حديث: الرَّواح إنْ كنتَ تُريد السُّنة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قصر الخطبة وتعجيل الصّلاة يوم عرفة

عن سالم بن عبد الله أنه قال: كتب عبد الملك بن مروان إلى الحجاج بن يوسف: أنْ لا تخالف عبد الله بن عمر في شيء من أمر الحجِّ. قال: فلمّا كان يوم عرفة، جاءه عبد الله بن عمر حين زالت الشّمس وأنا معه، فصاح به عند سُرادقِه: أيْنَ هذا؟ فخرج عليه الحجّاج وعليه مِلْحفةٌ مُعَصْفرة، فقال: ما لك يا أبا عبد الرحمن؟ فقال: الرَّواح إنْ كنتَ تُريد السُّنة. فقال: أهذه السّاعة؟ قال: نعم. قال: فأنظرني حتّى أفيض عليَّ ماءً، ثم أخْرُجَ، فنزل عبد الله، حتى خرج الحجّاج فسار بيني وبين أبي، فقلت له: إن كنتَ تريدُ أن تُصيب السُّنة اليوم فاقْصُر الخطبة وعجِّلْ الصَّلاةَ. قال: فجعل ينظر إلى عبد الله بن عمر كيما يسمع ذلك منه، فلمّا رأى ذلك عبد الله قال: صدق سالم.

صحيح: رواه مالك في الحج (١٩٤) عن ابن شهاب، عن سالم، به.

عن سالم بن عبد الله أنه قال: كتب عبد الملك بن مروان إلى الحجاج بن يوسف: أنْ لا تخالف عبد الله بن عمر في شيء من أمر الحجِّ. قال: فلمّا كان يوم عرفة، جاءه عبد الله بن عمر حين زالت الشّمس وأنا معه، فصاح به عند سُرادقِه: أيْنَ هذا؟ فخرج عليه الحجّاج وعليه مِلْحفةٌ مُعَصْفرة، فقال: ما لك يا أبا عبد الرحمن؟ فقال: الرَّواح إنْ كنتَ تُريد السُّنة. فقال: أهذه السّاعة؟ قال: نعم. قال: فأنظرني حتّى أفيض عليَّ ماءً، ثم أخْرُجَ، فنزل عبد الله، حتى خرج الحجّاج فسار بيني وبين أبي، فقلت له: إن كنتَ تريدُ أن تُصيب السُّنة اليوم فاقْصُر الخطبة وعجِّلْ الصَّلاةَ. قال: فجعل ينظر إلى عبد الله بن عمر كيما يسمع ذلك منه، فلمّا رأى ذلك عبد الله قال: صدق سالم.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النافع الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه، مع بيان مفرداته ومعانيه والدروس المستفادة منه:

1. شرح المفردات:


● سُرادقِه: الخيمة أو البيت من الشعر.
● مِلْحفةٌ مُعَصْفرة: ثوب يُلبس، ومُعَصْفرة يعني مصبوغة بالعصفر (لون أصفر أو أحمر).
● الرَّواح: الذهاب إلى عرفة بعد الزوال.
● أفيض عليَّ ماءً: أي يصب الماء عليه للاغتسال أو التبرد.
● اقْصُر الخطبة وعجِّلْ الصَّلاةَ: أي اجعل الخطبة قصيرة وأسرع في الصلاة.

2. شرح الحديث:


هذا الحديث يروي قصة فيها موقف لعبد الله بن عمر رضي الله عنهما مع الحجاج بن يوسف الثقفي، والي العراق من قبل عبد الملك بن مروان، أثناء الحج.
- بداية الحديث تذكر أن عبد الملك بن مروان كتب إلى الحجاج يأمره بعدم مخالفة عبد الله بن عمر في أمور الحج، وذلك لعلم عبد الملك بمكانة ابن عمر العلمية واتباعه للسنة النبوية في المناسك.
- في يوم عرفة، بعد زوال الشمس (أي بعد دخول وقت الظهر)، جاء عبد الله بن عمر إلى خيمة الحجاج وناداه ليخرج، وكان الحجاج يرتدي ملحفة مصبوغة.
- قال ابن عمر للحجاج: "الرواح إن كنت تريد السنة"، أي اذهب إلى عرفة الآن إذا أردت اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم، لأن السنة في الحج أن يذهب الحاج إلى عرفة بعد زوال الشمس.
- استفهم الحجاج: "أهذه الساعة؟" يعني هل هذا وقت الذهاب؟ فأكد له ابن عمر ذلك.
- طلب الحجاج أن ينتظره حتى يغتسل أو يتبرد بالماء، فنزل ابن عمر ينتظره، ثم خرج الحجاج وسار بين سالم (ابن عبد الله بن عمر) وأبيه عبد الله.
- هنا، نصح سالم بن عبد الله الحجاج قائلاً: "إن كنت تريد أن تصيب السنة اليوم فاقصر الخطبة وعجل الصلاة"، أي في صلاة الظهر والعصر جمعاً وقصراً في عرفة، كما هي السنة.
- كان الحجاج ينظر إلى عبد الله بن عمر ليسمع تأييده لهذه النصيحة، فلما رأى عبد الله ذلك قال: "صدق سالم"، مؤكداً صحة ما قاله ابنه.

3. الدروس المستفادة منه:


● اتباع السنة النبوية في المناسك: الحديث يؤكد على أهمية التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في أداء مناسك الحج، كالذهاب إلى عرفة بعد الزوال، وجمع الصلاتين وقصرهما فيها.
● احترام العلماء وأهل السنة: موقف عبد الملك بن مروان في كتابته إلى الحجاج بعدم مخالفة ابن عمر يدل على تقدير العلماء واتباعهم في الدين، ولو كانوا تحت ولاية من هو أعلى منهم سلطاناً.
● الحكمة في الدعوة والنصيحة: عبد الله بن عمر لم يتردد في تذكير الحجاج بالسنة بلطف وحكمة، قائلاً: "إن كنت تريد السنة"، وهذا أسلوب حكيم في الدعوة إلى الخير.
● التواضع في قبول الحق: الحجاج قبل النصيحة من ابن عمر وسالم، ولم يعترض، مما يدل على أن قبول الحق فضيلة، ولو كان من أصغر الناس.
● الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: الموقف يعلمنا كيفية الأمر بالمعروف بالرفق والحكمة، خاصة مع أصحاب السلطة.
● تعليم الأبناء العلم النافع: سالم بن عبد الله كان عالماً مثل أبيه، وقد نصح نصيحة صائبة، وهذا نتيجة التربية على العلم والسنة.

4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث رواه البخاري في صحيحه، وهو من الأحاديث التي تبين سنن الحج العملية.
- الحجاج بن يوسف كان معروفاً بشدته، لكن في هذا الموقف قبل النصيحة، مما يدل على أن اتباع السنة يعلو على الهوى.
- السنة في يوم عرفة: بعد زوال الشمس، يذهب الحاج إلى عرفة، ويجمع بين الظهر والعصر جمع تقديم، ويقصر الصلاة (أي يصلي الظهر ركعتين والعصر ركعتين)، ويخطب الإمام خطبة قصيرة ثم يصلي.
- هذا الحديث يدل على حرص السلف على اتباع السنة في أدق التفاصيل، حتى في توقيت الذهاب إلى عرفة.
أسأل الله أن يفقهنا في الدين، وأن يوفقنا لاتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم في كل أمر. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مالك في الحج (١٩٤) عن ابن شهاب، عن سالم، به.
ورواه البخاريّ في الحجّ (١٦٦٠) من طريق مالك، به، مثله.
ورواه أيضًا (١٦٦٢) معلقًا عن الليث، حدّثني عقيل، عن ابن شهاب، قال: أخبرني سالمٌ: «أنّ الحجّاج بن يوسف -عام نزل بابن الزبير ﵄ سأل عبد الله رضي الله عنه: كيف تصنعُ في الموقف يوم عرفة؟ فقال سالم: إن كنتَ تريد السّنة فهجِّر بالصّلاة يوم عرفة. فقال عبد الله بن عمر: صدق إنّهم كانوا يجمعون بين الظهر والعصر في السُّنة. فقلت لسالم: أفعل ذلك رسول الله ﷺ؟ فقال: وهل يتبعون بذلك إلّا سنته؟ !». قال الحافظ في الفتح (٣/ ٥١٤): «وصله الإسماعيليّ من طريق يحيى بن بكير وأبي صالح جميعًا عن الليث».
وأمّا ما رواه سعيد بن حسان، عن ابن عمر، قال: لما قتل الحجاجّ ابنَ الزّبير أرسل إلى ابن عمر: «أية ساعة كان رسول الله ﷺ يروح في هذا اليوم؟ قال: إذا كان ذلك رُحنا، فلما أراد ابن عمر أن يروح قالوا: لم تزغ. قال: أزاغت الشمس؟ قالوا: لم تزغ الشمس. قال: فلما قالوا: زاغت الشمس ارتحل» ففيه سعيد بن حسان لم يوثقه أحد، وذكره ابن حبان في الثقات، ولم يرو عنه إلا اثنان، فهو «مقبول» عند الحافظ ابن حجر.
ومن طريقه رواه أبو داود (١٩١٤) عن الإمام أحمد -وهو في مسنده (٤٧٨٢) -، ورواه أيضا ابن ماجه (٣٠٠٩) عن وكيع، حدّثنا نافع بن عمر الجمحيّ، عن سعيد بن حسان، فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 376 من أصل 689 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: الرَّواح إنْ كنتَ تُريد السُّنة

  • 📜 حديث: الرَّواح إنْ كنتَ تُريد السُّنة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: الرَّواح إنْ كنتَ تُريد السُّنة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: الرَّواح إنْ كنتَ تُريد السُّنة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: الرَّواح إنْ كنتَ تُريد السُّنة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب