حديث: لَوْ أَنِّي اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمْ أَسُق الْهَدْيَ

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب أنّ المتمتِّع يتحلّل من عمرته بتقصير شعره وعليه هدي التمتع

عن جابر بن عبد الله، قال: ... حَتَّى إِذَا كَانَ آخِرُ طَوَافِهِ عَلَى الْمَرْوَةِ فَقَال: «لَوْ أَنِّي اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمْ أَسُق الْهَدْيَ وَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً، فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحِلَّ وَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً» ... قَالَ فَحَلَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ وَقَصَّرُوا إِلا النَّبِيَّ ﷺ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ.

صحيح: رواه مسلم في الحج (١٢١٨) من طرق عن حاتم بن إسماعيل المدنيّ، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر، فذكره بطوله.

عن جابر بن عبد الله، قال: ... حَتَّى إِذَا كَانَ آخِرُ طَوَافِهِ عَلَى الْمَرْوَةِ فَقَال: «لَوْ أَنِّي اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمْ أَسُق الْهَدْيَ وَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً، فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحِلَّ وَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً» ... قَالَ فَحَلَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ وَقَصَّرُوا إِلا النَّبِيَّ ﷺ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا جميعاً لفهم سنة نبيه صلى الله عليه وسلم والعمل بها.
هذا الحديث الشريف جزء من حديث جابر الطويل في صفة حجة الوداع، وهو من الأحاديث العظيمة التي تبين رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بأمته وتيسيره عليهم. وسأشرحه لك جزءاً جزءاً مستعيناً بكتب شرح الحديث المعتمدة مثل "فتح الباري" للحافظ ابن حجر، و"شرح النووي على صحيح مسلم"، وغيرها.

أولاً. شرح المفردات:


● اسْتَقْبَلْتُ: أي علمت بما سيكون في المستقبل.
● اسْتَدْبَرْتُ: أي علمت بما مضى من الأمر.
● الْهَدْيَ: ما يُهدى إلى الحرم من الأنعام (الإبل، البقر، الغنم) ليُذبح تقرباً إلى الله.
● لِيَحِلَّ: يخرج من إحرامه ويحل له ما حرم عليه بسبب الإحرام.
● قَصَّرُوا: قصروا شعر رؤوسهم كعلامة على التحلل.

ثانياً. شرح الحديث:


يحدثنا الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن موقف حصل في حجة الوداع، وذلك عندما كان النبي صلى الله عليه وسلم في آخر شوط من أشواط السعي بين الصفا والمروة (على جبل المروة).
فقال النبي صلى الله عليه وسلم كلمته المشهورة: «لَوْ أَنِّي اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمْ أَسُق الْهَدْيَ وَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً».
● المعنى: "لو كنت أعلم من أول الأمر ما علمته الآن (من مشقة الإحرام على الناس وهم ليس معهم هدي) لما سقت الهدي معي، ولباشرت العمرة وحدها (أي لأحللت منها)".
- كان النبي صلى الله عليه وسلم قد أحرم بالحج مفرداً (أي نوى الحج فقط) وقاد معه الهدي. وكان كثير من الصحابة قد أحرموا بالعمرة مفردة (متمتعين) أو قارنين بين الحج والعمرة، ولكن لم يكن معهم هدي ليذبحوه.
ثم وجه النبي صلى الله عليه وسلم الأمر إلى أصحابه فقال: «فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحِلَّ وَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً».
● المعنى: "فمن كان منكم قد أحرم بالحج مفرداً أو قارناً وليس معه هدي يذبحه، فليتحلل من إحرامه الآن وليجعلها عمرة (أي يتحول من نيته للحج إلى نية العمرة فيحل منها)، ثم يحرم بالحج لاحقاً في يوم التروية (الثامن من ذي الحجة)".
فاستجاب الناس لأمر النبي صلى الله عليه وسلم «فَحَلَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ وَقَصَّرُوا»: أي تحللوا جميعاً من إحرامهم وقصروا شعر رؤوسهم كعلامة على الخروج من الإحرام.
«إلا النَّبِيَّ ﷺ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ»: بقي النبي صلى الله عليه وسلم وأولئك الذين كان معهم هدي على إحرامهم، لأنهم لو حلوا لوجب عليهم ذبح الهدي، وكان الهدي قد سيق لأجل الحج، فبقوا على إحرامهم حتى يوم النحر.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- التيسير على الأمة ورفع الحرج عنها: هذا الموقف من أعظم مواقف التيسير التي جاء بها الإسلام. لقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم مشقة الإحرام الطويل على أصحابه، فشرع لهم ما يرفع عنهم هذه المشقة، مع أن هذا خلاف ما بدأ به هو نفسه.
2- حكمة النبي صلى الله عليه وسلم ومرونته في التشريع: يدل على كيف أن التشريع الإسلامي قابل للتعديل والتبديل حسب الظروف والمصالح، ما دام ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
3- الفرق بين من معه الهدي ومن لم يكن معه هدي: بيان أن من ساق الهدي يجب عليه البقاء على إحرامه ولا يحل حتى يذبح هديه، وهذا أصل مهم في أحكام الإحرام.
4- طاعة الصحابة المطلقة للنبي صلى الله عليه وسلم: لم يتأخر أحد منهم أو يعترض على هذا التغيير المفاجئ في المناسك، بل امتثلوا لأمره فوراً، وهذا نموذج للطاعة الواجبة لله ورسوله.
5- جواز العدول من نسك إلى نسك إذا كان فيه مصلحة: حيث عدل الصحابة من إحرام الحج إلى إحرام العمرة بأمر النبي صلى الله عليه وسلم.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث أصل في باب "تمتع" في الحج، حيث تحل من العمرة ثم تحرم لاحقاً للحج.
- هذا الأمر من النبي صلى الله عليه وسلم كان في عام حجة الوداع، وهو آخر حجة له، فكأنه ختم رسالته بمزيد من التيسير والرحمة.
- استنبط العلماء من قوله "لو استقبلت من أمري ما استدبرت" أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب، فهو لا يعلم إلا ما علمه الله، وهذا من أدلة نفي علم الغيب عنه صلى الله عليه وسلم.
أسأل الله أن يفقهنا في الدين، وأن يرزقنا العمل بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الحج (١٢١٨) من طرق عن حاتم بن إسماعيل المدنيّ، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر، فذكره بطوله.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 336 من أصل 689 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لَوْ أَنِّي اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمْ أَسُق الْهَدْيَ

  • 📜 حديث: لَوْ أَنِّي اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمْ أَسُق الْهَدْيَ

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لَوْ أَنِّي اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمْ أَسُق الْهَدْيَ

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لَوْ أَنِّي اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمْ أَسُق الْهَدْيَ

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لَوْ أَنِّي اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمْ أَسُق الْهَدْيَ

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب