حديث: يطوف الرجل بالبيت ما كان حلالًا حتى يهل بالحج

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب وجوب الوقوف بعرفة

عن ابن عباس قال: يطوفُ الرّجلُ بالبيت ما كان حلالًا حتى يهلّ بالحجّ، فإذا ركب إلى عرفةَ فمن تيسر له هَديَّةٌ من الإبل أو البقر أو الغنم، ما تيسر له من ذلك، أيَّ ذلك شاء، غير أنه إن لم يتيسر له فعليه ثلاثةُ أيّام في الحجّ، وذلك قبل يوم عرفة، فإن كان آخر يوم من الأيام الثلاثة يومَ عرفة فلا جناح عليه، ثم لِينطلقْ حتى يقف بعرفات من صلاة العصر إلى أن يكون الظلام، ثم لِيدفعوا من عرفات إذا أفاضوا منها حتى يبلغوا جَمْعًا الذي يبيتون به، ثم ليذكرِوا الله كثيرًا، وأَكْثِرُوا التكبير والتهليل قبل أن تُصبحوا، ثم أفيضوا فإن الناس كانوا يُفيضون، وقال الله تعالى: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [البقرة: ١٩٩] حتى تَرْمُوا الجمرة.

صحيح: رواه البخاريّ في التفسير (٤٥٢١) عن محمد بن أبي بكر، حدّثنا فضيل بن سليمان، حدثنا موسى بن عقبة، أخبرني كريب، عن ابن عباس، فذكره.

عن ابن عباس قال: يطوفُ الرّجلُ بالبيت ما كان حلالًا حتى يهلّ بالحجّ، فإذا ركب إلى عرفةَ فمن تيسر له هَديَّةٌ من الإبل أو البقر أو الغنم، ما تيسر له من ذلك، أيَّ ذلك شاء، غير أنه إن لم يتيسر له فعليه ثلاثةُ أيّام في الحجّ، وذلك قبل يوم عرفة، فإن كان آخر يوم من الأيام الثلاثة يومَ عرفة فلا جناح عليه، ثم لِينطلقْ حتى يقف بعرفات من صلاة العصر إلى أن يكون الظلام، ثم لِيدفعوا من عرفات إذا أفاضوا منها حتى يبلغوا جَمْعًا الذي يبيتون به، ثم ليذكرِوا الله كثيرًا، وأَكْثِرُوا التكبير والتهليل قبل أن تُصبحوا، ثم أفيضوا فإن الناس كانوا يُفيضون، وقال الله تعالى: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [البقرة: ١٩٩] حتى تَرْمُوا الجمرة.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإني أقدم لكم شرحًا وافيًا لهذا الحديث النبوي الشريف الذي رواه الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، معتمدًا في ذلك على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.

أولًا:

شرح المفردات:
● يطوفُ الرجلُ بالبيت: أي يؤدي طواف القدوم أو طواف العمرة حول الكعبة المشرفة.
● حتى يهلّ بالحجّ: حتى يُلبي وينوي الدخول في نسك الحج.
● عرفةَ: الجبل المعروف والمشعر الحرام الذي يقف فيه الحجاج يوم التاسع من ذي الحجة.
● هَديَّةٌ: ما يذبحه الحاج من الإبل أو البقر أو الغنم تقربًا إلى الله تعالى.
● جَمْعًا: هو مزدلفة، وهو المشعر الحرام الذي يبيت فيه الحجاج بعد الوقوف بعرفة.
● يُفيضون: يندفعون ويسيرون من عرفة إلى مزدلفة.

ثانيًا. شرح الحديث:


يبيّن هذا الحديث الشريف بعضًا من مناسك الحج وأحكامه، وذلك على النحو التالي:
1- الطواف قبل الإهلال بالحج: يجوز للحاج أن يطوف بالكعبة قبل أن يُهل بالحج، أي قبل أن ينوي الدخول في النسك، ما دام لم يُحرِم بعد. وهذا الطواف يكون تطوعًا أو جزءًا من عمرة إذا كان الحاج قد أحرم بالعمرة أولاً.
2- وجوب الهدي أو الصيام: إذا أحرم الحاج بالحج وبدأ نسكه، فإن كان قارنًا (أي جمع بين الحج والعمرة) أو متمتعًا (أحرم بالعمرة في أشهر الحج ثم تحلل منها وأحرم بالحج)، وجب عليه أن يذبح هديًا (شاة أو بقرة أو بدنة) إذا تيسر له ذلك. فإن لم يتيسر له الهدي، وجب عليه صيام ثلاثة أيام في الحج ويوم سابع إذا رجع إلى أهله (كما في الآية الكريمة: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ) [البقرة: 196]. ويشير الحديث إلى أن هذه الأيام الثلاثة تكون قبل يوم عرفة، فإن صادف آخرها يوم عرفة فلا حرج في ذلك.
3- الوقوف بعرفة: بعد ذلك ينطلق الحاج إلى عرفة للوقوف فيها، وهذا الركن الأساسي من أركان الحج. ويبدأ وقت الوقوف من بعد زوال الشمس (أي بعد صلاة الظهر) يوم التاسع من ذي الحجة، ويستمر حتى غروب الشمس. والأفضل أن يقف الحاج بعد صلاة العصر كما ورد في الحديث.
4- الدفع إلى مزدلفة والمبيت فيها: بعد الغروب من يوم عرفة، يندفع الحجاج إلى مزدلفة (جمع) ويبيتون فيها ليلة العاشر من ذي الحجة. وفي مزدلفة يكثرون من الذكر والتكبير والتهليل، ويصلون فيها المغرب والعشاء جمع تأخير.
5- الإفاضة من مزدلفة: يبقى الحجاج في مزدلفة حتى يصلوا الفجر، ثم يذكرون الله تعالى حتى يسفر الصبح، ثم ينطلقون إلى منى قبل طلوع الشمس لرمي جمرة العقبة. وهذا هو المعنى المقصود بقوله: "ثم أفيضوا فإن الناس كانوا يُفيضون"، وهو ما أمر الله تعالى به في قوله: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾.

ثالثًا. الدروس المستفادة:


1- بيان أهمية اتباع السنة: الحديث يوضح كيف أن مناسك الحج تؤدى وفقًا لما فعله النبي صلى الله عليه وسلم وأمر به.
2- التيسير في الشرع: الشرع الإسلامي يراعي ظروف الناس وقدراتهم، فمن لم يستطع الهدي عليه الصيام بدلاً منه.
3- فضل الذكر والدعاء: الحج مليء بمواضع الذكر والتكبير والتهليل، مما يعمق الصلة بين العبد وربه.
4- التقيد بمواقيت الأعمال: لكل نسك من مناسك الحج وقت محدد لا يصح إلا فيه، كالوقوف بعرفة والرمي وغيرها.

رابعًا. معلومات إضافية:


- هذا الحديث يجمع بين أعمال الحج من الإهلال والوقوف والذبح والرمي، مما يجعله من الأحاديث الشاملة لصفة الحج.
- يستدل به العلماء على مشروعية صيام الأيام الثلاثة للحاج المتمتع أو القارن إذا لم يجد الهدي، وأنها تكون في أيام الحج قبل يوم عرفة.
- الحديث أيضًا يبين أن الوقوف بعرفة يكون من بعد الزوال إلى الغروب، وأن الدفع إلى مزدلفة يكون بعد الغروب.
أسأل الله تعالى أن يتقبل منا الصيام والقيام، وأن يبلغنا حج بيته الحرام، إنه سميع مجيب. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في التفسير (٤٥٢١) عن محمد بن أبي بكر، حدّثنا فضيل بن سليمان، حدثنا موسى بن عقبة، أخبرني كريب، عن ابن عباس، فذكره.
وأما قوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾ [سورة البقرة: ١٩٩] فظاهر سياق الآية أنها الإفاضة من المزدلفة؛ لأنّها ذكرت بلفظ «ثم» بعد ذكر الأمر بالذكر عند المشعر الحرام، فأجاب بعضُ المفسّرين بأنّ الأمر بالذّكر عند المشعر الحرام بعد الإفاضة من عرفات التي سيقت بلفظ الخبر لما ورد منه على المكان الذي تشرع الإفاضة منه، فالتقدير: فإذا أفضتم اذكروا ثم لتكن إفاضتكم من حيث أفاض الناس لا من حيث كان الحمس يفيضون. أو التقدير: فإذا أفضتم من عرفات إلى المشعر الحرام فاذكروا الله عنده، ولتكن إفاضتكم من المكان الذي يفيض فيه الناس غير الحمس.
واختار الطّحاويّ أن «ثم» بمعنى الواو، وليس للترتيب، فيكون معناه لقصد التأكيد لا لمحض الترتيب. والمعنى: فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام، ثم اجعلوا الإفاضة التي تفيضون منها من حيث أفاض الناس يعني من عرفات لا من حيث كنتم تفيضون في الجاهلية من المزدلفة، وقيل غير ذلك. انظر «الفتح».
وأما الإفاضة من عرفات وكون الحجّ لا يتم إلّا بالإفاضة منها فتكفي الآية السابقة وهي قوله تعالي: ﴿فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ﴾ [سورة البقرة: ١٩٨].
إلّا أن حمل الآية على ظاهرها لا يتمشى مع الأحاديث الصحيحة الواردة في الباب، والله تعالى أعلم.
ومن المفسرين مَنْ قالوا بظاهر الآية بأنّ الأمر بالإفاضة في قوله تعالى بأنّ الإفاضة هنا من المزدلفة حيث أفاض الناس - أي جنس سواء كان كانوا في الجاهليّة منذ إبراهيم عليه السلام أو في الإسلام بعد مشروعية الحجّ.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 382 من أصل 689 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: يطوف الرجل بالبيت ما كان حلالًا حتى يهل بالحج

  • 📜 حديث: يطوف الرجل بالبيت ما كان حلالًا حتى يهل بالحج

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: يطوف الرجل بالبيت ما كان حلالًا حتى يهل بالحج

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: يطوف الرجل بالبيت ما كان حلالًا حتى يهل بالحج

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: يطوف الرجل بالبيت ما كان حلالًا حتى يهل بالحج

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب