كانت العرب تطوف بالبيت عراة إلا الحمس

حديث: كانت العرب تطوف بالبيت عراة إلا الحمس

عن عروة قال: كانت العرب تطوف بالبيت عراةً إلّا الْحُمْس -والحمس: قريش وما ولدت- كانوا يطوفون عراة إلا أن تعطيهم الحمس ثيابا فيعطي الرجالُ الرّجالَ والنّساءُ النساءَ، وكانت الحمس لا يخرجون من المزدلفة وكان الناس كلهم يبلغون عرفات.
قال هشام: فحدثني أبي عن عائشة ﵂ قالت: الحمس هم الذين أنزل الله عز وجل فيهم: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾. قالت: كان الناس يفيضون من عرفات وكان الحمس يفيضون من المزدلفة يقولون لا نفيض إلا من الحرم فلما نزلتْ: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾ رجعوا إلى عرفات.

متفق عليه: رواه البخاريّ في الحج (١٦٦٥) من حديث علي بن مسهر، ومسلم في الحج (١٢١٩: ١٥٢) من حديث أسامة - كلاهما عن هشام، عن أبيه، فذكره، واللفظ لمسلم.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا الحديث الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه يروي لنا صورة من صور الجاهلية التي جاء الإسلام ليصححها ويهدي الناس إلى الحق والهدى. وإليك الشرح المفصل:

1. شرح المفردات:

● الْحُمْس: هم قريش ومن ولدتهم من القبائل، وكانوا يعتبرون أنفسهم نخبة العرب وأشرافهم.
● يطوفون عراة: أي بدون ملابس، وكان هذا من أفعال الجاهلية المنكرة.
● المزدلفة: موقف من مواقف الحج بين عرفة ومكة، ويجمع فيها بين المغرب والعشاء.
● عرفات: الموضع الرئيسي للحج، حيث يقف الحجاج يوم التاسع من ذي الحجة.
● أَفِيضُوا: أي انطلقوا وارتحلوا من المكان.

2. شرح الحديث:

يصف هذا الحديث عادة من عادات العرب في الجاهلية أثناء الطواف بالكعبة، حيث كانوا يطوفون عراة إلا أن تمنحهم قريش (الحمس) ثيابًا ليكسوهم، فكان الرجال يعطون الرجال والنساء يعطين النساء. وكانت قريش تعتبر نفسها مميزة حتى في مناسك الحج، فكانوا لا يخرجون من المزدلفة ويقفون فيها، بينما بقية الناس يقفون في عرفات كما هو المشروع.
ثم يروي هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أن الحمس هم المقصودون في الآية الكريمة: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾ [البقرة: 199]. فقد كان الناس يفيضون (ينطلقون) من عرفات بعد الوقوف، أما الحمس فكانوا يفيضون من المزدلفة زاعمين أنهم لا يفيضون إلا من الحرم (اعتقادًا منهم أن المزدلفة من الحرم)، فلما نزلت الآية الكريمة، رجعوا إلى السنة الصحيحة ووافقوا الناس في الإفاضة من عرفات.

3. الدروس المستفادة:

● إبطال الإسلام للعادات الجاهلية: يبين الحديث كيف أن الإسلام جاء لينقض عادات الجاهلية المخالفة للفطرة والحياء، كالطواف عراة.
● المساواة في العبادة: الإسلام يسوي بين الناس في المناسك، فلا فضل لأحد على آخر إلا بالتقوى، فقريش كانت تتعالى على الناس وتختلق تميزًا في الدين.
● الانقياد لأمر الله: عندما نزلت الآية، امتثل الحمس لأمر الله وتركوا بدعتهم، وهذا درس في طاعة الله ورسوله وترك الأهواء.
● الحياء من الله: الطواف عراة مخالف للحياء الذي هو من الإيمان، فجاء الإسلام ليرد الناس إلى الفطرة السليمة.

4. معلومات إضافية:

- هذا الحديث جزء من رواية عائشة رضي الله عنها التي تشرح أسباب نزول آية: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾.
- الحمس: سموا بذلك لشدة دينهم وتحمسهم له، ولكنهم حرفوه بأهوائهم.
- هذه الرواية تظهر كيف كان الإسلام يهذب الأخلاق ويصحح المعتقدات، ويؤسس لمجتمع تسوده القيم السامية.
أسأل الله أن يفقهنا في الدين، وأن يردنا إلى سنن نبيه ردًا جميلاً.
والله أعلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الحج (١٦٦٥) من حديث علي بن مسهر، ومسلم في الحج (١٢١٩: ١٥٢) من حديث أسامة - كلاهما عن هشام، عن أبيه، فذكره، واللفظ لمسلم.
ولفظ البخاري قريب منه، وفيه: «فدفعوا إلى عرفات». أي أُمروا أن يتوجّهوا إلى عرفات ليقفوا بها ثم يفيضوا منها. وسوف يأتي تفسير الآية.
والْحُمْس: بضم المهملة، وسكون الميم بعدها مهملة.
وتفسيره كما روى إبراهيم الحربيّ في «غريب الحديث» من طريق ابن جريج، عن مجاهد،
قال: «الحمس قريش ومن كان يأخذ قريش مأخذها من القبائل كالأوس والخزرج وخزاعة وثقيف وغزوان وبني عامر وبني صعصعة وبني كنانة إلا بني بكر، والأحمس في كلام العرب: الشديد، سموا بذلك لما شدّدوا على أنفسهم، وكانوا إذا أهلوا بحج أو عمرة لا يأكلون لحمًا ولا يضربون وبرًا، ولا شعرًا. وإذا قدموا مكة وضعوا ثيابهم التي كانت عليهم».
وروى إبراهيم أيضًا من طريق عبد العزيز بن عمران المدني قال: «سموا حُمْسًا بالكعبة؛ لأنها حمساء حجرها أبيض يضرب إلى السواد، وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى: تحمّس تشدّد، ومنه حمس الوغى إذا اشتدّ».

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 379 من أصل 689 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: كانت العرب تطوف بالبيت عراة إلا الحمس

📜 حديث: كانت العرب تطوف بالبيت عراة إلا الحمس

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: كانت العرب تطوف بالبيت عراة إلا الحمس

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: كانت العرب تطوف بالبيت عراة إلا الحمس

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: كانت العرب تطوف بالبيت عراة إلا الحمس

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية