حديث: النبي ﷺ يقول لأصحابه: اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب وجوب السَّعي بين الصَّفا والمروة في الحجّ والعمرة

عن حبيبة بنت أبي تَجراة، قالت: دَخَلْنَا دَارَ أَبِي حُسَيْنٍ فِي نِسْوَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَالنَّبِيُّ ﷺ يَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، قَالَتْ: وَهُوَ يَسْعَى يَدُورُ بِهِ إِزَارُهُ مِنْ شِدَّةِ السَّعْيِ، وَهُوَ يَقُولُ لأَصْحَابِهِ: «اسْعَوْا فَإِنَّ الله كَتَبَ عَلَيْكُم السَّعْيَ».

حسن: وله طرق منها:
ما رواه الإمام أحمد (٢٧٣٦٧) - واللفظ له، والطبراني ٢٤/ (٢٢٧)، والدارقطني (٢٥٨٤)، والحاكم (٤/ ٧٠)، والبيهقي (٥/ ٩٨) كلّهم من طريق عبد الله بن المؤمل، عن عمر بن عبد الرحمن، حدّثنا عطاء، عن صفية بنت شيبة، عن حبية بنت أبي تجراة، فذكرته.

عن حبيبة بنت أبي تَجراة، قالت: دَخَلْنَا دَارَ أَبِي حُسَيْنٍ فِي نِسْوَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَالنَّبِيُّ ﷺ يَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، قَالَتْ: وَهُوَ يَسْعَى يَدُورُ بِهِ إِزَارُهُ مِنْ شِدَّةِ السَّعْيِ، وَهُوَ يَقُولُ لأَصْحَابِهِ: «اسْعَوْا فَإِنَّ الله كَتَبَ عَلَيْكُم السَّعْيَ».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا جميعاً لفهم سنة نبيه ﷺ والعمل بها.
الحديث الذي ذكر حديث صحيح، رواه الإمام أحمد في مسنده، وغيره، وهو من الأحاديث التي تصور لنا حرص النبي ﷺ على تطبيق مناسك الحج والعمرة بشروطها وآدابها كاملة، وحرصه على تعليم أصحابه ذلك.
وفيما يلي شرح وافٍ للحديث على النحو المطلوب:


1. شرح المفردات:


● دَخَلْنَا دَارَ أَبِي حُسَيْنٍ: دخلنا (نحن النسوة) إلى دار أبي حسين (وهو رجل من قريش، والدار كانت قريبة من المسعى).
● يَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ: أي يؤدي نسك السعي، وهو أحد أركان الحج والعمرة.
● يَسْعَى: يُسرع في مشيه مع المقاربة بين الخطى، وهو هيئة السعي المشروعة.
● يَدُورُ بِهِ إِزَارُهُ: يتحرك إزاره (ثوبه الذي يغطي نصفه الأسفل) ويلتف حوله due to شدة وسرعة حركته.
● مِنْ شِدَّةِ السَّعْيِ: بسبب سرعة ومشقة السعي.
● اسْعَوْا: أسرعوا في مشيكم في السعي.
● كَتَبَ عَلَيْكُم: فرض عليكم وأوجبه.


2. شرح الحديث:


تصف لنا الصحابية الجليلة حبيبة بنت أبي تجراة -رضي الله عنها- مشهداً رأته مع نسوة من قريش. كن في دار قريبة من المسعى (المسافة بين الصفا والمروة)، فرأين النبي ﷺ وهو يؤدي نسك السعي بين الصفا والمروة.
وكانت هيئته ﷺ توحي بالجدية والاجتهاد في العبادة، حيث كان يسعى سعياً شديداً حتى أن إزاره كان يتحرك ويدور حول جسمه من شدة سرعة حركته وهمته العالية في الطاعة. ولم يكتفِ ﷺ بفعله، بل كان يعلّم أصحابه ويحثهم قائلاً: (اسْعَوْا فَإِنَّ الله كَتَبَ عَلَيْكُم السَّعْيَ).
أي: أسرعوا في مشيكم أثناء السعي بين الصفا والمروة، لأن الله تعالى قد فرض هذا السعي عليكم وجعله ركناً من أركان الحج والعمرة لا يصحان بدونه.
ملاحظة مهمة: السعي هنا لا يعني الركض أو الجري الشديد الذي يفقد الإنسان وقاره، بل هو إسراع في المشي مع مقاربة الخطى، وهو الهيئة التي كان عليها النبي ﷺ وكانت عادة العرب في المشي عند الجد والاجتهاد.


3. الدروس المستفادة منه:


1- بيان مشروعية السعي بين الصفا والمروة وأنه ركن: قوله ﷺ: (كَتَبَ عَلَيْكُم السَّعْيَ) دليل واضح على وجوب السعي وفرضيته في الحج والعمرة.
2- الاجتهاد في العبادة وإقامتها على أكمل وجه: حرص النبي ﷺ على أداء النسك بالهيئة المشروعة (السعي الشديد) يدل على أهمية إتقان العبادة وإخلاصها لله تعالى.
3- التواضع وخشوع القلب في الطاعة: رغم منزلته ﷺ العظيمة، إلا أنه كان يمارس النسك بشدة وتواضع، مما يعلّم المسلم أن العبودية لله هي الغاية.
4- حرص النبي ﷺ على تعليم أمته: لم يكن ﷺ ليفعل الفعل فقط، بل كان يقرنه بالقول التوجيهي والتعليمي لأصحابه وللأمة من بعدهم.
5- جواز نظر النساء إلى الرجال الأجانب للضرورة أو للحاجة: حيث رأت النسوة النبي ﷺ وهو يسعى من دار مجاورة للمسعى، وذلك لأخذ العلم ومعرفة المناسك، دون خلوة أو تبرج.


4. معلومات إضافية مفيدة:


● حكم السعي: السعي بين الصفا والمروة ركن من أركان الحج والعمرة بالإجماع، لا يصحان إلا به.
● هيئة السعي: السنة أن يسعى الرجل بين العلمين الأخضرين (أي في جزء معين من المسعى) كما فعل النبي ﷺ، أما في باقي المسعى فيمشي مشياً عادياً.
● الحديث دليل على السنة العملية: هذا الحديث من الأحاديث التي تسجل السنة العملية للنبي ﷺ، والتي هي مصدر تشريعي كالسنة القولية.
أسأل الله تعالى أن يرزقنا الفقه في دينه، والاتباع الكامل لسنة نبيه ﷺ، وأن يتقبل منا الصالحات.
وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

وله طرق منها:
ما رواه الإمام أحمد (٢٧٣٦٧) - واللفظ له، والطبراني ٢٤/ (٢٢٧)، والدارقطني (٢٥٨٤)، والحاكم (٤/ ٧٠)، والبيهقي (٥/ ٩٨) كلّهم من طريق عبد الله بن المؤمل، عن عمر بن عبد الرحمن، حدّثنا عطاء، عن صفية بنت شيبة، عن حبية بنت أبي تجراة، فذكرته.
وسكت عليه الحاكم، وقال الذهبي: «لم يصح».
قال الأعظمي: عبد الله بن مؤمل هو ابن هبة المخزوميّ «ضعيف»، وبه أعلّه ابن عدي في «الكامل» (٤/ ١٤٥٦)، وأسند تضعيفه عن أحمد والنسائي وابن معين. وقال الهيثمي في «المجمع» (٣/ ٢٤٧): «فيه عبد الله بن المؤمّل وثقه ابن حبان، وقال: «يخطئ«وضعّفه غيره».
ومنها ما رواه الدارقطنيّ (٢٥٨٢)، والبيهقي (٥/ ٩٧) كلاهما من حديث ابن المبارك، قال: أخبرني معروف بن مُشكان، أخبرني منصور بن عبد الرحمن، عن أمه صفية، قالت: أخبرتني نسوة من بني عبد الدّار اللائي أدركن رسول الله ﷺ. قلن: «دخلنا دار ابن أبي حسين، فاطلعنا من باب مقطع فرأينا رسول الله ﷺ يشتد في المسْعى حتى إذا بلغ بني فلان موضعًا قد سماها من المسعي- استقبل الناس فقال: «يا أيها الناس!، اسعوا، فإنّ السّعي قد كُتب عليكم».
وهذا إسناد حسن، ومعروف بن مُشكان -بضم أوله وسكون المعجمة- المكيّ حسن الحديث.
وقال الحافظ ابن عبد الهادي في: التنقيح (٣/ ٥١٣): «إسناد هذا الحديث صحيح، وإن كان غير مخرّج في السّنن، ومعروف بن مشكان صدوق، لا نعلم أحدًا تكلّم فيه ومنصور بن عبد الرحمن هذا ثقة، مخرج له في الصّحيحين، ولم يتكلّم فيه أبو حاتم، بل قال فيه: صالح الحديث». انتهى.
ومنها ما رواه الإمام أحمد (٢٧٤٦٣) وصحّحه ابن خزيمة (٢٧٦٥) كلاهما من حديث عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن واصل مولى أبي عيينة، عن موسى بن عبيد، عن صفية بنت شيبة،
أنّ امرأة أخبرتها أنها سمعت النبيّ ﷺ بين الصفا والمروة يقول: «اكتب عليكم السعيّ فاسعوا».
وإسناده لا بأس به؛ فإنّ موسي بن عبيد روى عنه اثنان، ووثقه ابن حبان، وهو من رجال «التعجيل» إلّا أنّ فيه موسى بن عبيدة - بزيادة هاء كما في بعض نسخ المسند، والدارقطني (٥٨٧). وقد نبّه الحافظ في «التعجيل» بأنه «عبيد» بدون هاء.
ولم ينبه إليه الحافظ الهيثمي في «المجمع» (٣/ ٢٤٧) فظنّ أنه الرّبذيّ فضعّفه من أجله.
قال ابن خزيمة: «هذه المرأة التي لم تسم في هذا الخبر هي: حبيبة بنت أبي تجراة».
ومنها: ما رواه ابن خزيمة (٢٧٦٤) عن محمد بن عمر بن علي بن عطاء بن مقدم المقدمي، ثنا الخليل بن عثمان، قال: سمعت عبد الله بن بنيه، عن جدته صفية بنت شيبة، عن جدتها بنت أبي تجراة، قالت: كان لنا خلفة في الجاهلية، قالت: اطلعت من كوة بين الصفا والمروة، فأشرفت على النبيّ ﷺ وإذا هو يسعى، وإذا هو يقول لأصحابه: «اسعوا فإنّ الله كتب عليكم السّعي» فلقد رأيته من شدّة السّعي يدور الإزار حول بطنه حتى رأيت بياض بطنه وفخذيه». وفي الإسناد من لم توجد له ترجمة.
وبجموع هذه الطرق يكون الحديث حسنًا إن شاء الله تعالي.
وأمّا قول الحافظ في: الفتح (٣/ ٤٩٨): «وله طريق أخرى في صحيح ابن خزيمة مختصرًا، وعند الطبراني عن ابن عباس كالأولي وإذا انضمّت إلى الأولى قويتْ«ففيه نظر؛ فإنّ الحديث من طرقه الكثيرة يشدّ بعضه بعضًا، وحديث ابن عباس لا يفيد شيئًا فإن في إسناده المفضل بن صدقة متروك كما قال الهيثمي (٣/ ١٤٨)، وهو لا يصح أن يكون شاهدًا، ولذا لم أخرجه. انظر للمزيد: المنة الكبرى (٤/ ١٩٦ - ١٩٧).
وفي هذه الأحاديث دلالة واضحة على أنّ السّعي فرض، وهو قول الكافة، وأنه لا يتحلّل ما لم يأت به.
عن عمرو بن دينار، قال: سألنا ابن عمر عن رجل طاف باليت سبعًا في عمرة، ولم يطف بين الصفا والمروة، أيأتي امرأته؟ قال: قدم رسول الله ﷺ فطاف بالبيت سبعًا، وصلى خلف المقام ركعتين، وطاف بين الصّفا والمروة سبعًا ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ ..
وسألنا جابر بن عبد الله فقال: لا يقربنّها حتى يطوف بين الصفا والمروة. أخرجهما البخاري (١٧٩٣، ١٧٩٤).
وهذا مذهب عائشة، وابن عمر، وجابر بن عبد الله. وهو قول مالك، والشافعي وأحمد في إحدى الروايتين.
وذهب جماعة منهم: أبو حنيفة، وسفيان الثوري، وفي رواية عن أحمد بأنه واجب وليس بفرض، وعلى من تركهـ دم.
وذهب ابن عباس، وابن سيرين، وعطاء، ومجاهد إلى أنّ من طاف فقد حلَّ مستدلين بالآية، وقالوا: رفع الحرج يدل على الإباحة.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 318 من أصل 689 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: النبي ﷺ يقول لأصحابه: اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي

  • 📜 حديث: النبي ﷺ يقول لأصحابه: اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: النبي ﷺ يقول لأصحابه: اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: النبي ﷺ يقول لأصحابه: اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: النبي ﷺ يقول لأصحابه: اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, December 17, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب