وخواطر سيئة جداً تتعلق بالعقيدة أو بالله سبحانه وتعالى، وهي من جنس ما يوسوس به الشيطان. وكان هذا الرجل يشمئز منها وينفر منها غاية النفور، حتى إنه ليتمنى أن يُعذّب بإحراق جسده بالنار على أن يتلفظ بها أو يصدقها.
فما كان من النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن استبشر بهذه الحالة، وكبّر ثلاثاً حمداً لله وشكراً، ثم بيّن أن هذا دليل على صدق إيمان الرجل، وأن الله قد حماه من كيد الشيطان، فلم يصل كيد الشيطان إلى قلبه أو لسانه، بل جعله مجرد وساوس عابرة تزول وينفر منها القلب المؤمن.

3. الدروس المستفادة منه:


● بشرى للمؤمن: الحديث بشرى عظيمة لكل مؤمن يعاني من الوساوس، خاصة وساوس العقيدة. فالنفور من هذه الوساوس وكراهيتها دليل على صحة الإيمان وقوة اليقين.
● الفرق بين الوسوسة والاعتقاد: الوسوسة مجرد خاطر عابر يلقيه الشيطان، ولا يؤاخذ عليه العبد ما دام قد كرهه ونفر منه ولم يستسلم له أو يتكلم به. أما الاعتقاد فهو ما يستقر في القلب ويصدقه.
● منهج التعامل مع الوساوس: العلاج يكون بعدم الالتفات إليها وعدم استعظامها، ومقاومتها بالإعراض عنها وذكر الله تعالى، ومعرفتها بأنها من الشيطان.
● حكمة النبي ﷺ التربوية: вместо التوبيخ أو التأنيب، قدم النبي ﷺ التكبير والحمد، مما طمأن الرجل وعلمه أن ما يجده هو علامة خير، لا علامة شر أو نقص في إيمانه.
● نعمة الله على العبد: من أعظم نعم الله على عبده أن يرد كيد الشيطان إلى مجرد الوسوسة، فيحمي قلبه وعقله من أن تستقر فيه هذه الأفكار.

4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث أصل عظيم في باب "الوسواس" وبيان أنه لا يؤاخذ به العبد.
- ينبغي للمؤمن الذي يعاني من مثل هذا أن يكثر من قول: "آمَنْتُ بِاللهِ وَرُسُلِهِ"، والاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم.
- العلماء يستدلون بهذا الحديث على أن الخواطر الرديئة إذا كرهها العبد ولم يستقر عليها قلبه، فإنها لا تضره، بل هي دليل على قوة إيمانه.
- من أعظم ما يعين على دفع الوسواس: الانشغال بالعلم النافع والعمل الصالح، وعدم الخلوة الطويلة بالنفس.
نسأل الله أن يعيذنا من وساوس الشيطان، وأن يثبت قلوبنا على دينه.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٥١١٢) عن عثمان بن أبي شيبة، وابن قدامة بن أعين، قالا: حدثنا جرير، عن منصور، عن ذر، عن عبد اللَّه بن شدّاد، عن ابن عباس، فذكره.
قال أبو داود: وقال ابن قدامة بن أعين: «ردّ أمره» مكان «ردّ كيده».
ورواه الإمام أحمد (٢٠٩٧)، وابن منده في الإيمان (٣٤٥)، وصحّحه ابن حبان (١٤٧) كلّهم من حديث منصور بإسناده مثله.
ورواه ابنُ أبي عاصم في «السنة» (٦٥٨) من وجه آخر بإسناد حسن عن ابن عباس، به، مثله.
وقوله: «الحمد للَّه الذي ردّ كيده. . .» أي كيد الشّيطان إلى الوسوسة التي لا يؤاخذ بها المرء، ولم يُمكنه من غير الوسوسة، وإلّا لسعى فيه كما يسعى في الوسوسة، بل جعل ذلك في يد الإنسان، فلذلك امتنع من التكلم, قاله السِّنديّ.
وروى أبو داود (٥١١٠) بإسناد قوي عن أبي زميل قال: سألت ابن عباس فقلت: ما شيء أجده في صدري؟ قال: ما هو؟ قلت: واللَّه ما أتكلم به، قال: فقال لي: أشيء من شك؟ قال: وضحك قال: ما نجا من ذلك أحد حتى أنزل اللَّه عز وجل: ﴿فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ﴾ الآية [سورة يونس: ٩٤]. قال: فقال لي: إذا وجدت في نفسك شيئًا فقل: ﴿هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [الحديد: ٣].

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 190 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من يجد في نفسه شيئًا لأن يكون حممة أحب إليه من أن يتكلم

  • 📜 حديث: من يجد في نفسه شيئًا لأن يكون حممة أحب إليه من أن يتكلم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من يجد في نفسه شيئًا لأن يكون حممة أحب إليه من أن يتكلم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من يجد في نفسه شيئًا لأن يكون حممة أحب إليه من أن يتكلم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من يجد في نفسه شيئًا لأن يكون حممة أحب إليه من أن يتكلم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب