حديث: ما كذب الفؤاد ما رأى، قال: رآه بقلبه

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب من قال: إنّ النبيّ ﷺ رأى ربَّه ﵎، وتأويل ذلك بأنَّه رآه بقلبه

عن ابن عباس قال: ﴿مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى﴾ قال: رآه بقلبه.

حسن: رواه الترمذيّ (٣٢٨١)، وابن خزيمة في التوحيد (٣٩٤) كلاهما من طريق عبد الرزّاق، عن إسرائيل، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس، فذكره.

عن ابن عباس قال: ﴿مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى﴾ قال: رآه بقلبه.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فالحديث الذي أشرت إليه هو جزء من تفسير الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما للآية الكريمة من سورة النجم، حيث يقول الله تعالى: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} [النجم: 11]. وقد جاء في صحيح الإمام البخاري عن ابن عباس قوله في تفسير هذه الآية: "رآه بقلبه".

1. شرح المفردات:


● كَذَبَ: أي لم يُخبر بخلاف الواقع، فالفؤاد لم ينكر ما رآه أو يشك فيه.
● الْفُؤَادُ: هو القلب، وهو مركز الإدراك واليقين في الإنسان.
● رَأَى: الرؤية هنا ليست بالعين المجردة، بل بروحه وقلبه، كما فسره ابن عباس.

2. المعنى الإجمالي للحديث:


هذا التفسير من ابن عباس رضي الله عنهما يوضح أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربه عز وجل ليلة المعراج، لكن هذه الرؤيا لم تكن بالعين الظاهرة، بل كانت رؤيا قلبية يقينية، أي أن الله تعالى أجرى على قلبه من الأنوار والمعاني ما جعله يرى ربه بعين قلبه، دون أن يكون ذلك مماثلاً لرؤية المخلوقات. وهذا من أعلى مراتب الكشف والإيمان.

3. الدروس المستفادة منه:


● عظمة النبي صلى الله عليه وسلم: حيث خصه الله تعالى بهذه الرؤيا القلبية التي هي أعلى من الرؤيا البصرية.
● تفرد الله تعالى: فالله لا يُرى في الدنيا بالأبصار، لكنه يُرى بالقلوب بالإيمان واليقين.
● قوة يقين الصحابة: فابن عباس رضي الله عنهما يفسر الآية بتفسير يدل على عمق فهمه وإيمانه.
● التسليم لله تعالى: فيجب الإيمان بما جاء في القرآن والسنة دون تشبيه أو تعطيل.

4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث جزء من حادثة الإسراء والمعراج، التي كانت معجزة عظيمة للنبي صلى الله عليه وسلم.
- أهل السنة والجماعة يؤمنون بأن الله يُرى في الآخرة بالأبصار، كما جاء في النصوص، لكن في الدنيا لا يراه أحد إلا النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الرؤيا القلبية الخاصة.
- رؤية الله في الدنيا ممكنة في المنام للمؤمنين، كما جاء في بعض الأحاديث، لكنها لا تماثل رؤية الله في الآخرة.
أسأل الله تعالى أن يرزقنا يقين القلب ورؤية حبه، وأن يجعلنا من الذين ينظرون إلى وجهه الكريم في الجنة.
والله أعلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الترمذيّ (٣٢٨١)، وابن خزيمة في التوحيد (٣٩٤) كلاهما من طريق عبد الرزّاق، عن إسرائيل، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس، فذكره.
قال الترمذيّ: «حسن».
وأخرجه أيضًا اللالكائيّ (٩١٠، ٩١١) من أوجه عن سماك بإسناده، مثله.
وإسناده حسن من أجل سماك بن حرب.
وقد رُوي عنه أيضًا مرفوعًا: «رأيت ربي عز وجل» وهو مختصر من حديث الرّؤيا كما سيأتي.
وسبق القول فيه أنّه رأى ربَّه تبارك وتعالى بفؤاده مرَّتين.
فإذا جمعت هذه الرّوايات عن ابن عباس فتظهر منها أنّها كلّها موقوفة.
ولا يقال فيها أنّها في حكم الرّفع -إذ لا مجال في الاجتهاد فيه-؛ لأنّه استنبطه من الآيات القرآنية، ولو كان فيه شيء مرفوع إلى النبيّ ﷺ لذكره في حالة السؤال والجواب.
لأنّه قد صحّ خلافه وهو قول عائشة: أنا أوّل هذه الأمّة سأل عن ذلك رسول اللَّه ﷺ، فقال: «إنّما هو جبريل، لم أره على صورته التى خُلق عليها غير هاتين المرّتين، رأيته منهبطًا من السماء سادًّا عِظْم خلقه ما بين السماء والأرض». رواه مسلم كما سبق.
ثم هذه الرّوايات عن ابن عباس منها مطلقة، ومنها مقيّدة بالقلب والفؤاد، فحمل أهل العلم المطلقة على المقيّدة وجمعوا بين من أنكر رؤية النبيّ ﷺ لربّه كعائشة وغيرها، ومن أثبتها كابن عباس، فحملوا الإنكار على رؤية العين، والاثبات على رؤية القلب، وإليه ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه الحافظ ابن القيم رحمهما اللَّه تعالى.
وإليكم ما قاله شيخ الإسلام في فتاواه: «وأمّا الرؤية، فالذي ثبت في الصحيح عن ابن عباس أنه قال: «رأى محمّد ربه بفؤاده مرتين» وعائشة أنكرت الرّؤية. فمن الناس من جمع بينهما فقال: عائشة أنكرت رؤية العين، وابن عباس أثبت رؤية الفؤاد.
والألفاظ الثابتة عن ابن عباس هي مطلقة، أو مقيدة بالفؤاد، تارة يقول: «رأى محمد ربه»، وتارة يقول: «رآه محمد»، ولم يثبت عن ابن عباس لفظ صريح بأنه رآه بعينه.
وكذلك الإمام أحمد، تارة يطلق الرؤية، وتارة يقول: رآه بفؤاده، ولم يقل أحد: إنه سمع أحمد يقول: رآه بعينه، لكن طائفة من أصحابه سمعوا بعض كلامه المطلق، فهموا منه رؤية العين، كما سمع بعض الناس مطلق كلام ابن عباس ففهم منه رؤية العين.
وليس في الأدلة ما يقتضي أنه رآه بعينه، ولا ثبت ذلك عن أحد من الصحابة، ولا في الكتاب والسنة ما يدل على ذلك، بل النصوص الصحيحة على نفيه أدل، كما في صحيح مسلم عن أبي ذرّ قال: سألت رسول اللَّه ﷺ هل رأيت ربك؟ فقال: «نور، أنى أراه؟ !»
وقد قال تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا﴾ [سورة الإسراء: ١]، ولو كان قد أراه نفسه بعينه لكان ذكر ذلك أولى.
وكذلك قوله: وارونه ﴿أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى﴾ [سورة النجم: ١٨﴿لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى﴾ [سورة النجم: ١٨] ولو كان رآه بعينه لكان ذكر ذلك أولى.
وفي الصحيحين عن ابن عباس في قوله: ﴿وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ﴾ [سورة الإسراء: ٦٠]، قال: هي رؤيا عين، أريها رسول اللَّه ﷺ ليلة أسرى به، وهذه «رؤيا الآيات»؛ لأنّه أخبر الناس بما رآه بعينه ليلة المعراج، فكان ذلك فتنة لهم، حيث صدقه قوم وكذبه قوم، ولم يخبرهم بأنه رأى ربه بعينه ولي في شيء من أحاديث المعراج الثابتة ذكر ذلك، ولو كان قد وقع ذلك لذكره كما ذكر ما دونه.
وقد ثبت بالنصوص الصحيحة واتفاق سلف الأمة، أنه لا يرى اللَّه أحد في الدنيا بعينه، إِلَّا ما نازع فيه بعضهم من رؤية نبينا محمد ﷺ خاصة، واتفقوا على أن المؤمنين يرون اللَّه يوم القيامة عيانًا، كما يرون الشمس والقمر».»مجموع الفتاوى (٦/ ٥٠٩ - ٥١٠).
وأمّا الحافظ ابن القيم رحمه اللَّه تعالى فقال: «واختلف الصّحابة: هل رأى ربَّه تلك اللَّيلة أم لا؟ فصحَّ عن ابن عباس أنّه رأى ربَّه، وصحَّ عنه أنه قال: «رآه بفؤاده»، وصحَّ عن عائشة وابن مسعود إنكارُ ذلك وقالا: إن قوله ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (١٣) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى﴾ [سورة النجم: ١٣ - ١٤] إنّما هو جبريل.
وصحَّ عن أبي ذرّ أنّه سأله: هل رأيتَ ربَّك؟ فقال «نورٌ أنى أراهُ». أي حال بيني وبين رؤيته النور كما قال في لفظ آخر: «رأيتُ نورًا».
وقد حكى عثمان بن سعيد الدَّارميّ اتفاق الصّحابة على أنّه لم يره.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀: «وليس قول ابن عباس: «إنّه رآه«مناقضًا لهذا، ولا قوله: «رآه بفؤاده«وقد صحّ عنه أنه قال: «رأيتُ ربِّي تبارك وتعالى، ولكن لم يكن هذا في الإسراء، ولكن كان في المدينة لما احتُبس عنهم في صلاة الصبح، ثم أخبرهم عن رؤية ربَّه تبارك وتعالى تلك اللَّيلة في منامه، وعلى هذا بنى الإمام أحمد رحمه اللَّه تعالى وقال: «نعم رآه حقًّا»؛ فإنّ رؤيا الأنبياء حقّ، ولا بدَّ، ولكن لم يقلْ أحمد رحمه اللَّه تعالى: إنه رآه بعيني رأسه يقظةً، ومن حكى عنه ذلك فقد وهم عليه، ولكن قال مرة: «رآه»، ومرة قال: «رآه بفؤاده». فحُكيتْ عنه روايتان، وحكيت عنه الثالثة من تصرُّف بعض أصحابه:
«إنّه رآه بعيني رأسه». وهذه نصوص أحمد موجودة، ليس فيها ذلك.
وأمّا قول ابن عباس: «إنّه رآه بفؤاده مرّتين». فإن كان استناده إلى قوله تعالى: ﴿مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى﴾ [سورة النجم: ١١]، ثم قال: ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى﴾ [سورة النجم: ١٣]، والظَّاهر أنه مستنده؛ فقد صحّ عنه ﷺ أنّ هذا المرئي جبريل، رآه مرتين في صورته التي خُلق عليها، وقول ابن عباس هذا هو مستند الإمام أحمد في قوله: «رآه بفؤاده» واللَّه أعلم.
وأمّا قوله تعالى في سورة النَّجم ﴿ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى﴾ [سورة النجم: ٨] فهو غير الدّنو والتَّدلي في قصة الإسراء، فإن الذي في سورة النجم هو دنو جبريل وتدلّيه، كما قالت عائشة وابن مسعود، والسّياق يدلُّ عليه، فإنه قال: ﴿عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى﴾ [سورة النجم: ٥] وهو جبريل، ﴿ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (٦) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (٧) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى﴾ [سورة النجم: ٦ - ٨]. فالضَّمائر كلُّها راجعة إلى هذا المعلِّم الشَّديد القوى، وهو ذو المرَّة، أي القوة، وهو الذي استوى بالأفق الأعلى، وهو الذي دني فتدلّى، فكان من محمد ﷺ قدر قوسين أو أدنى. فأمّا الدّنو والتدلي الذي في حديث الاسراء، فذلك صريح في أنه دنو الرّب تبارك وتعالى وتدلّيه، ولا تعرَّض في سورة النّجم لذلك، بل فيها أنه رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى، وهذا هو جبريل، رآه محمد ﷺ على صورته مرّتين: مرة في الأرض، ومرة عند سدرة المنتهى، واللَّه أعلم». انظر: «زاد المعاد (٣/ ٣٦ - ٣٨).
قال الأعظمي: دنو الرَّب تبارك وتعالى وتدلّيه الذي في حديث الإسراء فقد سبق الكلامُ عليه بأنَّ هذا مما أخطأ فيه شريك بن عبد اللَّه بن أبي نمر، واللَّه أعلم.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 412 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ما كذب الفؤاد ما رأى، قال: رآه بقلبه

  • 📜 حديث: ما كذب الفؤاد ما رأى، قال: رآه بقلبه

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ما كذب الفؤاد ما رأى، قال: رآه بقلبه

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ما كذب الفؤاد ما رأى، قال: رآه بقلبه

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ما كذب الفؤاد ما رأى، قال: رآه بقلبه

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب